إزالة الصورة من الطباعة

أفغانستان وأزمة الرهائن الكورية

حملت الصحف ووسائل الإعلام أنباءاً عن انفراج أزمة الرهائن الكورية وتوصل حكومة طالبان الشرعية لأفغانستان إلى إتفاق مع كوريا الجنوبية يقضى بإطلاق الرهائن التسعة عشر الكوريون. وقد اتفق الجانبان على أن تخرج القوات الكورية من أفغانستان بحلول نهاية العام الحاليّ كما يقضى بخروج العاملين المدنيين وعدم إرسال أي مبشرين نصارى في المستقبل.

وقد تعمدت الصحف الغربية تجنب نشر بنود الإتفاق بين الجانبين لما في ذلك من فتح أعين الشعوب الغربية على حقائق عديدة، منها: من هو الحاكم الحقيقي في أفغانستان؟ أهو حامد كرزاي الألعوبة الأمريكية التي لا تتحرك إلا تحت حماية أسيادها، داخل حدود مرصودة لا يمكن له أن يتخطاها وإلا قتله أهل بلده شرّ قتلة؟ وحكومة كرزاي لم تتمكن من أن تقدم شيئا لحكومة كوريا، فكان أن تفاوضت الأخيرة مع طالبان الذين أثبتوا أن بيدهم أمر بلادهم لا بيد المنافقين وعملاء الغرب. كذلك فقد فشلت قوات المرتزقة الدولية أن تهيئ أي مساعدة للكوريين في محنتهم، وغابت إدعاءات القوة والسيطرة ودوي القنابل الحارقة في حقيقة السيطرة الحقيقية على أوضاع أفغانستان.

وكما أثبتت طالبان قدرتها على الحفاظ على مرجعيتها في بلادها وعلى تراب أرضها، فقد أثبتت ببنود إتفاقها مع الكوريين أنها لا تسعى إلا لصالح مواطنيها، فلم تطلب مالا ولا عتاداً، بل طلبت أن يخرج الغازي البغيض من أراضيها، وأن لايعاود إرسال مبشرين نصارى يعملون على غواية ابنائها..فهل هناك أنبل من هذه البنود أو أشرف منها لمن آمن بدينه وقضيته وحرية بلاده؟

وإن تعجب فعجب لتلك الحكومات الغربية الساقطة التي تصرّ على تواجد مرتزقيها في أرض غير أرضها يحاربون قوما لم يشنوا عليهم عدوانا ولم ينتهبوا لهم أوطانا إلا العداء للإسلام وأهله، وها هي ميركل مستشارة ألمانيا تصر على إبقاء قواتها وعدم التفاوض مع "الإرهابيون" من طالبان بشأن رهينتهم المهندس الألمانيّ! وكأنه موقف بطوليّ يُصّرُ فيه المظلوم على تحمل الظلم وإن عانى الأمرّين! وعجباً، فإن الظالمَ هو من احتل الأرض وقتل الأنفس ودمر السكن، ونصّب العملاء من أمثال كرزاي . والمظلوم هو من دافع بنفسه وولده وماله عن أرضه ودينه وحريته، ولكن عالم اليوم هو العالم الذي يشكّله بوش الأصغر وعصبته من اليمين النصراني المتطرف الذي يرى - فيما يرى من أوهام – أن الإسلام عدوا يجب القضاء عليه بأي ثمن.

ثم عجبا لتلك الحكومات التي يروّج زعماؤها لما يسمونه "الحرب على الإرهاب" ويزجون بأبناء جلدتهم إلى معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ولا يجنون منها إلا الموت. ولكن الأهداف الخفية لتلك الطغمة الفاسدة من اليمين النصراني المتطرف (أفنجليكانز) لهم مصلحة من وراء مصالح قومهم تهدف في غايتها النهائية إلى حلم البشر الغاوى في السيطرة على العالم، وعلى الكون إن استطاعوا!

ولكن هؤلاء غفلوا عن السنن الكونية التي تأبى إلا أن يسود القوم في أرضهم وعن أنّ الحكمة الربانية تمنع أن يسيطر قوم – أي قومٍ – على الدنيا حتى يحين حين الوعد الحقّ.

د. طارق عبد الحليم