فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الطابور الخامس وخيانة أمانة الوطن

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد

      نستمع من حين لآخر عن "أيدي خفية" و"تآمر خارجي وداخلي" لإجهاض الثورة، كلمات يرددها أعضاء المجلس العسكري وبعض الوزراء ويتناقلها الصحفيون. فكلما إحتدت موجات العنف ضد الشعب المتظاهر أو المعتصم المطالب بحقه في الحرية والعدالة ومحاسبة المجرمين والخونة، خرج أحد المسئولين بتصريحات تدين "الأيدي الخفية"! فمنهم من يقول أنها أيدي مصرية ومنهم من يزعم أنها دول خارجية ومنهم من يظن بدون تصريح أنهم من الفلول ومنهم من يعتقد أن التخطيط يأتي من أبناء مبارك في سجن طرة إلى أتباع لهم في الخارج.

       فيتساءَل الكثير منا عمن هي هذه الأيدي الخفية التي لا يعرفها الشعب ويجهلها الإعلام المصري و"يتجاهلها" المجلس العسكري؟ والعجيب أن العامل المشترك في كل هذه الإتهامات المرسلة أو الأقاويل والمزاعم أن لا يوجد أحداً ممن يرددها مستعد أن يوضح تصريحاته أو حتى مصدرها وكأنه سيتعرض للمخاطر!

      وحتى نكون محقين ولا نفتري بالإدعاء الباطل على أحد دون توثيق الإدانة، رأيت أنه من واجبي طرح واقعي للأحداث ولكل الأطراف المشاركة ثم مناقشة مواقفهم وتصريحاتهم على حدة.

      الطرف الأول: هو الشعب المظلوم - بطبيعة الحال - الذي ثار في 25 يناير مطالباً بعدة أمور كان أهمها إخراج مبارك وعائلته من الحكم ومحاكمتهم وكل من والاهم من الحزب الوطني وكل من تورط في قتل المتظاهرين، ثم تطهير الإعلام المصري، ورفع الحد الأدنى للأجور ووضع حد أقصى لأجور القطاعين الحكومي والعام، ثم تطهير الشرطة من العناصر الفاسدة وإنهاء قوانين الطواريء التي سنها مبارك لتكميم الأفواه وتكبيل الأيدي من أي محاولة أو حتى مجرد تفكير للخروج عن طاعته وعبادته. وبعد خروج مبارك وتوريث حكمه للمجلس العسكري، إتفق الشعب المصري والمجلس على حماية المجلس للثورة والثوار وبرعاية المطالب الشعبية وتنفيذها. وكلنا يعلم أن المجلس تنصل من عهده فعلياً ولم ينفذ من هذه المطالب أي شيء يُذكر للآن. ويمكننا حالياً الإتفاق على تقسيم هذا الطرف الشعبي إلى ثلاثة أقسام: قسم يؤيد الثورة والتظاهر حتى تتحقق مطالب الشعب، وقسم يظهر وكأنه على خلاف دائم مع الثوار وضد أي مواجهات بل ويدين المتظاهرين بتخريبهم للبلد، ومنهم أيضاً من يتحسر على طرد مبارك كجماعة "آسفون يا ريس" ومتظاهري العباسية، وقسم يميل للسلبية والإختباء وراء دعاوى التهدئة وتطييب الخواطر بسبب الخوف من أي تضحية.

      والواجب ذكره للجميع أن شعب مصر بثورته هو الذي أنقذ الجيش من أيدي مبارك الخائن الذي أضعفه وحجمه وهمشه، شعب مصر هو الذي ساند الجيش في حرب 73 وطرد الصهاينة من السويس تحت إدارة شيوخنا الأفاضل حافظ سلامة وعمر عبد الرحمن، شعب مصر هو الذي حارب في شوارع بور سعيد في حرب 56، شعب مصر الذي إحتضن جيشها بعد خيانة وهزيمة 67 النكراء وأعانه على الخروج من حزن المهانة.

