فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      خبرٌ عاجل: عادل شحتو .. أول ضحايا حكم الإخوان

      خبرٌ عاجل: عادل شحتو .. أول ضحايا حكم الإخوان

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      كتبت من قبل أنّ هامش الحرية، في القول والتعبير، الذي رأيناه في الشهور الأخيرة، قبيل الإنقلاب العسكريّ على المجلس العسكريّ واستبدال الطنطاوى وعنان، وبعد تولى مرسى رئاسة الجمهورية، هذا الهامش سيستمر مدة تتراوح بين أربعة إلى ستة أشهر، تبدأ بعدها فترة التكميم والإعتقال وتلفيق التهم أشد مما كانت، وقد كان، فإن خبر القبض على الشيخ عادل شحتو [1] ما هو إلا أول الغيث.

      فقد دوهم منزل الشيخ عادل شحتو منذ أسابيع، ثم تمّ القبض عليه بعدها بأيام، ولم توجّه اليه أيّ تهم ساعتها، بل لم يكن هناك تهمة أصلاً لتوَجّه له. فاستمر قيد الحبس، ثم بعدها بأسابيع نزل خبر القبض عليه بتهمة تكوين خلية في مدينة نصر! تهمة ملفقة يظهر تلفيقها للصغير الجاهل قبل الكبير الواعي.

      نفس المنطق، ونفس الممارسات، ونفس الأسلوب، فما الذي تغير بعد "الثورة" وحكم "الإخوان المسلمون" الديموقراطيّ؟!

      لقد هيأ الإعلام لهذه المرحلة في الأسابيع المُنصرمة بالتركيز على ما أسمته أمن الدولة "السلفية الجهادية"، والتي مع الأسف الشديد، لم يكن الإخوة، الذين نسبوهم لهذا التيار، من الوعى أن يرفضوا هذه التسمية التي ألقت بظلالها على منهجهم الإسلاميّ الصحيح. وكان هذا التركيز الإعلاميّ الوضيع بإجراء أحاديث مع من حَسبوه على هذا التيار التي ابتدعته أمن الدولة، فتحدثوا إلى الشيخ محمد الظواهرى وغيره ممن هم أقل منه قامة في العمل الإسلاميّ، ونسبوا تصريحات لعدد من الإخوة كالشيخ داود خيرت، وهو منها براء، كما بيّن في بيانٍ[2] أصدره أخيراً على عدة مواقع. وكان أن ظهرت نوايا النظام الحاليّ، وإن لم تكن خافية من قبل على عين الخبير المُبصر.

      وكان القبض على عادل شحتو هو أول الغيث في فيضانٍ قادمٍ يتمّ فيه محاولة استئصال من تُسوّل له نفسه التحدث بمخالفة النظام الإخوانيّ القائم. وكما رأينا في الخبر المنشور، لم تكن هناك تهمة للشيخ شحتو، البالغ من العمر قرابة الستين، إلا "محاولة تكوين خلية إرهابية". ماذا بالله عليكم، تعنى هذه الكلمة؟! لقد احتارت الوفد في الأمر، فجاءت من عندها بتهم أخرٍ هي الأقرب للصواب، مفادها أنه "أطلق نشاطات للمطالبة بإطلاق بقية معتقلي التيار، ونسبت وسائل إعلام وصحف إليه تصريحات متشددة، اعتبر فيها أن الديموقراطية كفر وأنه لا بيعة للرئيس محمد مرسي إذا لم يطبق الشريعة الإسلامية"[3].
      سبحانك ربيّ! هذه هي التهم التي يواجهها عادل شحتو! محاولة لإنشاء خلية لا نعرف عنها شيئاً، ومطالبة بالإفراج عن المعتقلين، وإعتبار الديموقراطية كفر، وإنكار بيعة مرسى إن لم يطبق الشريعة! ألا لعنة الله عليكم من بشر! هذه بضاعتهم ردت الينا، ممارسات أمن الدولة عينها. تفتيش المنازل، القبض على المسلم، ثم تلفيق التهم بعدها.

      سبحانك ربيّ! يطالبون بأن تكون حرية التعبير مطلقة، بحيث لا يُجرّم من سبّ الذات الإلهية، أو من خرج عن دينه، أو من أنكر وجود الله رأساً وكفر به علناً، لكن الكفر بالديموقراطية ورفضها هو جريمة يعاقِب عليها القانون! هذا تطرف ديكتاتوريّ لم نسمع عنه في ديموقراطية من الديموقراطيات من قبل. إننا نعيش في الغرب، ننكر ما ننكر، ونرفض ما نرفض، ويؤمن البعض بالديموقراطية وينكرها البعض، ويدعو البعض إلى الإشتراكية أو غيرها من المذاهب. لكن أن يكون رفض الديموقراطية الشركية جريمة في مصر، فهذا أحطّ وأخبث وأسوأ ما يمكن أن يصل اليه نظام حكمٍ في تاريخنا، قد وصل اليه حكم مرسى في أقل من ستة أشهرٍ!

