إزالة الصورة من الطباعة

عِبَرَ الثورة الفرنسية .. للثورة المصرية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

المتأمل في أحداث الثورة الفرنسية، يرى فيها الكثير مما يراه في أحداث 25 يناير في مصر، موافقاً أو مخالفاً لها. وهو ما يجب أن يتأمله الباحث في تطور هذه الحركة المصرية، واستلاب العبرة مما قد تلاقيه في طريقها للنصر أو الهزيمة، من خلال استطلاع احداث تلك الثورة.

وقد ظلت الثورة الفرنسية عارمة في الشارع الفرنسيّ فترة تقرب من عشر سنوات، تقلبت فيها الأحوال في ثلاثة مراحل: أولها، تلك الفترة التي جرد فيها الملك من سلطاته، وأُرجعت هذه السلطات إلى جمعية وطنية أشبه بالبرلمان ، ثم أصدروا دستوراً، يمثل إرادة الثورة وينص على أن الكاثوليكية دين الأمة، وعلى التساوى في حقوق الإنسان وحريته في العقيدة. ثم تم إعدام الملك وإنهاء النظام الملكيّ بشكل قاطع.

ثم في المرحلة التالية، تصاعدت قوى الثورة واندفاعها، وأوكلت رئاستها إلى الدموى روبسبيرو، الذي قتل ما لا يحصى من الفرنسيين على أنهم من أعداء الثورة وأعلنت الجمهورية، التي لم تستمر إلا بضع سنين.

ثم انتهت تلك الفترة بعودة السيطرة البرجوازية مرة أخرى، حيث يظهر أن أتباعها لم يكونوا قد فقدوا السيطرة بشكلٍ كاملٍ كما ظن روبسبيرو، وتمكنوا من اغتياله، ثم مراجعة الدستور، وكان من جرّاء ذلك الفقدان الأمنىّ أن عادت القوة إلى الجيش، وظهر نابليون بونابرت، الذي أنهى الجمهورية وأقام النظام الإمبراطوريّ. وكان ذلك هو المسمار الأخير في نعش الثورة الفرنسية.

كانت هذه خلاصة ما حدث في تلك الثورة الشهيرة. والمتأمل فيها على وجه العبرة، يمكنه أن يخرج بتلك الحقائق الجديرة بالتأمل:

في ضوء هذه الحقائق التي لا تردّ، يمكن للمباحث أن يرى ما حدث، ويحدث على الساحة المصرية، وأن يستشف ما هو في طريقه للحدوث.

هذه عبرة من عِبَرَ التاريخ، نقرؤها، فنستقرِؤها، وندرسها لنستلهِمَها، فإنه لا جديد تحت الشمس، والأحداث دول، تتشابه على إختلاف، وتتقارب على بعد، والحصيف من استلب العبرة من قَصَصِ مَنْ قبله، حتى لا يكون هو قَصَصا وعبرة لمَنْ بَعده "لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌۭ لِّأُو۟لِى ٱلْأَلْبَـٰبِ" يوسف 111.