فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      قيام دولة الإسلام بين الواقع والأوهام – دراسة سياسية تحليلية - 1

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد

      حين يتحدث "الإسلاميون" اليوم عن دولة "الإسلام"، فغالباً ما يرِد على خاطرهم خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وأكثرهم واقعية، يرد على باله الخلافة الأموية أو العباسية. وأعني بالإسلاميين صنفين من المسلمين، أحدهما عامتهم، والآخر خاصتهم من الشرعيين أو الباحثين، حسب انتماءاتهم العقدية والحركية. فالشرعيون، في الحركات الجهادية مثلا، لا يختلفون كثيرا في تصورهم عن عامتهم في هذا الصدد، وهو التصور الذي ذكرنا، تصور بسيط مباشر "لدولة" أو "خلافة" تقوم فجأة لا يحول بيننا بينها في عالم الناس إلا أن نجد "خليفة" نجتمع عليه، أو يجتمع عليه من يؤصل هذا النظر منهم، ويلتزم به المسلمون، عامة وعلماء في نواحي الأرض كلها!

      والباحثون، سواء المُنتمون منهم إلى حركات إسلامية كالإخوان، أو المستقلون العلمانيون، ينظرون إلي الدولة بمنظار جدّ مختلف عن أولئك الآخرين. فهؤلاء الذين ينتمون إلى حركات إسلامية يرونها دولة ديموقراطية وطنية، يحكمها شرع الله بحكم الأغلبية التي تعيش على أرضها، لا أكثر. أما العلمانيون اللادينيون، فأنهم يرون الدولة بأي شكل إلا أن يكون للإسلام فيها موضع قدم، فقد تكون ديموقراطية أو دكتاتورية أو عسكرية، لابأس بأيها، طالما ليس فيها أي صبغة إسلامي. وهؤلاء هم من نعتبرهم، بالتعبير الشرعيّ، مرتدون. ومن ثم، فإن بحثنا هنا لن يمس تصوراتهم إلا من حيث نقاط تلاقيها مع التصورات "الإسلامية".

      والحقّ، أن دولة الإسلام، تقع وسطا بين هذين الطرفين "الإسلاميّين"، كما سنبين في هذا المبحث.

      وقد أدى تصور "الإسلاميين" للدولة الإسلامية، إلى ما نراه منعكساً على الساحة اليوم، في مصر والشام والعراق على الأخص، ثم اليمن وليبيا وتونس، بشكلٍ أو بآخر.

      ففي مصر، أدي تصور الدولة الإسلامية في ذهن الإخوان إلى تضارب في المصالح، بين منهجين عقديين لا يمتان لبعضهما بصلة، منهج العلمانية اللادينية، ومنهج الإسلام. ولم يدرك هؤلاء أن اللقاء بينهما مستحيلاً، وأن إمساك العصا من النصف، لا يقبله العلمانيون اللادينيون من ناحية، ولا يقبله الغرب الصهيو-صليبي من جهة أخرى، فسقطوا، وسقطت معهم فكرة الدولة الإسلامية المبنية على هذا التصور.

      أما في العراق والشام، فإن الأمر اختلف عنه في مصر اختلافاً بيّنا. ذلك أن "التيار السلفي الجهاديّ" قد انقسم على نفسه إلى تيارين، التيار السلفي الجهاديّ الأصلي الأصيل، المتمثل في مواقف الكثير من علماء أهل السنة، عقديا، وفي قاعدة خراسان عقدياً وعملياً، وما آثرنا أن نطلق عليه هنا "التيار السلفي الجهاديّ الجديد-أحاديّ النظرة" للأسباب التي سنقدمها بعد.

      فالتصور السوسيو-ديني، عند هؤلاء المنتمين "للتيار السلفي الجهاديّ الجديد-أحاديّ النظرة"[1]، بشأن فكرة الدولة الإسلامية، بكافة طوائفهم المتصارعة، يرون الدولة بالمفهوم الذي قدمنا أولاً، دولة أبي بكر وعمر، أو خلافة الأمويين أو العباسيين. وهذا التصور إنما نشأ لعدة عوامل، نذطرها بعد.

