فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      المجاهدون الليبيون قرابين على عتبات الناتو

      تنبيه: هذا المقال كتبه الشيخ د. هاني السباعي العام الماضي محذراً المجاهدين من مصيرمخيف وأنهم سيكونون قرباناً لأمريكا وحلف الناتو.. وللأسف بدأ العلمانيون الحاكمون في ليبيا تطبيق خطتهم مستغلين ما حدث منذ أيام من غضب الناس نصرة لنبيهم وحصارهم للقنصلية الأمريكية في بني غازي وما أسفر عن قتل السفير الأمريكي.. ثم اتخذها حكام ليبيا الجدد ذريعة لحل الجماعات الإسلامية المسلحة. (مركز المقريزي).

       المصير المخيف

       المجاهدون الليبيون قرابين على عتبات الناتو

       بقلم د. هاني السباعي

       الحمد لله الذي أحيانا لنرى نهاية الطغاة وتهاوي عروشهم؛ تلكم العروش التي شيدت على أشلاء وجماجم الأبرياء! لقد عاصرنا وشاهدنا بفضل الله تعالى بداية ونهاية أنظمة طاغوتية فاسدة مفسدة مستكبرة في الأرض! (نظام مبارك ـ نظام زين العابدين ـ نظام القذافي)، هذه الأنظمة التي التي جثمت على صدور أمتنا، ونهبت خيراتنا وبددت ثرواتنا، وكممت الأفواه وسجنت الأحرار، وقتلت خيار أبنائنا ومشايخنا، وانتهكت أعراض العفيفات، وباعت البلاد والعباد لأعداء الأمة بثمن بخس! إنها حثالة من سلالة الخبث والخيانة قد استولوا على سدة الحكم وولغوا في دم شعوبهم، واغتصبوا حق الأمة بشعارات زائفة وبحماية قوى الاستكبار في الشرق والغرب! لقد وصل هؤلاء الحكام إلى حكم بلاد المسلمين على حين غفلة من أمر أمتنا!

      فالحمد لله ثم الحمد لله أن أذهب الله الخوف عن هذه الشعوب التي كانت ترزح تحت نير قوى البطش والظلم من قطعان الأمن وجلاوزة التعذيب!

      الحمد الله الذي أذاق هؤلاء الحكام كؤوس الذل والهوان! و لكي تعلم شعوبنا المسلمة أن الله رب هذا الكون وأنه المالك المتصرف في ملكوته! وأن هؤلاء الحكام الظالمين بشر؛ وأن عروشهم أهون من خيط العنكبوت! وأن الله من ورائهم محيط!

      بعد هذه التقدمة فسأستعرض مقالي هذا على النحو التالي:

      أولاً: لماذا ليبيا وليس تونس أو مصر ولهما الأسبقية في الثورة الشعبية؟

      ثانياً: ماذا عن مصير المجاهدين الليبيين بعد أن تضع الحرب أوزراها؟

      ثالثاً: صفوة القول.

       أولاً: لماذا ليبيا وليس تونس أومصر ولهما الأسبقية في الثورة الشعبية؟

      وهو عبارة عن عدة محاور:

      المحور الأول: تونس ومصر:

      لقد تم إزاحة النظامين في تونس ومصر بحركة احتجاج شعبي سلمي وليس نتيجة حركة عسكرية مسلحة! نعم! لقد قتل مئات وجرح آلاف من المتظاهرين في تونس ومصر لكن ليس بعفل الجماهير بل جراء عدوان قوات أمن النظامين! لم تكن هناك راية واضحة إلا راية المطالبة برفع الظلم وتحسين أوضاع الناس الحياتية ثم تطور الشعار عقب بطش قوة الأمن إلى المطالبة برحيل رأس النظام! ففر زين العابدين إلى الرياض! وخلع حسني مبارك في مصر! واضطر الجيش في البلدين أن ينضموا لمطالب الثوار أو بالأحرى اختطاف الثورة الشعبية وتحويل مسارها والاستجابة لمطالب الجماهير الثائرة مع كل حشد مليوني!

      فصار العسكر يمنحون الشعوب بعض حقوقهم بالقطارة! نقطة نقطة! أو قطعة قطعة!! ولذلك لا نجد تغييراً حقيقياً في تونس ومصر فلا يزال العسكر والبكاؤون العلمانيون يمسكون بزمام الأمور! وهكذا قد اختطفت الثورة وصارت عبارة عن حركة احتجاجية كبيرة طالبت بتغيير رأس النظام فتغير وزال! ولكن بقيت له رؤوس وأذرع في معظم مؤسسات الدولة الحيوية!

      ولما كانت الدول الغربية مطمئنة على مصالحها فمن ثم أعلنت ترحيبها بخيار الشعبين التونسي والمصري نظراً لتأكد الدول الغربية من وجود العسكر باعتبارهم  الحارس الأمين على المصالح الغربية وحماية الكيان الغاصب لفلسطين! فلا عجب أن يشيد أوباما والاتحاد الأوروبي بالأنموذجين التونسي والمصري!

       المحور الثاني: اليمن:

       أما في الدول الأخرى الملتهبة شعبياً مثل اليمن وسوريا وليبيا! فهذه أنظمة قمعية بوليسية شمولية تشترك في أنها عبارة عن حكومات قبلية عائلية طائفية! فمؤسسات الدولة ليست مستقلة كما في مصر وتونس!

      ففي الأنموذج اليمني؛ الشعب مسلح تقليدياً، وأنه يتظاهر منذ أكثر من ستة أشهر! ولكن ثورته لم تنجح في تغيير نظام علي عبد الله صالح! رغم أنه أضعف الثلاثة وأهونهم!

