إزالة الصورة من الطباعة

يا شيخ حَازم أبو اسماعيل .. هل تَراجَعْت عن نَصرة الدين؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

جاء خبرٌ اليوم، أصابني بغَمٍ وحُزن وقلق، وهو تصريحٌ للشيخ حازم أبو اسماعيل، جاء فيه أنّه "كَشَفَ النقاب عن قرب تسوية مشكلة المرشحين الإسلاميين الثلاثة المحتملين فى انتخابات رئاسة الجمهورية المرتقبة قبل نهاية يونيو المقبل، دون أن يقدم أية إيضاحات بشأن سبل تسوية تلك المشكلة حتى لا يتم تفتيت أصوات الناخبين الذين يؤيدون التَيار الإسلامى فى مصر" الوفد.

ما أدرى هل يَعرف الشَيخ حازم تَبِعات هذه التّسوية، إن انتهت إلى يدِ غَيره؟ ومن هم الغَير؟ هم محمد سليم العوا، وعبد المنعم عبد الفتاح، شرّان أحلاهما مُرُّ. سليم العوا لا نَاقة له في الشّرع ولا جَمل. هو نفعيّ علمانيّ يدعو إلى نظام علمانيّ رافضيّ بحتٍ، موالٍ لكل ما يدعو اليه العسكر، وقد كُتبنا فيه ما كَتبَ مالكٌ في الخمر. أما عبد المنعم أبو الفتوح، فهو رجلٌ لا لون له، بل هو إخوانيّ الهَوى والتوجّه، مطرود من الإخوان لرغبته في الرئاسة، وأقواله في تطبيق الشريعة لا تبعد عن أقوال العوا كثيراً. ولا أريد أن استطرد في هذه الأقوال لأنها مَعلومة للكُلّ، من رَفْضِ الشريعة كمصدرٍ وَحيد للتشريع، وعدم إعلان دولة لا إله إلا الله، والتسيّب في الأمور الشرعية كإباحة تصاريح الخمور والفنّ الخَليع، والرقص والموسيقى، وغيرها من الفَواحش وما يشيعها بين الناس.

لا نعلم من سيكون المرشح المختار بين الثلاثة، ولكن ما نأباه على الشَيخ حازم هو أن يناقش مثل هذا الإقتراح، إلا إن كان على ثقة من النتيجة.

واسأل الشيخ حازم، هل يصحّ شرعاً أن يمون هناك خيارٌ بينك وبين هؤلاء؟ إن الناس ما التفوا حولك إلا لما عرفوه عنك من بعد عن هذه المقايضات على دين الله، وما رأوه منك من تمسك بتطبيق الشريعة المنزلة المنزهة على وجهها الصحيح، دون تنازل أو تخاذل. كما أسميتها أنت "الحكم بالحلال والحرام". فإن تنازلت عن هذا الغرض، ماذال بقي لك عند الناس، وماذا بقي لك أمام الله سبحانه؟

هل الأمر لديك يا شيخ حازم هو أمر ترشيحٍ للرئاسة، يمكنك التنازل عنه لمن له فرصة أكبر في الفوز؟ أهو حقٌ لك تتنازل عنه، أم هو لله سبحانه في عنقك ليس لك في التنازل عنه حق؟

لقد صدمنا في مثل هذا الخبر العجيب، رغم أننا قد تعودنا الصدمات في تلك الآونة الأخيرة، وكان آخرها ما كان من تصريحات الشيخ الفاضل عبد المجيد الشاذلي، والتى لا زلنا نلعقُ جِراحها، من نصرته المطلقة للإخوان، بل وتسميتهم بأنهم "رجال المرحلة"، وأنهم الأقدر والأفهم سياسياً، يعلم الله أنّ ذلك ما هو بحق بإطلاق، بل هم من متقاعسي هذه المرحلة، ومن أجهل الناس بالسياسة الشرعية التي يرضاها الله ورسوله، وهو ما آلمنى ألماً عميقاً، لا يوازيه إلا موقفك يا شيخ حازم من موضوع التفاوض على الرئاسة هذا.