      سبحانك ربيّ! إنكار بيعة مرسى!! والله لا أدرى حتى معنى هذه الجملة! هل بايع أحدٌ محمد مرسى خليفة ونحن لا ندرى؟! إن محمد مرسى قد انتخب رئيساً للجمهورية المصرية، لا يخالف في ذلك عاقلٌ، لا شحتو ولا غيره. فما هذا الحديث عن بيعة؟ أية بيعة؟ وهل طلب مرسى بيعة من المسلمين؟ لقد اقترع على مرسى كافة من يعيش على أرض مصر، مسلميها وصليبيّيها ومنافقيها ومشركيها، ومن ثم صار رئيساً للجمهورية، فلا ندرى ما للبيعة في هذا الأمر؟ بل هو تمحكٌ بارد يراد به استثارة صغار العقول، وكأنّ الليبراليين والعلمانيين والصبّاحيين والبرادعيين وسائر كفار مصر، قد أعطوا مرسى البيعة!! عجباً والله، فهؤلاء قد انتخبوا غيره، ولا يزالون يردّدون أنّهم يريدون إسقاطه، فما لهؤلاء القوم لا يهاجمونهم ويعلنون خروجهم على البيعة، ويحشرونهم في سجون أمن الدولة؟!

      إنّ دولة المَباحث وأمن الدولة قد عادت لطبيعتها الأولى، متحكمة في مصر وفي أفكار الناس وآرائهم، وعلى وجه التحديد إن كانوا من المسلمين المخلصين لدينهم. ومن هذا المنظور يمكن أن نرى الإسلاميين اليوم قد انقسموا في منطلق التعامل مع هذا الواقع إلى ثلاثة أقسام:

      • قسمٌ أعلن قبول الدين الإخوانيّ بل ودخل فيه، فعمل بالديموقراطية واتخذها نهجاً وأسلوباً، كالسّلفية المنزلية والجماعة الإسلامية المخذولة.
      • وقسمٌ استخدم التقيّة، فتقبّل الوضع القائم، وباركَ الإخوان وتَعاون معهم شَكلاً، بل ولم ينكر إنشاء الأحزاب الديموقراطية، وإن تحدث برفض الوضع الديموقراطيّ موضوعاً، ليتجنّب المواجهة، ثم مارس الدعوة بشكلٍ مبتور ليحافظ على ذلك القدر من التعاون مع النظام تحت مُبرر التقيّة، كجماعة إحياء الأمة.
      • وقسمّ بقى على ما هو عليه من رفض صريحٍ للديموقراطية قولاً وعملاً، فكراً ومنهجاً، وقرر اتخاذ الدعوة إلى سبيل ربه سبيلاً، وإن لاقى على يد الإخوان وأعوانهم في أمن الدولة ما لاقى، أو زيّفت في حقه التهم ما زُيّفت، كما آلينا في التيار السُنيّ لإنقاذ مصر، حيث الدعوة الواضحة الصريحة العلنية لنبذ الديموقراطية الغربية الشِركية فكراً ومنهجاً، واستبدال المنهج القرآنيّ في الالتزام بأحكام الشريعة التفصيلية في الدستور والقوانين القائمة عليه، بهذه الديموقراطية الفاسدة.

      وهذا القسم الأخير همْ أول من سيُهاجم ويُعتقل ويُسجن، وتُلفق لهم التهم، وإن لم يكن من منهجهم أيّ خُطط بشأن أيّة صورة من صور "الإرهاب" أو التعدى على الأرواح والأموال. ثم سيأتى الدور بعدها على أهل التقيّة والتعاون، ثم على أهل التنازل والتخاذل، فإن هؤلاء الغادرين من الإخوان قد أطلقوا يد كلاب الأمن وأعطوهم شكاً على بياض كما يقال، أن يطهّروا الساحة من "الآخر" الإسلاميّ، وهم لا يعلمون أنّ الدور سيأتى عليهم حين تخلو الساحة إلا من الإخوان. حينها، سيكونوا أسهل فريسة لأشرس صيادٍ، لكن هؤلاء الإخوان لا يعقلون ولا يعتبرون.

       

      [1] http://www.alwafd.org/أخبار-وتقارير/18-عربى%20وعالمى/290767-اعتقال-جهادى-بتهمة-تشكيل-خلية-مدينة-نصر

      [2] http://www.almaqreze.net/ar/news.php?readmore=1946

      [3] الوفد - اعتقال جهادى بتهمة تشكيل خلية مدينة نصر