      فبالإضافة إلى أن السلطات مجتمعة؛ جيش، وشرطة، ومجالس تشريعية ومحلية، ومراكز اقتصادية واجتماعية في أيدي علي عبد الله صالح وأبنائه وأعمامه وخؤلته وعشيرته! فلم يتمرد عليه الجيش ولم يؤثر انشقاق أحد الضباط الكبار وبعض الفصائل في الجيش!

      لماذا؟ لأن الجيش اليمني خليط من العشائر والقبائل والطوائف التي تتحكم فيهم القبلية والمصلحة ومدى ارتباطهم بنظام الحكم!

      فولاء الجندي في الغالب لشيخ القبيلة وليس بالضرورة للضابط الذي يترأسه في كتيبته! ومن ثم لا نجد أثراً لهذه التظاهرات المليونية في صنعاء وعدن وتعز وغيرها! كما كان الأثر واضحاً في تونس ومصر رغم أن الشعبين التونسي والمصري ليسوا مسلحين! لكن قيادة الجيش ليست عشائرية ولا طائفية وتعمل فقط مع مصلحتها! لما رأت قيادة الجيش في تونس ومصر أن مصلحتها مع الجماهير الثائرة؛ أجبرت الرئيسين بالتخلي عن السلطة؛ أحدهمما بالهروب! والآخر بالخلع!

      كما أننا نجد أن الدول الغربية وأمريكا لا تزال تدلل علي عبد الله صالح ونظامه! ولم تشهر له العصا الغليظة المساة بالعقوبات الدولية ومطاردات المستر أوكامبوا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية؛ مستر أوكامبو المتخصص في ترويع الحكام العرب ودول العالم الثالث!!

      بالطبع  سكوت أمريكا والغرب  ليس حباً في علي عبد الله صالح!

      ولكن نظراً لموقع اليمن الجغرافي؛ وتشابه الطبيعة الجبلية الصالحة لشن حرب عصابات كما في أفغانستان، وموقع اليمن المتاخم للخليج وآبار النفط، والقواعد الأمريكية في العراق والخليج العربي، واشتراك السكان مع الدول المجاورة في الخليج والجزيرة؛ ديانة ولغة ولونا وعادات وتقاليد! بالإضافة إلى قرب اليمن  بالقرن الأفريقي، ووجود العمود الفقري لتنظيم قاعدة الجهاد في الجزيرة العربية ومقرهم الرئيس في اليمن ويخشون من إعلان إمارة إسلامية في اليمن ولو كانت صغيرة!، وتواصل الحركات الإسلامية الجهادية مع شباب المجاهدين في الصومال والخوف من تهديد البوارج الحربية والمصالح الغربية عبر السفن العابرة لمضيق باب المندب! كل هذه العوامل وغيرها تحجم الإدارة الأمريكية في الضغط على عبد الله صالح وإدانته والاستجابة للجماهير الثائرة!

       لكن أمريكا تعلم أن الشعوب تصمت كثيراً ولكنها إذا ثارت فإنها لا تبقي ولا تذر! ولن تهتم هذه الجماهير بهذه الحسابات الأمريكية والتقارير الاستخباراتية! فإذا ما تمخض الزلزال فإنه يدمر ويبتلع كل شئ في محيطه!.. لذلك نجد أن أمريكا أوكلت حكومة الرياض بتجهيز البديل المرضي عنه ليؤدي نفس الدور الخسيس الذي كان يقوم به حفيد أبي رغال علي عبد الله صالح!!

       المحور الثالث: سوريا:

       أما الحالة السورية فهو نظام طائفي نصيري تدثر بعباءة البعث القومي وبشعار جبهة الصمود والمقاومة! فنفس هذا النظام الطائفي الدموي هو الذي أباد أكثر من ثلاثين  ألف مسلم في حماة عام 1982م! على مرأى ومسمع العالم! لكن الذي تغير أن نفس هذا الشعب السوري المقموع أصاباته عدوى الثورات في تونس ومصر فتشوفت نفسه لنسيم التغيير! فتظاهر سلمياً في درعا وغيرها من المدن ثم تكررت ملحمة حماة مرة أخرى!

      ونظراً لأن الشعب السوري في أيامنا لديهم هواتف نقالة وصور متحركة ووسائل اتصال حديثة استطاع أن يوصل هذه الصور عبر وسائل العالم!

      فما كان من الأمريكان والقادة الغربيين  إرضاء للرأي العام الغربي إلا التنديد بالنظام السوري والمطالبة بتنحي بشار الأسد!

      ولكن ليس بالجدية التي فعلوها مع القذافي! فالحالة السورية التي خدمت مصالح الغرب والكيان الغاصب لفلسطين طويلاً تحتاج إلى العمل بتؤدة ومهل! على طريقة خطوة خطوة!!

      فالغرب الآن يعد البديل الذي يطلب منه حفظ حدود الكيان الغاصب لفلسطين وبقاء الجولان كما هي! والبقاء على ترويض المنظمات الفلسطينية بجميع طوائفها في بلد جبهة الصمود الكرتوني! والتشديد على مصطلح خيرا السلام الاستراتيجي!

      وسيكون دور تركيا في هذه المرحلة هاماً بل سيكون أقوى من دور آل سعود المعهود تاريخيا! وستطبخ في استنبول البدائل الجاهزة كحكام جدد لسوريا الجديدة!

      لذلك فبعد إعداد البديل المناسب وإرضا قادة (إسرائيل)! عن النظام الجديد الذي سيتم تسويقه عالمياً! سيستخدم الغرب نفس عصا مجلس الأمن والمستر أوكامبو! وحلف النيتو الذي كان عاطلاً عن العمل قرابة أربعين سنة! ومع أول تجربة له في أفغانستان فشل فشلاً ذريعاً راجع خسائره اليومية!! لكنه في ليبيا نجح لأنه يقاتل من الجو فقط!      

