فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      أخيرا صَدَرَ الحُكم .. وفَقَدتُ ولدي

      بعد خمس سنين طوالاً، صَدَرَ الحكم على ولدى الأكبر في جَريمة لم يَسقط فيها قتيلٌ، ولم يُجْرح فيها كائنٌ، ولم يُهدَمُ فيها مبنىً، ولم يُخَرّبُ فيها عقارٌ .. بالسِجنِ مَدى الحياة. الحمدُ لله، الحمدُ لله ثم الحمدُ لله.

      لن يتهيأ لي إذن أن أرى ابنى مرّة أخرى خَارجَ جُدران السِجن، ولو كُتبَ له الخُروج يوماً فسَأكون في عَالم الغيب بين يدي ربي. ما أقسَاه من حُكمٍ، وما أجْحَفه من عِقابٍ، جَرت به يدُ الغربِ الصَليبيّ على ولدى، لإشتراكه في التدبير لعملية دفعه اليها مُلحدٌ مصريّ عَميل، قبض أربعة ملايين دولاراً ليوقع شَباباً غراً بسطاء، كرهوا ما يرون من ظُلم الغَرب وإجْحَافه بالمُسلمين، ولم يعرفوا وَسيلة غير ما دبروا له، تدبيراً لا تنفيذاً، لإظهار كُرهِهم لما يَحدث في بلاد المُسلمين، جَهلاً منهم بما يُمليه الإسلام وما يُمليه الواقع. ويَقبعُ هذا الوَغد المُلحد في مَكانه الذي أخفته فيه يد المخابرات، كالكلب الأجرب، يحْسَب أنه نَاجٍ من اللهِ، وهيهات!

      لا أعرف كيف أصِف ما يَحيك بصَدرى من مَشاعِر أو ما يترنّح في رأسىَ من أفكار، إذ الصَدر منقبضٌ واللسان منعقدٌ والفكر مُلَجّمٌ. أعرف أنني أرى بقية أبنائي يسيرون من حولى، وكأنهم غرباء عنى، لا أكاد أميّزهم. أعرِف أنني عَازفٌ عن الطعام، لا إعراضاً عنه، بل لأن لاحاجة لي به. أعرف أنني أريد الغضب لكن لستُ قادراً عليه. ابنتي لا تريد أن تُصدق ما حَدَث، بل أخذت تَرسِم خُطَطَ الصَيف، كيف ستقضيه مع أخيها، وما سَيفعلا وأين سَيتنزّها! فللطفُ بها يا رب. لا أدرى أأغضب من إبني أو أشفق عليه؟ ولا أدرى كيف يجتمع الأمران في قلبٍ واحدٍ، لكنهما، وياللعجب، قد إجتمعا، غضبٌ مما فعله بي، وإشفاق عليه مما هو فيه، هكذا الأبناء، مصدرُ كل سعادة وشقاء.

      اللهم لطفك بعبدك شريف. اللهم اجعل كل نَفَس باقٍ في عُمره مَحسوباً له لا عليه عندك. اللهم اجعله صابراً محتسباً، وأبدله من عمره الذي سُلب نفساً راضية وجسدا خاشعاً. آمين