      كلّ تلك العوامل، قد أنشأت جيلاً "إسلاميا"، صالحاً تقياً، لكنه أقرب إلى السذاجة في النواحي السياسية والإجتماعية، والتي نسميها في التعبير الشرعي، بالسنن الكونية في مسائل العمران، وبالسياسة الشرعية.

      والأمر هنا أن كلا التصورين، الإخواني، أو السلفي الجهاديَ، بشكله الحاليّ، على خطإ في تصور "الدولة الإسلامية". ولا بأس هنا أنْ نعيد رسم مسار الخطأ في الطريقين، لنبني عليهما ما نراه في هذا الصدد.

      وسنقوم ببناء هذا البحث على ثلاثية جدلية، ننظر فيها إلى التصورين اللذين ذكرنا، وينبثق عن كل منها ثلاثة محاور، فتتكون بهذا تسعة نقاط. هذه الثلاثية هي:

      • المعطيات: وفيها نضع تصورات التيار المقصود بلا نقد، سلباً أو إيجابا، بل نكتفي بسردها، إثباتا وبيانا.
      • الإشكاليات: وفيها نطرح المشكلات العقدية والعملية في تلك التصورات، كما نراها، فننقد سلباً وإيجابا.
      • الأطروحات: وفيه نبيّن الموقف السنيّ القويم في تلك المسائل، ثم نطرح لبنة بناءٍ في موضوع تصور "الدولة الإسلامية" على هذا الأساس.

      وسنعتمد في هذه الدراسة على ما تراكم لدينا من معلومات تحليلية للواقع في الساحة الإسلامية، خلال العقود الأربعة الأخيرة، دون أن نشغل الصفحات بتأييد رأي أو قول من نقولات العلماء، بل نحيل إلى ما دوّن علماء السنة في موضوع السياسة الشرعية خاصة، وفي تاريخ الفرق، وما دوّن المحدثون من علماء أفاضل فيها، سواء الناحية العقدية، وما أكثرهم، وفي الناحية السياسية-الاجتماعية، ككتابات المعلم التربويّ محمد قطب رحمه الله، والشيخ رفاعي سرور رحمه الله، والشيخ د هاني السباعي، وننوه خاصة بتحقيقات الدكتور أكرم حجازي التي يجد فيها القارئ كمّاً هائلاً من الاستشهادات والنقول من المختصين في الساحة السياسية. كذلك ما دوّنا من قبل في مجال الفرق والعقيدة

      (1)   المعطيات:

      معطيات الفكر السياسيّ الإخوانيّ في موضوع الدولة:

      الإخوان، كأي تنظيم اجتماعيّ بشريّ، يتفقون على مبادئ عامة، ثم يختلفون على بعض تطبيقاتها، حسب شخص الناظر منهم..

      شكل الدولة:

      أما المبادئ التي يجتمعون عليها بشأن "الدولة الإسلامية"، فهي أنّها دولة "حديثة"، أي تخضع، خارجياً، للمعايير الدولية في إقامة الدول، وأشكالها، وتدخل تحت هيئاتها العامة ومؤسساتها العالمية، كالأمم المتحدة، وتعترف بمواثيقها ومعاهداتها، ومنظمات العفو الدولية، بل وتتعامل مع صندوق النقد الدوليّ، بضوابط تتغير حسب شخص القياديّ الإخوانيكما أنهم يرونها داخلياً، دولة تقوم على النظام الديموقراطيّ الانتخابيّ، من حيث يصورونه على أنّه الشورى الإسلامية، وأنه الوسيلة الحديثة لتطبيق مذهب الشورى. وهم في ذلك يُدخلون عنصر الواقع في معادلة عقدية، من حيث إنهم يرون أن المسلمين هم الأغلبية بالفعل في بلاد الإسلام، فواقعياً وعملياً، ستأتي ديموقراطية الأغلبية بالمسلمين وبالتالي بشريعتهم، يُملونها من داخل التنظيمات البرلمانية، والهيئات التشريعية، بحكم الأغلبية.