        المحور الرابع: ليبيا:

       أما في الحالة الليبية وهو موضوع هذا المقال؛ فالأمر متشابه في بدايته أي قيام حركة احتجاجية سلمية في 15 فبراية 2011م ثم تطور الأمر حتى استخدم نظام القذافي وكتائبه العنف والقتل ضد المتظاهرين فكانت الانطلاقة بتاريخ 17 فبراير 2011م.

      وتدخلت فرنسا وبريطانيا وأمريكا لدى الأمم المتحدة وفرضت حظراً للسفر وتجميداً للأموال على القذافي وأبنائه وكبار قادته، ثم أعقبه حظر طيران نظام القذافي في الأجواء الليبية! وقامت أمريكا بالمهمة في بدايتها ثم أسندت العلميات لحلف النيتو!

      ثم حدثت انشقاقات لدى كتائب القذافي وكبار قادته العسكريين مثل اللواء عبد الفتاح وانضم إلى المجلس الوطني الانتقالي  في شهر فبراير 2011م ويعتبر أكبر شخصية عسكرية انضمت للثوار.. وكذلك انشق عدد كبير من الضباط والجنود وانضموا إلى الثوار في بني غازي. ثم توالت الانشقاقات مثل موسى كوسا وزير خارجية نظام القذافي ورئيس المخابرات السابق، ثم عبد السلام جلول قبيل سقوط طرابلس والحبل على الجرار!!

      وقبيل ذلك تم تشكيل المجلس الوطني الانتقالي  والاعتراف به دولياً بقيادة المستشار مصطفى عبد الجليل وزير العدل السابق في نظام القذافي.

      وفي نفس الوقت تم تسليح الشباب الليبي الثائر وفي مقدمتهم شباب الحركات الإسلامية التي كان القذافي قد قمعها إبان حكمه، وكان على رأس هذه الحركات الإسلامية الجماعة الإسلامية المقاتلة التي كان معظم قادتها في السجون الليبية، وقد خرج كثير منهم قبيل الثورة وانضم إليهم عدد كبير من الليبيين الذين عادوا من خارج ليبيا من أوروبا وأمريكا والدول العربية وغيرها! وقسموا أنفسهم عدة ألوية وكتائب مثل كتيبة الشهداء بطرابلس بقيادة أنيس الشريف، وآمر لواء طرابلس ورئيس المجلس العسكري في طرابلس عبد الحكيم بلحاج الذي كان أمير الجماعة الإسلامية المقاتلة في باكستان وأفغانستان وبعد احتلال القوات الصليبية الغازية لأفغانسنان عام 2001م خرج من أفغاستان عبر عدة دول حتى خطف من بانكوك وسلم إلى ليبيا عام 2004م على متن طائرة خاصة! وها هو ذا بعد أن أطلق سراحه قبيل الثورة يقود ألوية المجاهدين!..

       بواعث الخوف:

       قبل الخوض في السيناريو المخيف والمصير المجهول للمجاهدين المشاركين في تحرير ليبيا من نظام القذافي؛ نسلط الضوء على بعض التصريحات التي تعتبر بمثابة التمهيد لمقصلة جديدة لهؤلاء المجاهدين:

       (أ) بتاريخ 28 يوليو 2011م:

       أعلن المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي المعارض عن مقتل رئيس أركان قوات المعارضة اللواء عبد الفتاح يونس مع اثنين من رفاقه. وحسب وكالات الأنباء فقد قال عبد الجليل ان يونس كان متوجها إلى اجتماع مع لجنة تحقيق بعد استدعائه حول بعض الأمور المتعلقة بالشؤون العسكرية عندما تعرض إلى اطلاق نار من قبل أحد افراد مجموعة.

      وذكرت الأنباء ان يونس كان قد اعتقل من قبل معارضين مسلحين لاستجوابه حول علاقات مشبوهة مزعومة لبعض افراد اسرته مع نظام الزعيم الليبي معمر القذافي.

      ويعرف عن اللواء يونس أنه كان أحد الضباط الذين شاركوا في انقلاب سبتمبر/ ايلول الذي قادة القذافي واطاح بالحكم الملكي السنوسي في عام 1969. وأصبح من أقرب مستشاري القذافي لمدة أربعة عقود، ورقي إلى رتبة لواء وتولى لفترى تدريب القوات الخاصة التابعة للقذافي، وعين وزيرا للداخلية وهو المنصب الذي شغله حتى انشقاقه عن النظام في 22 فبراير/شباط 2011 إثر اندلاع الثورة في ليبيا. ثم عين قائدا لقوات المعارضة الليبية في أبريل/نيسن 2011 لكنه تعرض لتشكيك من بعض الأوساط في ولائه للمعارضة بسبب صلاته بالقذافي.

      وقد اتهمه الثوار بأنه عميل مزدوج في المجلس الانتقال وكانوا يرفضون تلقي أوامره واتهموه بوجود اتصلات بينه وبين عملاء القذافي في أوروبا.. ثم قاموا بتصفيته! فلما علم مصطفى عبد الجليل بأن وراء علية قتل اللواء عبد الفتاح يونس بعض الثوار الإسلاميين! صرح في وسائل الإعلام بأنه لا يشرفه أن يكون رئيسا ً لمجس يرأس هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة! ووصمها بالهمجية! وبلغة تحريضية واضحة! 

