فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      البيان التأسيسي - التيار السُنيّ لإنقاذ مصر

      تقدمة

      البيان التأسيسي - التيار السُنيّ لانقاذ مصر

      البيان رقم 1 لسنة 1433هـ

      الحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      تقدمة

      في هذه الأيام الحَالكة الظُلمة، التي تمر بها مصرنا الحبيبة، مصرنا المسلمة، مصرنا المُنهكة ظلماً وعبودية، المَنهوبة الخيرات والثروات، كان لا بد أن يَخرج من في قلبه حب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن شيمته نصرُ الحق، وإعلاء كلمة الدين، ليُبيّن وينصح، ويوجه، ويفضح زيف المبطلين، ويدحض شبهات المرجفين؛ غير عابئ في الحق بلومِ لائمٍ، أو ازْوِرار مُزْوَّر.

      كانت الصدمة التي صاحبت قيام إنتفاضة 18 صفر 1432هـ الموافق  25 يناير 2011، من القوة والشمولية في التأثير، لدرجة أصابت كلّ من عايشها باضطراب أشبه ما يكون "بإرتجاج المخ"؛ أعاد الكلّ حساباته، وأعاد ترتيب أوراقه على عجلٍ، نتيجة تسارع الأحداث بصورةٍ فاقت كلّ تصور.

      وقد بَدت نتيجة هذا الارتجاج المُخيخي من اللحظة الأولى؛ إذ قد فات غالب من هم على أرض الساحة المصرية، أن الخطأ الذي وقعنا فيه عام 1952، يتكرّر مرة أخرى، وأننا، كما ظَللنا نُطلق اسم الثورة على انقلاب يوليو 52، تبديلاً للحقائق، فإننا أطلقنا ثورة 25 يناير على تلك الانتفاضة الشعبية، التي أدت إلى إنقلاب للعسكر بقيادة مَجلس مبارك العَسكريّ، الذي عَيّنه على عَيْنِه، قبل أن ينتقل للراحة والاستجمام في شَرم الشّيخ ثم في المُستشفي الطبى العالمي.

      ثم تتالت الكوارث، واحدة تلو الأخرى، بعد أن اتّخذت هذه الأحداث إسم الثورة على غير مُسمّاها! فبدأ ذلك بتخلف ما يُدعى بالتيارات الإسلامية عن الصَدمة الأولى، ثم انضمامها في الموجة الثانية، بعد أن عرفت أن هذه الأحداث سيكون لها شأن عظيم.

      وكان أن انقسم الفريقان الأكبر من هذه التيارات إلى قسمين؛ قسمٌ أخلص لأيديولوجيته السياسية، فسار عليها لا يحيد، وهم جماعة الإخوان؛ وهي الأيديولوجية التي تقوم على انتهاز الفرص للقفز في صدارة المواقف السياسية، وأحادية الهدف في الحصول على المقاعد البرلمانية، وعدم المُمانعة في التفاوض والتحالف مع الشيطان للوصول إلى هذه الأهداف، دون أي صدامٍ حقيقيّ مع العسكر، وهو ما رأينا شواهده في "كامب سليمان" أول أيام الثورة، ثم في " كامب عنان".

      أما التيار الثاني، هو تيار السلفية، بشكل عام، في القاهرة والإسكندرية، على تفاوت بينهما، وهم من فقد توازنه بالكامل من هذه الصدمة، فتخبط لا يدرى ما يفعل، ثم استقر على أن يسير على خطى الإخوان حذو القذة بالقذة! فلبسوا البزات وأربطة العنق، وأنشؤوا حزباً، يتصارع على مقاعد البرلمان، ويتودّد إلى العسكر، بل ويدعو لنصرتهم والدخول تحت طاعتهم.

      هذا من باب السياسة التي ادعتها هذه "التيارات" الإسلامية"، وهو ما لم يأت من فراغ، بل نشأ من خَلفية عقدية لا تّنتجُ إلا هذا النَكَد!

      فإن الباحثين الجادين المخلصين في باب العقيدة والفرق، يعلمون أن الإخوان على مذهب الإرجاء المعروف، في أبواب الإيمان والعمل، ثم هم، في الغالب أشعرية صوفية، من قرأ منهم في أصول الدين، على جهل عميق في غالب كوادِرهم العليا والسفلى.

