إزالة الصورة من الطباعة

تصريح محمد الجبالي بالجزيرة -الإسلام الإخوانيّ في أفضح صوره

خبر: "ونسبت وكالة تونس أفريقيا للأنباء إلى الجبالي "مرشح حزب النهضة التونسي لرئاسة الوزراء" قوله إن القطاع السياحي يعد من "المكتسبات التي لا مجال للمساس بها"، وتساءل "هل من المعقول أن نصيب قطاعا حيويا مثل السياحة بالشلل بمنع الخمور وارتداء لباس البحر وغيرها من الممارسات؟"، مؤكدا أن هذه "حريات شخصية مكفولة للأجانب وللتونسيين أنفسهم". الجزيرة نت أكتوبر 27 - 2100.

الإسلام الإخوانيّ في أفضح صوره

هذا التصريح الذي نُسب إلى محمد الجبالى، أمين عام حزب النهضة التونسيّ الإخوانيّ الغنوشيّ، تصريحٌ يتحدث عن نفسه، ولا يحتاج إلى كثير بيان. فالرجل يفصح عن إتجاه حزبه الإخوانيّ (الإسلاميّ)، ويؤكد أنه لن يكون هناك فرقٌ بين حكم العلمانية وبين الحكم الإسلامي العلمانيّ، فالخمر مصرّحٌ بها للتونسيين والأجانب، وكذلك العرى، والملاهي، والسبب هو أن قطاع الساحة مكسبٌ كبيرٌ لتونس! وكذلك فلن يفرض تعاملاً إسلاميّاً غير ربوىّ على البنوك، بل سيظل التعامل الإقتصادي الإسلاميّ محل إختيار فرديّ لا مجتمعيّ.

خرج الرجل ليطئِمن كُفار الخارج والداخل، أن لا خوف على علمانيتكم، ولا اقتصادكم ولا استثماراتكم، بدلاً من أن يطئمن المسلمين على أنّ شريعتهم غالبة، وأن دين الله قد فاز، وأنهم هم الأعلون! هذه هي رسالة أمين عام الإخوان في تونس، يوم فوزهم بالبرلمان. هكذا شكروا نعمة المولى عليهم، إن كانوا قد ذكروه اساساً.

هذه هي فلسفة الإخوان، أينما كانوا وحيثما حلوا، في تعاملهم مع الإسلام وشريعته. وقد سبق أن نبّهنا إلى أن الإخوان ليسوا إلا مجموعة من "المسلمين" الذين اجتمعوا على الرغبة في الحكم، كأي حزب سياسيّ، بفكرٍ علمانيّ إسلاميّ، يأخذ بما استقر في المجتمع من أنظمة وتشريعاتٍ، مهما كان مصدرها، ويُصَدّرها بالبسملة! ويزينها بلحية كأن صاحبها قد نسى أن يحلقها صباحاً!

وقد سبق أن كتبت عن رَاشد الغنوشيّ في ديسمبر 04 2009، مقالاً بعنوان "الحرية الملتزمة .. أولاً - ردٌّ على مقال راشد الغنوشيّ في الجزيرة"، والذي رَدَدتُ فيه دعواه إلى الحرية الطليقة، وإلى الأخذ بمبدأ المواطنة "إلى نهايته" كما عبّر  http://www.tariqabdelhaleem.com/new/Artical-388. وكان ذلك قبل أحداث الثورة التونسية. وإتجاه الغنوشيّ، وإتجاه الإخوان عامّة، معروفٌ مَكشوفٌ منذ عقود طويلة، إلا إنه قد تَغلّبت، في العِقدين الماضيين، الصِّبغة العِلمانية عليه، وسيطرت على إتجاهه حتى كادت تطغى على كلّ توجه إسلاميّ به.

وما أعلنه محمد الجباليّ هو ما تصبو اليه جماعة الإخوان في مصر، وحزبها "الحرية والعدالة"، وما تدل عليه تصريحاتهم، بل ومواقفهم من أي تحركٍ في إتجاه الإصلاح الإسلاميّ الحقيقيّ، والتصدى للعسكرية العلمانية، مما قد يُعرقل حصولهم على حلم حياتهم في تشكيل حكومة، تأتي بما أتي به الجباليّ.

قد يقول قائل فقيه "يمكن ان يكون هذا تكتيكٌ حتى يفوزوا بالحكم"، قلنا: أولاً، هم قد فازوا بالحكم فعلاً، فلماذا الردة؟ ثم إنهم لم يتحدثوا عن مرحلياتٍ، بل عن رؤياهم للحكم ونظامه. ثم اذكر قصه طريفة تُروى في بعض كتب الآثار، عن أبي حنيفة لما طلب منه المنصور أن يتولى القضاء في الدولة العباسية، قال أبو حنيفة "يا أمير المؤمنين، لستُ أهلاً لهذا المنصب"، قال الخليفة "بل نراك أهلا له"، قال أبو حنيفة " يا أمير المؤمنين، إما أكون صادقاً فيما قلتُ، فلا أكون أهلاً له، أو أن أكون كاذباً فيه، فأكون كذاباً، ةلا أكون أهلا له"، فأُسْقِطَ في يد الخليفة وتركه. فهؤلاء إن كذبوا لم يكونوا أهلاً للأمانة، ولا نحسبهم إلا صادقين في منهجهم، مخلصين له، كما صرّحوا به.

حذارى يا شباب الإسلام، من هذه الطّبعة العلمانية من الدين، فإن روّادَها لا يريدون خيراً بهذا الدين، ولا بهذه الأمة، وإنما هو مَوروث ورثتموه أن الإخوان جماعةٌ إسلاميةٌ، أليس شعارها الإسلام هو الحلّ؟ فهذا هو إسلامها الذي تراه حلاً!