إزالة الصورة من الطباعة

يا إسلاميون .. أتخرّبون بيوتكم بأيديكم؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم الساحة السياسية اليوم في مصر تنطق بالتخبط وقلة الخبرة وسيطرة الأهواء والمصالح، على أسوأ ما تكون هذه الصفات. فقد أخرج "الإسلاميون" أسوأ ما لديهم، وبالأحرى ظهرت حقائق دعاواهم. عبد المنعم أبو الفتوح يخالف الإخوان، ويرشح نفسه للرئاسة. والإخوان يقررون فصله وعدم دعمه. حازم اسماعيل يرشح نفسه ويكسب قلوب وعقول الغالبية، ويهدد بذلك الزعامة السلفية الإخوانية، رغم كونه سلفي الإتجاه، محب للإخوان، كما كرّر مراراً. محمد العوا يلقى بنفسه تحت أقدام العسكري، ثم يرشح نفسه، بخلفية إسلامية توافقية وسطية شيعية. ثم يخرج الرويبضة خفاجي، صنيعة برهامي،مرشحاً لتكتمل الغمة. وأخيراً يخرج الإخوان بتسويق الشاطر للرئاسة، للخروج من مأزق حازم أبو إسماعيل. وهي غالباً صفقة جديدة مع العسكر. سيرك قوميّ، ينبؤ عن إنعدام الإخلاص لدين الله، وشرعه،  وللوطن ومصلحته. يفتّتون أصوات الناس بينهم، ولا يأبهون لحقيقة أن المشروع الإسلامي كله على المحك الذى وضعوه فيه يوم أن تركوا الثورة، وتخلوا عن الميدان، وركنوا إلى ذلك الوهم البرلمانيّ الذي ثبت شرعاً ووضعاً عدم جدواه على الإطلاق. هذا من منظارالواقع الديموقراطي الذي أصبح موضة الإسلاميين اليوم، بعد أن كان مُحرماً عند السلفيين، على أقل تقدير. وهذا الذى يحدث اليوم يؤكد كَما كررناه من قبل، أن هؤلاء الأدعياء، إخوان وسلفيون، ليس فيهم ذرة إخلاص لدين الله حقيقة. الجو مهيأ لتولى رئيس مسلم حقيقة لا إسماً، فماذا يفعل هؤلاء، بدلاً من أن يتوحدوا على قلب رجل واحد، يقفون به أمام تغوّل العسكر، يبايعونه شرعا ويعطونه صفقة  ؟ يجرى الإخوان وراء مصلحة جماعتهم وأجندتهم الخاصة، وشاطرهم، ويقعون في حيص بيص أمام التساؤل عن عدم دعمهم إذا لأبى الفتوح. ويجرى السلفيون وراء خفاجيّ نصاب يلمّعونه، حتى لا يظهر سلفي جرئ شجاع، يسحب السجادة من تحت زعامتهم المزعومة. سبحان الله العظيم. يخربون بيوتهم بأيديهم! والحق أن هذه الإنتخابات، بل الثورة كلها، هي الفتنة التي مَحص الله بها قلوب هؤلاء الأدعياء الساعين وراء السلطة والشهرة والمنصب والجاه والمال. ولا أعتقد أن أحدا يجرؤ اليوم  أن يدعى أنهم يسعون لصالح دين الله، إذ كيف وهم يسيرون كل خطوة في عكس مصلحته. هل صحيح كان هؤلاء في يوم من الأيام أنصارا لدين الله؟ هذا ما لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال. فإن لله سنن في الأرض، الإيمان بها فرض واجب، والكفر بها كفرٌ بالله نفسه. منها أنّ الظاهر مرتبط بالباطن، في أحكام دنيانا، وأن الفصل بينهما تخريب لقواعد الشرع وهدم لقواعده. ومنها أنّ العمل مقدمٌ على القول إلا في الرواية والشهادة. وقد أثبت السلف صفة الهوى والأهواء على كثير من المبتدعة رغم إنكارهم لها، فالعبرة ليست بالإدعاء، بل بالفعل ولوازمه. فإذا نظرنا إلى هؤلاء الأدعياء، وجدنا أنّ ظاهر عملهم هو البعد عن المواجهة، والركون إلى الصفقات المشبوهة، وتبديد الأصوات، ودَحر أفضل المرشحين إتباعاً لنفرينٍ منهم، ياسر وعبد المقصود، رغم دعواهم أن قصدهم التريث والوقوف بجانب الأفضل، لكن هيهات هيهات، دعوى بلا عمل، بل دعوى مصحوبة بعمل معاكس! وتبلغ الجرأة بالإخوان الليبراليين البرلمانيين أن يزعموا أن العلمانيين يريدون أن يخربوا المشروع الإسلامي! أي علمانيين؟ وأي مشروع إسلاميّ يريدون تخريبه؟ العلمانيون باتوا لا صوت لهم ولا طعم ولا رائحة! ثم أين المشروع الإسلامي الذي وضعه الإخوان الليبراليون البرلمانيون حتى يخربه عليهم العلمانيون؟ أدعم مرشح توافقي علماني هو مشروعهم الإسلامي؟ أرفضهم أولا دعم أي إسلاميّ، ثم رفضهم ثانيا دعم أي أحد من خارج جماعتهم، هو مشروعهم الإسلامي؟ أهذا التهريج والخلط هو من معالم المشروع الإسلامي؟ لقد سقط كل المنتسبين إلى الإتجاه الإسلاميّ في إختبار الثورة وفتنتها. ظهر معدنهم الأصيل وانجلت صفحة وجوههم الكالحة، وأنبأ الله عما في صدورهم، فتعساً لهؤلاء من إسلاميين. وها هى "الجماعة الإسلامية"، ترشح 30 عضوا للجنة التأسيسية للدستور، لو أنهم لم يضعوا اسمهم عليها لظننتها مقدمة من نقابة الفنانين   الوفد - الجماعة ترشح 30 شخصية لتمثيلها فى الدستور! كلهم، تقريبا، من العلمانيين، كعمرو حمزاوى والدكتور سيف عبد الفتاح، والدكتورة هبة رءوف عزت، والدكتورة نادية مصطفى، وجمال أسعد عبد الملاك   ,عمرو الشوبكي،   ,وحيد عبد المجيد، والشاعر فاروق جويدة، ثم، محمد حسان الداعية الفضائي ومحمد عمارة اللإسلامي المعتزليّ. الخلاصة هنا، أن كلّ هذه التحركات المُريبة المشبوهة المنحرفة عن طريق الجادة، قد بنيت على باطلٍ، وهو أن أيّ تغيير حقيقيّ يمكن أنّ يحدث من خلال هذه المؤسسات الباطلة. لن يترك العسكري أي تغيير حقيقي في إتجاه الإسلام السني الصحيح يحدث على أرض الواقع، إنما هوعلى استعداد للتفاوض مع الإسلام الإخواني الليبرالي،أو الإسلام السلفي المستأنس الفضائي، أو الإسلام المدجن المقرف من الجماعة الإسلامية (الإقراف هو زواج العربية من غير العربي). أما إسلام عبد المجيد الشاذلي، أو حازم أبواسماعيل، أو رفاعي سرور رحمه الله، أو هاني السباعي أو وجدى غنيم أو محمد شاكرالشريف أو صفوت بركات أومحمد حجازى،أوغيرهم من أمثالهم وأضرابهم، فلا والله لن يتركونه أبداً، إلابمواجهات شعبية حاسمة، تعود إلى الشارع المصرى، كما بدأت. هذه العصبة الأخيرة، هي التي ستدفع ثمن هذا الإنحراف العقدي والتدنّي العملي، وسيكتب عليها مرة أخرى مثل ما كتب على المسلمين في أحداث 65، وقبلها وبعدها، من سجن وإعتقال وكبت، بأيدى هؤلاء "الإسلاميين" من أصحاب المشروع الإسلاميّ الهلاميّ الخائب.