       (ب) بتاريخ 20 رمضان 1432هـ الموافق 20 أغسطس 2011م:

        في خبر عادل على محطة الجزيرة أعلن عن بدء ساعة الصفر من داخل طرابلس حيث شرع الثوار داخل طرابلس عن ثورتهم! مع تكبيرات المأذن قبيل صلاة المغرب! ثم استضافت محطة الجزيرة شخصاً ملتحياً يرتدي لباساً عسكرياً قدمته الجزيرة بصفته آمر لواء طرابلس وكان هذا الشخص هو المهندس أو الشيخ عبد الحكيم بلحاج! الذي كان يكنى بأبي عبد الله الصادق وكان أميراً للجماعة الإسلامية المقاتلة! وكان في حواره مع قناة الجزيرة يتكلم بثقة وبلغة عربية سليمة مشفوعة بآيات قرآنية وأحاديث نبوية سلسة، وذكر أنهم اتفقوا مع الثوار في داخل ليبيا عل ساعة الصفر وأنهم قد أعدوا خطة محكمة لتحرير طرابلس وأطلقوا على عملية التحرير (فجر عروس البحر المتوسط) وكانت ساعة الصفر في 20 رمضان 1432هـ استبشاراً بفتح مكة في 20 رمضان سنة 8 هـ!!

       (ب) ظهور عبد الحكيم بلحاج أثار حفيظة العلمانيين:

       بالطبع قبل ظهور الشيخ عبد الحكيم بلحاج في قناة الجزيرة كقائد مشارك أصيل في تحرير ليبيا كان المتربصون بالإسلام قد أصابهم غم وهم بسبب رؤية الثوار وهم يصلون ويهللون ويكبرون وهم يغنمون أسلحة وعتاداً من كتائب القذافي! فأطلت أبواق البوم! تحذر من قوة الإسلاميين المجاهدين! وكان القذافي يخوف الغرب من الإسلاميين ويصمهم بعبارات نابية! ظل القذافي وابنه يصرخان: القاعدة في ليبيا! يريدون أفغنة ليبيا!! ورغم أن الدوائر الغربية لم تحمل تحذيرات القذافي محمل الجد! إلا أن هذا لا يعني أن الاستخبارات الغربية نائمة! بل مكر الليل والنهار!

       (ج) بتاريخ 21 أغسطس 2011م:

       عبد الرحمن شلقم الذي شغل عدة مناصب في نظام القذافي من سفير لوزير لمندوب دائم في الأمم المتحدة ثم انشق على القذافي! والشاهد هنا ما صرح به في لقاء في قناة الجزيرة عندما سئل عن آمر لواء طرابلس عبد الحكيم بلحاج؟ تكلم عنه بازدراء! وقلل من شأن عبد الحكيم ونفى أن يكون قائداً للواء طرابلس وذكر أنه مجرد جندي فقط ! وانه بعد التحرير سيرجع إلى عمله كمزارع!! وفي نفس اللقاء استنكر أنيس الشريف مسئول كتيبة الشهداء بطرابلس قول عبد الرحمن شلقم وقال هذه نظرة استقصائية! ثم أكد أنيس أن عبد الحيكم قائد فعلي وآمر للواء طرابلس للثوار والمجلس الانتقالي في بني غازي يعلم ذلك!!.

       (د) بتاريخ 22 أغسطس 2011م:

        في حوالي الساعة الثانية وعشرين دقيقة صباحا وفي اتصال قناة الجزيرة بالمستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي أثناء تعليقه على مكالمة هاتفية لمحمد معمر القذافي لقناة الجزيرة وأنه يطالب الأمان أثناء حصار بعض الثوار لمنزله! كان من بين تعليقات عبد الجليل وتشنجه: أنه لا يشرفه أن يكون رئيساً لهذه الجماعت الإسلامية المتطرفة!! وأنه سيستقيل إذا استمرت هذه الجماعات المتطرفة! وكرر نفس عباراته التي صرح بها عقب مقتل اللواء عبد الفتاح يونس!

       (هـ) بتاريخ 22 أغسطس 2011م:

        دخل الثوار الساحة الخضراء التي غيروا اسمها إلى ساحة الشهداء وهو الاسم القديم لنفس هذا الميدان! وكان على رأس هؤلاء الثوار الشيخ عبد الحكيم بلحاج وصرح من نفس الميدان ببشائر النصر والتمكين وأنهم لا يزالون يطهرون بعض الجيوب التي يختبئ فيها فلول نظام القذافي وكتائبه والطابور الخامس من اللجان الثورية الموالية للقذافي!!

       (و) بتاريخ 23 أغسطس 2011م:

        اقتحم الثوار حصن الباستيل!! باب العزيزية وهي القلعة الحصينة التي نسج إعلام القذافي حولها الأساطير بغة تخويف الشعب الليبي المسلم!! فها هم أولاء الثوار يقتحمون ويفتحون منطقة العزيزية قلعة السفاح؛ تلكم المنطقة التي التي احتمى بها القذافي على مدار 42 سنة! فدخلها الثوار مكبرين ومهللين! وإذا مراسل قناة الجزيرة عبد العظيم محمد يجري لقاء مع الشيخ عبد الحكيم بلحاج من وسط قلعة العزيزية!! وفي نفس الليلة يستضف مراسل قناة الجزيرة قائداً إسلامياً آخر من الثوار اسمه أحمد الساعدي آمر كتيبة 17 فبراير وهو أول من دخل قلعة العزيزية!! وصرح الساعدي أنهم وجدوا بعض عوائل كتائب القذافي من نساء وأطفال وأشاروا إليهم فلم يقتلوهم ولم يصيبوهم بأذى!!  

       الشاهد من ذكر ما سبق: من تصريحات وظهور بعض الإسلاميين كقادة داحرين لكتائب القذافي، ومشاركين في تحرير ليبيا من نظام  القذافي ومرتزقته!

