فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      قيام دولة الإسلام .. بين الواقع والأوهام – دراسة سياسية تحليلية 2-

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد

      الإشكاليات

      نعزو تلك التصورات كلها، والتي تعجّ بها ساحة العمل الإسلاميّ إلى عاملين مشتركين بينها، ثم إلى عوامل خاصة بكل جماعة. أولهما: الإحباط الديني والنفسيّ الذي يشعره أبناء هذا الجيل من جرّاء بُعد مجتمعاتهم عن الإسلام، عقيدة وعملاً. فالأمر بُعده نفسيّ أولاً وأخيراً، سواء عند قادة تلك الجماعات، أو عامتهم. والحق، أنه ليس في قيادات ذلك التيار "السلفي الجهادي الجديد" قيادات لها خبرة وتأسيس، إذ هو تيارٌ ناشئ وليد كله، لا تزيد أعمار قياداته عن بداية الأربعينيات، مما يجعلهم جيلاً حديثاً قليل البضاعة في الخبرة، ويكاد يُلحقهم بأتباعهم في هذا المجال. بينما اتجاهات أخرى، كالإخوان أو قاعدة الجهاد، تجد فيهم جيلاً مخضرماً، عاش خلال عهود مختلفة وعاشر أنظمة طاغوتية متعددة، ومنهم من جاهد مختلف قوى الصهيو-صليبية كالشيخ الجليل أيمن الظواهريّ، حفظه الله، أو قيادات الإخوان عامة، على ضلال منهجهم. والعامل الثاني هو ضعف العلم الشرعيّ بين "شرعييهم" أو "فقهائهم"، في التيارين، واقتصار عوامهم على التقليد الأعمى في طرفٍ، والاجتهاد المطلق في بعض المسائل المفصلية في طرفٍ آخر.

      إشكاليات الفكر السياسيّ الإخوانيّ في موضوع الدولة:

      أما العوامل التي اختصت بها جماعات الحركة الإسلامية الديموقراطية، فهي تتلخص في إشكالية التعامل مع أبناء الأمة ممن ليسوا من المبايعين لها. فمن ناحية، تجد الجماعة منفتحة على "الأمة"، التي هي كلّ من عاش على أرض الوطن المشترك لديها، حتى اليهود والنصارى والمجوس. وقد رأينا كيف أنّ تلك الجماعة لا ترى مانعا من حاكم قبطيّ، أو امرأة، بل تجد في هيئتها الحزبية نصارى مثل رفيق حبيب. لكنها في نفس الوقت، منغلقة على نفسها، تستخدم من لا يبايعونها، ولا تتحشى من هذا الاستغلال، الذي تبرره بالصالح العام لجماعتها. وهذا أسوأ ما يمكن أن يكون من تصور للعلاقة بين "الجماعة" و"الأمة"، إذ فيه ما فيه من كذب واستغلال وخداع، بل ونفاق. كما أنك واجدٌ، نتيجة لهذا المنهج، إشكالية أخرى، وهي بناء تنظيمهم علي مبدأ "الولاء لا الكفاءة". فالجماعة لا تقبل في هيكلها إلا من ينتمون اليها،وإن قلت أو انعدمت كفاءاتهم. والآخرون "متعاطفون"، يستخدمونهم لتحقيق أغراض، مادية أو معنوية.

      شكل الدولة:

