فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      جبهة علماء الأزهر ترفض إطلاق وصف "شهيد" على الضابط المصري ضحية الحدود

      كتب صبحي عبد السلام ومجدي رشيد (المصريون): : بتاريخ 29 - 12 - 2008

      قالت "جبهة علماء الأزهر" أن الضابط المصري الذي لقي مصرعه أمس الأول في اشتباكات مع الفلسطينيين على الحدود مع قطاع غزة "لم يكن شهيدا"، وذهبت إلى القول بأن وفاته جاءت "في غير طاعة الله لأنه لم يكن يدافع عن شرف العروبة أو عز الإسلام"، بينما وصفت الفلسطيني الذي لقي مصرعه في الاشتباكات بأنه شهيد. وكان ضابط حرس حدود مصري برتبة رائد يدعى ياسر فريج، قتل مساء الأحد في تبادل لإطلاق النار مع مواطنين فلسطينيين، عند بوابة صلاح الدين على معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، كما قتل فلسطيني آخر برصاص الجنود المصريين، بالإضافة لإصابة العديد من الطرفين، بعد رفض القوات المصرية السماح للفلسطينيين الفارين من القصف بدخول الأراضي المصرية.

      وقالت الجبهة في بيان عنيف وغير مسبوق أصدرته أمس، إن "الضابط البائس راح دمه رخيصا بسبب طاعته وتنفيذه لأوامر جائرة وتعليمات فاجرة، بعد أن رفع سلاحه في وجه شقيقه الفلسطيني الذي فر إليه من عدوه"، واصفة الحدود التي كان يدافع عنها الضابط وزملاؤه بأنها صنع من الاستعمار البريطاني. ووصفت الجبهة، ساسة الحزب "الوطني" بأنهم "حادوا الله ورسوله فاستجاروا بأعدائهم من أوليائهم وإخوانهم"، وحذرت كل جندي وضابط مصري من "أن يخسروا شرفهم الفريد بأن يندفعوا في إطاعة الأوامر الصادرة إليهم بغير أن يعرضوها على دينهم وقلوبهم"، كما قال البيان. واختتمت الجبهة بيانها بشن هجوم على من أسمتهم بالموظفين من بعض الشيوخ الذين قالت إنهم "لا يزالون يلزمون جانب الصمت ويخرصون خرص القبور ورضوا لعمائمهم أن تكون على أصنام"، وهاجمت من وصفتهم بـ "دهاقين السياسة في مصر وغيرها من البلدان العربية والإسلامية".

      الأزهر الشريف في قضية موالاة اليهود وأشياعهم

      في ربيع الأول عام 1380هـ- سبتمبر 1960 م أصدر الأزهر الشريف هذا البيان الذي يُعَدُّ من ثوابت الدين وأصوله، وقد نشر بمجلة الأزهر الشريف بالمجلد الثاني والثلاثين الجزءان الثالث والرابع ص 263.بتوقيع إمام المسلمين الأكبر الشيخ محمود شلتوت. نعيد نشره اليوم عل رجاء أن يجد آذانا صاغية، وقلوبا واعية، قبل أن تقع فينا الواقعة التي لاحت في الخافقين نُذُرُها، فإن الموالاة التي حذَّر منها الأزهر من قبل في هذا البيان، وأعلن في حق أصحابها حكم الله؛ قبل أن تبلغ تلك الموالاة ما بلغت من دين القوم ومروءتهم، هذه الموالاة قد استطار شررها، واستفحل اليوم خطرها، وغدت تهدد كلَّ منصب ومقدارٍ بإذن ربها، حيث أوفت تلك الموالاة على الغاية، وشارفت المنتهى في عالم الدناءة والخسة، بتلك الجريمة المتكررة، التي يعاني فيها أبناء غزة كل أنواع الحرمان، وآلام التجويع والحصار، وإخوانهم وآليهم على مسمع منهم في عالم اللهو سادرون، ما بين دولة تنفق عشرين مليون دولار في ليلة واحدة افتتاحا لفندق، والآخرون الأقربون من جيرانهم قد شغلتهم المهرجانات السينمائية، وكؤوس الأقدام، وقضايا الخنا عن معالي الأمور، القضاء الإداري المصري ينتصف لنفسه ولشرف مصر قبل غيرها من شناعة الهوان في قضية بيع الغاز للمجرمين؛ والحكومة المصرية تسارع بالاستشكالات على الكم النزيه استبقاء لمعالم الهوان، واستدامة وإحكاما لجريمة الحصار، وذلك لأنها أعوزها سراج في النهار المبصر، والمروءات وشارات المعاني عندها صارت متجرا، وأصبح أكثر ما في حوزة خُزَّانها هو العار الأكبر.