الأشرف لك، والأكرم أن تظل على ما أنت عليه ثابتاً لا تغير ولا تبدّل، وإن سقطتَ ونجحَ غيرك، فأنت تعرف أن الأمر ليس أمر نجاح أوسقوط، إنما أمر إقامة حُجة، وإثبات موقف.

نعلمُ يا شيخ حازم، وأنت تعلم، أن الإخوان يعادونك، وأنهم لن يوجهوا أتباعهم لترشيحك، لأن ما في دينهم يختلف عما في  دينك، فدينك، كما علمنا هو دين دولة لا إله إلا الله، ودينهم هو دين دولة الحرية والعدالة الوضعية، تحت أي منظومة دينية، وشتانٌ بين الدينين. وهم قد صرحوا بأنهم سيختارون رئيساً من غير الإسلاميين إمعاناً في الخنوع لصفقة "كامب سليمان"، وك"بونص" فوق الحساب للعسكر، وإيغالاً في التلاعب بمصير الأمة من أجل السياسة. لكنّ هذا لا يبرر أن تترك مقعدك، الذي توليته قائداً لجموع من الشباب الذي آمن لك، وأسلم قياده لحركتك، ثم إذا بك تسلمه إلى العوا، ثُعبان العسكر الأرقط، أو أبو الفتوح، الذي لا لون له ولا روح. لا تلعب معهم لعبة الإنتخابات، فإن  رئيس شبه علماني لن يأتي بالإسلام، بل سيؤخره إلى أجلٍ غير معلوم.

إن ذات فكرة التفاوض ستسبب انقساماً عريضاً بين داعميك، بل وفي الصف الإسلاميّ الذي يريد دولة لا إله إلا الله. بل وسيؤدى إلى إسقاطك من عيون الناس الذين وثقوا بِك وبشرفك وبصِحّة توجّهك.

يا شيخ حازم، لا تَسقُط في وهم وجود "تيارات إسلامية" على الساحة المصرية، فإنها تيارات بدعية كالإخوان، أو مُتخبطة ذاهلةٌ كالسلفية، أو مُستسلمة مُستأنسة كالجماعة الإسلامية. وهل العوا يا شيخ حازم "يمثل تياراً إسلاميّاً"؟ فما هو هذا التيار في رأيك؟ وما هو التيار الإسلاميّ الذي يمثله عبد المنعم أبو الفتوح؟ ما هي القاعدة الإسلامية الأصولية الثابتة التي يبنى عليها العوا توجهه "الإسلاميّ"؟ إما إنك تعرفها وتقرّها، وهي كارثة، أو أنك لا تعرفها، فهي كارثة أكبر

إن كنت لا تدرى فتلك مصيبة            أو كنت تدرى فالمصيبة أعظم

أناشدك يا شَيخ حازم، ألا تسير في هذا الطريق، وأن لا تدَعَ مسار المَصالح والمَفاسد المَوهومة، التي يتلاعب بها الإخوان وأمثالهم، على طريقة الطوفي الحنبليّ، أن تلفِتك عن طريق الله، فالزّلل سَهل، والسقوط لا يحتاج إلى كبير مقاومة. ولا تدعنا نفقد الثقة في كل ما رأيناه منك، وألا نعاملك مُعاملة مُرجئة قيادات الإخوان من أذناب العسكر.

الطريق الوحيد يا شيخ حازم، هو الذي إعتقدنا أنك ناصره، وهو المواجهة في الميدان، ولو كنت وحدك، ولن تكون إن شاء الله. فلا تتردد في هذا، ولا تدع موقعك، كإمام لدولة لا إله إلا الله، لمن لا يعرف من الشرع إلا ظاهراً من الحياة الدنيا.

ولعل الله سبحانه أن يهديَك إلى الصواب، قبل فوات الأوان.

إلى الذين طالبوا بعدم التسرع من صغار طلبة العلم، الخبر قد نشر في موقع راغب السرجاني

http://www.islamstory.com/%D8%B3%D9%8A%D8%AA%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D9%81%D9%82-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B1%D8%B4%D8%AD-%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%89-%D9%84%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D8%A9?utm_source=Islamstory&utm_medium=islamstory&utm_campaign=latest