الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
منذ أن ظهر الشيخ حازم علي الساحة الإسلامية بعد الثورة، ظهرت خطورة ذلك الجرثوم الإخواني الذي أصاب دعاة أفاضلٍ، خلطوا حقاً بباطل.
ولا نريد أن نتتبع تناقضات حازم أبو اسماعيل، فقد نوهنا بها من قبل مراراً، وعلى رأسها جرثومة البرلمانية الحزبية، ولكن نشير هنا إلى أمرين، هما آخر ما طلع به علينا الشيخ حازم.
في كلمة طيبة له عن خَطر الرافضة، ذكر الشيخ حازم مدى تلوث هؤلاء وخطرهم الشديد على الأمة، وعلى العقيدة السنية في مصر، وهو كلام طيب. لكن، كعادة من تربى في أحضان الإخوان، وقع حازم في التناقض المعهود، فقال في سياق حديثه "على أننا وفي ظل وعينا بكل ما سبق فإننا نؤكد على أن التعامل السياسي -كالمعاهدات والاتفاقيات- أو التجاري الاقتصادي مع الشيعة ومع غيرهم من أهل الكتاب والكافرين وسائر الناس إنما هو من هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) بحسب ما هو مقرر شرعا، بشروطه وضوابطه المعروفة حتى في حالة التضاد العقائدي والحرب المنصوبة بيننا وبينهم، فإنما نحن متبعون ولسنا بمبتدعين، وقد تعاهد النبي مع الكفار والمحاربين، ونزلت في شأن هذا آيات منها: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وكما قال (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)".
خطأٌ في فهم العقيدة وفي فهم الواقع معا. إنّ التعامل مع الرافضة لا يجب أن يخضع لتلك الضوابط التي تحدث عنها الشيخ حازم، من آيات القرآن، لأسبابٍ عديدة. منها أنهم خائنون للعهد ابتداءً، وأنهم متهمون بالكذب خاصة على أهل السنة، وإلا فلا الأمانع إذن من التعامل مع اليهود. والرافضة يضادون أهل السنة ويحاربونهم ويقتلونهم ويتخذون من التقية باباً لخداعهم، ويريدون أن يهلكوا عقيدة السنة، قبل الصليبية او الصهيونية. بل صداقتهم لليهود والنصارى قديمة قِدَمَ الكلب الطوسي، ومن قبله عبد الله بن أبيّ بن سلول. الرافضة لم يجنحوا للسلم! وعجبا لشيخٍ يعرف عقيدة التقية ثم يتحدث عن الجنوح للسلم! ونحن متبعون في حق أهل الكتاب بشروطٍ ليس منها أن يكونوا محاربين للإسلام حرباً لا تبقي ولا تذر. فكيف بمن نعلم علم اليقين أنهم يخططون للخيانة ونشر الكفريات! إن سفر المصريين إل العرب أهون ألاف مرة من سفرهم إلى أرض المجوس، لإ لا تلبيس في عقيدة النصرانية على مسلم، لكن هؤلاء الكلاب من الرافضة يتحدثون باسم الإسلام، كما تحدث خومينيهم من قبل، وهنأته أغبياء الإخوان.
