فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      وما النصر إلا من عند الله .. وعلينا البلاغ

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد

      يردُني سؤال لا يكاد يختلف في طبيعته إلا من حيث أسلوب مُرسله، وهو: ما هو الحل؟ العلمانية تستشرى، والفساد يعم، والحال الخُلُقي يتدهور، والناس جبناء، والحكام خونة عملاء، وبعض الاتجاهات التي يَسِمُونَها بالإسلامية تتسابق مع العلمانية في تبني مصطلحاتها وممارسة تصرفاتها ومحاكاة تصوراتها، مثال حزب النهضة والإخوان والجماعة الإسلامية المخذولة. فما الحل؟ ماذا نفعل.

      أقول وبالله التوفيق:

      لقد كانت العرب قبيل البعثة المحمدية على صاحبها أتم الصلاة وأفضل السلام، على حال أشد سوءاً مما نحن عليه الآن، مقارنة بإمكاناتهم. فقد كانوا كفرة دهرية طبيعية "وما يهلكنا إلا الدهر"، "قالوا سحاب مركوم" قمة العلمانية. وكان الفجور أس المجتمع، ذوات الرايات الحمر، الخمر والميسر، الربا بكل أنواعه، وأد البنات، الرقيق. وكانت لهم رؤوس كالحكام، وجيوش عسكرية، سواء عند العرب أو العجم، وفرعون مصر مثال على ذلك .. وكان هذا حال كل الأقوام الذين بُعث فيهم رسل الله صلوات الله عليهم.

      فلا يظنن أحدٌ أننا في وقت أسوأ مما واجه الأنبياء صلوات الله عليهم. فما كانت وسيلتهم؟ وما كان الحلّ الذي طرحوه؟

      قول الحق والتمسك به دون انحراف أو تمييع أو تبديل أو تحريف أو تصطنع.

      يمكننا أن نتصور ما هو ليس بحلٍ للموقف. يمكننا أن نجزم بلا تردد بما لن يُجدى نفعا مهما تصورنا وحاولنا. لن يُجدى تبني طرق العلمانية وتصوراتها والتقرب منها ومن أوليائها "ودوا لو تدهن فيدهنون"، "وإن كدت تركن اليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات". لن يجدى التوسل بوسائلهم كما يفعل الساقطون من النهضوية والإخوان وغيرهم من تبني الديموقراطية وتسميتها الشورى، وغير ذلك وأبعد من ذلك كما يفعل حزب النهضة الضال في تونس. كما لن يجدى نفعا طريق الحرورية البدعية العوادية المارقين عن الدين أصلاً، ويحسبون أنهم مهتدون. هذا طريق إلى كلّ انحراف وشرّ لن يصل بالمسلمين إلى قرار.

      أمّا كيف الحلّ إذا؟ فسبحان من بيده ملكوت كلّ شئ! هل عرف محمداً صلى الله عليه وسلم، وهو ومن آمن معه في مكة ما الحلّ؟ لا والله ما عرف هذا. بل عرف أمراً واحداً: أن استمر في الدعوة "وما على الرسول إلا البلاغ" استثناء بعد النفي يفيد حصر هدف الدعوة في البلاغ، البلاغ الحق، والجهر به، وفضح مخالفيه، وموالاة متبعيه. هل عرف موسى عليه السلام ما هو مخبوء له حين خرج من مصر خائفا يترقب؟ لا والله لم يعرف، ولم يعرف ما هو مخبوء له حين خرج مع قومه إلى صحراء التيه. فكيف سيأتي النصر؟ على أي هيئة؟ هذا علم من علم الغيب، من ادعى معرفته جَهِل..

      لكنّ هذا يستدعى اتباع الفطرة وخطى الأنبياء. وهي معروفة محصورة. تكوين النواة الصغيرة المؤمنة، ثم محاولة تكرار صورتها في كل مكان، والتواصل بينها، وحمل كلمة الحق والتوحيد لكلّ بيت ومحلة، وإقامة التصور الصحيح عن سبل النصر التي هي بالإيمان أولا وبالجهاد ثانيا، للقضاء على حكام الفساد.

      أكثر من هذا، وأبعد من هذا، فلا مجال لأحد أن يحدده أو يفترضه ...

      تجنب سلوك الطرق التي "لن تصل لنصر" فهي معروفة مجزوم بها، وابدأ اتخاذ خطوات النصر، في حدود المقدور عليه، ثم اسأل الله العزيمة والثبات .. فما عليك إلا البلاغ.

      د طارق عبد الحليم       25 أبريل 2016 – 18 رجب 1437