كلمة الوفد الفلسطيني في إفتتاحية مؤتمر الأمة الرابع
التي القاها الأخ رئيس الوفد الأخ نعيم التلاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد:
الأخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول الله في محكم التنزيل ((والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا وان الله لمع المحسين)) صدق الله العظيم.
إرتبط سقوط فلسطين بيد أعداء الأمة بسقوط دولة الخلافة، فقد سقطت دولة الخلافة عملياً ،عندما عزل السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله سنه 1908 ومر على ذلك أكثر من مئة عام.
وسقطت فلسطين بيد الإنجليز سنة 1917 أي بعد سقوط الخلافة بعشر سنين، وقامت دولة إسرائيل سنة 1948 أي بعد سقوط الخلافة بأربعين سنة، ومر على قيام دولة إسرائيل اثنان وستون عاماً، وشكل ضياع الخلافة وقيام دولة إسرائيل وما واكبه من تجزئة لجسد الأمة إلى كيانات سياسة وطنية مصطنعه ضعيفة شكل هذا الأمر تحدٍ كبير لم يمر على الأمة تحداً أصعب وأعقد منه.
ولبس على الأمة ،وحيكت مؤامرة ما زالت فصولها تحدث وتتوالى حتى هذه الساعة محورها أن معظم الدعوات والأفكار التي إنبرت لتقدم حلولاً باتجاه الإنعتاق والتحرر كانت مرتبطة بالعدو المحتل والمستعمر ووقف أصحاب هذه الدعوات والأفكار على نفس أرضية العدو النظرية والعملية وصنعت قيادات على أعين العدو تتماها وتتماشا مع رغبتاه وإرادته في الباطن وتلبس على الأمة عكس ذلك في الظاهر وبقيت إستجابة الأمة لهذا التحدي الكبير عاجزة عن إحداث أي تقدم حقيقي ملموس بإتجاه التغيير والتحرير والإنعتاق للخروج من الدوائر التي رسمت وحيكت وأحكم إغلاقها.
وعملنا الفلسطيني المقاوم لهذا التحدي الذي فرض علينا لم يتجاوز هذه النظرية فقط بدأنا بمقاومة محليه وبمبدرات محدودة لم تستطع تحقيق أي نجاح ملموس وقد تمثل هذا الأمر في كل المحاولات التي جرت منذ أحتلال فلسطين من قبل الإنجليز وحتى إعلان قيام دولة إسرائيل 1948 وإعلان الهدنة بعد ذلك جاء دور العمل الوطني المنظم الذي بدأ مع أوائل الستينات من القرن الماضي ووقف هذا العمل على أرضية الفكر القومي والوطني والأممي الإشتراكي والشيوعي الذي تمثل في عمل فتح والجبهة الشعبية وتفريعتها ولم يستطع هذا العمل إحراز أي تقدم ملموس أو تحقيق أي نتائج ايجابية حقيقة بعد ذلك بدأت بؤر فلسطينيه في بداية الثمينات في التفكير للوقوف على أرضية الإسلام والانطلاق منها في العمل والجهاد كضرورة ملحة في مواجهة هذا التحدي من أجل هزيمته و الإنتصار عليه ولكن العمل الإسلامي هذا وقع في دائرة قصور النظر والخطأ في عملية التشخيص والعلاج وبناءاً عليه لم يستطع هذا العمل أن يطرح أي مشروع على مستوى الأمة يوازي أو يتفوق على المشروع اليهود الصليبي الذي استطاع بناء معسكر عالمي نجح بهدم دولة الخلافة الإسلامية واحتل فلسطين وهيئ الظروف لليهود في داخل فلسطين ومحيطها وحتى في كل العالم لقيام دولة إسرائيل واستطاع الحفاظ عليها وضمن أمنها الإقليمي والعالمي ومدها بأسباب القوة والمنعة وجعلها قادرة على الاستمرار والتوسع ولذلك فإننا بعد ثلاثين عاماً على بدأ العمل الإسلامي المجاهد في فلسطين نستطيع القول أن هذا العمل بقي عملاً إسلامياً وطنياً ولم يستطع باسمه وعمله أن يتجاوز هذا الإطار أو أن يحقق النتائج المرجوة منه ولذلك فنحن بدورنا الآن نطرح عملية تقيم للتجارب السابقة التي تحدثنا عنها سواء كانت المبادرات