فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      قراءة في كتاب الحكومة الإسلامية للشيخ الفاضل عبد المجيد الشاذلي

      الشيخ الفاضل من علماء السلف الكرام ، وعلم من أعلام الحق في زماننا، تربى في مدرسة شهيد الإسلام سيد قطب ،التي تمثل بالقطع امتدادا حقيقيا للفكر السلفي الراشد الرائد الذي حمله شيخه في طريق الحق الواصل بين علماء أهل السنة والجماعة في مختلف الأجيال وبين الأجيال القادمة في العالم كله لتحقيق الخلافة الراشدة بإذن الله لا من يدعي السلفية وهي منه براء ويسعى لتحقيق العلمانية ،تصدى للعلمانيين وأهل البدع والضلال ووقف مدافعا عن عقيدة السلف ، استطاع أن يؤصل قضايا العقيدة والتوحيد من خلال كتابات السلف الصالح وفي مقدمتهم الامام الشاطبي وشيخ الإسلام بن تيمية والإمام بن القيم وابن كثيروغيرهم الكثيرمن علماء السلف الكرام، يمثل موسوعة علمية في زماننا ما ترك بابا من أبواب العلم الشرعي إلا وطرقه ثم تجده متبحرا فيه ،لم يقتصر سبقه وتفرده على العلوم الشرعية فقط بل ممن تبحرفي علوم الواقع أيضا، له إطلاع واسع بواقع الأمة وبواقع الأعداء من الصليبية والصهيونية العالمية وبالفكر الغربي ورواده عموما، بين لنا تأصيلا شرعيا لقضايا العقيدة وكذلك تأصيلا للواقع الذي نعيشه من خلال تنزيل الحكم الشرعي على مناطه الذي يمثل حقيقة الحكم الشرعي خلافا لمن تحدث عن المفهوم ولم يصل بينه وبين الواقع ، ومن هنا كان فارقة بين خطين ، خط من أبطل المفهوم الشرعي وهو لا يعرف أنه بذلك يبطل حقائق القرآن وبين من يبين المفهوم الشرعي ثم يبطله من خلال صنع هوة بينه وبين الواقع تمنع من تنزيله أو الربط بينه وبين الواقع من خلال تأويل للشخص محل الحكم أومن خلال وضع شروط وموانع تمنع من تحقيق الحكم الشرعي في ذاته ، وكذلك تحقيقه على أرض الواقع ،فضلا عمن توسع في المفهوم فأضاف إليه ما ليس منه فتوسع في التكفير والغلو ،

