فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      شبهات وردود في موضوع داعش

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه وبعد

      تدور شبهات عديدة بين طبقات من "المثقفين"، بل وبعض أصحاب السيرة في الدعوة، كتبنا عن بعضهم، وبعضها، مسبقا، بشأن معاملة الحرورية الداعشية في الكثير من مقالاتنا. ورغم قِدَم هذه الشبهات، إلا إنه من المفيد أن نستمر في بيان الردّ عليها من حيث ينسى البعض حقيقة الأمر، وتكييفه الشرعي (لا العاطفيّ) مع كلّ إصدار هوليوودي تخرجه تلك الطائفة المارقة (وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين). من تلك الشبهات:

      • برغم ما هم فيه من طوام ليس الان وقت الهجوم عليهم حتى لا نكون عونا للاحزاب الذين تحزبوا علينا (اليهود والصليبيون والشيعة والعلمانيون وبقية الكفار) علي اخواننا مهما بغوا علينا
      • هم الوحيدون، برغم ما هم فيه من انحراف وغلو، من يقف أمام الحرب العالمية الثالثة على العالم الاسلامى وياخذون بثارنا ممن تحزبوا ضدنا.
      • من باب (غلبت الروم) هم اقرب الينا من الاحزاب.
      • العلماءالسنيون هم من يقومهم ويصلح من فكرهم (ولو على المدى البعيد) وليس الاحزاب.
      • لابد ان نحافظ على خيط بيننا وبينهم حنى تأتى اللحظة (وهى اتيه باذن الله) التى ينصلح فيها حالهم على أيدينا ان شاء الله (رجوع الخوارج مع سيدنا ابن عباس).

      وقبل أنّ أكتب رداً على هذه النقاط، أرجو أن يحاول البعض أن يفهم الفرق بين السبّ والشتم، كالذي يمارسه ضدنا أتباع هؤلاء المارقة، وليرجع إلى تويتر ليقرأ معنى السب والقذف الحقيقيّ، وبين موقف أهل العلم في الحديث عن فرقة مبتدعة، بدعة كبرى كلية، يقتلون بها المسلمين. فذكر هؤلاء بأنهم "كلاب أهل النار" ليس سباً بل تقريراُ عن رسول الله ﷺ ، فإن اعتبره أحدهم سبّا، فقد سبهم إذن المصطفى ﷺ ونحن على طريقه!

      كذلك، نذكّر بما نصّ عليه العلماء في معاملة أهل البدعة عامة:

      قال الشاطبي في الاعتصام " فاذا ترك المبتدع هذه الهبات العظيمة والعطايا الجزيلة واخذ في استصلاح نفسه أو دنياه بنفسه بما لم يجعل الشرع عليه دليلا فكيف له بالعصمة والدخول تحت هذه الرحمه وقد حل يده من حبل العصمة إلى تدبير نفسه فهو حقيق بالبعد عن الرحمة قال الله تعالى ) واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ( بعد قوله ) اتقوا الله حق تقاته ( فاشعر ان الاعتصام بحبل الله هو تقوى الله حقا وان ما سوى ذلك تفرقه لقوله ) ولا تفرقوا ( والفرقة من اخس اوصاف المبتدعة لانه خرج عن حكم الله وباين جماعة اهل الاسلام.

      روى عبد الله بن حميد عن عبد الله ان حبل الله الجماعه.

      وعن قتاده حبل الله المتين هذا القرآن وسننه وعهده إلى عباده الذي امر ان يعتصم بما فيه من الخير والثقة ان يتمسكوا به ويعتصموا بحبله إلى آخر ما قال ومن ذلك قوله تعالى "واعتصموا بالله هو مولاكم".

      واما ان الماشي اليه والموقر له معين على هدم الاسلام فقد تقدم من نقله. وروى ايضا مرفوعا من اتى صاحب بدعة ليوقره فقد اعان على هدم الاسلام. وعن هشام بن عروه قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من وقر صاحب بدعه فقد اعان على هدم الاسلام.

