فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      حماس وإزدواجية المواقف

      أهم ما أكدته الأحداث الدامية الأسيفة في غزة بين حماس وبين جماعة أنصار الله هو تلك الإزدواجية الحادة في مواقف "الإخوان المسلمون" – وربما الإسلاميين بشكل عام – وتعاملاتهم، والتي ظهر أنها تتحدد حسب موقعهم من السلطة، وهوية المخالف.

      فحماس، كما هو معلوم، تنتمي فكرياً إلى جماعة الإخوان. والإخوان يعتمدون سياسة "المرونة"، و"الحوار"، و"التفاهم"، و"قبول الآخر"، وما ينتمي إلى هذه العائلة من التعبيرات، وتنأئ بنفسها عن "العنف"، و"المواجهة" وما يتخرجّ من هذه التعبيرات. وقد سارت الجماعة على هذه السياسة في تعاملاتها مع النظم الحاكمة، مبررة ذلك التوجه بأنه نابع عن إيمان عميق بهذه المعاني وإسلاميتها. هذا، والإخوان في موقف الضعف السياسيّ، وهم أبعد ما يكون عن تولي السلطة في أي دولة من الدول التي لهم فيها تواجد حاليّ.

      وقد سارت حماس في غير طريق الإخوان من تصدِ للعدوان، والوقوف في وجه الفساد والخيانة المتمثلة في السلطة الفلسطينية، وشاء الله لهذا الموقف أن يثمر، وأن يكون لها اليد العليا في غزة، بعد تضحيات الشعب الفلسطينيّ البطل في غزة بكافة إتجاهاته وتوجهاته. ولم تتخل حماس عن مفاهيم الحوار والمفاوضة فإستقبلت، وهي في موقع السلطة، شخصيات غربية للتحاور مع فارق الدين والهدف، بل وقبلت أن تضع يدها بيد الرافضة الأخابث، الناشرين للبدعة والداعين لهدم السنّة !

      وعند الإختبار الأول لدعوى الديموقراطية، وسعة الصدر، و"المرونة"، و"الحوار"، و"التفاهم"، و"قبول الآخر"، سقطت حماس، وإتخذت موقفاً في غاية من العنف والقسوة تجاه جماعة محدودة العدد والعدة، لا قِبـَل لها بأي تحد سافرٍ للسلطة القائمة في غزة، إن كان لتلك السلطة قوة حقيقية تحت الظروف القائمة.

      لقد فتحت حماس بهذا التصرف الأرعن باب الفتنة بينها وبين إخوانها من أهل السنة، وأنزلت حجب الشك والريبة بينهم، وأقامت ستار دمٍ لا يُسدل بينها وبين بقية الإتجاهات الإسلامية.

      ونسأل: اين المرونة والتفاهم وقبول الآخر، واين الديموقراطية التي ارتضوها كمذهب سياسيَ، ولا نقول أين الإخوة الإسلامية التي تحرّم دم المسلم على المسلم، وهل تعتقد حماس أنَ هذا الحلّ قد جعل سلطتها المحدودة أقوى وأركز؟ وهل عززت من سيطرتها على القطاع؟ وهل قربت بينها وبين الصهاينة في غرض القضاء على "التطرف"؟ وماذا إذا شعر أهل القطاع بالخوف من مسلحي حماس وكمّموا أفواههم شفقة على أنفسهم، أيبعد موقفهم هذا عن موقف الأنظمة الغاشمة التي قمعت شعوبها باسم الحفاظ على الأمن والأمان؟

      ثم، السؤال الأعم والأهم: ماذا نتوقع من الإخوان، إن قدر لهم الله سبحانه الوصول إلى السلطة، تجاه غيرهم من الإسلاميين ومن المخالفين؟ أمر ترتعد له فرائص الإسلاميين قبل العلمانيين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.