فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      إلى رموز الإسلامية الإستئناسية.. توبوا وثوبوا

      الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم

      كتبت مقالي هذا بدافع من تعليق  أخت فاضلة من القراء، بارك الله فيها، وجهت نظرى إلى بيان د. السرجانيّ، يوم 24 نوفمبر، حيث سألتني ذلك لعل أن يكون في حديثه صوابٌ، ولعلى أرجع إلى رأيه إن رأيته ما فيه من صواب. ولولا إحساس عندى بصدق طوية هذا الرجل وإرادته للخير، وأن ما ارتآه محض ضعفٍ في التقدير، وإختيارٍ غير موفق للرأي، ما أفردته بالحديث مرة أخرى. ورغم أنّ تصريح شاهين الكفر قد قضى على السيناريو الذي اتبعه السرجاني، ومعه بقية الرموز الإسلامية، التي توهمت أن المجلس العسكري يريد منعهم من الإنتخابات، وعدم إجراءها في موعدها، لأنه يعلم أين تقع الأغلبية، فسنتحدث عن مقاله بياناً للناس، وإرضاءاً لقرائنا الأحباء. وقد سبق أن قلنا، قبل تصريح شاهين اللعين، أن هذا ليس قصد العسكر، إنما هي قراءة خاطئة للواقع، وسذاجة متناهية. فهؤلاء يمتصون غضب الشارع، ويرسمون صورة من يتقدم في طريق الديموقراطية، مع الإحتفاظ باللجام، في كل وقت وحين، كما هو، لجام الهيئة الدستورية وقواعد تكوينها، ولجام علمانية الدولة أو مدنيتها كما يقولون، ولجام سيطرة الجيش على مقدرات الأمة. ثم بعد ذلك يقولون: اليكم الإنتخابات، العبوا بها وفيها كما شئتم، افرحوا بالأغلبية، فلن يكون لكم صلاحية قبل إقرار هذه القواعد المُدمّرة عليكم، ولن تتمكنوا من إسقاط الحكومة التي نختارها إلا بعد فرض السيناريو الحقيقي عليكم.

      تحدث السرجاني عن نقاط مُحددة، أسردها وأفردها بالتعليق، متخذاً منها تكئة لبيان فداحة الخطأ الذي تتبناه هذه الرموز، التي أحسب أن إسقاطها اليوم مساوٍ في ا لأهمية لإسقاط المجلس العسكريّ:

      قال، إن وضع الفوضى يكرّس الواقع القائم بلا حُكومة أو رئيس. وهذا أمر، قد تبينا عدم صحته بعد أن جاء تصريح شاهينهم، وقد ظهر هذا الإفك من قبل في منتهى الوضوح، إذ ما قالوا يوماً أنهم يريدون تأجيل الإنتخابات، بل صرحوا بالعكس في كل وقت، وما يضيرهم في عقدها في موعدها، لا شئ! بل هي أداة تهدئة من وجهة نظرهم، وقد أثبتت جدواها في عدم مشاركة الإتجاهات الإسلامية الإستئناسية بدعوى الحرص على عقد الإنتخابات، وحصد الكراسي، ثم بعدها، لا حكومة، ولا رئاسة ولا صلاحية إلا من خلال ما يقولون. الفوضى مكرسة اصلاً. الفوضى ليست ملايين تخرج إلى الشوارع. إنما الفوضى هي ذلك النظام العلمانيّ العسكريّ اللعين الذي يخططون له، بنجاح فائقٍ، بما في ذلك عقد الإنتخابات في موعدها. ما يفعلونه، وما يتوهمه السرجاني، هو فوضى منظمة، فوضى باطنة، وما يفعله المسلمون في التحرير هو فوضى ظاهرة، ونظام حقيقيّ.

      قال، إن النصرة لا تعنى الخروج للوقوف في وجه من قتل الشهداء بغياً، وأن للنصرة شرط هو القدرة عليها، واستشهاد بقتل سمية رضى الله عنها، وغير ذلك مما سكت عليه النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا قياس في غير محله، فوالله الذي لا إله إلا هو لو حدث مثل هذا في المدينة ما سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين. وهذا هو مربط الفرس في خلافنا مع هؤلاء. نحن لسنا في مكة يا قوم! لماذا إحساسكم بالضعف والهوان وأنتم الأغلبية المطلقة؟ أما رأيتم أنفسكم يوم نزلتم في 29 يوليو؟ أما رأيتم حرص العامة، الذين تركتم العلمانيين من إئتلافات الثورة المزعومة يستغلونهم لصالحهم كيف يحبون دينهم وينصرون إسلامهم؟ إن هذا هو ما نقصد من أن هؤلاء الرموز قد تربوا على إحساس الضعف والقلة والإستكانة، ولم يعودوا يصلحون لقيادة الشباب في هذه المرحلة بالمرة.

