فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      مقالات في السياسة والشريعة والحياة

      إذا صدّقنا قول من قال أن المقال هو روح الكاتب، تنسلُّ منه على الورق، فإن هذه المقالات التى نزفت بها الروح، وسال بها القلم، خلال ثلاثة عقود، في شتى الموضوعات، هي مادة الحياة التي عشتها طوال تلك الفترة المديدة من العمر. الفترة التي كنت، وما زلت، شاهداً عليها في تاريخ مصر، والعالم العربي، فترة فريدة في بابها، وإن كان كل عصر له ما يميزه عن غيره. إذ هي فترة تحولات رئيسة عامة، تغيرت فيها نظم، وسقطت نظم، وتبدلت ممالك إلى جمهوريات، وظهرت وجوه، وغارت وجوه. قامت ديكتاتوريات عسكرية في غالب أنحاء الأمة العربية، وغارت تلك المحاولات المتواضعة لقيام ديموقراطيات على النسق الغربي . هي فترة إذن ملأت التاريخ بأحداثها، حتى ضاقعنها التاريخ، وضاق بها المؤرخون، خاصة والتزييف والتعتيم والتدليس والمداهنة كانوا، ولا يزالوا هم السمة الرئيسة لما يُكتب عن أصحاب هذه الفترة وإنجازاتها، إن كان لها إنجازات. وهذه العوامل السلبيةكانت دائما هي داء التأريخ، وعدو المؤرخين. عشتُ سنيناً طويلة، تقرب من نصف قرنٍ من الزمان، أراقب الأحداث، وأسمع ما يردده الكبار، سناً أو علم اً، أو كليهما. وبطبيعة تكويني الذي يأبى إلا التحليل والإستدلال، وعلى أساس من القراءة الكثيفة المركزة التي عانيتها عقوداً متتالية في حقول العلم المختلفة، وبعونٍ من المنحى المهني الذي مارسته منذ أكثر من أربعين عاماً، وإعتماداً على تلك الخبرة المتراكمة من طول الترحال والتوسع في مخالطة الشعوب على مختلف طبوغرافيتها النفسية والثقافية، من الشرق، إلى أوروبا إلى أمريكا، تكون لدي العديد من الآراء والنظرات، في كثير من مجالات الحياة، في السياسة والإجتماع والدين، دونتها في مقالات وأبحاثٍ بلغت أكثر من مائة وعشرين مقالاً، وهى تلك التي استطعت تجميعها غير ما ضاع منها، وهي التي اشتمل عليها هذا الكتاب بين دفتيه. ولست ببدع في الكُتاب بإنتهاج هذا النهج من التأليف، فقد سلكه قبلي عدد من أقطاب الأدب والفكر، مثل عباس العقاد في "مطالعات في الكتب والحياة"، وأحمد أمين في "فيض الخاطر"، وعبد القادر المازني في "صندوق الدنيا"، وعبد العزيز البشري في "قطوف"، وغيرهم كثيرٌ ممن ترك بصمة خالدة في أدبنا وفكرنا الشرق ي المعاصر. وأسميح القارئ عذراً في أننى ما قصدت إلى ترتيب زمنيٍّ محدد، ولا موضوعي إلا ما كان من تلكم الفصول الستة التي قُسم  لها الكتاب، والتي تجمع شتات موضوعات تتعلق بحقل واحدٍ من المعرفة ما أمكن. ذلك إننى أردت أن يكون الكتاب بين يدي القارئ، كما كانت موضوعاته بالنسة لي، تنتقل من موضوع إلى آخر، حسب ما يعنّ على البال، وحسب ما تمليه الظروف السانحة وقتها، فينتقل القارئ بين صفحاته، كما تنتقل الفراشة بين زهور حديقة مليئة بزهور متنوعة، ترشف ما تشاء منها دون تقييد أو ترتيب. وهي طريقة أحسب أنها تليق بموضوع هذا العمل، الذي يغطى أبواباً متفرقة من الموضوعات، يجمعها فكر كاتبها قبل أن يجمعها أي شئ آخر. وقد قُسم الكتاب إلى ستة فصول، أولها "في السياسة"، حيث تناولت عددا من الموضوعات السياسية بين تحليل وإخبار، تخص مصر وغيرها في رقعتنا العربية، ثم "في الدين والحياة" وهو أكبرها حجما وأرحبها مجالا ، إذ تعددت موضوعاته من شرح أحاديث نبوية وآيات قرآنية، إلى مناقشات حول العربية وآدابها، إلى نظرات أصولية في مسائل العقيدة والدعوة، إلى غير ذلك مما سيجده القارئ في طيات ذاك الفصل. والفصل الثالث، "..للنساء فقط"، تحدثت فيه إلى النساء، نصفنا الحلو، في شكلٍ قصصي أردت به أن أنبه على قضايا تتناولها ك ل النساء، بين موافقة ومخالفة. وفي الفصل الرابع، "ارافضة في الميزان"، تحدثت عن الرافضة الأنجاس، ودورهم في إضعاف الأمة السنية، وتناولت بعض أكاذيبهم بالنقد والتحليل. وفي الفصل الخامس، "فن الإدارة"، انتقلت إلى موضوع شديد الغربة عما سبق، وهو يتعلق بما تراكم لدي من معرفة في مجال الإدارة، حيث تناولت عدداً من نظرياتها، وربطت في بعضها بين ما يراه الغرب في أبحاثهم وبين ما يدعو اليه إسلامنا الحنيف. وفي الفصل السادس والأخير، "من كتب الغربيين"، قمت بترجمة وتلخيص بعض مما رأيت أن يطلع عليه القارئ العربي لأهميته في معرفة ذلك المنظور الذي يرانا من خلاله الغرب، سلباً أو إيجاباً، نقلاً من لغته الإنجليزية إلى العربية. وبعد، فإني لا اريد أن أطيل على القارئ، فحسبه ما بين يديه من صفحات، أدعو الله سبحانه أن تكون لمن قرأها عوناً على الفهم، ومتاعاً للذهن. د طارق عبد الحليم تورونتو 10 رمضان 1434 الموافق 29 يوليو 2012