      من تعلم على يديه يعرف فضله وعلمه والفرق بينه وبين من يدعي العلم الذي لا يفقه إلا قشور ظاهرة من العلم لا الفهم الحقيقي للاسلام وقضاياه في الواقع الذي تحياه الأمة ،له السبق في ضبط التوحيد ونقيضه الشرك بضوابط شرعية تمنع الالتباس أو الاشتراك بينه وبين غيره من الأحكام الشرعيه الأخرى، ففرق بين التوحيد والطاعة والسنة وضدها الشرك والمعصية والبدعة ،كذلك أقام قلاعا من الفرقان بين الحقائق الشرعية وطرق الأحكام الشرعية وبين أوجه الإلتقاء والخلاف بينهما، وبين أن كثيرا من الخلافات على الساحة سببها هو عدم تحقيق البيان الشرعي القائم على العلم بالحدود الشرعية التي حدها الله لكل حكم شرعي في كتابه والتي تعبر عن مسماه ومضمونه الحقيقي بحيث لا يخرج منه ما هومن صلبه أو يضاف إليه ما ليس منه ، من ينظر الى الحركات الموجودة على أرض الواقع يعلم جيدا مدى حاجتها لمثله لكي يبين لها مفاهيم السلف الكرام التي تعبر عن السنة المحضة ،فهو فارس العقيدة بحق ومنارة للعلم والمدافع عنها أمام السعي الدؤوب لغالب من على الساحة لإبطال حقائق العقيدة ولإعطاء الشرعية للنظام العلماني والتلبيس في قضايا الإسلام ،شهر سيف البيان قاطعا بين الحق وبين سبل الضلال ،وقف مبينا هوية الأمة الصافية ومنع من التباسها بأي هوية أخرى أو أن تتقدم عليها وبين أن الأمة ونهضتها وبعثها وإحيائها مرتبط بعودتها لهويتها الحقيقية وهي الإسلام الصافي إسلام القرون الثلاثة المفضلة ،وقد ناله حظ كبير من عدائهم وتشهيرهم كما عادوا شيخه من قبل ،وكنت أتيه فرحا به وأتمنى أن أقف أمام الدنيا كلها محاربا به أهل الباطل صارخا فيهم من يأتيني بمثل هذا البيان كنت أضحك بمن ينتقده لانها لا تعدو إلا لعب الأطفال في مجالس الكبار ، فتارة ينسبون له التكفير وتارة التوقف وهم لا يعرفون منهجه السلفي ، فيطلقون كلمات لا علم لهم بها بغرض الصد عن سبيل الله ، وهكذا دأب أنصار الطواغيت يدافعون عن آلهتهم حتى لا تحطمها مدرسة الخليل بفؤوسها وبصواعق الحق الإلهية وبسيوف الحق القاطعة التي تقضي على ضلالاتهم ،وها هو يتصدرالشيخ الفاضل مدرسة الخليل وأحمد صلوات ربي وسلامه عليهم حاملا علما رزقه الله إياه ليقذف به على الباطل فيدمغه ،عشت زمنا أجلس بين يديه أنهل من علمه الرفيع ، ما لاقيته إلا والرأفة والرحمة والمحبة تشمل وتلف كل من لاقاه ، والبشردائما يجلل محياه ، تقعد بين يديه ينزلك بأدبه منزلة الكبير، تشعر بالتواضع الجم والأدب الوفيرفي شخصه ، يناقشك ويبين لك الأخطاء بروح الحب يشعرك أنك أنت الشيخ العالم وهو من يتعلم على يديك ، ترى العلم سهلا بسيطا ماء عذبا طيبا وإن كان يتعرض لأصعب المسائل ، تتوه في أدبه وعطفه ومحبته للإخوة وحرصه على الدعوة وهو الشيخ الكبيروالعالم بحق ، ثم تقول ولما العجب فهو ممن نذر نفسه لله حتى تكون كلمة الله هي العليا وممن تربى في مدرسة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه ربه }لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ{والذي قال له ربه }وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا**.

      في هذه الروضة الفسيحة المفعمة بالمحبة والأدب والتواضع الجم عشت بين يديه أتلقى العلوم الشرعية بكل يسر ، وكم كانت السعادة والفرحة تلفني بصحبتي له ، ورث من شيخه الشهيد العلامة سيد قطب العلم والأخلاق والصمت الجميل والحديث الذي يتنزل على مواقعه لا يخطئها ، فكانا بحق قمرين في ضياء الأدب ، نجمين في سماء العلم والمعرفة ، أنعم الله بهما على أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم في تلك الفترة التاريخية الحاسمة من عمر أمتنا التي تكالب عليها الأعداء ومزقوا ما فيها كل ممزق ، أكرم بهم من فئة مؤمنة بربها تسير على درب الحق والرشاد ، سجدت لله شكرا أن يسر الله لي أن ألتقي بعلم من جيل الرواد ممن وقفوا شاهرين سيوف الحق والتوحيد في وجوه الطغاة الظلمة الجبابرة ، شاهدين بالحق منتظرين الشهادة من الله وحده، منهم من نالها ومنهم من ينتظر

