فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      ماذا خَسر الإخوان .. بالسقوط في الميدان!

      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      لا أدرى إن كان الإخوان على عِلم بما خسروا في موقفهم هذا من الثورة، ومن الشعب، ومن الميدان، ومن الشريعة، ومن مصر كلها؟

      سمعنا أنّ الإخوان، جماعة حصيفة سياسية من الدرجة الأولى، تحسب خطواتها، وتضْبط حسابات مَكاسبها وخسارتها. فهل يا ترى هذا ما آلت اليه حساباتهم، وانتهت إليه سياستهم؟

      • هل كان في حسابات أهل السياسة والحَصافة أن يهتف الشَعب بسقوطهم، هم والعسكر في يوم واحد؟
      • هل كان في حساباتهم أن ترتفع الأحذية في وجوه منتسبيهم في الشارع المصري؟
      • هل كان في من تصوّراتهم أن يقنُتَ عليهم إمام التحرير في صَلاة العصر؟

      ما الذي كان في مُخيّلة مُشير الإخوان، ومَجلس إرشادهم، حين تصوروا أنّ إنتخاب نسبة من أبناء الشعب لممثليهم تعنى بالضرورة تسليم رقابهم ومستقبلهم ودينهم لهؤلاء السياسيين المتلاعبين الممالئين للسطة العسكرية؟ خلطوا في هذا بين أفراد الشعب الذين رأوا أن من تحدث باسم الله، لا بد أن يكون ناصراً لشرعه، مخلصاً لدينه، وبين أفراد جماعتهم، الذين هم سماعون للأوامر، تباعون لقادتهم، على مذهب "ياله من ببغاء & عقله في أذنيه".

      أظَنّ، مُشير الإخوان، ومجلسه، أنّ فِعلَتَهُم التي فَعَلوها في "كامب سليمان"، وهم مُعتدون، سَتُخيِّل على كُلّ أبناء مصر، ودعاتها، وأن لن يكشف جُرمها أحدٌ؟ لا والله، بل لا زال في مصر قومٌ يَتَوسّمون، يعرفون الحقّ بدلالاته، ويعرفون الباطل بهَلهَلاته وضَلالاته. كشفنا صَفقتهم مما تعلّمنا في مصطلح الحديث والأصول، من أن الإجتماع له قوة أكبر من مجموع أفرادها، وأن إقتران الأدلة يقويها وإن ضعفت آحادها، وأن التواتر في إستقراء معنى يجعله يصل إلى درجة القاعدة الكلية العامة، التي لا يمكن معارضتها، ولو بنصٍ جزئيّ، وهو محل قوة التواتر وحجية الإجماع. قد استقرأنا قرائن لا تحصى على هذه الصفقة، بما يجعل حقيقتها آكدُ حتى من أن يعترف بها أحد أفرادهم. لكن من أين يتأتى لهؤلاء بعلم شرعيّ؟

      أيظن هؤلاء، أنّ من يخرج ضدهم اليوم هم العلمانيون؟ لا والله، بل هم أفراد الشّعب الذين شَعروا بالخِيانة، خَاصّة أهالى الشهداء، من ناحية، وأولئك الإسلاميون ممن لا ينتمى إلى تَجمّعِهم، وما أكثرهم في الشّارع المِصريّ، من ناحية أخرى.

      لقد خسر الإخوان، بتصرفاتهم الأخيرة، أضعاف ما خسروا من قبل. بل أحسبهم قد غَلّقوا أبواب الإنتساب لجماعتهم بأيديهم، وانحصر مؤيدوهم فيمن انتسب اليهم قديماً، إذ قد جَفّ المنبع، إلا أن يتحركوا من خلال الإغراءات المادية، بعد أن يستولوا على الإقتصاد المصري من خلال "شاطرهم" ورَبْعِه، ثم يستخدمون خُدامهم من أبناء تَجمعهم، تماما كما كان يفعل الحزب الوطنيّ.

      خسر الإخوان الثقة التي أولاها لهم أفراد الشعب، من غير المنتمين لهم، أسرع مما كان في خيال أحد، إذ لم يأخذ الأمر إلا أسبوعا أو اثنين، حتى انكشف أمرهم، ورُفعت الأحذية في وجوههم، ودَعا الناسُ الله عليهم، وسَبّتْهُم الدَهماء، فياله من سقوط سريعٍ مريعٍ، كأنهم جُلمودُ صَخرٍ حَطّه السّيلُ من عَلِ!

      لكن هل تأثر هؤلاء القوم بما لحقهم من خُسران؟ لا أظن. فكما عرفنا عنهم، هم قد ربحوا في ميزان أنفسهم، إذ الرابحُ هو من وصل إلى هدفه، لا إلى أهداف الآخرين، وهُم، من هذه الناحية، قد أفلحوا في الوصول إلى البرلمان، رئاسة ولجانا فرعية، وأغلبية نيابية، فكيف بالله عليكم يقال أنهم خاسرون؟ إلا من وجهة نظر الشعب المخدوع، ثم أولئك الإسلاميين المثاليين، الذين يريدون أن يَنْفُذَ حكم الله في الأرض، وأن يكون التشريع حقٌ لله وحده.

      خسر الإخوان، وانكشف مكرهم، وظهر عوارهم، وقد ثاب الكثير من الناس، بعد تلك الإنتخابات التي أذهلت الناس عن الخروج إلى الشوارع ضد العسكر، إلى ما فرطوا فيه، إذ قد وقع الناس في التفريط مرتين، مرة حين تركوا الطريق الحقيقيّ للتغيير، عبر التظاهرات المسالمة والتجمعات الشعبيّة، ومرة أخرى حين انتخبوا من ليس بثقة، فعادوا إلى مربع الصفر مرة أخرى.

      إن التغيير لن يحدث إلا كما حدث أول مرة، ثورة حقيقية عارمة، تسالم من يسالمها، ضد مكر العسكر، ومكر  قيادة الإخوان الممالئين لهم. أما تلك المحاورات والمداورات التي تجرى تحت قبة ذلك البرلمان، فإني أكاد أسمع المُشير المُرشِد "محمد بديع الطنطاوى"، يداعب من حوله ضَاحِكاً "خليهم يتسلوا ..."!