إزالة الصورة من الطباعة

لماذا الإنتفاضة .. قبل البرلمان؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

رؤيتان، يتبَنيان مفهوم "دولة لا إله إلا الله"، لا يزالان يعملان على الساحة الإسلامية السياسية الدَعوية، هما أفضل من يُمثل منهج أهل السنة والجماعة، وإن افترقا في الآونة الأخيرة، من حيث تقييمهم للواقع بعد 25 يناير، ومدى جدية الإنتفاضة ودور التجمعات المختلفة فيها.

وقد آليت على نفسى أن ألخّص رُؤية كِلا الإتجاهين لتكون واضِحة للشِباب، مَنعاً للخَلط ودرءاً للإضطراب وإيضاحاً للصورة.

والرؤية الأولي، تتلخص فيما يلى:

  1. إقامة دولة "لا إله إلا الله"، هي المَقصد والهَدف، لا غيرها.
  2. أن الحكمَ العسكريّ أسوأ أنواع الحُكم، لعِلمانيته وديكتاتوريته، وأن العمل على إزالته واجب شرعيّ مؤكد.
  3. أن الإنتفاضة الشعبية في 25 يناير 2011، كانت "إنتفاضة برتقال" لا ثورة إسلامية تقصد إلى "دولة لا إله إلا الله"، ومن ثم فإن التغيير الحاصل أو المتوقع منها شبه معدوم.
  4. أن الواقع السياسيّ الإسلاميّ قد انحصر، في غالب أمره، في اتجاهين، الإخوان والسلفيون.
  5. أن الإخوان، هم كعادتهم مكيافيليون، ذوو دَخَل في العقيدة وبرجماتية في الحركة، وإن لم يكونوا سواء. فمنهم من هم من جيل 65، وهؤلاء هواهم أقرب لتطبيق الشريعة، ولكن المتغلبون عليهم إعلامياً هم العلمانيون المتأسلمون أمثال عصام العريان ومحمد مرسي وسعد الكتاتني.
  6. أن السلفيين هم أسوأ من على الساحة السياسية المصرية، من حيث ولاءهم للعسكر، وبلاهتهم السياسية، ومن ثم يجب البعد عن تأييدهم، بتأييد من هم ضدهم، أي أن تأييد الإخوان ليس من باب حبهم، بل من باب بغض من عداهم.
  7. أنّ العلمانية أخطر على الواقع من دعم الإخوان، مرحلياً، لمنع تغلغل السلفيين، ووقف زحف العلمانيين.
  8. أن الشعب لا يمكن التعويل على إنتفاضته، إذ كثير منه قد نضب معين ثورته، إما للقمة العيش، أو لنقصها. ثم إن أكثر من ثلث الشعب يؤيد العسكري بالفعل، وهم أسر أكثر من مليون ونصف رجل أمنٍ وجيش في الدولة، إضافة إلى الفلول وأصحاب المصالح والسلفيين.
  9. أن الشعب، وإن كانت طبيعته التدين، إلا إنه تديّن مصحوب بالكثير من البدع والتخليطات، كما أنه يحب المساومة، ولا يريد دفع فاتورة الدم المستحقة للنصر، ولذلك انتخبوا الإخوان.
  10. أن دعم الإخوان مرهونٌ بفترة الإنتخابات، ولعل هذا الإختيار يُحقق هَامش حرية ديموقراطية للدعوة، أفضل مما هي عليه في عهد العسكر، بعد تسليم السلطة للمدنيين.
  11. أن دعم حازم أبو اسماعيل أولوية ستشغل وحدها الوجه الكامل لتلك الدعوة، عشية الإنتهاء من الإنتخابات.
  12. أن العسكر، في غالب الإحتمالات، لن يتركوا البرلمان، ولو بهذا التشكيل المخزيّ، بل غالباً ما سيقومون بحلّه، كما حدث في تجربة الجزائر.

هذا، بكل أمانة، ما يمكن استشفافه من أصحاب تلك الرؤية، من أهل السنة والجماعة.

ثم، الرؤية الثانية، التي يدعمها كاتب هذه السطور، تتلخص فيما يلى:

