فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      رسالة خاصة .. لعل السائر أن يستقيم

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد

      أولاً أبدأ بالاعتذار عن تصريحي بأسماء، وتعريفي بأشخاص، فهي صفة يكتسبها فطرة من كان أكبر القوم سناً، وسبقاً. وأعرف أن الكثير، بل كل من له شأن في الساحة، يتعمد الإغماض والإبهام في الكلام، لضعف وإيثار سلامة من ناحية، أو لعشق الإيهام من ناحية أخرى.

      وإنني اليوم أتحدث في باب مدح وعتاب، متوجها به إلى الأخ الأصغر الشيخ أبو قتادة الفلسطينيّ. إذ أرسل إلي أحد الشباب مقالاً، نشره الشيخ أمس على ما أعتقد، وأعتبره بداية منه للسير في الطريق الذي طالبه به الكثير من إخوانه وتلامذته، وهو توجيه الأصفار والأشبار، ممن يهيؤون له أنهم زمرته وعشيرته، فينصحهم أن يتركوا السفاهة، ألا يكونوا سفهاء، وينصح الناس، خاصة من يتناولوهم من السابقين كالحكيم وغيره بالسب والقدح والتأنيب والتعديل، وفي الاستمرار على هذا المنوال رغم النصح اللين، ثم العتب، ثم الإبانة، وهو عين السفاهة مجسدة في أصابع بشرية تقرع مفاتيح الحاسوب. وإن كنت آخذ عليه الشدة الخارجة عن سياق اللفظ المقبول، حتى في الحدة عليهم، كالكلب العقور، ومثل هذه الألفاظ. فقد كنت أحب أن يكون أكبر من هذا، فالحدة والنقد العنيف شئ، والخروج عن حدود المروءة في أدنى معانيها، شئ آخر. لكنه لابد أنه يعلم ما يُصلحهم وما يَصلح معهم.

      لكن أمر العتاب هو أنه في تقويمه وتقييمه لهؤلاء، ومحاولة إبعادهم عن حلبة ليسوا من روادها، لم بيّن لنا بعد عن معاني ما أراد أن يقدّم للأمة من المفاهيم، مثلاً "مسلمة الفتح"، ما هذا ومن هم؟ "جهاد الأمة"، ما هو وما حدود العلماء فيه وحدود العوام، وطريقته ومنهجه؟ فإن من أخطر الأمور أن نلقي بمفاهيم عامة، ثم نقصّر في شرحها، إذ هذا مضادّ للمفهوم الرّساليّ في ضرورة البيان والتبيين الواضح الذي لا ضبابية فيه.

      هذا ما ننتظره، هذا ما وجهنا اليه الأخ الصغير أبو قتادة. ونحن نعلم إنه لا يزال بعيدا عقدأ على الأقل من أن يستوعب حقائق التصرفات، بشكلٍ تامٍ، وأنه، هداه الله، فيه بعض الكبر والاستعلاء، لكن لعلها طبيعة من هم في عمره، لا بلغوا نهاية المطاف، ولا هم في بداية الطريق ..

      ونحن نأمل أن يردّ على ما أبهمه وأغمض فيه، وأن يبيّن إن كان يعتبر الجولاني زعيم مسلمة الفتح، الواجب الإتباع، كما يروّج أتباعه من الأصفار والأشبار؟ أم أنّ هناك معنى أخر؟ وهل الأمة محصورة في مجاهدي إدلب، وفي جماعة واحدة فيها لا غير، وهم من طَرَد السابقين الأولين ممن سبقه عمراً وعقلاً وعلماً وجهاداً. هل جهاد الأمة هو جهاد الهيئة في إدلب خاصة؟ لم الغموض والضبابية؟

      هذا ليس من باب التدخل في شؤون الأخرين، ولا لفت انتباه الغافلين، لكن من باب طلب البيان، والإصرار عليه، والمداومة في تتبع من يُميّع، خاصة ممن له اسم يتناوله الناس بخير أو بشرّ. ونحن نكره أن ننبّه إلى أن وضعية المزهرية في مثل هذه الأمور لا تليق بمن هم من أصحاب القامات، حتى لو كانت قَصُرت بهم القامة في الأيام الأخيرة، نتيجة شلة السفاهة التي يحاول الآن أن يقوّمها.

      ولعلنا نسمع منه خيرا قريباَ، بدلا من علم الإبهام والطلاسم التي لم يفد منها أحدٌ شيئاً.

      د طارق عبد الحليم              19 مارس 2018 – 3 رجب 1439