      في مؤلفه الجديد تحدث الشيخ الفاضل عن النظام السياسي الإسلامي وفرق بين دولة الخلافة وبين الدولة العلمانية القطرية ، نظامين كلا منهما يمثل طبيعة مختلفة لنظام فكري وواقع اجتماعي كلاهما ينتسب الى منظومة ثقافية مختلفة عن الأخرى تمام الإختلاف، فهناك فرق كبير بين منظومة ربانية وبين منظومة بشرية ، حيث تنتج المنظومة الجاهلية واقع وطبيعة نظام ومجتمع وأفراد تختلف تمام الاختلاف عن واقع نظام وأفراد وطبيعة المجتمع الرباني المسلم ، وبالرغم من أن المجتمعات أو الدولة القطرية كانت تمثل واقع وطبيعة المجتمع الإسلامي من قبل في ظل الحكم الإسلامي إلا أنه نتيجة للاحتلال الغربي لتلك البلاد وتغييره للمنظومة الثقافية والقانونية والحضارية لتلك المجتمعات الإسلامية ووضعه محلها منظومة أخرى لا تعبر عن هويته ولا نظامه الحضاري ولا تاريخه النضالي الحضاري مقيما الحكام العملاء حراسا على هذا النظام ، فتم سلخ تلك المجتمعات من الحضارة الإسلامية ومن تاريخها والصاقها بالحضارة الغربية وبتاريخها من خلال عملية متصلة تولى كبرها العملاء وهي تنطبق على كل من يشارك في إحياء المشروع العلماني ، فأصبحت تمثل قطيعة تاريخية بين الأمة المسلمة وبين تلك الأمة التي تعيش على نفس الأرض، ونظام علماني يختلف تمام الإختلاف عن النظام الاسلامي ، فأصبح يمثل سلخاً مشوهاً وتبعية بغيضه ولقيطاً لا صلة له بالاسلام ولا حتى بحقيقة المنظومة الجاهلية الغربية إلا من خلال ابتعادها عن منظومة الإسلام الحق وشرودها عن هويتها، فمع فقدها لهويتها أصبحت تمثل قمة الشرود عن هويتها وذاتها وتاريخها، وهذا الانقطاع الحضاري والتاريخي لا يمكن أن تعيش من خلاله أمة حية تريد النهوض الحقيقي ،ومن ثم فشلت كل مشاريع النهضة التي قامت على المشروع العلماني فحياة الأمة ونجاح مشروعها لا يتحقق إلا من خلال عودتها لهويتها مرة أخرى المتمثلة في إسلامها الرباني لا الإسلامات المتعددة التي صنعها الأعداء لكي تجتمع عليها الأمة التي تمثل تأكيدا للمشروع الغربي ، فتجتمع على الاسلام الرباني مشروعها الحقيقي فتتقوى به وتقاتل به أعدائها ،والتي أصبحت تمثل حضارة التية وزمن التيه بابتعادها عنه حيث تستغل الصليبية والصهيونية كل قضاياة لصالحها ، وتصيغ له كل ما يصنعه ويفكر فيه وتصبغ كل نظمه المختلفة بصبغتها وتستبيح أرضه وثرواته حتى الثورات التي قام بها بحثا عن الحرية التي تمثل بداية تشكل الوعي والعقل الجمعي من جديد ضد قوى الظلم والاستكبار في ظل الدكتاتوريات التي صنعتها وفرضتها على الأمة والتي تريد أن تمضي بها نحو ما تريد لها من خدمة مصالحها لا خدمة مصالحه هو حتى في إطار النظام العلماني الذي فرضته عليها لا من خلال النظام الإسلامي الذي تطمح الأمة الإسلامية إليه كطوق نجاة للخروج من مرحلة الذوبان والتيه التي تعيشها الأمة ومن خلال مسيرة الجماعة المسلمة ومن خلال تجربتها التي ترجمت القرآن الكريم كتاب الله الخالد إلى أشكال سياسية انتهت اليها تجربة خير جماعة على وجه الأرض والتي تعتبر ميلادا جديدا للانسان وللنظام الانساني والمجتمع ، وهي جماعة الصحابة التي تعبر عن السنة المحضة جماعة المقياس التي تقاس كل تجربة تحدث في الواقع الإسلامي من خلالها وتتحدد مدى صحتها ومدى شرعيتها من خلال الاتساق مع تلك التجربة الرائدة والتي تمثل ما أنا عليه وأصحابي وهي الجماعة الشرعية وهي التجربة الرائدة التي تمثل النموذج القدوة والإسوة الحسنة بالنسبة للمجتمع الإسلامي على مدار التاريخ كله في كل عصوره ،والطائفة الظاهرة تعتبر امتدادا لها في التاريخ لتعيد صياغة إطار ما أنا عليه وأصحابي في الوجودمرة أخرى فما جاءت إلا لتجدد وتلتزم بمفهوم الجماعة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته في القول والعمل والجهاد والإجتهاد وقد بينها الامام الشاطبي في الإعتصام بأنها تتمثل مجتهدوا الأمة وعلماؤها وأهل الشريعة العاملون بها ومن سواهم داخلون في حكمهم أو أنها جماعة أئمة العلماء المجتهدين أو أن الجماعة هي الصحابة على الخصوص ، أو أن الجماعة هي جماعة أهل الإسلام إذا أجمعوا على أمر فواجب على غيرهم من أهل الملل إتباعهم ،أو جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير فأمر عليه الصلاة والسلام بلزومه، ومن ثم فالجميع اتفقوا على اعتبار أهل العلم والاجتهاد فمن شذ عنهم فمات فميتته جاهلية ، والتي تحدث عنها الخليفة عمر بن عبد العزيز بقوله: ”سنَّ رسولُ اللهِ وولاةُ الأمرِ بعده سننًا الأخذُ بها تصديقٌ لكتابِ الله، واستكمالٌ لطاعةِ الله، وقوةٌ على دين الله، مَنْ عَمِلَ بها مهتدٌ، ومَنْ استنصَرَ بها منصورٌ، ومَنْ خالفها اتبعَ غيرَ سبيلِ المؤمنين، وولاَّه الله ما تولَّى وأصْلاهُ جهنَّم وساءَتْ مصيرًا“ وفي رواية بعد قوله ـ وقوةٌ على دين الله ـ ”ليس لأحدٍ تغييرها ولا تبديلها، ولا النظر في رأي خالفها. مَنْ اهتدى بها مهتد“. الحديث! وكان مالك يعجبه كلامه جدًا وعن حذيفة قال: ”اتبعوا آثارنا فإنْ أصبتم فقد سبقتم سبقًا بينًا، وإن أخطأتم فقد ضللتم ضلالاً بعيدًا“، وعن ابن مسعود ونحوه فقال: ”اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا فقد كفيتم“». أهـ.