      ومن مميزات الشعب المصري هو صبره على البلاء، ولكن هذا الصبر لو لم يكن جزء من منظومة تؤدي للإصلاح قد يعد تهاون وتخاذل وهذا أول مأخذ على الشعب، والمأخذ الثاني على هو عدم ملاحظته لتفاصيل ما يحدث حوله، فمثلاً قرار الشعب بالسكوت عن محاكمة قاتلي الثوار، وسكوت الشعب على عدم محاكمة مبارك محاكمة حقيقية أو الإكتفاء بالحكم القضائي على الحبيب العادلي بإثنى عشر عاماً مع أنه أكثر من قتل المصريين وعذبهم وإستباح بشرتهم بالتعاون مع أمريكا وإسرائيل، والسكوت على عدم محاكمة اللواء البطران والسكوت على عدم محاكمة ضابط الأمن المركزي "فاقع العيون" مغير ذلك من تناقضات في السير القضائي في مصر بعد الثورة . كما ويؤخذ على المصريين سكوتهم على ما يتعرض له غيرهم من أفراد الشعب حتى تصل المصيبة إلى بيتهم، وهذا عيب في خلق المسلم يجب تصحيحه، فقد قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".

      الطرف الثاني: هو المجلس العسكري الذي كان يحكم الجيش في عهد المخلوع بصرامة وخداع ولكن دون جدوى أو فائدة. فهو مجلس أسسه مبارك وأنشأه حسين طنطاوي من تسعة عشر عضواً كلهم دون إستثناء يدينون بالولاء المطلق لمبارك، تم تفعيله خصيصاً لإبقاء الجيش المصري دائماً تحت قبضة مبارك وأتباعه. هذا المجلس الذي ساهم وشهد تحجيم الجيش المصري وإضعافه لمصلحة "أصدقاء مبارك" من الصهاينة الذين بدورهم كانوا يكفلون إلتزام أمريكا بدفع معونة سنوية قدرها بليون و700 مليون دولار لمصر، يذهب معظمها لدعم تسليح جيش مصر بأسلحة قديمة وبائدة ومشفرة لا تصلح لصد أي إعتداء صهيوني، وتسليح الشرطة للبطش بأي محاولة شعبية أو عسكرية لقلب نظام الحكم. وكلنا نعلم أن الجيش في عهد مبارك كان أشبه ما يكون بمؤسسة مصانع أدوات منزلية كالمراوح والبوتاجازات والسخانات، وبإستثمارات كبيرة في الأندية الإجتماعية الترفيهية التي تشغل معظم سواحل النيل والبحار المتوسط والأحمر، والأندية الرياضية كفرق الإنتاج الحربي وطلائع الجيش. ومن المعلوم أن أرباح هذه المؤسسة التي مولها الجيش المصري من أموال الضرائب كان يذهب "لصندوق " توزع أمواله  على كل من يرضى عنهم حسني ومجلسه لضمان ولائهم التام، وهو ما يسمى بصندوق الولاء. ويشهد أفراد الجيش الذين أُحيلوا على المعاش وهم برتبة العمادة أن الترقية لرتبة لواء في الخدمة لا يُترك إلا  للمطيعين من موالي مبارك ومجلسه، بينما يُرقى الباقي لرتبة لواء ويحال على المعاش ثم يعين لإدارة شركات قطاع عام أو إدارة الأندية كي يضمن المجلس ولاءهم. وما يُضفي على تصريحات المجلس العسكري الإحساس بالبلاهة هو أنها كلها كذب ولم يصدق ولا في تصريح واحد، أو الفكاهة لما صرحه أخيراً في المؤتمر الصحفي حينما سُئِل أحد أعضائه عن من هو المسؤول عن تعرية البنت المنقبة وضربها وسحلها وقتل الأبرياء العُزل فرد قائلاً: إسألوا الظروف! أو التطاول والبجاحة كما ردد اللواء كاطو عن بعض شباب التظاهرة  بأن "يجب حرقهم في أفران هتلر"!

      وبرغم أن أعضاء المجلس قد باعوا توريث مبارك لإبنه - إلا أنه يُشهد لبعض أعضاء المجلس العسكري أنهم كانوا ضد مشروع التوريث - ولذا فقد أتت الثورة وما تبعها من طرد حسني وعائلته من الحكم متماشية مع هواهم، سيَّما أن حكم مصر بكاملها جاءهم على كفوف الراحة وبدون أي عناء. وبرغم ذلك لم يفي المجلس بوعوده لشعب مصر والثوار مما أدى إلى خروج المزيد من التظاهرات والمليونيات ومن ثم الإشتباكات بين الشرطة والشعب ثم تورط الجيش في آخر هذه الأحداث.