      ويجامعها في المعنى ما صح من قوله عليه الصلاة والسلام من احدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" الحديث. فإن الايواء يجامع التوقير ووجه ذلك ظاهر لان المشي اليه والتوقير له تعظيم له لاجل بدعته وقد علمنا ان الشرع يأمر بزجره واهانته واذلاله بما هو اشد من هذا كالضرب والقتل فصار توقيره صدودا عن العمل بشرع الاسلام واقبالا على ما يضاده وينافيه والاسلام لا ينهدم الا بترك العمل به والعمل بما ينافيه.

      وايضا فإن توقير صاحب البدعة مظنة لمفسدتين تعودان على الاسلام بالهدم احداهما التفات الجهال والعامه إلى ذلك التوقير فيعتقدون في المبتدع انه افضل الناس وان ما هو عليه خير مما عليه غيره فيؤدي ذلك إلى اتباعه على بدعته دون اتباع اهل السنة على سنتهم.

      والثانية انه اذا وقر من اجل بدعته صار ذلك كالحادي المحرض له على انشاء الابتداع في كل شيء
      وعلى كل حال فتحيا البدع وتموت السنن وهو هدم الاسلام بعينه.

      وعلى ذلك دل حديث معاذ فيوشك قائل ان يقول ما لهم لا يتبعوني وقد قرأت القرآن ما هم بمتبعي حتى ابتدع لهم غيره واياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة فهو يقتضي ان السنن تموت اذا احييت البدع واذا ماتت انهدم الاسلام. وعلى ذلك دل النقل عن السلف زيادة إلى صحة الاعتبار لأن الباطل اذا عمل به لزم ترك العمل بالحق كما في العكس لأن المحل الواحد لا يشتغل الا بأحد الضدين. وايضا فمن السنه الثابته ترك البدع فمن عمل ببدعة واحده فقد ترك تلك السنة." اهـ الاعتصام ج1 ص 114.

      هذا في عموم أهل البدع، أمّا في الخوارج خاصة، فقد قررابن تيمية في مجموع الفتاوى، أنقله على طوله لأهميته، قال:

      "قَدْ اسْتَفَاضَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَحَادِيثُ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ وَهِيَ مُتَوَاتِرَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ

      قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد: صَحَّ الْحَدِيثُ فِي الْخَوَارِجِ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ وَقَدْ رَوَاهَا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ : 
      حَدِيثَ عَلِيٍّ وَأَبِي سَعِيدٍ الخدري وَسَهْلِ بْنِ حنيف . وَفِي السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ طُرُقُ أُخَرُ مُتَعَدِّدَةٌ . 
      وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَتِهِمْ " يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ . أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ؛ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؛ لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَاد" .

      وَهَؤُلَاءِ قَاتَلَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَاتَّفَقَ عَلَى قِتَالِهِمْ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا ؛ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي قِتَالِهِمْ كَمَا تَنَازَعُوا فِي الْقِتَالِ يَوْمَ الْجَمَلِ وصفين . فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا فِي قِتَالِ الْفِتْنَةِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ : قَوْمٌ قَاتَلُوا مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَقَوْمٌ قَاتَلُوا مَعَ مَنْ قَاتَلَهُ . وَقَوْمٌ قَعَدُوا عَنْ الْقِتَالِ لَمْ يُقَاتِلُوا الْوَاحِدَةَ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ . 

      وَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا نَهَى عَنْ قِتَالِهِمْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ ، وَفِي لَفْظٍ " أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى الْحَقِّ، فَبِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ثَبَتَ أَنَّ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ كَانُوا أَقْرَبَ إلَى الْحَقِّ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابِهِ . وَإِنَّ تِلْكَ الْمَارِقَةَ الَّتِي مَرَقَتْ مِنْ الْإِسْلَامِ لَيْسَ حُكْمُهَا حُكْمَ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ؛ بَلْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِ هَذِهِ الْمَارِقَةِ وَأَكَّدَ الْأَمْرَ بِقِتَالِهَا وَلَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ كَمَا أَمَرَ بِقِتَالِ هَذِهِ ؛ بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لِلْحَسَنِ : " إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.  فَمَدَحَ الْحَسَنَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا أَصْلَحَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ حِينَ تَرَكَ الْقِتَالَ وَقَدْ بُويِعَ لَهُ وَاخْتَارَ الْأَصْلَحَ وَحَقَنَ الدِّمَاءَ مَعَ نُزُولِهِ عَنْ الْأَمْرِ . فَلَوْ كَانَ الْقِتَالُ مَأْمُورًا بِهِ لَمْ يَمْدَحْ الْحَسَنَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِتَرْكِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَفَعَلَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ .

      وَالْعُلَمَاءُ لَهُمْ فِي قِتَالِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْقِتَالَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ طَرِيقَانِ : مِنْهُمْ مَنْ يَرَى قِتَالًا عَلَى يَوْمِ حَرُورَاءَ وَيَوْمِ الْجَمَلِ وصفين كُلُّهُ مِنْ بَابِ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ وَكَذَلِكَ يَجْعَلُ قِتَالَ أَبِي بَكْرٍ لِمَانِعِي الزَّكَاةِ وَكَذَلِكَ قِتَالُ سَائِرِ مَنْ قُوتِلَ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْقِبْلَةِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ لَيْسُوا فُسَّاقًا بَلْ هُمْ عُدُولٌ : فَقَالُوا إنَّ أَهْلَ الْبَغْيِ عُدُولٌ مَعَ قِتَالِهِمْ وَهُمْ مُخْطِئُونَ خَطَأَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْفُرُوعِ . وَخَالَفَتْ فِي ذَلِكَ طَائِفَةٌ كَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ فَذَهَبُوا إلَى تَفْسِيقِ أَهْلِ الْبَغْيِ وَهَؤُلَاءِ نَظَرُوا إلَى مَنْ عَدُّوهُ مِنْ أَهْلِ الْبَغِيِّ فِي زَمَنِهِمْ فَرَأَوْهُمْ فُسَّاقًا وَلَا رَيْبَ أَنَّهُمْ لَا يُدْخِلُونَ الصَّحَابَةَ فِي ذَلِكَ - وَإِنَّمَا يُفَسِّقُ الصَّحَابَةَ بَعْضُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ كَمَا يُكَفِّرُهُمْ بَعْضُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِ الْأَئِمَّةِ وَالْفُقَهَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ - وَلَا يَقُولُونَ إنَّ أَمْوَالَهُمْ مَعْصُومَةٌ كَمَا كَانَتْ وَمَا كَانَ ثَابِتًا بِعَيْنِهِ رَدٌّ إلَى صَاحِبِهِ وَمَا أُتْلِفَ فِي حَالِ الْقِتَالِ لَمْ يَضْمَنْ حَتَّى أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ : لَا يَضْمَنُ لَا هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ كَمَا قَالَ الزُّهْرِيُّ :وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ فَأَجْمَعُوا أَنَّ كُلَّ مَالٍ أَوْ دَمٍ أُصِيبَ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ هَدَرٌ . وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعَانَ بِسِلَاحِهِمْ فِي حَرْبِهِمْ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ : فِي مَذْهَبِ أَحْمَد يَجُوزُ وَالْمَنْعُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالرُّخْصَةُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ . وَاخْتَلَفُوا فِي قَتْلِ أَسِيرِهِمْ وَاتِّبَاعِ مُدْبِرَهُمْ وَالتَّذْفِيفِ عَلَى جَرِيحِهِمْ إذَا كَانَ لَهُمْ فِئَةٌ يَلْجَئُونَ إلَيْهَا . فَجَوَّزَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَفِي مَذْهَبِهِ وَجْهٌ : أَنَّهُ يَتْبَعُ مُدْبَرَهُمْ فِي أَوَّلِ الْقِتَالِ . وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ فَلَا يُقْتَلُ أَسِيرٌ وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ كَمَا رَوَاهُ سَعِيدٌ وَغَيْرُهُ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ :خَرَجَ صَارِخٌ لِعَلِيِّ يَوْمَ الْجَمَلِ لَا يُقْتَلَنَّ مُدْبِرٌ وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ

