فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      أسباب ضعف المسلمين وانحدارهم - الجزء الثالث

      أثر السلفية الملوكية

      وقد أفردنا هذا الصنف من المرجئة بالذكر من حيث خطره الشديد، رغم إنه يتفق مع المرجئة في أصل عقيدتهم. وهؤلاء قد فتحت لهم الدولة السعودية صدرها عقب حرب الخليج الأولى، وموافقة أصحاب العروش والكروش على تحويل المنطقة إلى ثكنة عسكرية أمريكية، لحماية عروشهم من صدام، الذي هيأت لهم أمريكا إنه صاحب خامس أقوى جيشٍ في العالم، تماماً كما يشيعون اليوم أن خلافة البغدادي السامري هي أقوى خلافة في التاريخ! نفس الخطة، لنفس الغرض .. فالمستمعون حمير في الحالتين! وكان أعلامها محمد أمين الجامي، وربيع المدخلي، ثم عدد من تلامذة الشيخ الألباني كعلى الحلبيّ وغيرهم.

      لكن الحق أنّ هذه الفرقة قد تميزت قبل ذلك في مصر منذ أن عمل ياسر برهامي كعميل ملتح لحساب المخابرات المصرية في الثمانينيات، ثم أشاع إنه صاحب الحديث في دنيا المسلمين اليوم! فهو في الحقيقة مؤسس الفرقة الزائغة المرتدة، وإن تعدى حدود الجامية المدخلية، حتى كان على رأس أكبر فروعها، المعروف اليوم بالبرهامية.

      وقد كان الأصل الجامع لكلّ هؤلاء هو إدعاء السلفية، هكذا مجردة مطلقة عامة. وتركوا الناس يتوهمون إنهم يعنون بذلك السير على منهج السلف الصالح. بل، كان منهم من تبنى الحديث في مفهوم الطاغوت، والحكم بغير ما أنزل الله، نظرياً. حتى إذا جاء وقت تحقيق المناط، سحبوا أقوالهم، وخنسوا عن المواجهة. وعلموا أتباعهم أن تلك المفاهين هي أقوال في الكتب لا حقيقة لها على الأرض اليوم. ففي السعودية، يقام شرع الله، وهؤلاء السلاطين هم خلفاء الله، وأولياء أمور المسلمين.

      ولو التمسنا عذراً للمدخلية في السعودية، على الأقل من حيث يمكن أن يكون للبس العباءة والغترة أثر في تأويل قضية الحكم بالشريعة وقضايا الولاء والبراء!، فلا نرى في مصر أيّ عذرٍ لهذه الطائفة التي كفرت بعد إسلام، من حيث أعلنت تأييدها لحاكم أعلن الردة صراحة، ومعاداة الإسلام، وهدم مساجده وقتل أوليائه، وتقريب الفساق والعاهرات، وإقضاء كلّ من له بالدين شأن.

      وقد أوغل عدد من أتباعها في هذا الباب، باب طاعة أولياء الأمر، حتى قال بعضهم أم بريمر، الحاكم العسكري الأمريكي في العراق سابقا، كان وليا لأمر المسلمين، تجب طاعته!

      وهؤلاء اليوم هم من يرتع على حجور السلاطين والحكام، ويتمتع برضاهم، وتفتح لهم ابواب الإعلام صحافة وتلفازاً وإذاعة ومحاضرات ومنشورات.

      والحق، إنه برغم أن الأصل العقديّ للمرجئة يشترك مع الأصل العقدي لهؤلاء السلفية الملوكية المرتدة، إلا إنهم على نهج تطبيقي مخالف مخالفة شديدة لهم. ولعل هذا أمر لا يحتاج للاستدلال عليه، من حيث يظهر ما فيه الإخوان من محنٍ، وما فيه عؤلاء من نعم، يتنعمون بها كالأنعام! وكلاهما مطيع لولي الأمر القائم، حكم بالشرع أم لا، والى الكفار ضد المسلمين أم لا، حارب الإسلام والمسلمين أم لا، فضّل النظم الغربية الديموقراطية على الإسلام أم لا، لكن الفرق يكمن في إن السلفية الملوكية، يقفون في صفّ هؤلاء، ولا يلحون عليهم بلائمة، ولا ينقدونهم بأي شكلٍ من الأشكال، بل يدافعون عنهم ويزيفون أقوال من عداهم، بل يرمون من عاداهم بالكفر صراحة كما فعل المدخلي الضال مع سيد قطب رحمه الله.

      وخطورة هذه الفرقة على واقع المسلمين لا يحتاج إلى مزيد شرح، بعد أن تعرف مبادئها. فهي تعمل على إخضاع المسلمين لاستعمار داخليّ يتآمر على الإسلام، وعلى أهله، وعلى تطبيق شريعته. وهم يعينون كلّ أفاك اثيم، قاتل زنيم، كعبد الفتاح السيسي، ليدمر الإسلام تدميراً كاملاً شاملاً، ويقوض صرح البنية النفسية الاجتماعية التي أقامها الاسلام في نفوس الشعوب على مدى قرون، لتكون لهم درعا وحصنا ذاتياً من الانزلاق في الفسق والعهر والغواية، التي مصدرها الكفر لا المعصية، والفرق بينهما واضح.

      وقد نجحت تلك الفرقة في ضياع كمٍّ هائل من الشباب في مصر خاصة، وحيّدت قوى كبيرة كان من الممكن أن تزيل المرتد السيسي وعصابته. لكنهم، وإن كان أثرهم مثل أثر الإخوان في إزاحة القوى المعارضة المسلمة من الطريق العسكري في مواجهة الالحاد، إلا إنهم نجوا بأنفسهم وذويهم من الاعتقال وأحكام الإعدامات، إلى حين.

      د طارق عبد الحليم

      1 يونية 2015 – 14 شعبان 1436