الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا أهل مصر، اليوم لا ينفع نفس إلا ما أتَتْ، ولا يَنْبُتُ لها إلا ما رَوَتْ. تركنا المُواجهة من قبل، مرات ومرات، خطأً وغفلة، وعمالة وتواطئاً، فلم نجن إلا ما نحن فيه اليوم، فراغ كامل، ورجوع عقارب الزمن عاما ونصف، كأنّ شيئاً لم يكن. لا رئاسة ولا برلمان ولا دستور، إسلاميّ أو غير إسلاميّ، لا شئ، إلا الطوارئ المفروضة، سيوفاً مسلطة على رقاب العباد.
تحكم العسكر وتجبروا، وعاثوا في الأرض فساداً وتكبروا، وصالوا وجالوا وخربوا، فلم يعد في يد أحدٍ أمراً إلا أمرهم، ولم يعد لأحد كلمة إلا كلمتهم، فأخزاهم الله وعجّل دمارهم.
دارت عجلة هذه اللعبة الخسيسة، عشية فشلت الشرطة في القضاء على الثورة، في 28 يناير 2011. يوم تفرقت قواتها أمام جموع الملايين، وعرف الخونة أنّ الثورة لن تهدأ بالقوة. حَبكوا بعدها خُططهم، وأحكموا شِباكهم، ورموا بمصائدهم، فكان ما كان.
حافَظوا على دَعائم النظام الكافر الظالم الفاسق كاملة دون مِساس. الخائب العام، الإعلام الفاسق، القضاء المرتشى، الحكومة العميلة، أمن الدولة "الوطني"، كلاب الداخلية، البلطجية، هيكل الفساد الإداري في كل مؤسسات الدولة. ثم راحوا يتلاعبون بالشعب في إنتخابات، فصّلت قوانينها بما يعرّضها للنقض بعدها. فنصبوا برلماناً كرتونياً، ثم فكّكوه، لما مَلّوا قوقأة (صراخ الدجاج) نوابه.
تمايزت الصفوف اليوم إلى ثلاثة معسكرات. معسكرٌ مسلمٌ يرى أن الشرع هو الحلّ، وأنه إما الشرع وإما الظلم والبغي والفقر. ومعسكران كلاهما قد كفرا بالله العظيم، أحدهما علماني يريد حرية الغرب وديموقراطية الكفر ودستور العلمانية باسم الدولة المدنية، والآخر عسكريّ لا يريد شيئاً إلا السيطرة على مقاليد مصر كلها، لا يفلت منها شيئاً، ظلماً وعلواً.
فلينظر كلّ منا إلى من ينتمى، وإلى أي صف ينحاز، وأيّ فريقٍ يوالى، فهو أمر إسلام أو كفر، لاسياسة ولا غيرها.
المهم الأول اليوم هو إزالة معسكر الكفر العسكريّ، فهم عدوّ مشترك، ثم يكون الأمر بيننا وبين العلمانية الملحدة.
ثم والله إن ركعتم وتراجعتم، فلا تلومَنّ إلا أنفسكم، ولنْ يغنى عنكم من الله أحداً، فتصيبكم قارعة كقارعة عاد وثمود، وسيضربكم الله بسبع آيات مفصلات، كما ضَرَب بني اسرائيل.
لا تترددوا، ولا ترجعوا، ولا يثنيكم الحَرُّ عن الجهاد "قل نارُ جهنم أشدّ حراً لو كانوا يفقهون"التوبة 81.
هذا جهادكم في سبيل الله، فلا تنكصوا. هو جهادٌ لا شك فيه، وهو إنتصار للحق فلا تتخاذلوا فيه