      فَمَنْ سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فَقَدْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ التَّتَارَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ الْمُتَأَوِّلِينَ وَيُحْكَمُ فِيهِمْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ كَمَا أَدْخَلَ مَنْ أَدْخَلَ فِي هَذَا الْحُكْمِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَالْخَوَارِجَ . وَسَنُبَيِّنُ فَسَادَ هَذَا التَّوَهُّمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
      وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ : إنَّ قِتَالَ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَالْخَوَارِجِ وَنَحْوِهِمْ لَيْسَ كَقِتَالِ أَهْلِ الْجَمَلِ وصفين وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَهُوَ الَّذِي يَذْكُرُونَهُ فِي اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَالِكِ وَغَيْرِهِ وَمَذْهَبِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ . وَقَدْ نَصُّوا عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ حَتَّى فِي الْأَمْوَالِ . فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَ غَنِيمَةَ أَمْوَالِ الْخَوَارِجِ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَد فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فِي حرورية كَانَ لَهُمْ سَهْمٌ فِي قَرْيَةٍ فَخَرَجُوا يُقَاتِلُونَ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فَأَرْضُهُمْ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَيُقْسَمُ خُمُسُهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِلَّذِينَ قَاتَلُوا يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَوْ يَجْعَلُ الْأَمِيرُ الْخَرَاجَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُقْسَمُ مِثْلُ مَا أَخَذَ عُمَرُ السَّوَادَ عَنْوَةً وَوَقَفَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ . فَجَعَلَ أَحْمَد الْأَرْضَ الَّتِي لِلْخَوَارِجِ إذَا غُنِمَتْ بِمَنْزِلَةِ مَا غُنِمَ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ . وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ . فَإِنَّ النَّصَّ وَالْإِجْمَاعَ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا.

      وَسِيرَةُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَفَرُّقٌ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا . فَإِنَّهُ قَاتَلَ الْخَوَارِجَ بِنَصِّ رَسُولِ اللَّهِ وَفَرِحَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنَازِعْهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ . وَأَمَّا الْقِتَالُ يَوْمَ صفين فَقَدْ ظَهَرَ مِنْهُ مِنْ كَرَاهَتِهِ وَالذَّمِّ عَلَيْهِ مَا ظَهَرَ . وَقَالَ فِي أَهْلِ الْجَمَلِ وَغَيْرِهِمْإخْوَانُنَا بَغَوْا عَلَيْنَا طَهَّرَهُمْ السَّيْفُ وَصَلَّى عَلَى قَتْلَى الطَّائِفَتَيْنِ .

      وَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ . قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ حِدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِّيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ : يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ . فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ  . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَيْشِ الَّذِي كَانُوا مَعَ عَلِيٍّ الَّذِينَ سَارُوا إلَى الْخَوَارِجِ فَقَالَ عَلِيٌّ : أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءِ وَلَا صَلَاتُكُمْ إلَى صَلَاتِهِمْ بِشَيْءِ وَلَا صِيَامُكُمْ إلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ . يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ . لَوْ يَعْلَمُ الْجَيْشُ الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ مَا قُضِيَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِمْ لَنَكَلُوا عَنْ الْعَمَلِ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ عَضُدٌ لَيْسَ لَهُ ذِرَاعٌ عَلَى عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ . قَالَ فَيَذْهَبُونَ إلَى مُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ الشَّامِ وَيَتْرُكُونَ هَؤُلَاءِ يَخْلُفُونَكُمْ فِي ذَرَارِيِّكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ . وَاَللَّهِ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَأَغَارُوا فِي سَرْحِ النَّاسِ فَسِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ . قَالَ : 
      فَلَمَّا الْتَقَيْنَا وَعَلَى الْخَوَارِجِ يَوْمئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ رَئِيسًا . فَقَالَ لَهُمْ : أَلْقُوا الرِّمَاحَ وَسُلُّوا سُيُوفَكُمْ مِنْ حَقْوَتِهَا فَإِنِّي أُنَاشِدُكُمْ كَمَا نَاشَدُوكُمْ يَوْمَ حَرُورَاءَ . فَرَجَعُوا فَوَحَّشُوا بِرِمَاحِهِمْ وَسَلُّوا السُّيُوفَ وَسَحَرَهُمْ النَّاسُ بِرِمَاحِهِمْ .
      قَالَ : وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَمَا أُصِيبَ مِنْ النَّاسِ يَوْمئِذٍ إلَّا رَجُلَانِ .
      فَقَالَ عَلِيٌّ : الْتَمِسُوا فِيهِمْ الْمُخْدَجَ . فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ . فَقَامَ عَلَى سَيْفِهِ حَتَّى أَتَى نَاسًا قَدْ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ . قَالَ : أَخِّرُوهُمْ . فَوَجَدُوهُ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ . فَكَبَّرَ ثُمَّ قَالَ : صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ"اهـ مجموع الفتاوى مجلد 28، ص 518 .