      وأذكر في هذا المقال قول مأثور لأحد العلماء الذين توقعوا موقف المجلس الخائن للأمانة فقال: المجلس هو المشكلة فكيف يكون راعياً للحلّ؟

      الطرف الثالث: وهو الجيش ويجب ذكر أن هناك الكثير من أفراد الجيش المصري أبدوا إستيائهم الشديد لموقف العسكري بل ومنهم من حاول التغيير فكان مصيرهم الإعتقال ثم السجن الحربي. ولكن أفراد الجيش المصري في معظمهم مُغَيَبين وليس عندهم تطلع للحرية أو للتخلص من قبضة المجلس الذي أذاقهم أسوأ المعاملة والتهميش المستديم. ومن خلال مراجعة مواقعهم على النِت أو تصريحات بعض عناصر الجيش الشريفة أن الجيش بأكمله سوف يلحق بالثورة إذا ما تحولت مصر إلى تصادم مع الشعب مثلما حدث في ليبيا واليمن أو ما يحدث الآن في سوريا.

      الطرف الرابع: هو الحكومة وحتى كتابة هذه السطور لم يُلاحظ الشعب المصري أي إيجابيات لأي من الحكومات المتتالية منذ حكومة شفيق – الذي أسهم بجدية وفعالية في تهريب أموال شعب مصر المنهوبة وكل أعضاء غسل أموال مبارك وحاشيته من أمثال منير ثابت وحسين سالم ويوسف بطرس – ثم تبعتها حكومة عصام شرف الإِمَعة التي يمكن تلخيص عملها كسكرتارية للمجلس الحاكم دون صلاحيات ولا فاعلية ولم تقدم للشعب أية خدمات ملحوظة بل وساهمت في إضاعة حق شهداء ومصابي الثورة، ثم حكومة الجنزوري – التي يُفترض أنها خُوِلت سلطات سيادية – وعاهدت عدم قمع التظاهرات الشعبية ثم نكست عهدها مع الشعب في أول تظاهرة بعد توليها السلطة، ولم يشهد الشعب للآن أية مبادرات من الحكومة لتلبية مطالب الشعب. ويجدر بنا في هذا الذكر أن نشير أن الحكومات المتتالية بما فيها وزارة الداخلية لم تستطع علاج الإنفلات الأمني في شوارع مصر والذي عانى أفراد الشعب من قسوته وشراسته، من بين قتل وإصابة وخطف وسرقة ونهب وإغتصاب تعرض أفراد الشعب أيضاً لقهر وبطش البلطجية، بينما كانت ومازالت الحكومة والداخلية مغيبة طيلة الأشهر "غير يوم صرف الرواتب والمكافآت". ويجب الإشارة إلى أن رؤساء هذه الحكومات الثلاث ووزراء داخليتهم  قد صرحوا أنهم لم يكونوا على علم أو دراية بمن هم المسؤلين عن قتل المتظاهرين وضربهم وتعذيبهم خلال مسلسلات القمع الشعبي منذ إندلاع الثورة. ونتذكر تصريح أحمد شفيق بأنه لم يعلم عن من هم وراء "موقعة الجمل" ثم تلاه تصريح عصام شرف ووزير داخليته منصور العيسوي بأنهما لم يكونا على علمٍ بمن المتسبب في قتل المتظاهرين في ماسبيرو أو شارع محمد محمود، وأخيراً الجنزوري نفى تماماً علمه بأي شيء عن أحداث شارع القصر العيني سوى حرق مبنى الوثائق.

