فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      بعد أن انقشع الغبار ..! 15

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      الجزء الخامس عشر:

      خلصنا في المقال السابق إلى أنه "على طبقة العلماء والمنظّرين أن يقوموا بهذا الدور التدوينيّ، في صورته الكلية على أقل تقديرٍ، وأن يراعوا فيه وحدة التوجّه، حتى لا يجد العامة أنفسهم أمام تصوراتٍ مختلفة ومفاهيم مشتتة متضاربة، وهو ما نراه ماثلاً أمام أعيننا في واقعنا المسلم اليوم. فترى "عالماً" يحث على الجهاد، وآخر يحذر من تبعاته، وترى، من ثمّ، جماعة تدعو للجهاد، حسب ما تسميه جهاداً، وجماعة تدعو إلى السلمية ونبذ الجهاد وتسميه "العنف".

      (21)

      ومن المهم هنا أن نؤكد على أمرٍ قد يفوت البعض، وهو أنّ الوقت الحاضر والواقع الحاليّ لا يسمح بأن يكون هناك حركة مقاومة مسلحة آنية، لأن هذا من غير المقدور عليه. إذ إنه لا عتاد ولا عدة متوفرة لدى الشباب، كما أنّ الشباب في مصر غير مدربٍ على المواجهات المسلحة، بينما العدو مدرب ومسلح أفضل تسليح. والأهم من ذلك أنّ عقيدة المواجهة المسلحة قد مسختها ممارسات الإخوان في عقول شبابهم، بل وعامة الشعب المسلم، على مدى العقود الثلاثة الأخيرة، بعد أن انحرف بهم الهوى والتخبط العقديّ إلى انتهاج السلمية النابعة من الديموقراطية الزائفة التي اختاروها نهجاً بديلاً عن النهج الإلهي المتمثل في مواجهة الشرك حين القدرة، وعدم مشاركته حين تخلف القدرة.

      الأمر إذن يكمن أولاً في اتخاذ الخطوة الأولى، ونراها الأصعب والأخطر، وهي اجتماع العلماء والمنظرين على خطة يمكن من خلالها توجيه الخطاب الشرعيّ بشكله السنيّ المتكامل، دون مداورة أو مناورة أو تفاوضية، فإنه والله ما قتلنا إلا المناورة والمداورة. وقد يستلزم هذا أن تكون جبهة العلماء غير معلنة أولاً، وأن يكون مقرها خارج مصر، حتى لا تتعرض للإجهاض في بداية عملها.

      ثم بعذ أن تتحرك هذه الجبهة فكرياً سواء في مواقعها الخاصة أو في إعلامٍ مخصص لهذا العمل، وتعلن عن أنّ الخيار البديل الأوحد هو بدء تكوين جيلٍ يؤمن بالنهج السنيّ الإلهي في التغيير، ويبنذ الفكر الإرجائي الإخوانيّ البدعيّ، وتؤسس الخلفية الشرعية لهذا النهج في زمننا الحاضر، وتخرج دروسها ودوراتها وكتيباتها لنشر هذا التوجه، يبدأ ساعتها العمل على الأرض لتكوين كتائب سنية عاملة. وساعتها يكون البحث عن مصادر العدة والتمويل.

      آنذاك يبدأ دور الطبقة الثانية من تلك الكبقات التي تحدثنا عنها، وهي طبقة القادة الميدانيين، ودور تجنيد الشباب المسلم وعمل شبكة يتناسق عملها ويتكامل مع جبهة العلماء والمنظرين. ثم تتحرك العجلة إلى مصادر الإعلام وغير ذلك مما ذكرنا.

      أعرف أن ذلك تصور على الورق في الوقت الحاليّ. ولكنه الممكن المتاح اليوم في ضوء الإمكانات التي نراها بين يدي طائفة الشعب المسلم، والله سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها. وما نحتاجه اليوم هو العزيمة الماضية التي تقهر شعور الإحباط الذي يتولد من العجز الآنيّ، والذي هو شعور طبعيّ، يري بالمرء في حضيض اللامبالاة وترك العمل، لعدم رؤية النتيجة على امتداد البصر.

      هنا يأتي دور الإيمان

      • الإيمان بأن وعد الله حقُ لا ريب فيه.
      • الإيمان بأن نصر الله قريب من المحسنين، قولاً وعملاً وتطبيقاً.
      • وأن النصر يأتي مع الصبر.
      • وأنّ الله لن يغيّر ما بنا حتى نغير ما بأنفسنا.
      • وأنه لا نتيجة إلا بعمل، فإن تخلفت النتيجة فذلك إما لأنه لا عمل، أو لأن العمل يسير في إتجاه خاطئ، ولا ثالث لهذين.
      • وأن الجهاد في مصر لدفع الصائل المستبد الظالم الغاشم طريق أوحدٌ لا بديل عنه بتلك الديموقراطيات الواهمة التي أوجدها الغرب الصهيو-صليبي ليضحك بها على شعوبه، ويسيطر به على شعوبنا.
      • وأنّ الله حرم قتل النفس إلا بالحق، وهو في موضع الجهاد/ ومن ثمّ فإن التظاهرات هي وسيلة مؤقتة لإزعاج السلطة الغاشمة الملحدة، على شريطة أن تكون هناك حماية مسلحة لها، وإلا فهي شرٌ محضٌ لا فائدة منه.

      هذا هو مقتضى إيماننا، بالله وبالرسول وبمنهج الإسلام.

      علينا أن نعزم على الخطوة الأولى، وإلا فسنحير في مكاننا، وندور في دوائر مفرغة، تظاهر، قتلى، ظهور دولة السيسي الملحد، تظاهر قتلي، استمرار للكفر والعهر وتعاظم دولة  يسرا وإلهام شاهين. إن من يعتقد أنّ هذه التظاهرات تفتّ في عضد هذه العصابة المجرمة، واهم وهماً قاتلاً، يصل إلى حد الغباء المفرط، كما عرفنا عن الإخوان سابقاً.

      ثم إلى المقال القادم إن شاء الله