      فلم يتحمل العلمانيون وأزلام النيتو هذا الظهور وهذه القوة الميدانية لهؤلاء الإسلاميين! فقد وصل التحريض المبطن من بعض وسائل الإعلام وخصوصاً محطة العربية! التي كانت تكرر أسئلة على الضيوف حول مصير هذه الأسلحة في أيدي هؤلاء الثواروالحركات الإسلامية المتطرفة!!  وحاولت التقليل من شأن دخول الثوار طرابلس وفتحها! وتسليط الضوء على هروب محمد معمر القذافي، وخبر ظهور سيف الإسلام القذافي الذي لم يعتقل بعد أن كان مصطفى عبد الجليل قد صرح باعتقاله!

      وبتاريخ 22 أغسطس 2011م صرح أيضاً مذيع قناة الجزيرة محمد كريشان وهو احد العلمانيين القوميين! أثناء تغطيته لدخول الثوار طرابلس ومداخلة محمد القذافي عبر الهاتف حيث وصف كريشان المجاهدين بالمتطرفين الإسلاميين!

       وهكذا فإننا نجد استنفاراً علمانياً لهؤلاء اللادينيين المنتسبين لهذه الأمة  حيث يتميزون غيظاً من ظهور هؤلاء الإسلاميين كقادة ميدانيين محررين ولديهم أسلحة وعتاداً ومعنوياتهم مرتفعة جداً! ولأن هؤلاء اللادينيين ومن على شاكلتهم! يعتبرون أنفسهم أوصياء على أمة الإسلام التي لم تبلغ الرشد بعد حسب زعمهم! فإنهم يستخدمون أسلحتهم الإعلامية وعلاقاتهم بحلف النيتو والأمريكان في التحريض ضد المجاهدين أينما كانوا!

      ولأن جماعات الضغط اللادينية المنتشرة في العالم الإسلامي قاصرة مفلسة! لم تقدم للأمة على مدار قرن مشروعاً يصلح شأن هذه الأمة ويخرجها من تبعية قوى الاستكبار الغربي! فعلى سبيل المثال المشاريع المدمرة والمشرذمة للأمة: مشروع القومية العربية وخيارات الناصرية التي هزمتها عصابات الهاجاناة واستولت منها على فلسطين في 1948م 1967م وضمت والجولان وسلمت سيناء منزوعة السلاح بعد صلح هزيل مهين! ومشاريع حزب البعث وتعاليم الرفيق مشيل عفلق وقتل الرفقاء في العراق وسوريا! وتقسيم اليمن والمجازر التي شنتها العصابات الشيوعية والأحزاب الحمراء! وهزائمهم المتكررة في كل حرب خاضوها حتى حرب العاشر من رمضان الموافق  السادس من أكتوبر 1973م التي انتصروا فيها أول النهار بصيحات الله أكبر خسروها آخره! لقد ضاعت فلسطين والعراق بأيديهم! ناهيك عن أفغانستان وغيرها!!  

      ولأنها  تخشى أن تتعاطف معهم جماهير الأمة في ليبيا وغيرها! فإن هذه الجماعات اللادينية لا تحسن إلا التحريض علانية في وسائل الإعلام المختلفة وكتابة التقارير السرية لبعض الحكام وأجهزة الاستخبارات الغربية، وحض هذه الأجهزة على الحرب الاستباقية، والاجهاز المبكر على أي مشروع إسلامي يظهر على الساحة ولو على استحياء!!

       ثانياً: ماذا عن مصير المجاهدين الليبيين بعد أن تضع الحرب أوزارها؟

       كنا نتمنى ولكن:

      قبل أن تكلم عن هذا المصير المخيف أو السيناريو المشؤوم فإنني أقول: نحن أشد الناس فرحاً بزوال الطواغيت وهوانهم! نحن أشد الناس فرحاً بزوال نظام الزنديق القذافي وكتائبه التي عاثت في الأرض فساداً!

      لكننا كنا نتمنى أن يتم ذلك التحرير والتخلص من نظام القذافي وكتائبه بسواعد الشعب الليبي المسلم، وعلى رأسهم الجماعات الإسلامية المجاهدة وليس بمساعدة حلف شمال الأطلسي ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي!

       كنا نتمنى أن يكون تحرير ليبيا من نظام القذافي بعد توفيق الله بأيدي المجاهدين وحدهم! ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه!

      لذلك فإنني أزعم أن هذا النصر على نظام القذافي سيعكره مساعدة خلف النيتو والدول الغربية التي شاركت في الضربات الجوية والعسكرية! بالإضافة إلى القوانين التي فرضها النظام الدولي على نظام القذافي ومتابعة المحكمة الجنائية الدولية له ولأبنائه ولكبار قادته!

       جدل افتراضي بين الثوار والناتو:

      فهذا النصر الذي حدث شارك فيها طرفان:

      الطرف الأول: فعلى أرض المعركة والميدان قام بهذا التحرير أبناء الشعب الليبي ورأس حربتهم الحركات الإسلامية بسبب خبرة قادتها في الجهاد في أفغانستان والشيشان والبوسنة وساحات جهادية أخرى.

      الطرف الثاني: حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي على رأسهم أمريكا وفرنسا وبريطانيا ثم إيطاليا وألمانيا بالإضافة إلى بعض الدول العربية التي كان له دور بارز إعلاميا وماديا مثل قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة.

       فهذان الطرفان مشاركان في هذا النصر!

      فلو ادعى الطرف الأول:  أنه من حقه حكم البلاد بالشريعة الإسلامية ونبذ القوانين المخالفة للإسلام لأنه لولاه ما تحقق النصر فهم الذين خاضوا المعارك بأنفسهم وهم الذين ضحوا وقتل خيارهم فدماؤهم روت تراب ليبيا! ومن ثم فهم أحق بالملك وأولى بالغنيمة من غيرهم؛ فالأرض أرضهم والبلاد بلادهم! ولم يقاتل معهم مرتزقة ولا أي جندي من حلف النيتو وغيره!