      الطرف الخامس: وهو ما أسميه "الطابور الخامس" نظراً لأنه طرف سري يتمثل في ضباط شرطة منشقين من أمن الدولة السابق والأمن المركزي وبعض ضباط المخابرات وعناصر من الحزب الوطني البائد في المحافظات والمحليات ورجال أعمال موالين لحسني وعائلته. والواضح أن هذا الطرف هو أكثر الأطراف خطورة لعدة أسباب: أولها أنه طرف خفي غير معلن، ثانياً: لأنه ممول من عدة مصادر كرجال الأعمال، ومن أموال الشعب التي نُهِبت وهُرِبت، ثم من الملايين التي يدفعها الشعب كفديات لإسترداد أبنائهم وسياراتهم. ويقوم هذا الطرف الخفي بإستإجار بلطجية أو شباب غير متعلم وعاطل يمكنهم الإسترزاق من المساهمة في أعمال الحرق والنهب والقتل والتدمير ويعلمون أنهم في حمى هؤلاء الضباط. وهؤلاء لم يقبض على أحد منهم منذ موقعة الجمل للآن وتم تسريح وتهريب من قُبِض عليه منهم من الأقسام وحتى من داخل المحاكم. كما وقد صرح أحد لواءات الشرطة في شهادته على مبارك في المحكمة  ثم بعد ذلك بأسماء بعض اللواءات المنشقة الذين خرجوا عن سيطرة الداخلية ويتصرفون في البلد بهواهم أو هوى من يدفع لهم المزيد. ومن هؤلاء من تسبب في قتل بعض الضباط الشرفاء مثل اللواء محمد البطران وغيره. كما ويجب الأخذ في الحسبان أن هؤلاء الضباط من الشرطة أو المخابرات مع أعضاء الوطني قد يكونوا يعملوا في تخريب مصر بدافع من الصهاينة أو ممن يدعون لتقسيم مصر وإثارة حرب طائفية بين المسلمين والمسيحيين.

      والمهم ليس هو في سرد هذه الحقائق، فالكثير يعلمها تماماً، بقدر ما قد يحمله تحليل علاقة هذه الأطراف ببعضها ومسببات التطاحن بين أفراد الشعب وبعضهم، أو بين الشعب والشرطة والجيش، أو بين المجلس العسكري والطرف الخفي وهو الأهم وموضع هذا البحث. وعليه فيجب علينا إبتداءاً توضيح بعض المقدمات كي نتمكن من الوصول لتحليل موضوعي.

      المقدمة الأولى: هل يمكن أن يعمل الطرف الخامس - الخفي عن الشعب – بدون علم أو دراية المجلس العسكري أو مخالفاً لإرادته؟ الإجابة يجب أن تكون بالنفي القاطع الغير قابل للتشكيك، حيث أن هذا الطرف الخفي يخدم أهداف المجلس العسكري ويعينه في تسيير  وظائف تأخير وتسويف محاكمة مبارك وحاشيته، وما تم من تهريب للأموال وعملاء نظامه، وتعتيم إعلامي، وتقييد للحريات، وتأجيج الفتن الطائفية بلبس الوقائع بين المسلمين والمسيحيين، وإصتناع الوثائق فوق الدستورية وفوق الدينية التي تحمي المجلس وتعطيه حصانة قانونية وحرية مطلقة للتصرف في جيش مصر، وأخيراً في قمع والتظاهرات السلمية وقتل المتظاهرين أو خطفهم أو تعذيبهم حتى تتحول التظاهرة وكأنها أعمال شغب وحرق وتدمير  ثم نشر الصور الإعلامية التي تُظهِر المجلس وعناصر الإجرام من الجيش والشرطة وكأنهم الضحية وتُظهِر الشعب وكأنهم الجناة المجرمين.

      المقدمة الثانية: هي التساؤل عما إذ1ا كان من الممكن أن تكون العلاقة معكوسة؟ بمعنى أن يكون هذا الطرف هو الأقوى والأكثر تحكماً، وهذا محتمل جداً لما لديه من صلات بعائلة مبارك وما لديهم من معلومات وقدرات يمكن أن تفضح المجلس العسكري. وهذا الإحتمال يجعل علاقة المجلس بهذا الطرف علاقة شراكة وتبادل مصالح. وللتدقيق فيمكن القول أن هذا الطرف يسعى إما لإجهاض الثورة وإسترجاع آل مبارك للحكم وهذا غير مستبعد، وإما لخلق بلبلة في مصر  تسهل تهريب العائلة والحاشية وباقي الأموال، إن كانت موجودة أصلاً.

      المقدمة الثالثة: هي كيف يحدث التنسيق بين العناصر المتورطة من المجلس والطابور الخامس دون علم الحكومة أو درايتها بأي تطور للأحداث؟ مثل ما حدث في شارع محمد محمود والتحرير ولم يدري وزير الداخلية منصور العيسوي بمجمله أو تفاصيله. فمن الذي أمر الشرطة بضرب المتظاهرين بالذخيرة الحية والخرطوش والقنابل الكيماوية إن لم يكن وزير الداخلية؟ ثم تكرر ذلك في أحداث شارع القصر العيني.

