فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      جبهة تحرير سوريا .. أم تسليم سوريا؟

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد

      لا يخفى على أحد تاريخ حركة أحرار الشام منذ بدايتها، رغم ما يُشاع عن وطنية وإسلامية مؤسسيها. فالحركة بدأت من تجمع شراذم من اتجاهات مختلفة، اتفقت فيما بينها على العمل للخلاص من نظام بشار. ثم اختلط الأمر بعد ذلك لفترة، على ما بعد بشار. أيمكن أن يؤؤول لهم حكم سوريا؟ وهو ما كان في خلفية فكر مؤسسيها منذ حسان عبود. ثم سرعان من أدركوا ضعفهم وانقسامهم في الأهداف، خاصة بعد الضربة الموجعة التي أصابت كيانهم بقتل ما يقرب من 50 من قياداتهم دفعة واحدة[1]. فانحرفت البوصلة 90 درجة، واتجهت المقاصد والنيات للتحالف مع الغرب الأمريكي، من خلال الدعم القطري أولاً، ثم الموقف المتأرجح بين التصريح والتلميح، في مؤتمر الرياض وأستانا، بعد أن سيطرت عصابة النحاس ونجيب حركيا، وأقزام شريفة وهاروش فكريا. غانحازت الحركة بالتمام إلى الجانب الأمريكي، وتجنبت "هول" التصنيف، الذي هو بالنسبة لأكثرهم كالسلوك في سقر!

      واليوم، وبعد فترة ظهور حركة مشبوهة بقيادة الزنكي، تراوحت في الخيانة، ثم الاستقامة، ثم الخيانة والعمالة، انضمت حركة أحرار الشام الأمريكية، إلى حركة الزنكي الارتزاقية، فيما يُدعى حركة تحرير سوريا. اتحاهها علماني فعليا، إسلامي إعلاميا. ولاؤها للغرب بطريق القطع واليقين، لا بواسطة تركية، بل مباشرة بلا واسطة، إلا قطر أحياناً.

      وقد انحسرت الأحرار في إدلب، كبقية الفصائل كلها، بعد أن تلقت عدة ضربات من الهيئة، التي مالت أخيرا إلى الغرب التركي لا الأمريكي[2].

      ونشأت "حركة تحرير سوريا" من المجاهدين الصادقين، وبدأ الاقتتال بينها وبين الهيئة على المعابر أصلاً، وعلى من تكون له السيادة في إدلب، الغرب الأمريكي أم الناتو التركيّ.

      فحركة تحرير سوريا، حركة عميلة شكلا وموضوعا، ماضيا وحاضرا. ولا تغرنك بياناتهم التي تُفتتح بأيات ودعوات وأحاديث واقتباسات، فهذه ديباجة موحّدة لكل الفصائل حتى العلمانية منها، لتحييد العامي القاصر عن الفهم والتدقيق.

      وقد دعوت من بقي في جند تلك الحركة من إخلاص، أن يتحدوا مغ إخوانهم في الهيئة، على ما فيها من بلاء خاص، لتكون جبهة قتال ضد الصائلين. لكن هيهات، فالمصالح تُعمي البصائر والمآرب تفسد الضمائر.

      ولست بداعٍ إلى أي نوعٍ من الاقتتال اليوم، فهو حرام كبيع السلاح في وقت الفتنة. لكن الأقرب إلى الصواب النسبيّ، والأقل شراً، هو تحجيم تلك الحركة وفضّ تجمعها. إذ تسليم المنطقة لأمريكا، أشد شراً من تسليمها للأتراك، وإن تساويا في النتيجة من الناحية الإسلامية البحتة.

      وفي ت=نفس الونقت، فإى رفض الهيئة للتحكيم المستقلّ، بعد أن كانت تدعو اليه، يُمثل تلاعباً بالأحكام لا يخفى على أحد. تطبيل المزمرين لكلا الموقفين هو من قبيل مواقف وسيم يوسف والسديس، أو قريب منهما.

      د طارق عبد الحليم      24 مارس 2018 – 8 رجب 1439


      [1] ولا أرى إلا يد الدواعش والغة في الإثم مع التحالف في هذا العمل.

      [2] وفرق بين الغرب الأمريكي والتركي من حيث تضارب المصالح بين تركيا وأمريكا، في تلك المنطقة، وهو ما ظهر جليا في دعم أمريكا للأكراد.