      ونختصر هنا الفوائد التي ذكرها ابن تيمية في نصه هذا، وهي:

      • أنّ الخوارج يجب قتالهم، وهو إجماع الصحابة وأئمة السلف قاطبة، خاصة وقد بدؤوا بقتال المسلمين.
      • أنهم ليسوا "إخواننا بغوا علينا"، فإن هذا في طوائف البغي كما في الجمل وصفين، كما ثبت عن عليّ رضي الله عنه، لا في الخوارج، والخلط بينهما جهل معيب، وضلال عجيب. 
      • أن الحق هو غنم أموال الخوارج كما يُغنم أموال الكفار، وهو مذهب عامة أئمة السلف، وأن يتبع هاربهم في أول القتال ويذفّف على جريحهم.

      فلا ندرى أهذا الكلام ينطبق على فئة أخرى من الناس؟ أمن المستحيل أن يظهر في عصرنا "خوارج" حقا"؟ هل علم هؤلاء معنى "الخروج" وحدّه؟ ألم يخرج من قبل مصطفى شكرى، ومن بعده الزوابري في الجزائر، فما المستحيل في أن يخرج البغداديّ في العراق؟ وما هي دلالة أن يحاربه الصليبيون، مع فساد عقيدته؟

      ثم نبدأ بالرد على تلك الشبهات خاصة.