      أما السلفيون؛ فهم على توجّههم النظريّ التوحيديّ السليم، إلا إنهم زلّوا في مناط جزئية عقدية، وهي عجزهم، خوفاً وطمعاً، عن تطبيق مناط  توحيد العبادة على الأمر الواقع، مما أدى إلى تخريب مواقفهم العملية، وتخبّطهم في رؤياهم وفتاواهم، ثم نصرتهم للعسكر دون مواربة، كما ناصروا المخلوع من قبل، فضلا عن نفاق من نافق من بعض المنتسبين لهم، طمعاً في المال والجاه، واعتمادا على جهل العامة في تقدير الأمور ووزن الشخصيات.

      وكان من جراء هذه الإنحرافات في تناول العقيدة والسياسة جميعاً، أن نفذ العسكر إلى قلب الحركات الإسلامية، وضربوا إمكانية التغيير الحقيقيّ، إعتماداً على القوى الشعبية المُحبّة للإسلام عامة، وإن لم تميز بين ما، ومن، هو من الإسلام المحمديّ السنيّ السلفي الصحيح، وما، أو من، هو من أشباه المسلمين، من أصحاب الأغراض والوسائل المنحرفة.

      من هنا، فقد رأينا، نحن الموقعين على هذا البيان، أنه أمانة للدين، وإحقاقاً للحق، وإعذاراً إلى الله سبحانه، وإقامة للحجة، أن نرعى ميثاق الله سبحانه في البيان، إذ قال "وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَـٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَـٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُۥ" آل عمران 107، بأن نشكل تياراً، يتخطى تلك العقبات النكدات التي القاها الشيطان في مجرى ما يسمى "التيارات الإسلامية"، عقدية وسياسية.

      ويقدم هذا التيار لشباب الأمة وشيوخها هذا التصور الذي نرى أن يجتمع عليه كلّ من أخلص لهذا الدين دون أن يتلوث بلوثاتٍ عقدية، رافضية أو إرجائية أو أشعرية، أو إعتزالية، أو صوفية، أو خارجية، وأن بلوثاتٍ سياسية، بأن يقدم الكراسي البرلمانية، التي لا فائدة تأتى منها دون أن يؤخذ الدين بقوة، وقبل أن يُنتزع الملك ممن سلبه.

      من نحن:

      1.نحن دعاة إلى الله تعالى ولسنا حزباً أو تنظيماً أو جماعة بالمعنى المتعارف عليه في القاموس الإعلامي السياسي

      2.إن من حق أي مسلم ينتسب لأمة الإسلام أن يدافع عن دينه ويتصدى لكل دعوات الانسحاق والانهزام التي لا هم لها إلا تقزيم الإسلام وحصره في زوايا ضيقة، وعلاقة خاصة بين العبد وربه

      3.وفي نفس الوقت ليس من حق أي مسلم (سواء كان فرداً أو جماعة) أن يزعم، تصريحاً أو تلميحاً، أنه يمثل الأمة، أو أنه مفوض في التوقيع باسمها .. مستغلاً حالة الخوف والضبابية التي باتت تعيشها الأمة في هذه الظروف الحالكة.

      4.لقد غر البعض سكوتنا إذ قد أعجبتهم الآلة الإعلامية الجبارة التي تروج لهم فحسبوا أنهم يحسنون صنعاً ( (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) الكهف آية 103.

      إلام ندعو؟

      5.إنّ إعلان دولة "لا إله إلا الله"، والتي تقوم على التسليم والطاعة لله وحده هو مقتضى الإسلام، وأساس التوحيد، وأنّ هذا القدر لا يصح فيه التأخير ولا التأجيل ولا التدرج، فهو مقام إعلان رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا إله إلا الله".

      6.أنّ هذه الطاعة المفروضة توحيدا وإيماناً، قد سُلبت من حياة الناس، وخَرجت الدولة عن مسار الإسلام بقوانينها الوضعية، وموّهت على العامة، وتواطأت مع الخَاصة، بزرع تلك المَادة الثانية التي هي في موضوعيتها، شِركية، تجعل الشريعة أحد مصادر التشريع، ولو كانت أساساً له، إلا إنها لا توحّد المَصدر التشريعيّ، لتكون ثغرة العلمانية ومدخل الشركية.