      المقدمة الرابعة: هي محاولة معرفة سبب مطالبة المجلس العسكري للسلطة القضائية بالرغم من إدعائه بإعطاء حكومة الجنزوري سلطات سيادية! فكيف يمكن للرئيس أن يحكم بغير السلطاة القضائية؟ وكيف يمكن لوزير الداخلية القبض على المجرمين وإدانتهم بدون أوامر النائب العام أو القضاء؟ والشاهد لهذا الموقف يمكنه أن يشابه بين هذا وبين من إشترى كلباً للحراسة ثم قيده في مربط وألبسه كمامة تمنعه حتى من النباح!

      المقدمة الخامسة: هي محاولة لفهم سبب أوامر المجلس للإعلام المصري بتغيير الحقائق، وتزوير أفلام الفيديو، أو بالتعتيم عن كل أحداث القتل والتعذيب، ومنع بعض الصحفيين والسياسيين من الظهور على القناوات المصرية، كما تم منع نشر المقالات المعارضة للمجلس في الصحف القومية كالأهرام والأخبار. فإذا كان العسكري لا يخاف تورطه في هذه المؤامرات والفضائح فلم لا يترك الإعلام والصحافة تحقق في هذا الأحداث بدقة ونزاهة؟

      المقدمة السادسة: إن لم يكن للمجلس العسكري ما يخفيه فلم لم يترك السلطة لمجلس مدني مؤقت منتخب لتحاشي المزيد من المشاحنات وحقن المزيد من الدماء؟

      المقدمة السابعة: هل يدري المجلس نتيجة تورطه في هذه المؤامرات أو في بعضها على حاضر ومستقبل مصر وشعبها وجيشها بعد تسليمه السلطة؟ أم هل يدري المجلس العسكري خطورة أفعال الطابور الخامس في تدمير وتخريب مصر ومدى الخسائر التي سوف تطول كل أهل مصر من المدنيين والعسكريين؟

      المقدمة الثامنة والأخيرة: هي التساؤل عمن سيجني مصالح تخريب مصر وقتل الشعب وقمعه وإنتكاسة الثورة؟

      أعتقد أنه بتحليل موقف هذه الأطراف السابق ذكره والمقدمات اللاحقة يمكن للقاريء أن يصل لنتيجة شبه محسومة، كما ويمكن للشعب إختيار أنسب الحلول للخروج من هذه الأزمة المفتعلة. المجلس مسئول مسئولية كاملة غير منتقصة عن كل ما يحدث في مصر  من تخريب وبالضحايا والخسائر التي يتعرض لها هذا الشعب الأبيِّ، وهذا أمر الله من فوق سبع سماوات بقوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ" ثم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، فإن لم تكن قدر الأمانة فلا تطلبها وإن طلبتها وأخذتها فحافظ عليها ولا تخنها وردها لصاحبها عند طلبها.

      وقبل أن أنهي مقالي أحببت أن أناشد الأخوة والأخوات والأبناء في مصر أن بلدنا ليست تَبَعاً لأي دولة أخرى ولا يجب تصديق هذه الأكاذيب ولو للحظة، فعلى الرغم من أهمية وجوب تعامل مصر وإنفتاحها على كل بلدان العالم - الداني والبعيد والشقيق والعدو - بعدلٍ وبما يفيد الصالح المصري أولاً، إلا إننا لا يجب أن ننطوي تحت هيمنة أي دولة مهما كَبُر شأنها ولا يجب أن ننكسر لأي قوة مهما عات وتغطرست. يجب أن نولي مجلساً شعبياً وحكومة ورئيساً أقوياء أعزاء لا يصبغون مصر بصبغة الخنوع والذل، يخدمو ن مصر ويرعون مصالحها ومصالح مواطنيها على أكمل وجه بعزة وشرف.

      ونصيحتي لإخواني وأخواتي وأولادي في مصر  في المرحاة القادمة أن يتحروا الدقة في إستقاء المعلومات، والتحلي بالهمة في تأمين الشوارع لحماية منشئاتكم و بلدكم ودفع خطر البلطجية، و التحلي بالصبر لأن المشوار مازال طويلاً وشاقاً، ولكنني أستبشر من الله الخير والتوفيق.

      أخيراً أتوجه لله بدعاء نيابة عن قلب كل مصري شريف أن يجنب مصر وشعبها ويلات المؤامرات، وأن يُظِهر الشعب على أعداء هذا الوطن في الداخل والخارج، وأن يُحِق الحق وأن يُزهق الباطل. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

      رءوف غزي