      الأسباب:

      كما أنهم يؤمنون بارتباط الأسباب الدنيوية مع نتائجها ارتباطاً لا فكاك منه، وإن لم يصرحوا به في منشوراتهم أو يظهروه في خطابهم. وهم في ذلك يتبعون الفكر الإعتزاليّ عملياً لا نظرياً، من حيث لا يشعرون. فهم يتعاملون مع النظم العالمية من حيث أن قوتها ومكانتها سببٌ في وجوب اعتبار طرقها ووسائلها، وأنّ التفاعل معها على مائدتها وبشرائطها، سبب للوقوف معها على بساط واحدٍ. ومن ثم، فإنّ هذا يرتبط بما قدّمنا من أنّ "تغيير" الواقع غير ممكن، ولا يرتبط بإرادة ما، بل هو سببٌ تنشأ عنه نتائجه التي يتعاملون معها حسب قانون الأسباب والمُسبّبَات.

      الواقع:

      وهم، في الحقيقة، يعتبرون الواقع إعتباراً كلياً، ويرونه، من حيث يرونه، حاكم بذاته، وأن قوالبَه الحاضرة هي التي يجب أن تتشكل بها "الدولة الإسلامية"، بل إنهم لم يتلفظوا باسم "الإسلامية" مراعاة لذلك الواقع لديهم، فهم يتحدثون عن دولة مصر الديموقراطية الحديثة، لا "الإسلامية"، ولا يعتبرون هذا إلا بابا من أبواب "الحيلة" على المجتمع الدوليّ، ليمرّر دولتهم عبر قنوات مؤسساته وهيئاته. فالواقع هو الثابت، والشكل الإسلاميّ هو المتغير. ويجب أن يتشكل المتغير حسب قواعد الثابت ومعطياته. ومن ثم، فهم لا يرون إمكانية "تغيير" الواقع، لأنه الثابت.

      معطيات الفكر التيار السلفي الجهادي في موضوع الدولة[2]:

      ويختلف هذا الفكر اختلافاً جذرياً أصلياً مع فكر جماعة الإخوان، ومن سار على دربها مؤخراً كالجماعة الإسلامية في مصر. فالمبدأ التي تجتمع عليها طوائف الفكر السلفيّ الجهاديّ، وإن اختلفوا في بعض تفاصيله، إلا إنها تتفق في عناوينه الكبرى، كما سنشير اليها هنا

      شكل الدولة:

      الحقيقة التي قد يستغرب لها الباحث هنا، أن هذه النقطة لم تسترع انتباه غالب الجماعات التي تنتمى لهذا الفكر، إلا من ناحيتها العقدية، لا من الناحية التطبيقية، أو على الأقل بأي شكلٍ يحمل تفصيلاً تطبيقياً.

      فمن الناحية العقدية، نجد أن أصحاب هذا التيار يرون أن "لا حكم إلا لله"، وأنّ ذلك هو أسّ التوحيد العملي، الذي دونه الكفر، وأن الشريعة هي المصدر الأوحد للتشريع، على اختلاف في مصادرها لدي البعض بين سنة أو ظاهرية. وهم من ثم يبنون مواقفهم من مخالفيهم على هذا الأساس، وهذا الأساس وحده لا غيره. ومن ثم، فهذه العقيدة هي التي يجب أن تحكم الدولة، أيا كان شكلها، داخلياً أو علاقاتها خارجياً، وهو باب الولاء والبراء.

