إزالة الصورة من الطباعة

الإسلام يَعلو .. ولا يُعلى عليه

الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم

باهرةٌ كانت تلك الزحفة الإسلامية التي بدأ زئيرها يوم أمسٍ الجمعة. فقد والله أثبتت ما لا شك فيه، أن الإسلام دين يَعلو ولا يُعْلى عليه، رغم ما يُحاك ضِده من تآمرات ويُنصب لأهله من مكائد.

كان الميدان يوم الجُمعة حَجٌ جديد. حجٌ إلى نصرة الله ودينه ورسوله صلى الله عليه وسلم. وكانت قبلته الكعبة، قلوباً وعقولاً. وكانت سجداته لله وحده، وكان جمراته على مجلس التسعة عشر، الذين يريدون، لا يزالون، أن يهيمنوا على الناس، وأن يسلبوا المسلمين أرفع ما يمكلكون، ألا وهو رفعة دينهم.

وقف الشيخ الجليل حازم أبو اسماعيل، كأسدٍ هصورٍ، يخطب ويوجّه، وينقد ويحذر، فكان مثلاً رائعا لما يجب أن يكون عليه الداعية الأمين. وكان لابد أن يكون اختيارٌ لرأيّ إما بالإعتصام، أو بفضّه والعودة مرة أخرى. وقد مال الشيخ، ومالت معه العديد من الآراء إلى فضّ الإجتماع، إلى عودةٍ، يوم 19 ديسمبر. وكان مبرر هذا أنه لا يجب أن تُترك صناديق الإنتخاب لأيدى الخونة يتلاعبون بها، ويفرضون من خلالها واقعاً، نضيفه إلى قائمة ما نحارب، ومن نحارب. وهو رأي وجيه لا بأس به ولا عيب.

ويقول قائلٌ، لكن، أمر الإنتخابات كلها، برمتها، كان من الممكن أن يزول، وأن يعاد تشكيلها، والدعوة لها، بعد أن يفرض الشعب رأيه، ويتنازل العسكر عن الحكم، وتأتى حكومة جديدة، تضع نظاماً أفضل وأسرع وأضمن لخوض الإنتخابات الفاصلة، بعد أن يتم حسم القضايا الأعجل. فالإنتخابات فرعٌ، وإملاء إرادة الشعب أصلٌ، ولا يصح أن يُقدم فرعٌ على أصلٍ، ولا أن يُؤجل أصلٌ لحساب فرع؟ هذا مخالفٌ لأصول الفهم الشرعيّ والمنطق العقليّ.

لكن، المسألة، في مناطها هذا، مسألة إجتهادية. فأمر الإجتماع والإئتلاف، قد يكون له ثقله الأكبر في حسم المسألة، فإن الإعتصام يحتاج إلى أكبر حشدٍ ممكن ليكون حاسماً ومؤثراً. فإن انشق الصف حوله، فقد يؤدى هذا إلى إجهاض الحركة كلها، ومن ثم، فلن يضير الحركة، كثيراً، أن تنتظر أسبوعين آخرين، ليعرف الكُّلُ أنه لا فائدة في العسكر، وأن الإعتصام والعصيان المدنيّ والمواجهة، تحركاتٌ لابد منها لحَسم أمر هذه الأمة، وإنقاذها من عَار الدنيا وعذاب الآخرة.

هي آراءٌ كلها، إن صلحت النية، تراوحت بين حق وأحق، وصحيح وأصح، وواجب وأوجب. ولكن الأهم هو أن تجتمع الكلمة على رجلٍ واحدٍ، حتى لا تتعدد الرؤوس، فتنشق الصفوف، وتضيع الجهود، ويخسر الكلّ.

وقد أثبت الشيخ الفاضل حازم ابو اسماعيل جدارة بأن يستمع إلى حديثه المستمعون وأن يسير تحت رايته السائرون، على علمٍ ويقين. إتباعاً لا تقليداً.

ولابد أن أثبت هنا تفاؤلي بالقادم، إن شاء الله، وبعزمة أهل الإسلام، وتمسكهم بما هم عليه، فقد كانت واضحة جلية لا يخطؤ مدلولها إلا خاطئٌ، ولا يدير عنها رأسه إلا ساقط. وما أحسب مجلس التسعة عشر إلا من كليهما.

فسيروا على بركة الله، وأكملوا مشواركم، ولا تتنازعوا، ولا تناموا عن هَدفكم، ولا تغفلوا عن أعدائكم، فما هم بغافلين عنكم، واعلموا أنكم في مصر، زهرة هذه الأمة كلها، وأملها الباقى، لا أقول مصر وحدها، بل أمة الإسلام كلها، فمصر هي القلب من الأمة لا يجادل في ذلك أحد.

وصدق صادق الرافعيّ حيث يقول

اسلمى يا مصر إننى الفدا      ذى يدى إن مدت الدنيا يدا

أبدا لن تستكينــــــى أبدا        إننــى أرجو مع اليوم غدا