فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      التحليلات

      التحليلات المادية .. في ميزان الشرع

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد

      إن من أسخف التحليلات وأكثرها دلالة على ضيق الأفق ومحدودية المعرفة بالله وبالنفس البشرية، هي تلك التحليلات التي يقدمها بعض "المثقفين"، الذين لا تجد لهم بضاعة إلا قليلا من كتب الثقافة العامة، دون مرجعية شرعية قوية، والتي تقدم صورة للتصرفات البشرية مبنية على أساس ماديّ من واقع حياتهم، وما يمرون به من مشكلات شخصية.

      وهذا التحليل المادي للشخصيات، يعتمد على القول بأنّ البيئة هي العامل الوحيد الذي يقرر آراء المرء ويشكل عقيدته، لا عقله ولا فطرته ولا دينه، بل ما يمر به من حوادث توجه فكره إلى حيث ما يدل عليه ما يكتب أو يفعل.

      ومثال ذلك ما قالوا عن الأستاذ سيد قطب، من إنه كان ضحية دخول السجن! وأن سجنه وتعذيبه هما ما دفعاه إلى أن يتخذ موقفا من المجتمعات المسلمة، ويقدم التوحيد في هذا التصور الصارم الجازم! أو كمن ذكر أن العبد الضعيف قد صار "متشددا" في الدين، نتيجة ما كان من اعتقال ابني الأكبر! أو أن الإسلام "السياسي" ينتشر بين الفقراء لآنهم يعانون اجتماعياً، فلو تحسنت حالهم، ما تبنوا إلا مذهب الإخوان!

      هذا اللون من التحليل الضحل للدوافع الإنسانية، لا تجده يخرج إلا من شانئ لاتجاه الأستاذ سيد رحمه الله، إما غيرة أو ضعفا أصيلاً في الشخصية. كذلك فإنك تلحظ أن من يقولون بمثل هذه التحليلات المادية البحتة، هم ممن ينتمون لتيارات تضاد التفسير الأصيل للتوحيد، الذي يتحدثون به نظرياً، ثم يخالفونه عملياً تمام المخالفة. كما أنك تجد أنهم من أتباع جماعات التميع العقديّ واللين والتخنث السياسيّ، كالإخوان والسرورية، كما تراه فيمن ارتضى لنفسه مالاً حراماً يأخذه من يد عليا صليبية، تنفق عليه، كأنه معارضة حقيقة، لا مجرد دمية بائسة!

      وليسأل سائل هذه العصبة من "المثقفين"، لماذا لم يخرج من الهضيبي مثلاً، أو أي من جماعة الإخوان، الذين سجنوا وعُذبوا كما سجن وعذّب صاحب الظلال، كتاب ككتابه؟ لماذا خرج منهم كتاب يداوى سوءة مذهبهم الإرجائي "دعاة لا قضاة"، ولم يخرج منهم مثل "معالم في الطريق"؟ أينقمون من رجلٍ أن دخل قلبه الإيمان حتى خرج منه ذلك الحديث العذب الزلال، بينما كتاباتهم لا تعدو خربشة صبيّ في الثانوية؟ والله لو كان التعذيب ينتج هذا العلو في الفكر، والقدرة في التعبير عن النفس، فليس إلا أن يلقى أحدهم بنفسه في يد السيسي أو بشار، ولنجد ما سيخرج منه، عدا ما يخرج من الإنسان بشكل تلقائي!

      أما العبد الضعيف، فوالله ما بدّل اعتقال ابني في فكرى قيد أنملة، فكيف يفترى عليّ الخلق وأنا لا  أزال حيّ أرزق بحول الله؟ إنما قد وصفت في مذكراتي التي أتممتها منذ يومين، عن تاريخ التطور الفكري العام الذي مررت به، من الفكر الأكاديمي البحت، إلى فكر مواجهة الواقع والحياة وآلام الأمة، فتحول إحساسي الأكاديميّ من مجرد كتابة سطور إلى طريق واضح معمور، وأنزلت ما علّمني الله طوال ثلاثين عاما من التحصيل الأكاديميّ، إلى نظرات تحليلية، ترى الواقع المؤلم الضعيف الهزيل التي تعيشه الأمة، وأن أقدّر ما أراد الله منا فيما كان من توحيده الحق، وكشف الباطل. فوقفت موقفا شديداً ضد خوارج البغدادي، لا أعرف أحداً وقف مثله في شدته عليهم، كما وقفت من تميع مرجئة الإخوان في مصر، الذين أضاعوا فرصة أمة بخنوعهم وسلميتهم، ومن مميعة الشام، الذين جحدوا الحق وانتكسوا ونكثوا وارتكسوا بعدما أراهم الله نصرا قريباً، فعاد نصرهم إلى هزيمة، وعلوهم إلى انحطاط، وجمعهم إلى انفضاض.

      فلا يغرنكم ما يقول كثير من "المثقفين" فهم والله لا يدرون ما يقولون، ولو طُلب أحدهم لمناظرة لخنس وخسأ ورفض. فإن مثل هؤلاء لا بضاعة لهم إلا كلمات من فلسفة هنا وعلم نفس أو تاريخ هناك، يقرؤونها دون أن يعرضوها عرضاً قويا تحليلياً على الكتاب والسنة، فما لهم وللكتاب والسنة! الكتاب والسنة هما لأبناء الكتاتيب وأصحاب الحلقات، لا المثقفين الواعين من مؤيدي كُتّاب "التجديد".

      اللهم ثبتنا على دينك ولا تخذلنا ولا تكلنا لأنفسنا طرفة عين، فإن النفس لأمارة بالسوء إلا من رحم ربي.