      • والشكل الذي تطرحه معطيات الفكر الإخواني الديموقراطي، لا يكاد يتميز عن الطّرح الديموقراطيّ العلمانيّ، سواءً في البنية أو الهيكل التشريعي والتنفيذي والقضائي، والذي يعتمد الانتخابات العامة طريقا لشغل مناصب هذا الهيكل. وهذا الطرح له إشكاليته في الفكرة الإسلامية. إذ إن هذا البناء يقوم على قواعد الديموقراطية، التي هي حكم الأغلبية، مسلمة كانت أو نصرانية أو مجوسية. وهي فكرة مرفوضة عقدياً، إذ تخالف أساس التوحيد الذي لا يمنح المُشرك ابتداء أيّ حقٍ في الهيكل التشريعي والقضائي، ويقيد دوره في الهيكل التنفيذي.
      • ولهذا، فإن الطرح الإخواني لم يقدم جديداً في هذا المضمار، ولم يتخذ من المصادر الشرعية مصدراً إلا مبادئ عامة، في أعلى مستوياتها، والتي أسموها مبادئ الشريعة[1]. وهذا يتفق مع النظرة العلمانية التي لا تبالي إن أخذت بالمبادئ العامة للشريعة، فهي قواسم مشتركة لدى المسلم والكافر، وهي من قبيل العوائد التي لا تختلف باختلاف الأعصار والأمصار، والتي غالبا تكون مما اتفق عليه عقاء الجاهليات المتتابعة، بعيدا عن هدي الوحي، وتلقته عقولهم بالقبول[2].
      • أما عن العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية الإخوانية، فإن إقرارها بالمعاهدات والمواثيق الدولية، يُعتبر إشكالية أخرى، من المنظور الإسلاميّ. إذ إن تلك المعاهدات والمواثيق تقوم على مبدئين، أولهما حفظ المصالح الحيوية الصهيو-صليبية، وثانيهما المرجعية العلمانية لتلك المواثيق. لكنّ هذا التوافق يأتي من مبدأ اعتمدته الجماعة في تنظيم الدولة الداخليّ، وهو "المشاركة لا المغالبة". وهذا يوقع الجماعة في حرج كبير واشكالية عميقة مع الفكرة الاسلامية. إذ يقود مباشرة إلى التصادم مع النصوص، والاجتهادات المبنية عليها، بدافع المصلحة، التي يجعلونها مرجعا شرعياً عاماَ، كما فعل الطوفي الحنبليّ[3]. بل يقودها إلى التسليم المطلق للقوى الخارجية في نهاية الأمر، فمتى بدأ الانزلاق في هذا الاتجاه صعب تقييده وتحديده. ولا يخفى ما في مثل هذا الانزلاق من هدم لساسياتٍ ومطلقات وثوابت شرعية تودي غاليا إلى خرم التوحيد والتفلت من الدين بالكلية.

      الأسباب:

      والنظرة الإخوانية في علاقة الأسباب بالمسببات، نظرة خاطئة ابتداء من المنظور الإسلاميّ، فإن الله خلق النتائج تتبع أسبابها، لكنّ هذا لا يعنى أنّ ما نراه في عالم الأسباب لا يمكن أن تنشأ نتيجة بخلافه، أو يقع أمر لا يوافقها. وكمثال إدعاء أنّ أمريكا تمسك بمفاتح الدنيا كلها، وهو صحيح في عالم الأسباب التي تحدها أمور كثيرة، فإن أمريكا لها حساباتها الخاصة في تناول الأمور أولاً، ثم إن ما يراه الخصم من قوتها وسيطرتها، فإنما يراه من منظور ضعفه هو قبل منظور قوتها. وهذا التصور ينشأ في النفس استلاماً للأقوى، من حيث أنّ قوة الخصم لا بد أن ينشأ عنها هزيمة الأضعف، بلا استثناء.

      ولو عرضنا مواقف الإخوان بعامة على هذا النظر لوجدناه سبباً في الكوارث التي حلّت بالحركة المصرية والتونسية، ومفسراً لمواقفهم الانهزامية في علاقاتهم الخارجية وضعفهم في وجه القوى الفاسدة الداخلية.

      الواقع:

      والواقع الذي تحدثنا عنه عند قادة هذا التيار، ينشأ عنه إشكالية محيرة، إذ إنه يعتبر السطوة الصهيوصليبية كاملة تامة، ومن ثم يحاول التحاور معها، والرضا والخضوع لقرراتها، من حيث هو يريد، غائياً، أن يتخلص من سطوتها.

      كذلك فإشكالية التعامل مع الهيئات والمؤسسات الاجتماعية والتنفيذية القائمة، فإن الواقع يملى التعامل معها، إذ لا داعٍ لاستبدالها، فالقائمون عليها "مسلمون"، وهي مؤسسات "شرعية" لا تحتاج هدماً بل إصلاحاً، حتى المؤسسات العسكرية والأمنية. وهذا ما يبرر سقوط دولة الإخوان في مصر في عامٍ واحدٍ، بسبب خلل تقييم الواقع لديهم، ومن ثم كيفية التعامل معه.