ثم التناقض الأفظع هو ما يفعله الشيخ حازم في موضوع حزب الراية، والدخول في الإنتخابات البرلمانية الشركية المؤسسة على شرعية الأغلبية لا على شرعية الإسلام وعلوه. الرجل تائه في رأيه. يتحدث عن الشرعية، فتحسب أنه يتحدث عن شرعية الإسلام وحده، فإذا بها تختلط بشرعية النظام، وشرعية الصندوق، وشرعية محمد مرسى. يقول الرجل "هدفنا ثابت و هو قيام دولة تقوم علي الشريعة و لا نحيد عن ذلك و ما ندشّنه اليوم ليس حزبا فقط بل هو حركه تعمل لهذا الهدف بغض النظر عن المسميات التي يسميها لنا البعض فما يهمنا ليس الاسم الذي نعمل من خلاله و انما الهدف الذي نعمل من أجله". كلام جميل يخدع المتسرع في النظر، غير العارف بدقائق الشريعة وثوابتها، أو غير الواثق بها وبثبات سنن الله في الألاض. الأمر مرة أخرى هو أنه ذكر الإسم، وتحدث عن الهدف، ثم تغافل عن الوسيلة. إن الوسيلة الحزبية لن تغنى عنه شيئاً، ولن تكون إلا عنصراً خاسراً في معادلته. وإن قال إنّ الأمر ليس أمر حزب، قلنا، بل هو أمر وسيلة متبعة، فكر إخوانيّ بحتٌ لا يملك عنه تحويلاً. ولا أقصد بالفكر الإخوانيّ هنا الحزبية، بل بطريقة إمساك العصا من النصف. الشيخ حازم يريد أن يكون سنياً متبعاً فيتحدث عن الحركة الحرة الطليقة من القيود الحزبية الشركية، ونفسه تدفعه إلى ما نشأ عليه من إحترام الصندوق والإيمان بالديموقراطية، والإعتراف بشرعيتها. هذا هو ميثاق عمل الإخوان، الذي ينتمى اليهم الشيخ حازم، وإن كان خيرهم.
إن التساهل في أمر الحزبية لن يأتي إلا بشؤمٍ على من يسير في طريقها، سواءً كان مخلصاً أو غير مخلصٍ. والسنن الكونية، الطبيعية والإجتماعية، لا تلتوى أو تتبدل لأحدٍ أياً كان، كما لم تتبدل لموت ابراهيم ابن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، كما لم تتبدل حين سقطت الأندلس فريسة سهلة للصليبيين بعد تفرق المسلمون وصاروا شيعاً في دول الطوائف، ولم تتبدل حين انهزمت الدولة العباسية أمام الزحف التتاريّ بعد أن صار الضعف والخور والترف واللهاث وراء المال والقوة والسلطة، هو سمة عصرهم وشغل حكامهم.
لن تتبدل السنن لحساب ما يتصور حازم أبو اسماعيل أنه الحق، وأنه الطريق القويم. وقد كنا نود أن تتحرّر مسيرته من هذا العَوار الشركيّ البدعي الإخوانيّ، ولكن الرجل تربى في أحضان القانون، وعلى عين الإخوان فأنّى له التحرر من هذا الخراب الفكريّ الحركيّ.
محمد مرسى يتمسك بشرعية الوطن وحق المواطنة، وينبذ الشرعية الإسلامية، وإن ين يصرح بهذا تصريحاً مباشراً، وحازم أبو اسماعيل ومعه بعض الأفاضل يتمسك بشرعية محمد مرسى، معتقدين أنّ وجوده في كرسي الحكم ميزة للإسلام، فهل بعد هذا من تناقض في الرؤية وانحرافٍ عن الهدف، وتشتيت للجهد والوسيلة؟
لهذا، لن نقف مع الشيخ حازم فيما يفعل، كما رفضنا من قبل أن نقف مع الشيخ عبد المجيد الشاذليّ حين دعا إلى دعم الإخوان. مع حبنا الشديد له ولِما يمَثلّ، وهو ما نعرفه نحن أكثَر مما يعرفه هؤلاء المحتشدين حوله من صغار أبناء الأجيال اللاحقة، فقد خالفناه في هذا بشكلٍ عامٍ تامٍ. وها نحن نرى اليوم فعل الإخوان، ومصيبة الإخوان، على الأرض، ونرى ذلهم وضعفهم وخسرانهم، ومصيبتهم على الحركة الإسلامية جمعاء، لتركهم السنن وسيرهم وراء أهواء وعقولٍ تحسب أنها على شئ، وما هي إلا على خواء.
لا والله، "إن الله لا يصلح عمل المفسدين" وإن أرادوا بفساد عملهم إصلاحاً.
ولعل الله أن يصلح عمل حازم ويقوّم إعوجاجه قبل أن نكتب على هذا الموقع لاحقاً ، آسفين، أنْ هذا ما حذرنا منه من قبل!