فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الإخوان .. هل يصح انتخاب مرشحيهم؟

      الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم

      أعود مرة أخرى إلى موضوع اصطفاء النخبة الإسلامية التي يصح شرعاً أن تسير وراءها الجموع الإسلامية، بضميرٍ راضٍ وقلبٍ مطمئن.

      الإخوان هم الواجهة التي كانت على الساحة طوال سنين عديدة، يسود فهمٌ وسط العامة أنها  الجهة التي تتلقى الضربات لوجه الله تعالى. ونحن نقر للإخوان أنهم كانوا جهة معارضة للنظام، مثلهم مثل العلمانيين، إلا إننا لا نسلم لهم أنهم يمثلون الإتجاه الإسلاميّ الذي يحقق أمانيّ الشعب المسلم في مصر، ويقوم بالدور الهائل الذي يتخطى حدود مصر إلى حدود الأمة العربية والإسلامية كلها. فكونهم جهة معارضة لا ترفعهم إلى مستوى المطلوب في هذه اللحظة الفارقة، وفي هذا السبيل القويم.

      الأمور على حقيقتها، والتي كنا نصيح ببيانها طوال ثلاثين عاماً مضت، هي أنّ الإخوان جهة معارضة مصرية وطنية، تجمع بين جُنباتها كلّ الأطياف المصرية، مسلميها وكفارها، بمنطلق علمانيّ الجوهر، وبمَرجعية "أبستاقية"، أي مَرجعية "دستورية وضعية لا شرعية". وإن كُنا نقول بوطنية الهَوية الإخوانية، إلا إننا نضع حدّاً لهذه الوطنية، يقف بها عند حدود مصلحة الجماعة، وبقائها في السّاحة، لا بالمعنى الواسع للوطنية. وهذا التحديد لهوية الجماعة لم يَعد خَافياً على أحدٍ من الناظرين.

      وما رأيناه من تصَرفات قيادات هذه الجَماعة خلال أحداث الثورة من 25 يناير إلى 18 نوفمبر، يتّسق مع ما ذهبنا اليه من تحليل إلى أقصى الحدود. فهم أحرص الناس على عدم الإقتراب من مناطق المواجهة، ليكون ذلك حلقة اتصالٍ بينهم وبين السلطة الحاكمة، وتعمد إصدار بيانات متضاربة والقيام بأفعالٍ متباينة ليمكن أن يتمحكوا بأي من وجهيها حين ينقشع الضباب، كما حدث من تصريح البلتاجي بالإعتذار عن التأخر في المشاركة في أحداث 18 نوفمبر، ثم بيان محمد مندور بعدم الإشتراك، ثم محاولة البلتاجي النزول للميدان قبل طرده، ثم إعلان الجماعة التخلى عن المشاركة وترك الشعب يواجه الظلم دون أتباعهم الذين عميت أبصارهم وماتت ضمائرهم.

      ولجماعة الإخوان أن تتبع ما تراه من أيديولوجيات، ولقادتها أن يتخذوا ما يشاوؤن من مرجعيات، فإن هذا لا يعنينا إلا بقدر ما ينعكس على الوضع الإسلاميّ العام في مصر. فالإسلام الذي يمثل أحد مكونات المرجعية الإخوانية، هو بالضبط ما نصّت عليه دساتير الطُغاة، أنه مصدرٌ من مصادر التشريع، لا المصدر الوحيد للتشريع، وأن مبادئه هي الحَاكمة، لا أحكامه التفصيلية. ومن هنا فإنهم قد كانوا ممن يعملون تحت لواءِ هذه الدساتير، لا من قبل المصلحة والمفسدة، بل من قِبَل الإيمان بهذه المرجعية، وهي ما تتوافق عليها القوى الأمريكية الصليبية والصهيونية. ومن هنا نرى أن هذه القوى ترحب بإستبدال الإخوان بالحكام الحاليين.

      من هذا الفهم، ومن منطلق أصول أهل السنة والجماعة، أرى أنه لا يصِحّ، بل يحرمُ، أن يقوم مُسلم بإنتخاب أي ممثلٍ لهذه الجماعة في انتخاباتٍ برلمانية قادمة، إذ هم لا يمثلون الإسلام الذي يؤمن به الشعب المِصريّ السُنيّ، بل هم خليط بغيضٌ من الإسلام والعلمانية والصوفية والرافضية، تعتبر أخطر على عقائد الناس من البدع المنفردة. كما أنهم، ومن جهة سياسية بحتة، لا يمكن أن يؤتمنوا على مصلحة أبناء الشعب، ولا على مستقبله، ولا على كرامته، ولا على وضعه العربيّ ولا الدوليّ.

      إنتخاب ممثلي المسلمين يجب أن يتم بغاية الدقة والموضوعية الإسلامية، وأن تحكمه أصول وقواعد شرعية، لا تحيد عن منهجية السنة لأي سبب من الأسباب.

      وقد يقول قائل أنهم أفضل من على الساحة، والمَصلحة أن ننتَخبهم، حتى لا يأتي غيرهم. وهو قولٌ يَعكِس ضَعفاً في مفهوم التوكل على الله، والثقة في وعده. على المسلمين أن ينهضوا لإيجاد الشخصيات البديلة، كما نهضوا لتغيير الحكومات الظالمة الكافرة. وقد علم الناس من هم الإخوان، وكيف هي خيانتهم للجموع المسلمة لأجل الإنتخابات والمقاعد البرلمانية، خلافاً عن منطلقاتهم ومرجعياتهم. فيجب أن يتقدم مرشحون جدد، وأن يظهروا على الساحة، لإزاحة هؤلاء من الصورة، وتكوين قاعدة شعبية للمخلصين من المسلمين، بغض النظر عن إنتمائهم.

      لقد خسر الإخوان خسارة عمرهم، في تخليهم عن الشارع المصريّ، تحت أي زعمٍ أو تبرير. فقد سقطوا من أعين الغالبية، وهو ما سينعكس على نتائج أية إنتخابات قادمة. وقد تقرر في الشريعة أن "الجاني يعاقب بنقيض قصده" كما أن القاتل يحرم من الميراث، فهؤلاء يجب ألا يمكنوا مما قصدوا اليه عن طريقٍ مضادٍ للشريعة، وتركاً للنصرة.