  1. إقامة دولة "لا إله إلا الله"، هوي المَقصد والهَدف، لا غيرها.
  2. أن الحكمَ العسكريّ أسوأ أنواع الحُكم، لعِلمانيته وديكتاتوريته، وأن العمل على إزالته واجب شرعيّ مؤكد.
  3. أن الإنتفاضة الشعبية في 25 يناير 2011، وإن كانت "إنتفاضة برتقال" لا ثورة إسلامية تقصد إلى "دولة لا إله إلا الله".، فإنها قامت بأيدى تصلى لله، سواءً بمعونة الإخوان أو غيرهم. وما حدث أولاً يمكن أن يحدث ثانياً، بمعونة الإخوان أو بدونهم.
  4. أن السلفيين بالفعل هم أسوأ الإتجاهات التي تنتمي للإسلام حالياً، ولكن الإخوان لا يقلون عنهم خَبَثاً. وإنهم إن زعموا أنهم يدارون العسكر حتى نهاية الإنتخابات، قلنا لا نأمن أن يكونوا يدارون أصحاب الرؤية السابقة، لا العسكر، ليكسبوا تأييدهم. فهؤلاءالإخوان لا يمكن أن يُؤمَنَ لوعدهم ولا يُعَوّل على كلمتهم، خاصة وتصريحاتهم طافحة بالتأييد العلماني للدولة.
  5. أن الطبعَ الإخوانيّ طبعٌ ديكتاتوريّ، يتوحّش على الإسلاميين أكثر مما يَتوحش على غيرهم، وما أحداث مسجد غزة ببعيد! ودعوى أن الحُكم الإخوانيّ قد يأتى بهامشِ حرية، مردود بأنّ الإخوان لن يسمحوا، للتيار السنيّ لأهل السنة والجماعة خاصة، بأن يفتح فاه، بل سيوقفونه بشتى الوسائل، سواءً القانونية أو الأمنية، مثلهم في ذلك مثل السلفيين، الذين يمثلون أمن الدولة بكل تبجحٍ ووقاحة.
  6. أنه لو كان داخل الإخوان تيارٌ أفضل مما نرى، فلم لا نسمع له صوتاً أو نُحِسُ له ركزاً؟ هذا فرضٌ لا يُبنى على معطيات على الإطلاق، فإما أن هذا الفصيل لا يوجد أساساً، أو أنه أضعف من أن يكون له تأثير، فوجوده وعدمه سواء. وهذا يجرى على أولئك المشايخ من السلفية الذين رضخوا بالسكوت، عملاً بالإلتزام بشورى مزعومة، لم يجتمع عليها أهل حلّ وعقد، بل اجتمع عليها أهل خيبة وخسران، كأحمد فريد ومحمد حسان ومن جاراهم!
  7. أن الإخوان يَبغضون الشيخ حازم أبو اسماعيل، بل يدعون إلى انتخاب البرادعيّ العلمانيّ الفاجر، صراحة على لسان عُريانهم، أخزاه الله. فكيف يَسقيم دَعم الإخوان والشيخ حازم معا، في وقت واحد، ولو مرحلياً؟!
  8. أنه يمكن أن يبلغ التيار السُنيّ لأهل السنة والجماعة ما يريد بعدم معارضة مرشحى الإخوان. أما دَعمهم، وتوجيه الناس إلى انتخابهم، فهو أمرٌ قد بعُدت فيه النجعة، وجاوز الحدّ. نحن نعلم أنهم يريدون إطفاء الجذوة الباقية تحت رماد الثورة، أفنعينهم على حمل خَراطيم الماء بأيدينا لإطفائها؟ الجذوة موجودة، لكنهم يُخمدونها، ونحن نُعينهم علي إخمادها.
  9. أن الشعب وإن كان فيه إنحرافٌ وتخليطٌ وبدع، لكن يمكن أن يستغل التيار السُنيّ ما فيه من صلاح وتدين ولو سطحيّ، تمثل في ملايين المصلين في ميادين مصر، حيث قلب موازين القوة، بلا تخطيط من أحد، لا إخوان ولا سلفيين ولا علمانيين، بل بيد الله سبحانه وحده.
  10. أنه إن كنا نتوقع عدم إبقاء العَسكر على البرلمان، وأن سيناريو الجزائر سيتكرر في مصر، فما هو الداعي إذن لتضييع الأوقات والجهود، في أمر لن يكون له ثمرة على الإطلاق؟ ولا يقال إنما هو لإحراج العسكر، فهؤلاء لا حياء لهم، ولا ضمير، بل هم يكذِبون عَياناً بَياناً، كما رأينا في أحداث مجلس الوزراء.
  11. إننا نعجب والله كيف يصبر العلمانيون، أو أفراد الشعب العاديين، على بذل حياتهم، وأعينهم، وتعذيب أجسادهم، بينما يتراجع من يدعى الإسلامية، من الإخوان أو السلفينن، عن التضحية والفداء؟ خوفاً من الإعتقال أو القتل؟ إلا أنّ دينهم البدعيّ لا يسمح لهم بهذا.
  1. أن الإنشغال بدعم هذه الطائفة البدعية المَارقة ليس من المُرجّحات الشرعية، وإن كانت عليه شبهُ أدلةٍ. بل إنه ممنوع من باب المَصالح، إذ ليس فيه مصلحة، بل فيه شبهة رفع مضرة، غير مؤكدة على الإطلاق، من حيث أنهم يرشّحون القوى التي نريد أن ندعم انتخابهم، لمنع انتخابها!، وممنوع من باب سدّ الذرائع، إذ إنه لا يصح أن يتخذ المسلم وسيلة خارجة عن منهج الشرع، إلى تحقيق مقصدٍ شرعيّ، بل يجب أن نعلم "إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ"يونس 81.  وهؤلاء الإخوان مفسدون في الأرض، يتفق معنا في هذا إخواننا ممن رأى هذه الرؤية السابقة. وعلى كل حال فالموعد 25 يناير 2012.

فإلى الأمام يا إخوة الإسلام، لا تنتظروا برلماناً ولا نواباً ولا يحزنون. الحلّ هو الميادين. وإنكم لقادرون على التحرك بسرعة وكفاية، وليس اصحاب 6 إبريل بأفضل منكم تنظيماً أو أقوى منكم حجة. هذا والله عيبٌ ما بعده عيبٌ أن يقف مشايخ الزور من الإخوان الخوّانين، ومن السّلفيين المنافقين، في طريقكم، وطريق دولة "لا إله إلا الله".

 وللحديث بقية إن شاء الله