فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      حزب التحرير وخرافة طلب النصرة

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه وبعد

      يروج حزب التحرير، على قلة أثرة وصغر كيانه، لفكرة أنّ الإسلام قد بنى دولته على ما أسماه "النصرة"، وهي أن تدور على حكام العرب تطلب منهم الدخول في الإسلام وإقامة دولة على أراضيهم! أسوة بما فعل رسول الله في سعيه للطائف وسؤاله الحجيج كل عام، حتى قبلت بعض أفراد المدينة. هذا ما يقدمه عطاء أبو الرشته، أميرهم! وقد استدل بأن اتباع رسول الله ﷺ ملزم في كل أمر، فكما نتبعه في الوضوء والصلاة والصوم، يجب اتباعه في طريقة إقامة الدولة. ولا أعرف دليلا أضعف من هذا بشأن إقامة الدولة.

      وحزب التحرير في هذا، ثانٍ للحرورية في الوهم والخيال بشأن الخلافة! بل هم حقا يناقضون أنفسهم بالتمام، إذ يعتبرون العقل أساس من أسس التشريع، يرفضون به لأحاديث كالمعتزلة، ثم يأتون لهذه النقطة، فيُسقطون العقل كلية، لدرجة الخرافة، ويلجئون لقياسات فاسدة لا جامع بينها. وهو ما نسميه "الهوى".

      وما فعل رسول الله ﷺ هو الحق في أوانه ومتطلبات عصره وأخلاقيات قومه، أمّا اليوم فالأمر جدّ مختلف

      فإن الرجل لم يفرّق بين أمور العبادات التي هي توقيفية، أي لا يصلح فيها إلا ما أمر به رسول الله ﷺ كقوله "خذوا عني مناسككم" أي كل ما هو منسك أو واجب لابد منه للقيام بمنسك أو شعيرة، مثل الإحرام مثلا، أو "صلوا كما رأيتموني أصلى". أمّا في أمور المعاملات، فإما أي يقع الأمر مجملاّ في القرآن المكيّ، ثم يفصله الله سبحانه، ورسوله في القرآن أو السنة النبوية، كما قرر الشاطبيّ في الموافقات أنّ كلّ عقيدة أو تشريع فأصله في القرآن المكيّ مجملاً. هذا بالنسبة للأحكام التكليفية ومنها أبواب الجهاد وأحكامه. ولم نر أبداً رسول الله ﷺ وجّه أحداً أو أمر بنصرة لإقامة دولة! بل كان ذلك من أمور تصرفاته التي كانت ملائمة للوضع التاريخي آنذاك، إذ كان العرب يحترمون طلب الجوار والنصرة، ويموتون دونه. كما أن إقامة دولة ليست شعيرة أو منسكاً ابتداء، بل هي واجبة لغيرها لا لذاتها، حتى يتمكن الناس من الحياة حسب منهج الله، وبطريقة تصلح للعمران البشري، فهي وسيلة لنظام دنيوي لا غاية.

      فإذا نظرنا اليوم، وجدنا أن الشكل الدولي لا صلة له بما كان عليه الناس في عهد النبوة على الإطلاق والتعميم، لا شكلا ولا موضوعا. ورؤساء الدول اليوم ليسوا زعماء قبائل وعشائر وبطون، وليس لديهم أي نوع من النخوة لنصرة أحد! خاصة المسلمين. فأولا هم أنفسهم زراري مسلمين، كانوا يوما من الأيام على الإسلام وارتدّوا. وهم أنفسهم من يعذّب ويعتقل المسلمين ويحاربهم، بينما رسول الله ﷺ لم يتوجه لمحارب يسأله النصرة! وحكام اليوم، الذي يريد الأخ الرشتة أن يطرق أبوابهم، لاأدرى كيف! ليطلب منهم أن يعينوه على إقامة الخلافة.

      وبيننا بين الأخ الرشتة أن يتوجه إلى قصر ملك أو حاكم ويطلب منه نصرته لإقامة الخلافة، فإن عاد ورأسه بين كتفيه، فله علينا حق الاعتذار.

      وأنا والله أشعر بالخجل والتصاغر إذ أكتب ردا على هذا الهراء، لكن، هذا حال ساحة الإسلام اليوم.

      د طارق عبد الحليم

      8 مارس 2017 - 10 جماد ثان 1438