فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      بعد أن انقشع الغبار ..! 9

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

       الجزء التاسع

      بعد تلك الجولة الخاطفة في تاريخ وحاضر الواقع المصريّ، وما تعيشه البلاد من نكسة لا تقارن بأي من نكساتها الحديثة، بدءاً من الإحتلال الإنجليزي في أواخر القرن التاسع عشر، إلى هزيمة 67 التي سحق فيها الكيان الصهيونيّ الجيوش العربية مجتمعة، فلننتقل إلى محاولة وضع تصورٍ الخروج من هذه الأزمة التي أصابت المسلمين باستهداف الإسلام أولاً وأخيراً من قِبَلِ قوى الكفر العسكريّ السيسيّ.

      (13)

      هناك اتجاهان في رؤية الحل، أحدهما يقع في دائرة المحتمل القريب، والآخر في دائرة الممكن البعيد. أمّا الإتجاه الأول، فهو الذي تصبو اليه قلوب وعقول الكافة من علماء ودعاة وعوامٍ وقادة المعارضة المسلمة، وهو أن يقع "أمر ما"، غير محدد، فيقلب الموازين، ويبدل توازن القوى على الساحة.

      هذا "الأمر"، له شكلان، إما أن يكون محض تَفضلٍ من الله سبحانه، بعد أن يعجز الناس عن نصرة الدين، فلا يكون هناك إلا "ربُ البيت يحميه".

      وإما أنه يقع حسب قانون الأسباب والمسببات، فهو لن يخرج إذن عن أحد الأشكال التالية:

      أن يحدث انقلاب أو تمرد في صفوف الجيش، يزيل القيادات الخائنة، ويعيد السلطة إلى أصحابها.

      أن تؤدى التظاهرات والسلاسل البشرية، التي لا تزال تخرج على استحياءٍ في أماكن متفرقة من البلاد، إلي زعزعة النظام، بشكلٍ ما، حتى تُسقطه. انهيار الإقتصاد، مما يؤدى إلى عصيانٍ مدنيّ.

      أو موجة من الإنفلات الأمنيّ الذي لا تستطيع أية قوة أن تسيطر عليه، فلا يمكن للدولة أن تظل متماسكة ككيان، فيسقط النظام تلقائياً.

      أو تدهور الحالة الإجتماعية وازدياد الإستياء من الإعتقالات وسفك الدماء فتخرج تظاهراتٍ لا تبقى ولا تذر. أو كل ما سبق مجتمعاً.

      فالأول منهما ليس لنا فيه يدٌ إلا الدعاء والتضرع، ثم أمر وقوعه هو لله وحده، حسب مشيئته الكونية، إن كنا مستحقين لهذا التفضل الإلهيّ.

      أما الشكل الثاني، وفيه تلك الإحتمالات الربعة، فإن الإحتمالين الأول والثاني في غاية الضعف. فالجيش لايمكن أن يحدث فيه تمرد، إذ هو في قبضة أمنية أشد وأعتى من قبضة الأمن على الشعب. والسيسي الملحد كان رئيساً للمخابرات الحربية، فهو يعرف كل قيادة، ومدى انحطاطها وإيغالها في الكفر. فهذا الإحتمال محض خيال لا حقيقة فيه.

      أما المظاهرات والسلاسل البشرية، فقد أصبحت مجرد رمزٍ لمقاومة قائمة في نفوس الناس، لا تأثير لها على واقع، إذ من العبث أن نعتقد أن تلك الحفنة من المتظاهرين، وراكبي الدراجات ستقضى على سيطرة السيسي اللعين، حيث لم تتمكن جموع رابعة والنهضة، رغم تضحياتهم وكثرة عددهم، أن يقضوا على هذا اللعين المارق وجيشه الملحد.

      أما الإحتمالان الثالث والرابع، فقد يكون فيهما بعض أملٍ أن يتحققا، إلا أنّ التجربة البشرية قد أثبتت أن الجيوش تتغلب في حالة الفوضى الإجتماعية وتقوى قبضتها في حالة الإنهيار الإقتصاديّ، إذ يصبح الجيش وحده هو صاحب الإمكانيات والمسيطر على الصادر الباقية للدولة، بينما يموت الناس جوعاً. وهذا السيناريو هو ما يسعى اليه الجيش الملحد، لا ما يريد تجنبه. كذلك في حالة حدوث انهيار اجتماعيّ وفوضى وسلبٍ ونهب، ساعتها يمكن للجيش أن يقتل بلا حدود، وأن يفرِض سيطرته على أماكن محددة من البلاد، يديرها من خلال منظومته الأمنية وعبيده من الشعب المُرتد الموازى. وهذه هي صورة الحكومة في المنطقة الخضراء في العراق على سبيل المثال. على أي حال من هذه الأحوال، فإنّ الوضع الحاليّ يجب النظر اليه، من قِبَلِ أصحاب النظر الشرعيّ، نظرة جديدة، لا تبنى على وضع قائم، بل تؤسس لوضع قادم.

      المنطلق يجب أن يكون من حقيقة أنّ الوضع القائم قد استقر للنظام الكافر، بلا خلاف على ذلك من العقلاء.

      المنطلق يجب أن يكون من حقيقة أنّ الشعب قد انقسم إلى طائفة مرتدة ردة حقيقية، بالولاء للكفار والرضة والدعم والتفويض للكفر العسكريّ السيسي البواح، وطائفة، وهي الأقلية، قد حافظت على دينها وأخلصت لربها، على خللٍ في تصوراتها.

      المنطلق يجب أن يكون من حقيقة أنّ العسكر لن يتنازل عن السلطة طوعاً واختياراً، بل كرهاً وإضطراراً. وهو ما سنتناوله في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.