الفردية أو العمل الوطني أو العمل الإسلامي الوطني والانطلاق من هذا التقييم باتجاه الفهم والاستيعاب بمحاولة للوصل إلى فضاء أوسع وأرحب وأكثر فاعليه وجديه وإنتاج بإذن الله وهذا الأمر نطرحه من خلال مشروع إسلامي متكامل يقوم على فهم وتشخيص سليم لواقع الأمة وواقع التحدي الرئيس المفروض عليها ومن ثم طرح العلاج المناسب وتوصيف كيفية أخذه هذا العلاج وفق ترتيب زمني مدروس من خلال خطة منطقية سلمية نظرياً وعملياً تتلاءم مع الظروف والإمكانيات المتوفرة والمتاحة مع الأخذ بحسبان كل المعوقات والعراقيل التي قد توجهنا أثناء العمل والمسير
الأخوة الأحبة نحن نقول لكم أن العمل الفلسطيني المتمثل بالتنظيمات الوطنية قد تم إستيعابه من قبل العدو واصبح الآن أداة من أدواته التي يحارب الأمة بها وقد قالها أبا إيبان احد قائدة اليهود في الكنيست الإسرائيل عام 1994 بعيد التوقيع على اتفاقية اسلوا عندما سأله بعض أعضاء الكنيست ماذا انتم فاعلون ؟ تأتون بثمانية عشر ألف مسلح من رجال المنظمات المعادية وتسلحانهم وتنفقوا عليهم وتعطونهم التسهيلات فرد عليهم ببساطة "لقد تم احتلال القلعة من الداخل " فقط كانت إسرائيل عندما قامت قد تكفلت بحفظ أمنها الداخلي على أن تتولى الدول العربية ودول الطوق حماية أمنها الخارجي وبقيت هذه المعادلة قائمة وناجحة إلى أن ظهر العمل الإسلامي الجهادي في منتصف الثمينات من القرن الماضي عند ذلك اختلت المعادلة وبقوة ولم تستطع إسرائيل تحمل أعباء ونتاج هذا العمل ولم تستطع معالجته أو القضاء عليه فكانت نصائح الدهاقئه من العرب والعجم أن أقيموا لهؤلاء الفلسطينيين كياناً وقدموا لهم بعض التسهيلات وهم بدورهم يتكفلون بالأمن الداخلي ،فصنعوا للفلسطينيين كياناً هزيلاً على شاكلة الأنظمة العربية فكانت السلطة الفلسطينية التي قامت على أكتاف العمل الوطني ولذلك فنحن بدورنا نقرر أن السلطة الفلسطينية الآن تقف في صف اليهود أعداء الأمة بشكل واضح وصريح ويعتريها من الفساد والانحراف والضعف ما يمنعها من أن تكون في صف الأمة وقد أريد لها هذا الواقع.
أما العمل الإسلامي المتمثل الآن بحركة حماس والجهاد الإسلامي فلا يتعدى أن يكون عملاً إسلامياً وطنياً وهنالك محاولات عديده تبذل من أجل احتواءه وتحجيم فعله المقاوم وربطه بأجندة إقليمية ليصب في مصلحة الأنظمة أكثر من مصلحة الأمةوالجميع الآن يدرك أن العمل الإسلامي المقاوم في فلسطين بات ورقة في يد إيران فالعمل الإسلامي الجهادي الذي قمنا بطرحه وبناءه في بداية الثمانينات من القرن الماضي، كنا نطمح لأن يكون أداه تنوير وتثوير وتغير وتحرير على مستوى الأمة لان فلسطين هي قلب الأمة الجريح النابض التي لا يختلف عليها إثنان ولا يتناطح فيها كبشان ،والعدو الذي يواجهنا على أرضها هم اليهود أشد الناس عداوة للذين أمنوا بتقرير القرآن الكريم ((ولتجدن أشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذي أشركوا)) وكما أسلفنا فقد إرتبط ضياع فلسطين بسقوط دولة الخلافة وكذلك فإن أنظمة التجزئة والعمالة والتبعية مرتبطة عضوياً بهذا الكيان الغاصب فكلما بقيت إسرائيل قوية سوف تبقى هذه الأنظمة قوية لأن لها دوراً وظيفياً في حمايتها والدفاع عنها ولن تزول الأنظمة أو تضعف إلا إذا ضعفت إسرائيل وزالت وهذه المعادلة يجب أن تدرك من قبل كل الناشطين في مجال العمل الإسلامي الواعي والصحيح وعبر التاريخ كانت فلسطين والقدس تضيع عندما تضعف الأمة وتتراجع وكانت فلسطين تتحرر عندما تقوى الأمة وفلسطين كانت وما زالت تشكل محرضاً ومحركا وباعثا من بواعث نهوض الأمة