      7.نؤكد على حقيقة قد لا تعجب البعض: لا صلاح لحال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، ونردد قول أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله.

      8.أن تطبيق الشريعة واجب على الحاكم، وجوباً ضَرورياً، لا حَاجياً أو تَحسينيّاً، فهو على مستوى التوحيد لا الأحكام التفصيلية. وأنه لا صحة لما يذيعه الإخوان، تواطئاً وعمالة، من أن تطبيق الشّريعة هو إلزامٍ أخلاقيّ فرديّ، بل هو التزام إجتماعيّ، فرضه الله على الجماعة، وما لم يذع بالقرآن يذع بالسلطان، وكما جاء في السياسة الشرعية من أن واجب الحاكم هو رعاية مصالح العباد، وإقامة حدود الدين، ومنع الفساد والإلحاد، وسدّ ذرائع الفسوق والعصيان.

      9.لقد وصل الاستخفاف بأمتنا وحقها في التمسك بدينها أن تُفرض علينا بدائل مَمجوجة، وطفق كل من هب ودب يتكلم باسمنا ونحن مغيبون فانطبق علينا قول جرير في هجائه لبني تيم:

      ويقضى الأمر حين تغيب تيمٍ     ولا يُستأمرون وهم شهودُ

      10.إنّ تلك الإنتخابات البرلمانية، ما هي إلا تمويه على العامة، ومداعبة لأحاسيسهم أنّها وسيلة الحرية والعدل والمساواة والرخاء، بينما هي وسيلة لغالب تلك "التيارات الإسلامية" للوصول إلى سدة الحكم، بعد تقديم كافة التنازلات لبنى صهيون والصليبيين والقبط، والعلمانيين، وكل طائفة ضالة على الأرض، بل ومعاداة من ينطق بالحق، ويقصد الصدق، إقصاءً له عن الساحة، حتى لا يكشف عُوارهم، وبفضْحِ أمرِهم أمام العامة الذاهلين! ومن ثم وجب البعد عنها وعدم الدعوة إلى نصرتها، حتى يستقيم أمر الله، وتقوم دولة لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

      11.إن ذلك ليس حُلماً، ولا خاطراً ولا احتمالاً، بل هو مقدورٌ عليه؛ إن اتحدت قوى المسلمين وفقدوا الأمل في هذه اللعبة، وناصروا الخروج على العسكر، وعدم القبول بالدنية في الدين.

      وها هي ذي الفرصة متاحة اليوم، كما لم تتح من قبل، فإذا بنا ننكص على أعقابنا، ونترك ساحة المواجهة، حتى السلمية منها، لنختفى وراء تكتيكاتٍ وتفريعاتٍ وتحالفاتٍ برلمانية، ستعيد بنا عجلة الزمن إلى الوراء عقوداً منحوسات.

      12.إن الإنتخابات، لم، ولن، تكون وسيلة للتغيير، بل هي آلية من آليات التنفيذ، واستخدامها بديلاً للوسائل التي نبّه الله سبحانه عليها، خيانة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو ما نراه اليوم رأي العين ، من تَسليم العَسكر للبرلمان إلى "الإسلاميين" حسب وثيقة "كامب سليمان"، ثم إصدار ملاحق الوثيقة من طرفٍ واحدٍ، بتفريغ هذا المجلس من سُلطاته وتقليم أظفاره، التي يعلم الله أنها مُقلّمة من قبل.

      13.إن الكرامة والحرية والعدالة والمساواة والرخاء، لن تتحقق كلها إلا من خلال دولة لا إله إلا الله محمد رسول الله، ففيها خير الدنيا وكسب الآخرة. وأن تلك الأشكال المُشوّهة من دولة الإسلام لن تأتي إلا بنكد من العيش وبغضبٍ من الله.

      14.أن ما يشيعه العلمانيون، ويحذر منه اللادينيون، بل وما يستجيب له بعض "الإسلاميين" من تنازل عن الشريعة مطلقاً، والحديث عن تدرجها، أو أنها التزام فرديّ، يخير فيه المكلف بينه وبين ربه، وكأنه ليس للمجتمع حق في حماية الخلق العام، هو أمر مرفوض شرعا؛ فتطبيق الشريعة له أصول وقواعد يجب مراعاتها، حسب شروطها وموانِعها، فإن المُقدم منها هو سدّ ذرائع الفساد أولا بإلغاء ما يدفع إلى الرزيلة والفساد، سواءً في الناحية الأخلاقية أو الإقتصادية، ثم يأتي بعدها الردع بالقصاص.