      ومن ثم ما نتج عن هذه الجماعة في النظام السياسي الاسلامي هي من سنن الحق التي يجب الاخذ بها والإجتهاد حولها لا فيما يخالفها

      وقد تحدث الشيخ الفاضل عن النظام السياسي الاسلامي الذي يقوم على

      1 : الحاكم

      2 : واهل الحل والعقد :هم الواسطة بين الحاكم والامة وهم من اهل العدل والكفاءة ودورهم الشورى وهي ملزمة للامام ، والحسبة لترشيد سياسة الامام ، والعزل والترشيح بالنسبة للامام

      3 :اهل النظر والاجتهاد

      وكذلك تحدث الشيخ الفاضل عن طرق اختيار الخليفة وهي طرق قائمة على اختيار اهل الحل والعقد للامام

      1 : وذلك من خلال الاختيار ثم البيعة الخاصة لاهل الحل والعقد ثم البيعة العامة

      2 :الاستخلاف اي العهد كما فعل سيدنا أبوبكر مع سيدنا عمر رضي الله عنهما بعداستشارته لبعض الصحابة كتب كتابه باستخلاف عمروقد كان ترشيحا ثم بايعه الناس

      3 :التوسط بين الاختيار والعهد غير الملزم فالبيعة العامة كما قد عهد سيدنا عمر رضي الله عنه الى جماعة على ان يقوم الاختيار بينهم ومن اختير منهم يكون محلا للبيعة العامة

      ومن ثم نجد قاسما مشتركا بينها في :

      1 :توافرشروط استحقاق الخلافة في الشخص المختار

      2 :موافقة اهل الاختيار

      3 :موافقة الامة

      ثم يتناول الشيخ خصائص دولة الخلافة :

      فهي دولة قائمة على أساس لا إله إلا الله أي حاكمية الله التي تتمثل في حاكمية الشريعة ومن ثم تقوم كل الاجهزة والنظم في الدولة على حاكمية الشريعة

      2 : وحدة ديار المسلمين فهي أرض واحدة تحكمها لا اله الا الله ومن ثم لا حدود ولا فواصل ،فقد قضت لا اله الا الله على كل الفواصل وارجعت كل العلاقات على اساس العقيدة التي هي جنسية المسلم التي علت على كل الجنسيات ،وأصبحت تعمل من وراء ومن خلال جنسية العقيدة بما يخدمها ويقويها، فأصبح الولاء الخاص أيا كان شكله يعمل من خلال الاطار العام

      3 : من ينوب عن الامة وهم يتمثلون في الأمناء والخبراء وأهل الحل والعقد والنقباء ورجال القضاء وغيرهم ممن يمثلون الأمة ومصالحها