      وإذا نظرنا إلى شكل "الدولة" داخلياً، فهي تقوم على نهج "الخلافة"، فلا يسمى رأسها رئيساً، بل أميراً للمؤمنين، ثم يطلب بيعة، لا انتخابا، ولا يحتمل الأمر تعدداً في "الترشح"، بل يُقتل من يدعو إلى نفسه للترشح في مواجهة "أمير المؤمنين". وأمير المؤمنين، يصل إلى هذا المنصب بموافقة "أهل الحل والعقد"، وهم كجماعة البرلمان في العرف الديموقراطيّ، إلا إن العامة لم ينتخبوهم لهذا المنصب، وما يكون لهم، إذ هذا يجعل أمر الدين مشاعاً، ويُرجع الحكم للأغلبية، التي قد تكون مسلمة أو غير مسلمة. وحكم الأغلبية مرفوض عقدياً بشكل قاطع. كذلك، فإن أتباع هذا التيار لم يحزموا أمرهم بالنسبة لتعريف الدولة وحدودها، فإنه بالرغم من معارضتهم للشكل العالمي الحديث للدولة، وخاصة فيما يتعلق بالحدود، فإنهم لم يقدموا بديلاً واقعياً لهذا الشكل، بل اكتفوا بالحديث عن سقوط سايكس-بيكو، ووحدة "الأمة"، وردة القومية والوطنية، وهذه المفاهيم التي يجب أن تختفي من "الدولة" الإسلامية.

      وهناك طائفة داخل هذا التيار، تميزت عن بقيته، وأصبحت مؤخراً "ظاهرة"، تلفت انتباه علماء الاجتماع والباحثين خاصة.  خلاصة الأمر في "شكل الدولة"، عند هؤلاء، هي الدولة "الدكتاتورية" التي تتخذ النموذج "الهتلري" أنموذجاً في العلاقة بين التابع و"التنظيم". وهذا الشكل، قد نجح من خلال عملية دعاية مكثفة، تدعو "للتنظيم" ذاته، وتعطيه صبغة دينية بحتة، كأنه مطلوب لذاته، ومقصد شرعيّ أصليّ. وتصل، من خلال هذا التوصيف "للدولة" المقدسة، إلى تقديس الأشخاص القائمين عليها. وهي خطة في غاية الذكاء والمهارة. وقد تهيأ لي قريباً مناقشة شخصية من أحد أتباع "الدولة"، فإذا بتغيير رهيب ساحق، قد طرأ على طريقة تناولها للأمور، ونظرتها للعامة والعلماء، وتصوراتها لقدسية "الدولة" ككيان "باقٍ" وإسباغ صفة الخلود عليه، وكانت هذه المناقشة هي ما أوردت في نفسي النموذج الهتلري، الذي جعل "الرايخ الثالث" دولة مقدسة، وجعل هتلر، تبعاً لذلك، مقدساً لدى الأتباع. وفي ظاهرتنا هذه، فإن استخدام "الدين" و"الشرع" لإصباغ هذه الصفة التقديسية، والتي تمثلت في أعلى درجاتها في تعبير "#باقية"، وجعلت حتى مناقشة أمرها، بأي شكل من الأشكال، هرطقة غير مقبولة، وجعل مخالفيها "مرتدين" ديناً. وهي الظاهرة التي تُعرف في عالم الفرق الإسلامية بالحرورية.

      أما عن شكل العلاقات الخارجية لهذه "الدولة"، عند أتباع هذا التيار السلفي الجهادي الجديد عامة، بما فيه أصحاب تلك الظاهرة، فإنه لم يظهر في هذا البعد أي منحى يشبه من قريب أو بعيد كيف يكون هذا التعامل، إلا، مرة أخرى، نصوص للفقهاء الأُول، كالجويني وابن القيم والماورديّ. وتقوم فكرة العلاقات الخارجية، عند أصحاب هذا التيار على مفهوم للولاء والبراء. وهو، بالنسبة لهم، مفهوم مباشر لا التواء فيه، بل ولا تفصيل، يتلخص في آية الممتحنة "قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌۭ فِىٓ إِبْرَ‌ ٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ إِذْ قَالُوا۟ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَ‌ ٰٓؤُا۟ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَ‌اٰوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَحْدَهُۥٓ".

