فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      لهذا سأطالب بحلّ جَماعة الإخوان!

      لهذا سأطالب بحلّ جَماعة الإخوان!

      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      الولاء لله هو أعلى درجات الولاء التي يتقيد بها المُسلم في ديننا، وعلى أساسها وَحدها يعطى الناس صفقات أيديهم وقلوبهم لمن لا ولاء له إلا لله، وحده لا شَريك له، دون توافقية أو عمالة. والحاكم، أو النائب المُمثل للشّعب، حين ينتخب ممثلاً للشعب المسلم، هو واقع تحت مفهوم هذا الولاء لله، ثم البيعة للشعب الذي وضعه في موضع الولاية، ومن هنا تسمى ولاية، لأنها تقوم على مفهوم الولاء، لله من الكلّ أصلاً، وللشعب من الحاكم أوالنائب فرعاً.

      هذا من الناحية الشرعية، أما من الناحية التطبيقية السياسية، فإن تصرّفات الحاكم أو النائب يجبُ أن تكون محكومة بصالح الشعب ابتداءّ وانتهاءً، كما يراه هو شخصياً، أو حزبه، الذي انتخب على أساس توجهاته. لا يجب أن يكون خاضعاً لأي "تعليماتٍ"، من أيّ جهة أخرى مخالفة لما يدين به لله، أو بما انتخبه الشعب على أساسه. الشعب لم يرشّح أحداً ليأخذ أوامره من غير نفسه وضميره ورؤيته، ويكون خادماً مطيعاً لسيدٍ من خارج دائرة الحكم. هذا بالضبط ما كان على عهد المخلوع، وكلّ مخلوع آخر، تعدّد الولاءات، والخضوع لرأي شخص آخر، فرد أو جماعة. هذا هو عين الديكتاتورية التي تحاول مصر عبثاً أن تهرب من تحت وطأتها، فتتخلص من الحزب الوطني، لتظهر لها جماعة الإخوان الليبراليين البرلمانيين! حسرة عليك يا مصر!

      من هذا المفهوم، فإن تعدد الولاءات من حاكمٍ أو نائبٍ، أمر يجب أن ينتهي في نظامنا الحَاكم، شرعاً وعقلاً، ديناً ووضعاً. لا يصح أن نترك أحداً من خَارج دائرة الحكم والمسؤلية يتحكم في قراراتٍ سياسية تتعلق بمصالح الشعب وبمصيره. ومن هنا فإن ذلك الإعلان الذي صدر عن جماعة الإخوان الليبراليين البرلمانيين مؤخراً بمنع أي من نواب حزب الحرية والعدالة (!)، أن يوقع لأحدٍ إلا بإذن الجماعة، لا الحزب، هو تحقير لنواب هذا الحزب، وتعريفاً بقدر استقلاليتهم المعدومة، واستهتاراً بقطاع الشعب الذي انتخب هؤلاء الإمّعَات، ليمثلوه في البرلمان، وهو لا يعلم أنه انتخب المشير محمد بديع، والمشير محمد بديع وحده لا أحد معه!

      الإستقلال في الإرادة والتصرف، هو الأصل في الإسلام، إذ إن "كلّ نفس بما كسبت رهينة"، "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"، هذه كلياتٌ عامة ثابتة أقوى مما يؤول به هؤلاء المتأول، المُحرفون لشرع الله، عن السمع والطاعة، التي يركّعون بها منتسبيهم، ويجرّدونهم من الكرامة التي تقوم عليها أمانة التكليف.

      الإستقلال في الإرادة والتصرف، هو الأصل في نظم الحكم التي تقوم على مفهوم "الديموقراطية"، رغم مخالفتها للإسلام. ولا نكاد نعرف رئيساً أو نائباً في العالم كله، يخضع لأوامر من غير دائرة الحكم كالحزب نفسه. وقل لي بالله عليك، ماذأ إذا انتخب أحدٌ من الإخوان كرئيس للجمهورية، لا قدر الله ولا كان، هل ستأتيه الأوامر من المشير بديع، ليفعل أو لايفعل؟ من هو صاحب السلطة الحقيقية في مجلس الشعب، أو الحزب أم مكتب الإرشاد؟ "عكعكة" سياسية وشرعية تعكس الإنهيار الشرعيّ الذي تعيش فيه هذه الجماعة، بلا ثوابت ولا التزامات، إلا ثابت الإلتزام بالولاء لفرد، هو خليفة البنّا، مشيرهم المُرشد.