      قال البيان الحجة :

      "إن للأمة الإسلامية شخصية قوية كوَّنها الإسلام عن طريق محو التعصب للجنس، والاعتصام بمبدأ الخير العام، والرحمة الواسعة، والعدل المطلق، ( وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(آل عمران: من الآية101) وبذلك تكون الجماعة الإسلامية مهما اختلفت أجناسها، وتباعدت أقاليمها، وتباينت ألوانها وألسنتها؛ تدور في اتجاهاتها وأعمالها في مدار المبدأ الثابت الذي لا يتغير، ولا يزول، ولا يعتريه نقص ولا أفول، فتسري إليها روحه فتنشط في رفع شأنها، والقيام بواجبها، تعمر ولا تخرب، وتصلح ولا تفسد، وتعدل ولا تظلم، وتعرف ما لها وما عليها من حقوق وواجبات، وبذلك تسمو الحياة، و يسعد الناس.

      وفي سبيل هذا المبدأ الذي يدعو إلى الترابط على أساس من الخير؛ أمر القرآن بالتضحية في هذا السبيل بالنفس والمال والولد، وجعل الإخوة الإيمانية هي الأساس، يحس كل إنسان بإحساس أخيه، كما تحس كل أمة بإحساس غيرها، فيعم السلام الأرض، وبهذا كله تتحقق للمسلمين شخصية بارزة، لها هيبتها ومكانها، ولها سلطانها وآثارها، وتتحقق بها سعادة البشرية عامة.

      وصونا لهذه الشخصية أن تتعرض للضعف والانحلال حرص القرآن على تقويتها، وحذر التحذير كله من الميل إلى ما يضعفها، أو العمل على ما يفسدها أو يقلل من شأنها.

      ولقد كان من ابرز ما حرص القرآن على التحذير منه موالاة الأعداء الذين يكفرون بهذه الشخصية التي كوَّنها الإسلام وبناها، ودعَّم بناءها في رباط قوي، وتماسك متين، من مثل قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) (آل عمران:118).

      وتقديرا لهذه الشخصية واحتفاظا بها، وإحياءً لهذه المعاني السامية التي تظل بها الأمة الإسلامية مرهوبة الجانب، شديدة القوة، نهى عن هذه الموالاة، ولو لمن كانوا آباءً يجب برُّهم، أو أخوة تلزم صِلَتُهم ومودتهم فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (التوبة:23) ، (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة:22).

      ولكن الأهواء الذاتية، والمصالح الفردية قد تسد على بعض الأشخاص طرق الهدى، وتعميهم عن مواطن القوة والإيمان، وتصم آذانهم عن دعوة الخير، وذلك حين يتخلَّوْن عن الاعتصام بالله واتباع هداه، فإن الاعتصام بالله دائما طريق الخير، وسبيل الفلاح، فإذا ما طغت المصالح الفردية، وسيطر الهوى على بعض النفوس؛ ألقوا بأنفسهم بين أحضان الأعداء، مسارعين إلى ما يرجون من تحقيق نفعٍ خاص، وبذا يتعاونون معهم على حساب دينهم وأمتهم(فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) (المائدة:52).

      إن من أشد الناس عداوة لنا اليوم في مصطرع الحياة ومعتركها، وفي ترابط المسلمين وقوتهم، وفي وحدة العروبة وتماسكها؛ هذه الشرذمة الطاغية الباغية، التي طالما عاثت فسادا في الأرض، وتنكرت للمبادئ، وهدمت القيم.