      الأسباب:

      والبعد السببيّ في نظر هذا التيار هو بعدٌ قريب الشبه إلى التصور السببيّ الصوفيّ، أو الأشعريّ، بشكلٍ لا-شعوري. والحق أنهم للتصور الصوفي أقرب، إذ الأشاعرة يفصلون بين السبب ونتيجته صورياً، ولا يرفعونه من صورة الأفعال بالتمام. بينما النظر الصوفي، وقريب منه التصور السلفي الجهاديّ الجديد، يعتمد على البعد الغيبي والمدد الإلهي بطريق مباشر، دون النظر إلى السلسلة السببية التي بنى الله سبحانه عليها الكون، وسننه في الدنيا والآخرة، وربط بها الأعمال ونتائجها، في الدنيا والآخرة. وهي سبب طبيعي ومباشر لتصورهم عن الواقع كما سيأتي.

      الواقع:

      أما عن نظرة أبناء هذا التيار للواقع، فهي مختلفة تماما عن نظرة الحركات "الإسلامية" التي ذكرنا. والحق، أنهم لا يكادون ينظرون إلى الواقع على الإطلاق، أعنى خارج دائرتهم الضيقة. فالواقع بالنسبة اليهم، شئ حادث، غريبٌ، يجب أن لا يكون موجوداً، بل يجب أن يكون معدوماً، وبتجاهله، يمكن أن يختفي. بل بمجرد إعلان دولة الإسلام، أو خلافة أو إمارة، أو ما شئت، ستختفي بقية دول العالم، بقدّها وقديدها، ولن يكون هناك، من ثم، داع لعلاقاتٍ أو تعاملات أو تطبيقات لولاء أو براء. بل هو مجرد غزوهم في عقر دارهم، في القارة الأمريكية، وأوروبا، ثم آسيا والصين، وهم، هؤلاء الكفرة، ساكتون لا يحيرون فعلا، ولا يردّون غزواً. ذلك هو، في حقيقة الأمر، تقدير هذا التيار للواقع الخارجيّ. إلا من آثر منهم التعامل بشكلٍ خفيٍّ مع "الواقع"، فأخذ مالاً، وعتاداً، ودخل بهما حلبة التيار السلفي الجهاديّ، من الباب الخلفيّ!

      وقد أفرزت الأحداث الأخيرة، علي الصعيدين العراقي والشامي، عدداً من الجماعات الإسلامية التي تحمل هذا التصور، تتراوح في أعداد منتسبيها بين العشرة والعشرة آلاف مقاتل، على أكثر تقدير. بدأت في قتال الروافض في العراق، ثم تابعت إلى الشام، ثم لحقت إحدى هذه التنظيمات، المعروفة بتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق "، إلى الشام، وخاضوا، ولا يزالوا،  معارك مع بقية الكبهات والكتائب المسلحة في الشام، على أصل أنهم "الدولة"، وأن بيعتهم هي "البيعة"، وأن أميرهم هو "الأمير"، بل أمير المؤمنين كما يسمونه.

      إلا أنّ كل تلك الأحداث، والتنظيمات التي أحدثتها، والأصول التي بنيت عليها تلك التنظيمات، عليها إشكالات عديدة، منها شرعية، ومنها واقعية، أعنى في تطبيق أحكام الشرع على مناطاتها. من ذلك مفهوم البيعة والإمامة والتمكين. لكن، الأهم، هو ما سنتناوله في بيان صحة تطبيق تلك المفاهيم على واقعنا الحالي، كما سنبيّن في المقال التالي إن شاء الله.

      يتبع إن شاء الله

      (2) الإشكاليات

      د طارق عبد الحليم

      13 رجب 1435 – 12 مايو 2014


      [1]  وسنطلق عليه "التيار الجهادي الجديد" اختصاراً.

      [2]  باستثناء قاعدة الجهاد في خراسان، فأبناؤها ومنشئوها قد خاضوا غمار التجربة عقدياً وعملياً، لأكثر من ربع قرن، بما يجعلهم ينتمون إلى مستو مختلف كلية عن هؤلاء الذين يتواجدون على الساحة اليوم في الشام والعراق واليمن ومصر وليبيا وبقية الساحة الإسلامية، من منتسبي هذا التيار.