فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      أولويات السنة وأولويات الحرورية

      غاية منتهى مطلب إبراهيم بن عواد وفصيله، أن تخضع له سائر الفصائل، وأن يبايعوه "خليفة" على الدنيا بأسرها. جميل، ووالله لا نريد إلا أن يكون هناك توحد على رجل يقيم شرع الله وسنة رسوله.

      لكن المشكلة هنا، هيّ أن هذه الأولوية المطلقة ليست ما تدل عليها السنة المحمدية في مناط الساحات الإسلامية جمعاء اليوم. فإنّ طريقه إلى ذلك هو أولاً: إطلاق الردة، بمختلف الأسباب، على من لم يوافقه في هذا المطلب، ثانياً: استحلال دم من لم يوافقه على هذا المطلب، بعد إعلان ردته.

      وهنا يأتي دور الأولويات في الشرع، ويقوم المفتى مقام النبيّ صلى الله عليه وسلم بما علّمه الله، لا بما بدا له بادئ الرأي.

      فأولا إن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة باتفاق. ودفع مفسدة الاختلاف المؤدى إلى الاقتتال وقتل النفس المسلمة مقدم على جلب مصلحة الاتحاد تحت راية إبراهيم بن عواد.

      كذلك،وبنظرٍ آخر، لو قلنا إن كلاهما مفسدة، فإن التكفير وقتل النفس المسلمة مفسدة، وكذلك ترك الاتحاد تحت راية بن عواد مفسدة لمعنى التفرق والتشتت، قلنا، صحيح، لكن من المعلوم المتفق عليه أنه يجب دفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما. وبكل معيار في شرع الإسلام، لا يمكن أن يقارن أحدٌ بين مفسدة قتل آلاف من مجاهدي السنة، مع مفسدة تعدد رايات، يمكن أن تجتمع بشكلٍ ما، تحت راية واحدة وإن لم تكن خلافة، وإن لم تكن "دولة" وإن لم تكن "ابن عواد"!

      ثم، بنظرٍ ثالثٍ، فإن قتل النفس محرّم لذاته، بينما الاجتماع واجب لغيره، وهو واجب حفظ النفس! فحفظ النفس غاية ومقصد، والاجتماع تحت راية واحدة، بله راية ابن عواد بذاتها، وسيلة، فكيف يقدّم مقصدٌ على وسيلة؟بأي فهم وعلى أي أصول؟ إلا أصول الحرورية وأولوياتها.

      ثم بنظرٍ رابع، فإن هذا التوحد كان يمكن أن يكون أول الواجبات، بل يكون مقدم على حفظ النفس، لو أنّ ابن عواد نبيّ مرسل، هنا تختلف الأولويات. لكن الرجل ليس بنبيّ مرسل، على الأقل عندنا نحن أهل السنة، فما هذه الأصول التي تجعل اتباعه أوجب من حفظ النفس؟

      طارق عبد الحليم   

        16 ذو الحجة 1435 – 10 أكتوبر 2014