      أما الطرف الآخر وعلى رأسه حلف النيتو: سيرد عليهم لولا أننا وفرنا لكم الغطاء القانوني والعسكري ما استطعتم أن تخرجوا من بني غازي! وكان في إمكان كتائب القذافي وعتادهم أن يجعلوا بني غازي قاعاً صفصفاً! فلولا ضرباتنا الجوية وقنابلنا العملاقة الدقيقة التي كانت تضرب تحركات كتائب القذافي حيثما كانوا!! ما استطعتم التحرك على الأرض! لولا ضرباتنا الجوية المتكررة على قلعة السفاح في معقله في باب العزيزية ما ااستطعتم دخولها!!

      وهل تظنون أن حلف النيتو والدول الغربية شركات خيرية! ينفقون كل هذه الأموال الطائلة خلال ستة أشهر ثم تطالبون بحكم ليبيا بالشريعة الإسلامية! وتريدون رفع راية التوحيد! فأنتم واهمون! فحصة الأسد من الغنيمة للنيتو وحلفائه! وما يبقى من فتات وعظم يوزع على المجلس الانتقالي الذي يدين بديمقراطيتنا وطرائقنا في الحكم! وإذا دخلتم في حلفنا ورضيتم بطريقتنا فلكم حصة في الغنيمة!!

       وبعد هذا التطواف حول الجدل الافتراضي بين الطرفين فإن مصير المجاهدين المشاركين في تحرير ليبيا من طغيان القذافي وكتائبه يتوقع أن يكون على النحو التالي:

       التوقع الأول: تكرار سيناريو مأساة المجاهدين في البوسنة:

       من منا لا يتذكر اتفاقية دايتون عام 1995م وتعرف باسم اتفاقية دايتون للسلام، التي انتهى بموجبها الصراع المسلح في البوسنة والهرسك من 1992م حتى عام 1995م. وكان قد وقع فيها الأطراف المشاركة في الاتفاقية بالأحرف الأولى في 21 نوفمبر 1995م في قاعدة رايت بيترسن الجوية قرب مدينة دايتون الأمريكية. وقد ترأس الوفود المشاركة كل من سلوبودان ميلوسيفيتش رئيس صربيا، وقد اعتقل فيما بعد ومات في سجنه التابع لمحكمة لاهاي عام 2006م ، وفرانيو توجمان رئيس كرواتيا (مات عام 1999م)، وعلي عزت بيجوفيتش رئيس البوسنة والهرسك (توفي عام 2003م). أدت هذه الاتفاقية إلى تقسيم البوسنة والهرسك إلى جزأين متساويين نسبيا هما: فدرالية البوسنة والهرسك وجمهورية صرب البوسنة كما أدت إلى انتشار قوات حفظ السلام الدولية الإيفور. وشارك في هذه الاتفاقية المجحفة الظالمة بحق مسلمي البوسنة: الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.

      وكان من أهم بنودها تفكيك كتيبة المجاهدين في البوسنة وتسريحهم!

      ونظراً لتعاطف رئيس البوسنة الأسبق عل عزت بيجوفيتش مع المجاهدين وتضحياتهم في الدفاع عن مسلمي البوسنة فإنه طلب من الدول الغربية السماح لهم بمنح المتزوجين منهم بالحصول على الجنسية البوسنية!

      لكن ماذا حدث هل أوفوا؟

      لقد تم سحب الجنسية لمن أعطيت له! وتم سن قوانين تحرمهم من هذه الجنسية وشنوا حملة ترويع لهؤلاء المجاهدين بعد أن سلموا أسلحتهم!

       فلم يرض الغرب أن يعيشوا بين إخوانهم المسلمين مسالمين منزوعي السلاح! حيث أصروا على طردهم نهائياً من البوسنة، ومن بقي منهم كان رهن الاعتقال وترحيل بعضهم إلى جوانتنامو! وكان قادة الغرب يرددون (أوروبا نادي نصراني) فلن يسمحوا بأية كيانات إسلامية ولو كانت على سبيل الهوية القومية!

      فلم يرقبوا في هؤلاء المجاهدين وعوائلهم وأطفالهم إلاً ولاذمة! ولم تأخذهم فيهم شفقة ولا رحمة! فكانت مأساة كتيبة المجاهدين في البوسنة مرثية حزينة! وكان قد سبق هذه المأساة أيضاً مأساة المجاهدين غير الأفغان في أفغاستان، وتكالب الأمم على مطارداتهم واعتقالهم وقتلهم ولا يزالون يفعلون!!

      أما الوضع في ليبيا فالمجاهدون فيها ليبيون وليسوا من دول إسلامية وعربية أخرى! ولكن نظراً لحملات التغييب المتعمد لهوية الأمة واستئصال شأفة العقيدة الإسلامية من سدة الحكم! فإن المسلم؛ مجرد المسلم الملتزم! بالهدي الظاهر حتى وإن كانت له أفكار يداهن بها الأنظمة! فهو شخص غير مرغوب فيه! في مجتمعه وبين بني جلدته وفي موطن رأسه!