      15.إن الحدود تُدرأُ بالشبهات، ومن ثم فلا خوف ولاهلع من تطبيق الحدود والقصاص (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) البقرة 179.. وفي سياق متواز يجب التركيز على البرامِج الاقتصادية والتطوير العلميّ والنهضة التعليمية، والاهتمام بالشباب، وتوفير فرص العمل، ومنع تسرب الأموال من خلال القوانين المفصلة على حسب مصالح أصحاب السلطة، وتشجيع أولويات الصِناعة الثقيلة، والعناية بالزراعة وغيرها، مما يقوى بناء الأمة، ويكسبها الثقة في النفس، والقدرة على المواجهة.

      16.الاستمرار في الدّعوة إلى التوحيد، وبيان حدوده وإزاله الشبهات عنه، على أوسع نطاقٍ، ثم تقرير حدٍ أدنى من العلم بالشرع يكون لدى العاميّ، ليدرأ عنه هذا الجهل المُردى، ويدفع عنه هذه الخيارات الباطلة.

      17.إنّ هذا التيار يفتح ذِراعيه لكلّ من هُمْ على هذا الطريق، فما ذكرنا هو الحدّ الأدنى للإنتساب إلى هذا التيار، سواء من الشيوخ الأفاضل، أو الشباب الأماجد.

      18.إن تطبيق شرع الله سبحانه يستلزم سلطة تقيّمه وتحميه، لا سلطة تبتغى به مآرب دنيوية، فإنه قد انقضى من العُمر جُلّه، ولم يعد هناك وقت لطامعٍ، ولا غاية لمُهتبلٍ، إلا رِضاء الله، ورجاء لقاء رسوله صلى الله عليه سلم، على حوضِه يوم يقوم الحساب.

      صفوة القول

      ندعوا أبناء أمتنا الإسلامية إذا أرادوا تغييراً حقيقياً وفَلاحاً مُؤكداً، أن يعتصموا بحبل الله لا بحبائل الناس "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا" فالاعتصام بالله وبدينه الذي اختاره لنا هو طريق الهدى والصَلاح والفلاح في الدنيا والآخرة "وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" آل عمران آية 101.

       وندعوهم أن يلتزموا بالوسائل المشروعة، فإن الوسائل في الإسلام حكمها حكم المقاصد، ولن يفلح المسلمون إلا بإتباع الوسيلة الشرعية، بالوقوف في وجه الطواغيت بعد أن ظهر زيف الصناديق وخدعة أهلها، فلا بد من التضحية من أجل نصرة هذا الدين ولو بكلمة الحق أمام جحافل الباطل؛ فالله تعالى قد بين لنا في محكم التزيل الشرط والجواب (إن تنصروا الله ينصركم) محمد آية 7. فكيف ينصرنا الله ونحن نطلب النصر من غيره؟! وهب أن المسلم لم ير ثمرة جهاده،  فإن مشاهدة دولة الإسلام حية نقية على الأرض  ستكون  بإذن الله في عقبه وفي الأجيال التي تولد في رحم الأيام، أما هذا المسلم الذي دفع روحه ثمنا لدينه فنحسبه شهيداً عند مليك مقتدر. فإما النصر وإما الشهادة.

      وندعوا  كل من التزَم بهذا الفكر وطلب هذه الغاية، بتلك الوسيلة؛ من الشيوخ الأجِلّاء الفضلاء، ومن الشَباب المَاجد الواعد، أن ينتظم مَعنا في هذا الأمر، وأن يسير مع التيار الإسلاميّ السنيّ، لتحقيق دولة "لا إله إلا الله محمد رسول صلى الله عليهوسلم".

      "هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ" إبراهيم آية 52.

      الأمين العام

      الشيخ د.طارق عبد الحليم

      نائب الأمين العام

      الشيخ د.هاني السباعي

      الأمانة العامة للتيار السُني لانقاذ مصر

      17 صفر 1433هـ الموافق 11 يناير 2011