الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
رسالة اليكم، أيها المتخاذلون، القاعدون عن نصرة المظلومين، ورعاية حق الدين. والله إنكم لواقعون تحت مدلول قول الله تعالى "لِيَحْمِلُوٓا۟ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةًۭ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ"النحل 25. نعم سَتحملون أوزارِ التقاعُس عن الثَورة ضد الطغيان والفساد والغلمانية الكفرية، التي يقودها مجلس العار العسكريّ، الذي تلحسون أحذيته، وتلوحون بالشجب في وجهه، ثم تعودون لحصر أرقامكم التعيسة في برلمانكم الخبيث. أهذا فعل المسلمين؟ أهذا موقف أتباع أصحاب بدرٍ وأُحد؟ أهذا ما يَفعله أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم السائرون على هَديه؟ أتدفعكُم إلى ذلك صُوفيتكم يا إخوان البرلمان؟ أتذهب بكم سلفيتكم وطاعَة حُكامِكم ومُشايخكم وولاة أموركم إلى هذا يا سَلفيون؟
ستحملون أوزار ضياع هذه الأمة وسحقها تحت أقدام الذل والطغيان وضياع الكرامة والعزة، وستحملون أوزار ضياع حق كل من قتل واعتقل وعذب وفقد بصره. ستحملون أوزار حُزن أمهات ثلكى وأمهات أرامل، وأطفال ايتام، خذلمتوهم، بوهم بطاقات اشتراككم في مجلسكم الخائب.
أسمَعُكم تتهامسون، لكن هؤلاء الذين يقفون في وجه العسكريّ ليسوا "إسلاميين"، فيجب إذن ألا نهتف ضد العسكر، إذ إن العسكر أصدقاء من باب، "عدو عدوى صَديقي". وهذه خَيبة أخرى من خَيباتكم. إننا نسعى لإسقاط العسكر الذين يقتلون الناس للإبقاء على النظام العلمانيّ السابق. إننا نسعى لإسقاط العسكر الذين يسعون لدولة عميلة تتودد لبني صهيون. إننا نَسعى لإسقاط العَسكر الذين يريدون أن يَتحكموا في بِلادنا وثَرواتنا عُقوداً قَادمة، يُملون الدُستور، ويتحَكّمون في 60% من ثروات البلاد. إننا نسعى لإسقاط العسكر الذين أبقوا على الطوارئ، وأبقوا على المخلوع، ودعموا الداخلية في قتل الناس عامة، ثم دفعوا بكلاب الشرطة العسكرية يمثلون حتى بالنساء المنقبات، بدلا من الدِفاع عن البلاد ضِدّ العَدو الصَهيونيّ.
بل وإنكم سَتحمِلون من أوزار أولئك الأتباع الذين تُضلونهم بغير علم، فيسيرون وراءَكم، فأنتم لهم قدوة وريادة، وأنتم "تعلمون أفضل مما يَعلمون، وتقدّرون خيراً مما يقدّرون"، ألستم قيادات ومرشدين ومشايخ فضائيات ونواب برلمانات؟ كيف نتوقع من حدث صغيرٍ أو شابٍ غرٍ أن يقف في وجه جماعة كبيرة يصرخ في وجه ساداتها وكبرائها أنْ قد ضَللتُم السَبيل؟ أيستطيع أن يقوم وحده بما تنصل منه مشايخ أكبر منه سناً وأعلم منه فقهاً وأكثر منه خبرة؟ وأين يذهب وإلة من يتحدث إن علقوا عضويته أو طردوه من جماعتهم؟ هذا والله خزى وعارٌ عليكم؟ والله لتحملون أوزار هذا الجيل من المسلمين الذين نَزعتم عنهم نَخوتُهم، وتركتموهم جَلابيب ولحى، دون عقول وقلوب، خِرافٌ مَسحوبة من رِقابها، لا تتحمل مسؤلية التكليف ولا تُعمل العقل، الذي هو من الإنسان مدار التشريف. إسلامٌ مُشَوّه ومُشوّش، لا يدفع إلى فضلٍ ولا يمنع من جبن وذل.
تقولون، لم تحمل علينا، نحن الإسلاميين، وتترك العلمانية دون هجوم؟ أقول لكم، إنكم تتحدثون باسم الإسلام، وترفعون رايته، وتموهون أنكم تسيرون على طريقه، ويعلم الله أنّ هذا تدليسٌ لا صلة له بإسلام، ولا بهدى نبيّ.