      فكيف بالمسلم المجاهد الآمر بالمعروف، الناهي عن المنكر الذي يعتقد أن الهلاك في نصرة الدين والاستمساك بالقرآن الكريم وصحيح السنة والنبوية هو النجاة! فسيكون مثل هذا المسلم المتسم بهذه الأوصاف أشد غربة من غيره! فطالما أعداء الشريعة الإسلامية يحكمون ويتسلطون وإن كانوا يسمون بأسماء إسلامية فهم أعداء هذا المسلم المجاهد وسيظل غريباً وإن كان يعيش في وطنه الذي ولد وترعرع فيه وصدق القائل:

       أي اغتراب فوق غربتنا التي ** لها أضحت الأعداء فينا تحكم

       التوقع الثاني: حرب إعلانية ضروس:

      شن حملة إعلامية على بعض قيادات المجاهدين والمطالبة بمحاكمتهم بقتل اللواء عبد الفتاح يونس مع إضافة تهم أخرى خلال فترة الحرب بغية تصفية هذه القيادات وإشغالها بهذه المحاكمات أو تغييبها وراء السجون والارتياح من تواجدها على الساحة وكأن الأصل في المسلم المجاهد السجن أو القبر!!.

       التوقع الثالث: سياسة الاحتواء والاختراق:

       محاولة احتواء واختراق قيادات المجاهدين بسياسة العصا والجزرة! وإعادة الاسطوانة الإعلامية التي يتقنها الإعلام المعادي للإسلام من تصنيف الإسلاميين إلى معتدل ومتطرف وإرهابي وإلخ!!

      فمن يقبل من قيادات هؤلاء المجاهدين الاندماج في الحياة السياسية الجديدة، ونبذ العمل المسلح، والرضا بالعمل مع المنظومة الديمقراطية التي يتزعمها العلمانيون من قيادات المجلس الوطني الانتقالي المعترف به دوليا! فستفتح له أبواب الوظائف العامة ويشار إليه بالوطني المحرر!

      كما حدث بعد انقلاب ضباط يوليو سنة 1952م واستقرار جمال عبد الناصر في الحكم وعرضه لجماعة الاخوان بعض الحقائب الوزارية وتمكينهم من الدعوة وكان قد حل كل الأحزاب إبان الملك فاروق بموافقة الاخوان! فرفضوا وأصروا على الحصول على بعض ما يسمى بالوزارات السيادية فنكل بهم عبد الناصرولم يحصلوا إلا على التعذيب في السجن والمعتقلات ومحاكم الثورة!!

      وهكذا فإن سياسة ترويض الحركات الإسلامية واستئناسها مجرب في العلم الإسلامي!! كما في الجماعة الإسلامية الباكستانية بقيادة الشيخ أبي الأعلى المودودي الذي شاركت جماعته في تحرير باكستان واستقلالها ثم كافأها العلمانيون الجدد بالحكم  على المودودي بالاعدام ثم خفف إلى 17 سنة!! حتى صارت الجماعة الإسلامية الباكستانية تتآكل مع مرور الزمن ومن ثم تحتاج إلى التحالف مع بعض الفصائل العلمانية بغية الحصول على بعض الفتات في حكومات الأقاليم!! وإخوان الأردن الذين يقدسون الملك وينزهونه!! فقد سبر الهالك الملك حسين أغوارهم ومن ثم أسند لهم بعض الوزارات فلم يفعلوا شيئاً مهماً لأن الأمر كله له! لذلك كان يتلاعب بهم حيث كان يسقطهم ويستبدلهم كما يستبدل أحدنا ملابسه! وترك لهم فرصة خوض انتخابات المجالس التشريعة ونجحوا بالفعل، كما فعل معهم المخلوع مبارك ثم يحل هذا المجلس حيث شاء!! فكانوا أقرب لشهود الزور منهم إلى شهود حق وتغيير!.. فكانوا أشبه بحلبة المصارعين في روما القديمة عندما كان يتسلى الامبراطور بصراع هؤلاء السجناء!! لكن الفارق أن السجناء كانوا يتصارعون جبراً .. أما الإسلاميون أنصار المجالس التشريعية فقد دخلوه اختياراً وطواعية!

       التوقع الرابع: التلويح باتهامات مستر أوكامبو!

       في حالة رفض بعض هذه القيادات الاندماج في الحياة السياسية الجديدة بشروط المجلس الوطني الانتقالي الذي سيوصف قيادته في المستقبل بأبطال التحرير وأوصياء الثورة! فسيتم متابعة هذه القيادات الجهادية وتشويه سمعتها شعبيا وإعلامياً والايعاز للمحكمة الجنائية الدولية بتوجيه الاتهام  لبعض هذه القيادات الإسلامية التي شاركت في تحرير ليبيا بزعم ارتكابها جرائم حرب! والادعاء بمخالفتها لاتفاقية جنيف بشأن معاملة الأسرى! فتضاف هذه الأسماء مع قائمة المطلوبين من نظام القذافي البائد!! كما حدث في إضافة بعض الأسماء الإسلامية من قيادات البوسنة واعتقالهم وتقديمهم إلى محكمة لاهاي مع مجرمي الصرب وصرب البوسنة! وهو نفس ما حدث في كردفان بالمطالبة باعتقال أسماء من الحكومة السودانية على رأسهم عمر البشير وأيضاً بعض القيادات المعارضة!! فالذي يرفض الاندماج ووضع السلاح فالمحكمة الجنائية الدولية جاهزة!!

       التوقع الخامس: إذا تميز بعض المجاهدين بأسلحتهم:

        إذا رفضت قيادات المجاهدين أو بعض القادة وتميزوا بأسلحتهم في الأراضي الليبية واضطروا لخوض حرب عصابات! فإنه من المتوقع أن تدخل أمريكا طائراتها بدون طيار القاتلة الحاصدة لأنفس المسلمين الأبرياء في أفغانستان وباكستان ولا سيما منطقة القبائل في وزير ستان وبلوشستان! وبالطبع ستترصد هذه الطائرات بعض القيادات لتصفيتها وتمدمر التجمعات التي يتمركزن فيها! مع عدم إغفال أن طائرات حلف النيتو لا تزال تسبح في سماء ليبيا!  نسأل الله السلامة!! (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال).