      قال، إن التراجع والنكوص عن المشاركة ليس بتخاذل، بل هو تفويت للفرصة، وقد رأينا أن الفرصة قد فاتت منذ 11 فيراير بالفعل، وهم لا يشعرون.

      قال، إن الشباب الذين يخرجون على هؤلاء الرموز، ليسوا على حقٍ من حيث أن أولئك هم من علّموهم وهدوهم. لكن أُذكر كيا د سرجاني، أنّ ليس كل من ناقض هؤلاء في قولهم ممن تتلمذ على يد هؤلاء الرموز الإخوانية أو السلفية، بل منهم من نزل إلى ميدان الدعوة قبل أن يعرفه هؤلاء ابتداءاً. هذه واحدة، ثم، ما العيب أن يتبع هؤلاءالشباب تلك الزمرة من العلماء والدعاة الذين رأوا السيناريو الصحيح وكأنهم سمعوا كلمات شاهين الكفر منذ شهور عديدة قبل أن يلفظها. لم بدأ شبابكم في معارضتكم، ولم يعارض شباب تلك الفئة المناوئة رموزها؟ إلا الفطرة الصافية التي لا تسير وراء الأسماء إن كان الأمر بهذا الوضوح. ثم، أخشى أن هؤلاء الرموز، قد عاشوا سنيّ دعوتهم، في ظل شرح نظريّ، وطرح ورقيّ للتوحيد ومعانيه وضوابطه، ثم سقطوا في أول اختبار عمليّ في استشفاف كنه الواقع، فلم يروا قول شاهين قادماً، بل يظهر أنهم لا يزالون لم يرونه حاضراًّ، فالغرض هوى مسيطر، وهؤلاء جعلوا إتمام الإنتخابات غرضٌ في ذاته. الجيش يا دكتور سرجاني هو من سيؤمن هذه الإنتخابات ومصمم على إتمامها. ألم تعلم أنهم لم يهاجموا التحرير لترك الفرصة للعلمانية للظهور، وإبعادكم عن الميدان بتلك الجزرة اللعينة. والله لقد فاقوكم ذكاءاً ودهاءاً وفهماً، ولم يكشفهم إلا حازم أبو اسماعيل ومن جرى مجراه، والشباب ا لذين خرجوا عليكم.

      السيناريو الذي رسمتومه خطأ فادح. والواجب عليكم اليوم، بعد هذا التصريح الذي صدر في هذا التوقيت ليكون حجة عليكم بعد إنهاء الإنتخابات، أن أنكم دخلتم الإنتخابات على هذه الشروط، وأنتم عالمين بها، أن لا صلاحية لكم قبل وضع اللجام على جباهكم بالوثيقة وبنودها. ألا يعبث الشك بصدوركم في سبب حرص الجيش على إتمام الإنتخابات بهذه الصورة؟ أتظنون أنهم ناصروكم ومناصروكم؟ لا والله إنما هي غفلة وقعتم بها، ستودى بمصير هذا الوطن، لكنه الهوى يعمى ويصم.

      الواجب اليوم هو أن تقاطعوا الإنتخابات بالكلية، فتضعوا النظام في حرجٍ وتقطعوا عليه ما يرتب، وأن تنزلوا إلى الميادين، فإنكم لن تصلوا إلى حكم الله من البرلمان، فاتقوا الله في دينكم.

      وقد والله أصدرت رأيا منذ يومين أنّ المشاركة في الإنتخابات مباحة أو مندوبة، قبل أن يصرح اللئيم بتصريحه، إلا إننى أصرح الآن بحرمة الإشتراك فيها، على العامة والخاصة، إحراجاً للنظام، ودرءاً لذلك السيناريو الذي يستخدمكم فيه كما فعل على طول العقود الثلاثة الماضية، ديكوراً لديموقراطية مقننة، يحكمها بالدستور، بدلاً من أن يحكمها بهوى مبارك وأبنائه.