      إشكاليات الفكر السياسيّ الحروري الجديد في موضوع الدولة:

      أما هذا الفكر، فحدث ولا حرج، عن نقاط ضعفه وتناقضه وتبسيطه المخلّ. ولعل من أسباب اتباع كثير من الشباب العاميّ لهذا الفكر ما يلي:

      • اليأس من التغيير، بأي طريقة أخرى غير التي يرونها، خاصة ما كان من تجاربٍ فاشلة، عقدياً وعملياً، في مصر وتركيا على سبيل المثال، مما استبدل مواجهة "الواقع" لدى هؤلاء، باستبطان "حلم"، ثم العمل على الوصول اليه، دون التفكير في مدى واقعيته.
      • ضعف العلم الشرعيّ والوضعيّ، والإقتصار على مصادر السلف الصالح في وضع تصور دولة إسلامية، في القرن الحادي والعشرين، أو الخامس عشر هجرياً.
      • قلة الخبرة والوعي بما هو عليه واقع الدنيا اليوم، وعدم إدراك التوازنات العالمية على الأرض.
      • انعدام العلماء الربانيين من الطبقة الأولى، الموجّهين لحركة هذا القطاع من الجيل[4]، في الاتجاه الصحيح، مما أدى إلى أن يكون تحرك أبناء الإتجاه مبنيّ على تصورات طلبة علم، صغار في السن والعلم والخبرة، فباءت محاولاتهم بالفشل، كما رأينا في تجربة "الجماعة الإسلامية المسلحة"، التي كانت وليدة تجربة حركة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر، والتي فشلت بدورها لتبنيها النهج الديموقراطيّ، ولأسباب أخرى ذكرناها في محل آخر[5]، وبرغم ذلك، فإنها قد أنتجت حركة جهادية أخرى كانت الأقرب للنجاح، وهي الجماعة الإسلامية المسلحة" في طورها الأول، بقيادة أبو عبد الله أحمد، لولا ما آل اليه فكرها الحروريّ، على يد الزيتوني والزوابري من بعده، فأجهضاها، وأفشلا التجربة الجهادية برمتها. فكأنما ولدت حركة الإنقاذ المُفرّطة حركة الجماعة المسلحة المُفرِطة، حسب نظرية "البندول"، التي نتبناها في فهم الحركة التبادلية بين طرفيّ المعادلة الإسلامية. لكننا هنا لا نرى أنّ شكل "الدولة" كان من النضوج الكافي لدي هؤلاء جميعا كي يصل بها إلى مرسى الأمان، على أية حال.

      شكل الدولة:

      (1)

      مقدمة:

      • وهذا البعد النفسيّ الذي ذكرنا آنفا، هو الذي يجب أن يشد اهتمام الباحثين في أمر الإسلام، والجهاد العالمي خاصة. فإنه هو المحرك الدافع وراء كافة التصرفات، والتصورات التي تعج بها الساحة، إن استثنينا العملاء فيها. وهذه الحقيقة تجعل أبناء هذا التيار، سواءً المشاركين فيه فعلاً على الأرض من مجاهدين، أو أتباع الفصائل المختلفة على الصعيد الإعلاميّ، هم آخر من يجب أن يُستمع اليهم في تحليل الموقف القائم في ساحة القتال، إذ إن نظرهم يفتقر إلى الموضوعية اللازمة للوصول إلى القرار الصائب، وأعنى به على المستوى الاستراتيجي، لا على مستوى التحركات اليومية من موقع إلى آخر، أو تقديم وتأخير أوقات الهجوم وغير ذلك. وهذه القرارات الأخيرة، هي من عمل القادة الميدانيين بالقطع.
      • أما ما قصد اليه علماء السلف، ممن أشاروا إلى أنه يُستمع إلى علماء[6] الثغور، فهو فيما يخص أوضاعهم في الساحة الجهادية، إذ يلجأ اليهم القادة هناك ليُفتوا لهم في معضلاتهم الشرعية، كموضوعات الأسر ومعاملة المحاربين، وتوزيع الغنائم وما إلى ذلك. وأما ما نقصد اليه هنا، فهو أمر مخالف للشأنين اللذين ذكرنا. فإن التقدير العام لتوجه الحركة الجهادية، يصعب، بل قد يستحيل على من هم في غمار الأحداث أن يقوّموه. وهو أمر عام شائع في كافة أمور الحياة، أن يعجز المرء عن تقدير حقيقة موقف ما طالما هو جزء منه. بل الأفضل إما أن ينفصل عنه أو أن يكون أساساً ممن هو خارجه، ليصلح النظر، ويصح الاستدلال.
      • لهذا، فإنه قد غابت حقائق وتقديرات كثيرة جدا، عن أنظار قادة تلك التنظيمات، حتى ورّطوا الساحة في أوضاع لا يرون حقيقة أبعادها وخطورة نتائجها، مما يجعل نهاية هذا الوضع الحاليّ لا تشير إلى أيّة بشارة خيرٍ، عند أصحاب العلم والخبرة والموضوعية.