       صفوة القول

       في نهاية هذا التطواف الحزين! حول المصير المخيف للمجاهدين الذين شاركوا في تحرير واستقلال ليبيا عن نظام القذافي ومرتزقته! لا يزال الصراع بين الحق والباطل مستمراً! وما ذكرته من توقعات حول مصير مخيف؛ فإنها مجرد قراءة سريعة لواقع مرير تعيشه الأمة الإسلامية وأبناؤها الذين يتوقون لعودة الشريعة الإسلامية حاكمة في كافة المناحي الحياتية!

       فهل سيترك حلف النيتو وقادته ليبيا لأي مشروع إسلامي يكون له الكلمة العليا! فالغرب وعلى رأسهم أمريكا تعتبر بلادنا غنيمة باردة!

      فهل تشارك أمريكا والاتحاد الأوروبي وجناحهم العسكري النيتو من أجل عيون الليبيين ومن حماية الثكالى والأرامل والعجائز!!

      ليبيا دولة مترامية الأطراف وعدد سكانها قليل لا يتناسب مع مواردها الهائلة من بترول وطاقة! وأمريكا لها مشروع عقدي لتنصير المسلمين والتعجيل بظهور المخلص! بالإضافة إلى المشروع الاقتصادي! وهذا دأبهم وديدنهم! في احتلال العالم!

      كما أن أمريكا  رغم كسادها الاقتصادي الحالي وإفلاس العديد من شركاتها! إلا أنها لا تزال تريد محاصرة العالم الإسلامي وتقطيع أوصاله في أفريقيا ومحاصرة الحركات الإسلامية الرافضة لأية هيمنة أجنبية أو محلية! كما أن بلادنا بدائل سهلة في حالة تفكك الولايات الأمريكية كدولة قوية موحدة! فالأنجلوسكسون يخططون لمستقبل أجيالهم القادمة! ويعتقدون أن احتلالنا وبناء قواعد الصحراء والتحكم في البحار والمحيطات فرصة سانحة قبل أن يستفيق المارد ويخرج من قمقمه! وهكذا لا بد من الضربات الاستباقية وعدم التهاون مع أي مشروع إسلامية ولو حتى بالدعوة لإحياء الخلافة الإسلامية والحكم بالشريعة الإسلامية لذلك كان جورج بوش الصغير! وتابعه توني بلير يكرران دائماً أن الحركات الإسلامية تريد إحياء الخلافة الإسلامية من أندونسيا إلى أسبانيا وإعادتها إلى الإسلام! فهؤلاء القادة لا يريدون أن نفكر مجرد التفير في عودة الإسلام يحكم بلاد المسلمين!

      فأمريكا تريد بالطبع حصار قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي، وحصار شباب المجاهدين في الصومال، والجماعات الجهادية التي تتحرك في مالي والجزائر وموريتانيا والصحراء الكبرى! وإنشاء قواعد عسكرية مع دفن نفايات نووية في هذه الصحراء المترامية الأطراف وإجراء تجارب نووية وعسكرية وعلمية بدون رقيب ولا حسيب!

      ولا بأس أن يتم ذلك بموافقة بيادق موالية لأعداء الأمة وإن كانوا يصلون ويصومون ويحجون!

      فالخطر إذن جلل! والأمر يحتاج إلى الاستفادة من الدروس والعبر ولا سيما من التجربة الأفغانية واستقلال حركة طالبان في جهادها واستغنائها عن الأحلاف الغربية والشرقية! مع استمساكها وإصرارها على عدم التنازل عن الشريعة الإسلامية كقانون وحيد لا بديل له يسير شؤون الأمة الأفغانية بل والأمة الإسلامية بأسرها!

      كما ينبغى ألا نغفل دور دولة العراق الإسلامية ككيان مجاهد ينحت في الصخر! ويحارب من داخل العراق وخارجه! ورغم ذلك لا تزال باقية مجاهدة تنكأ في المحتلين وأعوانهم رغم التعتيم الإعلامي! فهذه الدولة تحتاج إلى دراسة عوامل بقائها رغم أن الدنيا رمتهم بقوس واحدة!

      وقد يقول قائل كل دولة لها ظروفها الخاصة وطبائع الشعوب قد تتوافق وتتشابه وقد تختلف! نعم! هذا صحيح! لكن الذي يحرك أمتنا الإسلامية على اختلاف طبائعها هو الإسلام وحده الذي صهرهم في بوتقة واحدة!

      وعلى أية حالة إنها مجرد صيحة نذير! ومحاولة لفهم الواقع والدعوة للمساهمة بإيجاد حلول للخروج من هذه الأزمات المتكررة! فالمسلمون محاصرون من عدو خارجي لا يرحم! ومن عدو داخلي أخطر وأجرم! وشعوب مستضعفة تائهة حائرة رغم حبها للإسلام!

      وأخيراً: هل مقدر للمجاهدين أن يصنعوا التاريخ ثم يأتي غيرهم لينسبوه لأنفسهم! وهل حقاً الثورات يصنعها الشرفاء ويقتطف ثمرتها الأوغاد! بتسآل مشفق مكلوم ماذا عسى المجاهدون أن يفعلوا بعد أن تضع الحرب أوزارها؟! أخشى أن يقدم الأخيار قرابين على عتبات حلف النيتو واللادينين الليبيين!  

       

      مركز المقريزي للدرسات التاريخية

      24 رمضان 1432هـ

      24 أغسطس 2011م

       

      http://www.almaqreze.net/ar/news.php?readmore=1909