إزالة الصورة من الطباعة

فاروق سُلطان .. ولعبة حَادى بَادى!

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

الآن، وقد أعلنت العُليا للتزوير أن المرحلةِ الثانيةِ في هذه المَهزلة ستكون بين شفيق ومرسى، فلا شك أن هناك ترتيباتٍ تزويرية هائلة لضمان أن يفوز شفيق في هذه المهزلة، بمسَاندة الداخلية التي أصدرت ملايين البطاقات لأفراد الجيش والأمن، ومساعدة الخائنين من القبط الصليبيين، أعداء أوطانهم، وعون البُلهاء من شعبنا.

خياران سيؤدى كلاها إلى نهاية واحدة، إستمرار حكم العسكر، وفشل الثورة بإمتياز. لقد أوغَل المجلس العسكريّ الخائن في الإستهتار بشعب مصر، فترك فلول مبارك، بثرواتها وبلطجيتها وعملائها من خونة القبط، يقفزوا على البلاد مرة أخرى. وهم يعلمون أنها ستكون حرب أهلية، وأن نتيجتها الأحكام العرفية والقضاء على كل أمل لمصر في الإستقلال.

ثم يبقى الخيار الثالث، وهو إسقاط شفيق بدعوى التزوير في 900 ألف بطاقة، ثم إدخال حمدين صبّاحي الناصريّ الشّيوعيّ مكانه، وهو الإختيار الأمرّ، فنكون بين مُلحِدين إثنين، وثالثٌ تابعٌ لسيده البديع!

هذا ما قرّرناه من قبل، مراتٍ لا تُحصى. فنحن نُسلم القط مفتاح الكرار، ونُسلم اللّص مفتاح الخِزانة، ونُسلم المُجرم رقبة ضحيته. هذا ما فعلنا بأنفسنا،  وفعله الإخوان والسلفيون بنا، جزاهم الله بما فعلوا أسوأ ما يجازى به خائن عميل.

لكنّ جُعبَة العَسكر لم تنضُب بعد، حتى لو أتت الأيام القادمة بما لا يرضيهم بالتمام. فإن تحديد صلاحيات الرئيس، ثم كتابة الدستور، هي ألعاب لا تزال في جرابهم، لن ينفضوها إلا في وقتها. فاللعبة لا تزال في مستهلها، لم يتم منها أهم فصولها بعد.

إن فوز شفيق بالإعادة بهذه النسبة العالية، لا معنى له إلا أنّ مصر لا زالت تعيش وهماً سيؤدى إلى تدميرها تدميراً تاماً كاملاً، على رأس المسلمين والأقباط، والإسلاميين والعلمانيين سواء. وهو أنه يمكن أن تستمر البلاد محكومة بمثل هذا الفساد السياسيّ والإقتصاديّ والعسكريّ، دون أن تنهار تماماً.

إن مصر لازالت بعد حرب الإستنزاف التي خاضتها ضدها قوى الكفر والفساد العسكرية، خلال الستين عاماً الماضية، والتى استنزفت فيها هذه القوى الكفرية مصادرها ومواردها وثرواتها، كحشرات ماصّة للدماء، كفراً وظلماً وفسقاً، لا تزال مصر تحتفظ ببعض الثروات التي لن يرضى ملاعين العسكر وفلول الكفر والنفاق أن يتركوها، مهما ضؤلت، حتى يجردوا منها هذا الشعب، لآخر قطرة منها.

هذا ما يريده العسكر، أن تستمر الأوبئة والأمراض، أن يَمّحى العِلم والتعلم، أن يموت الناس في الزّحام كلّ يوم مرتين، أنْ يجوع الملايين ويَعرى الأطفال وتتعنّس النساء وتنتشر الفواحش، أن تكون في مصر كلّ رزيلة، وأن تزول عنها كلّ فضيلة، من أجل أن يستمر شلال المال متدفقاً من الفنادق والمكصانع والأراضى والمشروعات العسكرية، التي يجندون لعمالتها مئات الآلاف من العمالة المدفوعة الأجر في ميزانية العسكر. ملايين تصرف لكل رأسٍ خائنة من العسكر، على رأس كل شهر، مشيرٌ وفرقاء ولواءات وعمداء وعقداء. من أين هذه الأموال تأتى؟ من التجارة التي تحول الجيش إلىها بعد أن ترك واجبه الوطنيّ، وصارت صناعته البوتاجازات والسخانات وادارة المطاعم والكباريهات. فأصبح هزيلاً ضعيفاً خانعاً أمام الصهاينة.

أيترك هؤلاء كلّ هذه الثروات، ليأتى إسلاميون يريدون إقامة شرع الله؟ أيعتقد إسلاميون أنهم سيتركونها لهم سهلة رخيصة، دون أن يأتوا بالألاعيب والأفانين، للإحتفاظ بها، كاملة غير منقوصة. هذه والله هبالةٌ ما بعدها هبالة.

ثم الإعلام الفاسق يتحدث عن "أزمة"! أية أزمة تلك التي يتحدثون عنها؟ الأزمة الوحيدة التي يعاني منها شعب مصر هي ذلك المجلس العسكريّ المباركيّ الخائن. لا شئ آخر على الإطلاق. العلمانيون صوت بلا وجود. والقبط ، الخائنين منهم، أقلية، صوتها لا يتعدّى أن يكون كولولة المرأة النادبة لحَظّها العاثر. والفلول، يمكن للشعب أن يسحقهم، حقيقية ومجازاً في سويعاتٍ قليلة، فهم معروفون معلومون. لا أزمة هناك، إلا مجلس التسعة عشر صنماً، الذي يحمى إمبراطورية مالية أضخم في عائدها من مايكروسفت بيل جيتس.

لقد بدأ "أدعياء الإسلامية" بالفعل تنازلهم عن الثوة، بالتصريحات الخائنة التي صدرت عن حزب "الزور" السلفيّ، وعن بعض المنتسبين للإسلامية، من أنهم راضون بنتيجة الإنتخابات، وبما تأتي به الصناديق، أيّا كان من أتت به، شفيق أو غيره. وهم يعلمون تمام العلم أنها مزوّرة مدسوس فيها ملايين الأصوات، وأنها ليست إرادة الغالبية الشعبية. صحيحٌ أن هناك من الشعب ملايين من المغفلين، غفلة نشأت عن الفقر والجهل والتضليل "فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُۥ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا۟ قَوْمًۭا فَـٰسِقِينَ"الزخرف 25، لكنّ هناك ملايين أخر لا يدركون ما يحدث حولهم، ولا يعرفون أنّ القادم أشدّ وطأة من السّالف، وأضلّ سبيلاً .

أذكر أيام كنا صغاراً، كانت وسيلة الإختيار بين أمور، نملك الخيار بينها، تنحصر في لعبة "حادى بادى، سيدى محمد البغدادى، شَالوا وحطّوا وكله علادى"! فاليوم فاروق سلطان، الحاكم الرسميّ المؤقت للبلاد، ومساعده بجاتو، قد بدءا في حدوتة "حادى بادى"! ترى على من منهما سيقف العَدّ البجاتي؟