      د طارق عبد الحليم

      17 مارس 2019 – 10 رجب 1440

      من أسخف التحليلات وأكثرها دلالة على ضيق الأفق ومحدودية المعرفة بالله وبالنفس البشرية، هي تلك التحليلات التي يقدمها بعض "المثقفين"، الذين لا تجد لهم بضاعة إلا في قليل من كتب الثقافة العامة، دون مرجعية شرعية قوية، والتي تقدم صورة للتصرفات البشرية مبنية على أساس ماديّ من واقع حياتهم، وما يمرون به من مشكلات.

      وهذا التحليل المادي للشخصيات، يعتمد على القول بأنّ البيئة هي العامل الوحيد الذي يقرر آراء المرء ويشكل عقيدته، لا عقله ولا فطرته ولا دينه، بل ما يمر به من حوادث توجه فكره إلى حيث ما يدل عليه ما يكتب أو يفعل.

      ومثال هذا ما قالوا عن الأستاذ سيد قطب، من أنه كان ضحية دخول السجن! وأن سجنه وتعذيبه هما ما دفعاه إلى أن يتخذ موقفا من المجتمعات المسلمة، ويقدم التوحيد في هذا التصور الصارم الجازم! أو كمن ذكر أن العبد الضعيف قد صار "متشددا" في الدين، نتيجة ما كان من اعتقال ابني الأكبر! أو أن الإسلام "السياسي" ينتشر بين الفقراء لآنهم يعانون اجتماعياً، فلو تحسنت حالهم، ما تبنوا إلا مذهب الإخوان!

      هذا اللون من التحليل الضحل للدوافع الإنسانية، لا تجده يخرج إلا من شانئ لاتجاه الآستاذ سيد رحمه الله، إما غيرة أو ضعفا أصيلاً في الشخصية. كذلك فإنك تلحظ أن من يقولون بمثل هذه التحليلات المادية البحتة، هم ممن بنتمون لتيارات تضاد التفسير الأصيل للتوحيد، الذي يتحدثون به نظرياً، ثم يخالفونه عملياً تمام المخالفة. كما أنك تجد أنهم من أتباع جماعات التميع العقديّ واللين والتخنث السياسيّ، كما ترى فيمن ارتضى لنفسه مالاً حراماً يأخذه من يد عليا صليبية، تنفق عليه، كأنه معارضة حقيقية!

      وليسأل سائل هذه العصبة من "المثقفين"، فلماذا لم يخرج من الهضيبي مثلاً، أو أي من جماعة الإخوان، الذين سجنوا وعُذبوا كما سجن وعذّب صاحب الظلال، كتاب ككتابه؟ لماذا خرج منهم كتاب يداوى سوءة مذهبهم الإرجائي "دعاة لا قضاة"، ولم يخرج منهم مثل "معالم في الطريق"؟ أينقمون من رجلٍ أن دخل قلبه الإيمان حتى خرج منه ذلك الحديث العذب الزلال، بينما كتاباتهم لا تعدو خربشة صبيّ في الثانوية؟ والله لو كان التعذيب ينتج هذا العلو في الفكر، والقدرة في التعبير عن النفس، فليس إلا أن يلقى أحجهم بنفسه في يد السيسي أو بشار، ولنجد ما سيخرج منه، عدا ما يخرج من الإنسان بشكل تلقائي!

      أما العبد الضعيف، فوالله ما بدّل اعتقال ابني في فكرى قيد أنملة، فكيف يفترى علي الخلق وأنا لا  أزال حيّ أرزق بحول الله؟ إنما قد وصفت في مذكراتي التي أتممتها منذ يومين، عن تاريخ التطور الفكري العام الذي مررت به، من الفكر الأكاديمي البحت، إلى فكر مواجهة الواقع والحياة وآلام الأمة، فتحول إحساسي الأكاديميّ من مجرد كتابة سطور إلى طريق واضح معمور، وأنزات ما علّمني الله طوال السنين الأكاديمية، إلى نظرات تحليلية، ترى الواقع المؤلم الضعيف الهزيل التي تعيشه الأمة، وأن أقدر ما أراد الله منا فيما كان من توحيده الحق، وكشف الباطل. فوقفت موقفا شديداً ضد خوارج البغدادي، لا أعرف أحداً وقف مثله في شدته عليهم، كما وقفت من تميع مرجئة الإخوان في مصر الدين أضاعوا فرصة أمة بخنوعهم وسلميتهم، ومن مميعة الشام، الذين جحدوا الحق وانتكسوا ونكثوا وارتكسوا بعدما أراهم الله نصرا قريباً فعاد نصرهم إلى هزيمة، وعلوهم إلى انحطاط، وجمعهم إلى انفضاض.

      فلا يغرنكم ما يقول كثير من "المثقفين" فهم والله لا يدرون ما يقولون، ول طُلب أحدهم لمناظرة لخنس وخسأ ورفض. فإن مثل هؤلاء لا لبضاعة لهم إلا كلمات من فلسفة هنا وعلم نفس أو تاريخ هناك، يقرؤونها دون أن يعرضوها عرضاً قويا تحليلياً على الكتاب والسنة، فما لهم زوللكتاب والسنة! هما لأبناء الكتاتيب وأصحاب الحلقات، لا المثقفين الواعين من مؤيدي كتاب "التجديد".

      اللهم ثبتنا على دينك ولا تخذلنا ولا تكلنا لأنفسنا طرفة عين، فإن النفس لأمارة بالسوء إلا من رحم ربي.

      د طارق عبد الحليم

      17 مارس 2019 – 10 رجب 1440