      ليست هذه سياسة ولا هي شريعة، إنما هي عسكرية مغلفة برياء ومداهنة، مرتدية مسوح دين الإسلام، دون تقيدٍ بأي من ثوابته، التي يتلاعبون بها كما يشاؤون. وهم في هذا في غاية التفاهة السياسية، كما ترى في موضوع إعلان مرشحهم "لهوهم الخفي"، الذي سيفجرون مفاجأته عشية يو الترشيح! بالله عليكم هل رأينا في أي جمهورية أو دولة محترمة مثل هذه التصرفات إلا ما كان من مبارك، حين رفض حزبه الإعلان عن اسم المرشح، سواءً جمال أو حسنى، لإعتبارات تخدم أغراضهم؟ هي إذن سياسات الحزب الوطني كما قلنا. تبّت أيديهم وتبّوا جميعاً.

      القانون لا يجب أن يسمح بمثل هذه العلاقة المريبة التي تتدسس من الخلف لتوجه إرادة الشعب وتلتف حولها، لتكون ممثلة لإرادة مكتب إرشاد أو مرشد إخوان. القانون يمنع السيطرة على القرار المصريّ، من قبل فرد أو جماعة مهما كانت. من هنا يجب أن يكون القانون واضحاً في التعامل مع الأحزاب التي هي مجرد واجهة تمثيلية لجماعة خارج دائرة السلطة التي أعطاها الشعب ثقته وصفقة يده.

      لهذا السبب الشَرعيّ والقانوني والسّياسي، أرى أنّ هذه الجماعة، هي الآن مركز قوةٍ خارج منظومة الحكم، تَرسم السياسات خارج الدائرة التي رشحتها الناس، فهي أجدر بأن تُحلّ رأساً، أو أن تتغير رخصتها إلى جماعة دعوية صِرفة. بل أن يكون أحد متطلبات الترشيح للبرلمان أن لا ينتمي اليها، أو إلى غيرها أي مرشحٍ لضمان استقلاليته وحفظاً لقراراته من العبث بها.

      هذا الأمر، هو ما يجب أن تطالب به الجِهات المُعنيّة، بل وما أعتزم أن أتقدم به شَخصياً، في الأسابيع القليلة القادمة، كمواطنٍ مصري، إلى القضاء، للعمل على رفع يد هذه الجماعة عن السياسة المصرية، وتركها تعمل حرّة بما فيها من مسلمين، وإسلاميين، ينتمون لكل الإتجاهات التي تُخالف توجّهاتهم. وها هم يضربون برأي القِطاع العريض من الشّعب الذي يرى في حازم أبو اسماعيل ممثلاً للتوجّه الإسلامي السّني (مع تحفظاتنا العقدية على اتجاهاته البرلمانية)، عرض الحائط، ويسبتدلون الذي هو أدني بالذي هو خير، "لهوهم الخفيّ"، لا لشئ إلا لصالح جماعتهم أولاً ووسطاً وأخيراً! حزبية، وضيق أفق، وتعصب، وفرقة ما بعدها خطوة إلا المُروق من الدين.

      هذا النوع من الديكتاتورية الجماعية، لن يكون إلا حَسرة على السّياسة المصرية، بل وعلى حرية الفرد عامة، إذ إنْ كانت هذه معاملة هؤلاء لأبناء جماعتهم، بل ومن عِليَة منتسبيهم، بهذا التحقير وإضاعة الكرامة والإستقلال، فماذا نتوقع منهم ضِدّ الناقد المُخالف؟ لا والله لن يكون إلا حَضّ نوابهم على الفتك بمُعارضَتهم في كلّ مجال. فماذا إذن جنت مصرُ على نفسها، بإختيارها ممثلى هذه الجماعة الديكتاتورية النهج، الليبرالية الهوى، البدعية العقيدة؟

      د طارق عبد الحليم

      3 مارس 2012

       الصورة عن أخ أرسلها على فاسبوك، لا أعرف اسمه