ولذلك وبناءاً على فهم التجربة الماضية واستجابة للتحدي القائم المستمر فقد بادرنا أيها الإخوة الى طرح عمل إسلامي حقيقي مجاهد في فلسطين عمل يتجاوز كل النواقص والعيوب التي اعترت العمل الوطني والعمل الإسلامي الوطني عمل يتبنى وينطلق من العقيدة الإسلامية الصحيحة ويرفع راية واضحة جلية راية لا إله إلا الله محمد رسول الله ويحدد هدفاً سامياً عظيماً هو استئناف الحياة الإسلامية وعودة الدين عملياً إلى واقع الأمة والبشرية ليتوج بإقامة دولة الخلافة الراشدة وانطلاقاً من ذلك أيها الأحبة نقول لكم أن قدر الله قد جمعنا بكم في إطار مؤتمر الأمة الذي يسعى جاهدا لبلورة وبناء مشروع نهضوي شامل متكامل على كل المستويات مراعياً الاحتياجات الفكرية والبشرية والمادية والمعنوية المطلوبة للنجاح, مشروع يمتلك نظرية كاملة واسعة تسعى للتغير والتحرير تغير الواقع السلبي المعاش وصولا إلى واقع سليماً واعد يمتلك كذلك تصورا شاملاً يسير وفق هدىً رباني يرسم خطط مرحلية واستراتيجيه يضعها علماء وحكماء وقادة الأمة الحقيقيون يراعى في ظلها ظروف الأمة الذاتية والموضوعية , ونحن كفلسطينيين وبعد كل تجاربنا ومحننا نعتقد جازمين أننا بأمس الحاجة لبناء هذا المشروع و بأمس الحاجة للإعلان عنه بعد اكتمال كل التحضيرات المطلوبة والضرورية عند ذلك يتم الإعلان أن عملنا الدعوي والجهادي في فلسطين منبثق من مشروع الأمة الكبير الذي يهدف إلى استئناف الحياة الإسلامية واستعادة الخلافة الراشدة التي ستشكل الإطار الجامع لحشد وجمع إمكانيات الأمة البشرية والمادية والمعنوية والتي سيقوم عليها معسكر الأمة القوي المتين القادر على إرهاب عدوها وتحرير إنسانها وأوطنها و استعادت عزتها وكرمتها و دورها المطلوب في قيادة البشرية إلى شاطئ ومرفأ الأمان والسعادة والنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة دولة الخلافة التي سترد كيد كل الأعداء الصائلين, إذا نحن نقول وبعد تجربة تسعين عاما من العمل الفلسطيني أن مشروع مؤتمر الأمة هو المشروع الوحيد بإذن الله القادر على إيصالنا إلى نتائج إيجابية حقيقة ونبشر الجميع وبفضل الله بأننا قد بدأنا نلمس أثار طيبه لعملنا هذا منذ اليوم الأول الذي التقينا فيه بالإخوة أعضاء هذا المؤتمر فقط إزدات معنويتنا والحمد لله وفتحت لنا أبواب كانت مغلقه ونشاء لدينا تصوراًنظرياً وعملياً لم يتوفر لنا سابقاً والحمد لله وبناءاً على كل ما سلف فنحن كفلسطينين قد رسمنا خططا مرحلية واستراتجيه تبدأ بالدعوة والتبشير بهذا المشروع وننطلق باتجاه تأطير وتنظيم كل الخيرين من إخوتنا وأحبتنا ممن ندعوه ويستجيب لهذه الفكرة ليصبح جندياً عاملاً ومنتجاً بناءاً وكلاً حسب قدراته وامكانتيه وظروفه المتاحة ونحن بدورنا نبشركم بأننا نتقدم يومياً والحمد لله في الداخل والخارج ونقول أن الانتشار والشتات الفلسطيني الواسع في كل أنحاء المعمورة سوف يكون في ظل خطتنا وعملنا أورقا إيجابية سوف نحاول إستغلالها في إنجاح مشروعنا هذا عبر رفده بالكادر المؤهل المدرب بإذن الله,و في النهاية نستطيع القول أن أمالنا كفلسطينين وبعد التوكل على الله معقودة عليكم أيها الأخوة وأننا معكم بدأنا نسير في الاتجاه الصحيح و خطواتنا باتت ثابتة ومدروسة ومنتجة والحمد لله.
و السلام عليكم ورحمة الله