- الإسلام قوة
- الإسلام عزة
- الإسلام منعة
- الإسلام كرامة
- الإسلام تقديمٌ لا تأخير
- الإسلام علوٌ ورفعة لا سفول وحِطة
- الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه
الحرب الآن على الدين علانية وصريحة، إما العسكر الكافر وأما الإسلام. ونحن مأمورون ببيان المخادع المبتدع الأثيم. وقد ذكر الشاطبيّ خمسة عشر طريقاً يتبعه أهل السنة تجاه من يبتدع بدعكم، قال "السادس: ذكرهم بما هُم عليه، وإشاعة بدعتهم، كي يُحذروا، ولئلا يُغترُ بكلامهم (يعنى العامة)، كما جاء عن كثير من السلف" الإعتصام 1/176. فنحن لا نتجَنّى عليكم، بل نعاملكم بما تستحقون، شَرعاً وعقلاً.
الجيش يمرّغ كرامتكم في التراب، إذ يعلنها صريحة أنكم، وإن مثلتم الشعب، فأنكم، والشعب معا،لا تُساوون قطميراً في ميزان الحكم. فهل هي نافعتكم بطاقات عضويتكم؟
الجيش، كلّ الجيش، خيانة وعمالة وطغيان. الجيش مبنيّ على سمعنا وأطعنا لحكم رؤوسهم، وسمعنا وعصينا لحكم الله. اشتروا ذممهم الخاوية بميّزاتٍ تبدأ من رتبة العقيد، ويرتفع سقفها إلى أن يصل إلى السرقة البواح، ملاييناً شهرية، عند اللواءات ومشيرهم، ورئيس عصاباتهم. واشتروا ذمم من دونهم وجنودهم، "جنود فرعون"، ببعض البدلات والميزات التموينية والصحية. الجيش اليوم، هو العصابة الكبرى، التي سَلّحْناها بأنفسنا وأموالنا، لتعتدى علينا وتقتل أبناءنا، وتغتال أحلامنا. يتناوبون، هم والداخلية، مشاهد القتل والتمثيل، الداخلية في أحداث محمد محمود، ثم الجيش في أحداث رئاسة الوزراء.
وأنتم في المقابل، يطؤكم العسكر بالحذاء، فيكون رَدّكم "صابرون صابرون"، "خانعون خاشعون"، "وعن المواجهة معرضون"، و "لا خيار لنا إلا السلام"، و "مهما فعلتم، فلن نتصدى لكم". والله إنكم لَموقوفون، وعن تنازِلاتكم لَمسؤولون، ولأوزار الأغلبية الذين تمثلونهم لَحاملون. الطريق ممهد أمامكم لتحكيم شرع الله، ولكنم تصرون على تنَكّبه، حرصاً على سلامتكم وعلى سلامة أموالكم، بل وتصرون على تَغطية دَربه أمام غَيركم كي لا يَسلُكونه، فيُفضَحَ أمرُكم.
وأسمع من يَتسرّع بالقول: يا شيخ، هذه الآيات في الكفار، لا في المسلمين، سواءاً العاصين أو المبتدعين. قلت، أودُ أن أبيّن قَاعدة من قواعد أسسِ الفهم والتفسير القُرآني، والتي تتلخّص في أنّ القرآن حين يتعرض لوصف فئة من فئات الكفار أو مأخذٍ من مآخذ الكفر، يَصف أشد الناس كفراً، وأخبث مسالكهم، كما أنه حين يصف المؤمنين، أو عمل من أعمالهم، يصف المؤمنين حقاً، ويذكر أحسن ما يعملون. ثم يكون المسلم وسطاً بين هؤلاء، يريد اللحاق بأفضل المؤمنين، ويخشى الوقوع فيما وقع فيه الكافرين، يتراوحُ بين الدرجتين، في زيادة إيمانه ونقصه. كذلك، فإن السنة النبوية قد هدتنا لأنّ كلّ وصفٍ يتراوح بين أعلى درجات هذا الوصف، وبين أخبث درجاته، كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي زرٍ الغفاري أنه قال له "إنك امرؤ فيك جاهلية” البخاري، فالجاهلية تبدأ من أقل درجات المعصية إلى أعلى درجات الكفر. ومن هنا ما ورد عن عمر رضى الله عنه أنه قال لمن نصحه بالرفق بنفسه "أخشى أن يقال لي يوم القيامة أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها".
ربنا لا تكتب علينا الخزى بما يفعل السفهاء منا.