      هؤلاء الذين اغتصبوا جزءا عزيزا من الوطن الإسلامي العربي، أخرجوا منه أهله، وسلبوا أموالهم، وشردوهم، فأصبحوا بلا مأوى، أيَّموا النساء، ويتموا الأطفال، وأضاعوا حياة الملايين، وحرموهم متعة الحياة، والغصب في طبيعته عمل مذموم، حرَّمته الشرائع السماوية، ورفضته القوانين الوضعية، فلا عجب أن يكون حكم الله في موالاة هذه الشرذمة أو الاعتراف بها كدولة تقيم في أراضينا المقدسة مهبط الوحي، وموقع المسجد الأقصى ومصلى الأنبياء، لا عجب أن يكون حكم الله في مثل هذا العمل أنه لا يتفق وإيمان من يقدم عليه، أو يقوم به، وهو من أقوى أنواع الموالاة؛ التي جاء القرآن بالنهي عنها، وتحريمها، والبعد عنها ضمانا لسلامة الأمة، وحرصا على كيانها.

      إن شأن المسلمين أنهم أمة واحدة، تجتمع على رأي واحد، وهدف واحد، وغاية سامية واحدة، وذلك مصدر قوتها في كل حين تقوى فيه، ويعلو شأنها، ويتألق نجمها، "ويد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ إلى النار".

      فلأن حاول إنسان أن يمد يده لفئة باغية يضعها الاستعمار لتكون جسرا له؛ يعبر عليه إلى غاياته، ويلج منه إلى أهدافه، لو حاول إنسان ذلك لكان عملُه هو الخروج على الدين بعينه، والنكوص الممقوت( لا يتخذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْء) (آل عمران: من الآية28)، ويقول تعالى(بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (النساء: 138. 139) .

      هذا هو ديننا، يضع الخطط أمامنا واضحة، والمعالم ظاهرة، والصراط مستقيما، ونحن اليوم نُبتلى ونُختبر،فهل نحن مُضيِّعون هذه الخطط وتلك المعالم؟

      إن خصوم المسلمين اليوم هم خصوم دينهم، حفدة اليهود الخائنين، أخلاقهم من أخلاقهم، كيد وإفساد، قد ابتلانا الله بهم، فخذوا حذركم منهم، ولا تمدوا أيديكم إليهم(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51) .

      إن إسرائيل لا تقف أطماعها عند حد، تمتد خططهم المدبرة فيما بينهم وبين الممالئين لهم على امتلاك البلاد العربية الإسلامية، ولذا كان واجب المسلمين والعرب أن تجتمع كلمتهم لدرء هذا الخطر، وأن يبتعدوا عن كل ما يقوي هذه العصبة الطاغية، سواء أكان عن طريق الاعتراف بها، أم المعونة الفكرية، أو المساعدة السياسية، أو ترويج سلعهم بيعا وشراء، فإن ذلك كله موالاة لهم تثبت أقدامهم، وذلك كله خطر يُهْدِرُ في حكم الشرع والدين دمَ القائمين به، ويجعلهم في حكم الخارجين على الجماعة الإسلامية . إننا اليوم في حاجة إلى طرد هؤلاء الغاصبين وعودة أصحاب الأرض إليها، فكونوا يدا واحدة، ولا تتثاقلوا، فإن التثاقل عن رد عدوانهم، أو مد يد المعونة العملية في كبح جماحهم موالاة للأعداء.

      أيها المؤمنون ( قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(البقرة: من الآية256).

      هدانا الله، ووجهنا إلى الخير، وحفظ أمتنا من دعاة الفرقة، وموالاة الأعداء(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ )(الأنعام: من الآية153)( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة:119) "

      انتهى البيان الذي نطق ولا يزال ينطق بالحق، وليس بوسع عالم من علماء الشرع المخلصين لدينهم الاحتيال أو الخروج عليه، أو العمل بغير مقتضاه، فإن الغادر مغلول، والناكث مخذول؛ والله يقول (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ).

      وعلى أساس ما تقدم: فقد صار من المعلوم بالدين بالضرورة أن قضية الإسلام في فلسطين اليوم لا تنصر بالهرولة إلى موائد اللئام، أو الجري وراء سراب السياسة التي هي في حقيقة أمرها مكر وخداع، ف"المكر والخداع في النار" كما قال عليه الصلاة والسلام. فلا كرامة لمغتصب، ولا حرمة لغادر، ولا عذر لمعتذر في انخداع به، أو استجابة له إلى غير لغة السيف، لغة الحوار التي لا يعرف غيرها المجرمون .

      إني كأني أري من لا حياء له ولا أمانة وسط الناس عريانا.

      صدر عن جبهة علماء الأزهر في الرابع والعشرين من ذي القعدة1428هـ

      الموافق 22 من نوفمبر 2008م.