      (2)

      • الحركة الجهادية السنية العالمية، التي تقوم بالجهاد اليوم، منها ما يعرف معنى الدولة من حيث مارسها، كما في قاعدة خراسان، من خلال ملازمتهم لدولة طالبان. ومنهم من يريد أن يعرف ضوابطها وحدودها، وهم من في قاعدة الشام، كالنصرة، أو الملتزمون بالقاعدة في بلاد أخر. ومنهم من يتيه في صحراء الأحلام، لا يعرف "دولة" شكلاً ولا موضوعاً، إلا أمنيات تجترها قياداتهم، يغذون بها أحلام تابعيهم، وهم أصحاب الجهاد الحروريّ. ونركز كلمتنا هنا على هؤلاء الأخر، من حيث أنّ قاعدة الشام، تسمع وتطيع لمن هم أعلم منها وأسبق في هذا المضمار، أما هؤلاء فإن رؤوسهم حديثة عهد بعلم وجهاد، مع انحراف رؤية وتصور، مما يسميه أهل السنة ابتداعاً.
      • والاشكاليات على النظر السلفي، خاصة الجهادي الحروريّ منه، كثيرة متعددة، لدرجة تجعل تكوين الدولة ذاتها، وبناءها الداخلي، أمر مشكوك في القدرة علي تطبيقه، لضبابية مفاهيمه، بل لانعدامها نظرياً. فالحركة هي التي تحدد شكل الكيان الذي يرسمون صورته، لا استقرار وضع على الأرض، وهو ما يجعل "الدولة" هلامية الشكل لا استقرار فيها، إذ هي في مكان ما في يوم من الأيام، ثم إذا بها تتركه في اليوم التالي، كما حدث في إعزاز وحريتان وكفر حمرة على سبيل المثال، حين تمّ إخلاؤها من قبل تنظيم "الدولة". وهذه إشكالية كبرى ينعكس أساساً على موضوع البيعة كله، ويضعه رهن التساؤل.
      • و"الدولة" عند هؤلاء هي "اسم" أكثر منه حقيقة، سواءً في التعريف الغربيّ، أو في التعريف الإسلاميّ[7]. فأنت واجدٌ أنّ ما أطلقوا عليه "الدولة الإسلامية في العراق والشام" هو في حقيقته تنظيم كبقية التنظيمات التي تعُجّ بها الساحة، تتحدد جغرافياً بحواجز على مناطق سيطروا عليها، وتتكون من مجموعة مقاتلين، وهيئات تدير بعض أنشطة إجتماعية قائمة بالفعل في تلك المناطق، بعد تغيير اللافتات التي على جدران منشآتها. ثم هذه الحواجز يتغير وضعها بين يوم وليلة، حسب الكرّ والفرّ. وليس لهم منطقة مركزية يُرجع لهم فيها، وهي ما اصطلح على تسميتها "العاصمة"، والتي تمثل مركز الدولة في المفهوم الحديث، وفي المفهوم الإسلاميّ المحدث على السواء.
      • والفكرة العقدية[8] التي تبنونها فكرة إسلامية بدعية، عرفت بالحرورية[9]، وهي فرقة لم يكن لها في يوم مركزاً أو عاصمة أو دولة أو حتى إمارة صحيحة. إذ إن فكرتها تقوم على محاربة "الأمة" التي تعتبرها كافرة بعامة، ومن ثم، فإن تلك الفرقة قد آل أمرها على الدوام إلى أن استهلكتها الأمة، وهضمتها، وقذفت بها خارج جسدها كما يقذف المرء بقاياه.
      • ثم إشكالية أخرى، لا تختصّ بها الفكرة الحرورية على وجه الحق، بل تشاركها فيها كافة تيارات السلفية الجهادية، وهي إنها لا تعرف آلية حقيقية حتى الآن، لتمييز "أهل الحل والعقد"، عدا استناد كلّ طائفة على نصوص أئمة السنة والجماعة، في تعريفاتهم العامة التي وردت في كتب السياسة الشرعية القديمة. أما آلية اختيارهم، ومن يستحق أن يكون منهم ومن لا يستحق، وأي محلة لها أن تدعى أنّ أهل حلّها وعقدها هم "أهل حل وعقد" كافة مسلمي الأرض؟ فهذه الأسئلة لم تُطرح بأي جديّة على وجه الإطلاق.

