إزالة الصورة من الطباعة

النَائب العام ..أم المُجرم العَام ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رَسول الله صَلى الله عليه وسلم

الأمر الذي يجب أن يكون معلوماً لدى المصريين أنّ القضاء لا دخل له في موضوع الإفراج التي حَكمت بها في قضية شُهداء السويس، أو قضية براءة الوزراء الثلاثة. القضاء المدنيّ لا يحكم إلا بما أمامه من أوراق، ولا يصح أن يحكم إلا بما لديه من تحقيقات وأدلة وتحريات. ومفتاح ذلك هو الشرطة، التي تجمع الأدلة الكافية لإحكام وحَبك أطراف القَضية، بما في ذلك الأدلّة التَشريحية والصور والمُحادثات والأوراق الإثباتية، والشُهود. ثم تقدم الشُرطة هذه الأدلة إلى النيابة التي تقوم بالتَحقيقات، ثم وضعَ القضية في شَكلها النهائي لتقديمها إلى المَحكمة. ويأتي دور المَحكمة، التي لا تحكم إلا بما أمامها، دون تأثر بواقعٍ سياسيّ او واقعيّ على الأرض.

ولتنظروا معى الآن، النائب العام، المُعين من قبل مبارك، والعبد المخلص له، مع معاونيه الذين اختارهم على عينه من أيام المخلوع، والشرطة، التي قتلت الشعب في الثورة وعذبته وحقرته قبلها، هميلة العادليّ إلى يومنا هذان هما الجهتان المسؤولتان عن إعداد قضايا الفساد وقتل المتظاهرين، أدلةً وشهوداً وتحقيقاً! بالله عليكم، ألا يسمى هذا عهرٌ من عُهر النظام القائم؟ ألا يسمى هذا صفاقة، لو تسامحنا في التعبير؟ ما لهؤلاء الناس، يستحمرون الشعب، كأننا لا عقل لنا ولا منطق، وكأننا جرزان الأرض يدوسونها دون أبَهٍ أو حَذر؟

النائب العام، هو المُجرم الأول في هذا الواقع الأليم. صَحيحٌ أن الداخلية كما كانت من قبل، مُمتلئة بالفساد والعُهر الإدارىّ، والسَطوة المريضة، والبطش الجائر. وصحيحٌ أنّ جهاز أمن الدولة لا يزال في محله لم يبرح، كما أراد له ذلك المتهالك المأفون العيسوى، إلا إن مفتاح ذلك كلّه في يد المُخرّب العام، الذي ينحّى من القضايا ما يريد، ويلفق الأدلة، ويخفيها، ويتعامي عن رشوة الشهود، ويقدم للمحاكم قضايا هزيلة خاسرة قبل أن تبدأ.

هل يُعقل أن يُحاكم نظامٌ قضى ثلاثين عاماً في تخريب دولة كمصر، ونهبها وتضييع ثرواتها وتحطيم كرامتها، وإذلال شعبها، ووضعها عملياً تحت الوصاية الأمريكية الإسرائيلية، هل معقولٌ أن يُحاكَم رموزه على توقيعٍ غير مشروع بشأن لوحاتٍ معدنية، أو تدبير صفقاتٍ مشبوهة، قد رتبت أوراقها ومُّهِدَ سبيل الخروج منها قبل القبض على أصحابها؟ ما هذا الهَزل الفَجّ المّمقوت؟ أليست هذه جريمة المُجرم العام، أن يترك الدعاوى بالفساد السياسيّ ويحاكم هؤلاء القتلة العابثون على لوحاتٍ معدنية؟ اللهم أشهد أن هذا المجرم العام من أخبث هذه الطغمة وأحقرها وأكثرها عِماله، إذ هو يتصرفُ كحذاءٍ في قدم الطنطاوى، كما كان نعلاً في قدم مبارك. المجرم العام يأخذ أوامره بالتليفون من أسياده العسكر، فكيف يُنْتَظر منه أن يقيم عدلاً أو يُوجّه تهماً؟

يا ثوار مصر وأحرارها: تخلّصوا من المُجرم العام، قبل أن يتخلّص الفَساد من كل التهم على يَديه الآثمتين.