      1. أمّا قول أنه ليس وقت الهجوم عليهم لكيلا نكون عونا للأحزاب عليهم، فباطل، لأنهم يهاجمون المجاهدين السنة، ويرسلون مفخخاتهم ليقتلوهم والمدنيين السنة، كلّ يوم، بلا ملل. فما افرق بينهم وبين الآحزاب؟ بل هم يمشون في أداء مهمة الأحزاب بأفضل ما فعل الأحزاب أنفسهم. هذا صحيح لو كانوا ممن رفع السيف عنا، وأحجموا عن قتل السنة ... فساعتها لا يهاجم فكرهم حتى لا نشجعهم في الالتحاق بالأحزاب هجوما علينا. لكن هؤلاء يضعون في المجاهدين السيف الآن، الآن .. وآخرها أمس في محاولة تم القبض على مرتكبيها من داعش، ولا أكرر أنهم لم يتركوا يوما يقاتلوننا فيه إلا فعلوا. فهم في هذا والأحزاب سواء.
      2. أمّا عن قول  أنهم هم الوحيدون الذين يهاجمهم الغرب في الحرب العالمية الثالثة على الإسلام، فهذا قول باطل بلا نزاع !! سبحان الله! من تقاتل أمريكا ومن قبلها روسيا في أفغانستان، وإلى الآن؟ من يقاتل القاعدة منذ ثلاثين عاما، أيام كان البغدادي نسيا منسيا؟ من يقاتل جبهة النصرة وأحرار الشام ومئات الفصائل السنية في الشام؟ من يقاتل شباب المحاهدين في الصومال؟ من يقاتل أنصار الشريعة في اليمن وقاعدة الجهاد في الجزيرة؟ من يقاتل شورى المجاهدين في ليبيا؟؟؟ من كان الجيش الأمريكي يحارب فيالعراق سنوات قبل ظهور مسخ الخلافة الذي دمّر الجهاد في سوريا والعراق وفتته لصالح الأحزاب؟ هو والله إعلام الخوارج سحركم كما سحر العوام، فظننتمه قا، وكأنكم لم تعتبروا بفعل الإعلام كما رأيتم في إعلام الغرب المضلل، فهما سواء بسواء...
      3. أمّا من باب غُلبت الروم، فهذا ، مرة ثالثة باطل، لا محل لفقه فيه. فإنّ كلا الروم والخوارج يقاتلوننا ويقتلوننا في آن واحد .. وأيام "غلبت الروم"، لم يكن الروم يحاربوننا، فهم أقرب الينا من المجوس، من حيث إنهم أهل كتاب غير صائلين وقتها. أهذا صعبُ على الفهم؟
      4.  وهل طلب أحدٌ منهم أن يستمع لأحد من علماء المسلمين ليصلحهم. لقد كفروا كافة علماء المسلمين، وأباحوا دمهم، يا أهل العقل والمنطق.. من يوسف القرضاوي، أكثر الخلق تساهلا في الفتوى،  حتى أصغر طالب علم، مرورا بالشيخ  الحكيم د الظواهري والشيخ د السباعي والمقدسي ووجدي غنيم والعبد لله كاتب هذه السطور والفلسطينيّ، وكافة علماء الجزيرة، حيّهم وميتهم، ولا نذكر علماء السلاطين فهؤلاء مرتدون أصلاً (من أمثال على جمعة وأحمد الطيب وأضرابهما فانتبه). فمن هم الذين سيصلحونهم؟ ولهلنا نرى ممن ذكرت عالما يجرؤ أن يطلب الذهاب لمحاجاتهم في أرضهم؟؟!! والله ليقطعنه إرباً إرباً .. وليكونن عبرة لغيره من أصحاب الورع البارد.
      5. أمّا أن نترك بيننا وبينهم خيطاّ، فيا أخا الإسلام، بالله عليكم، هم قطعوه، إن لم تكونوا تدرون، منذ تحدث ناعقهم العدنانيّ. هو خيط في أوهامكم أحلامكم يا من تدافعون عنهم بالباطل من الاستدلالات، ولا أقول الأدلة. وإن ابن عباس رضي الله عنه، حاورهم قبل بدئ القتال، لكن ليس بعدها. وهل ترك عليّ قتالهم ليترك الخيط السحريّ بيننا وبينهم؟ لا، بل قاتلهم قتل استئصال كما أمر المصطفي ﷺ. ثم، هل يجب أن يكون اسم من يحاججهم ابن عباس؟ أيجب أن يكون وجها لوجه في جمعهم؟ إذا فقد حاججهم كثير من "ابن عباس"وكتبوا لهم، وناقشوهم، شهورا، لا ساعة كما فعل ابن عباس، ومنهم العبد الفقير كاتب هذه السطور!! إلا يكفي هذا؟ ثم فلنر إذن "ابن عباس الجديد" يخرج لهم كما قلنا ولنر ماذا يحدث... !!

      المحاججة عن هؤلاء باطل، والسكوت عن فجرهم وإجرامهم باطل، فهو واجب الوقت، إذ هم صائلون بالفعل، ويومياً. أليست في قلوب من يدفع عنهم ويتعامل معهم بهذه الحكمة المغشوشة، أية رحمة لمن قتلوا؟ ألا يمر بذهنه لحظات يتذكر فيها تلك النفوس التي قتلوا، كما بقر أجدادهم بطن زوجة عبد الله بن خباب بعد أن ذبحوه صبرا؟ هذا ما يفعلون يا أصحاب الورع .. في غير محله ...

      المفتاح هنا هو عدم استخدام قشور الفقه، وظواهره، دون التبيّن والتحقق من مناطاته، فهذا ما أرى عليه كلّ من تحدث عن هؤلاء بنوع خير أو تعاطف.

      اتقوا الله في أمة محمد .. فوالله لا ندرى، من أين يأتينا هذا البلاء، فتنة الخوارج العوادية وفتنة الإخوان المرجئة .. وكلاهما أهل بدعة يحلم الواهم بإصلاحهم .. بينما هم يفتّتون الأمة ويقضون على أملها ..

      د طارق عبد الحليم

      7 شوال 1437 – 12 يوليو 2016

      http://tariq-abdelhaleem.net/new/Artical-73006