      يتبع إن شاء الله  تعالى

      تكملة الإشكاليات 3 

      د طارق عبد الحليم

      21 رجب 1435 – 20 مايو 2014

      الجزء الأول من هذا المقال تجده في رابط http://www.tariqabdelhaleem.net/new/Artical-72610 

      [1]  راجع مقالنا "بين مقاصد الشريعة ومبادئها" http://www.tariqabdelhaleem.net/new/Artical-53959

      [2]  الموافقات ج2 ص297

      [3]  راجع كتابنا "المصلحة في الشريعة الاسلامية"، طبعة دار ريم ص51 وبعدها

      [4]  راجع مقالنا "عن تنظيم الدولة ..لعلهم يتقون 2 – شهادة العلماء"  http://www.tariqabdelhaleem.net/new/Artical-72614

      [5]  دراسة مقارنة للحركة الجهادية والانقلاب بين مصر والشام والجزائر http://www.tariqabdelhaleem.net/new/Artical-72537

      [6]  وحين نقول "علماء" لا نقصد "شرعيون" انتقلوا من بلادهم وهم أنصاف طلاب علم، ليلتحقوا بالجهاد، فصاروا علماء بين تلك الجماعات بين عشية وضحاها! هذا باب من أعظم أبواب الخلل في الساحة الجهادية، خاصة منذ أيام الجهاد الجزائري، إلا من عصم الله كالحركة في أفغانستان.

      [7]  راجع مقالنا "رسالة مفتوحة إلى تنظيم الدولة" http://www.tariqabdelhaleem.net/new/Artical-72582

      [8]  أو الأيديولوجية، حسب تعبير الباحثين الاجتماعيين، وكذلك ما تبناه د أكرم حجازي في دراسته الماتعة المطوّلة.

      [9]  يعتقد البعض أن فكر الخوارج أصله تكفير المسلم بالسرقة أو بالقتل أو بالزنا أو ما شابه من المعاصي. وهذا تبسيط مخل بأصل الفرقة، ووصف لها بأعراضها، فأصلها الكلي تكفير المسلمين ممن يرتكب معصية في نظرهم، لذلك بدؤوا بتكفير علي ومعاوية ولم يكونا سارقين ولا زانيين رضى الله عنهما. فقد رأوا أن تحكيم الرجال هو كفر بمبدأ الحكم لله، ثم ألبسوا هذه الصورة من التحكيم لباس الكفر فكفروا فاعلها ثم حاربوا ووالوا وعادوا عليها، ثم تطورت فكرتهم بعد ذلك مع الزمن لتشمل المعاصي الواردة مع اختلاف شاسع بين فرقهم فيها.

      وهذا الأصل هو ما عليه هذه الدولة المارقة،لكن بالنسبة لأمور منها ما قد يكون معاصٍ مثل بعض صور التعاون مع المشركين، أو ممن أوّل في موضوع الديموقراطية، فيكفرون العاذر، ومنها مه هو محض افتراء مثل ما فعل العدناني الحروري في تكفير الظواهري، برميه بكل صفة اجتمعت الأمة على كفر فاعلها. فهم إذن يتخذون معاص يلبسونها ثوب الكفر ثم يرمون بها المسلمين ثم يقاتلوهم ويقتلوهم عليها، وهو أصل دين الحرورية بلا خلاف. ولا يلزم أن يشاركوا من عشرين فرقة تحتلف بينها في كل جزئية، فالخوارج أكثر من عشرين فرقة يجمها أصل واجد، هو تكفير المسلمين ثم قتالهم على ما رأوه كفرا.

      ولو ظل أمر التكفير هذا نظريا لما اكتملت أركان وصفهم بالحرورية، لكنهم خرجوا بالسيف يقتلون علي بدعتهم هذه، فتمت أركان التوصيف، وصح وصفهم بالحرورية.