      4 : تعدد الأطر في ضوء الهوية المتميزة حيث لا تتقدم هذه المصالح والأطر والولاءات الخاصة على الولاء العام ، فالقبيلة مثلا كاطاروولاء خاص يسعي لتدعيم الولاء العام في الإسلام ،يتضح ذلك في الجيش الذاهب الى فتح مكة في مجموعات كل مجموعة تمثل قبيلة ثم المهاجرون والانصار، وكذلك لما انكشف المسلمون في احدى الغزوات قال لهم سيدنا خالد تميزوا اي كل ابناء قبيلة يقفوا معا حتى يعرف من اين يؤتى الجيش وهذا خلافا لما حدث في الدولة الأموية حيث أصبحت العصبية القبلية يدور حولها الصراع الذى أودى بالدولة الأموية

      ثم تحدث الشيخ الفاضل عن تصحيح المفاهيم بالنسبة لطبيعة النظام السياسي التي تحقق التعددية من خلال قواعد شعبية اسلامية تحقق الحفاظ على الثوابت وذلك من خلال التمسك بالاسلام في مواجهة النظم الجاهلية وفي ضوء التمسك بالراية الاساسية التي تميز المجتمع المسلم عن كل الرايات وهي لا اله الا الله بعيدا عن المشاريع الاصلاحية المختلفة سواء كانت اخلاقية او اجتماعية او الوصول للسلطة التي لن تحقق التميز العقيدي ولا إحياء الأمة ولا تميز الأفراد من خلال المواجهة والحركة وذلك من خلال الجماعة المسلمة ، والتي تحدث عنها الشيخ الشهيد العلامة سيد قطب كما بينها شيخنا العلامة الأصولي الشيخ عبد المجيد في ضوء التعددية والنظام السياسي فقد بين فيها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخرج للناس خير امة من خلال هوية متميزة تقوم على لا اله الا الله وعلى التوحيد الخالص دون أن تمتزج بغيرها من الهويات رغم وجود الدواعي الملحة والظروف المهيئة لتلك المحاور أن تستقطب الناس فصارت هوية واحدة لا تتعدد وأمة واحدة لا تتعدد وطريق واحد لا يتعدد في ضوء منهج الاسلام

      هذه السنن التي تمثل ما أنا عليه وأصحابي والتي تمثل الفقه الإسلامي الذي نتج من خلال مسيرة الجماعة المسلمة بالقرآن ،وهي سنن يمثل الالتزام بها تصديقاً لكتاب الله، كما أنها نشات من خلال الجماعة المسلمة والنظام الاسلامي وبالتالي هذا هو واقعها الذي تعمل من خلاله ومن خلال تلك السنن يمكن الاجتهاد في أي سنة من تلك السنن التي تليق بالمجتمع المسلم والنظام الاسلامي الوليد الذى حدد حركة الجماعة والمجتمع من خلال الاسلام لا من خلال رؤى أخرى بعيدة عنه، ومن ثم تكون القوى الموجودة كلها تعبر عن الإسلام ويصبح الإختلاف بينها خلاف تنوع يغذي الاجتهاد والدراسات التي يقوم بها كل توجه لخدم المجتمع المسلم من خلال نظمه المختلفة ، لا كما نعيش في واقعنا المعاصر من خلال اختلاط الرؤى بين علمانية وبين إسلامية تريد أن تحقق ذاتها من خلال العلمانية فتفقد الطريق والوجهة والغاية في ظل أهداف واقع يختلف تماما عن أهداف الواقع الإسلامي

      يقول الشيخ الفاضل عبد المجيد الشاذلي في وجــوب الاتباع لسنة الصحابة :

      يقول الإمام الشاطبي في ”الموافقات“ ([1]): «المسألة التاسعة سنة الصحابة y سنة يعمل عليها ويرجع إليها ومن الدليل على ذلك أمور أحدها ثناء الله عليهم من غير مثنوية ومدحهم بالعدالة وما يرجع إليها كقوله تعالى: }كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ**([2])، وقوله تعالى: }وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا**([3]). ففي الأولى إثبات الأفضلية على سائر الأمم وذلك يقضي باستقامتهم في كل حال، وجريان أحوالهم على الموافقة دون المخالفة، وفي الثانية إثبات العدالة مطلقًا، وذلك يدل على ما دلت عليه الأولى. ولا يقال: إنَّ هذا عامٌ في الأمة، فلا يختص بالصحابة دون من بعدهم. لأنَّا نقول: أولاً: ليس كذلك، بناءً على أنهم المخاطبون على الخصوص، ولا يدخل معهم من بعدهم إلا بقياس وبدليل آخر، وثانيًا: على تسليم التعميم أنهم أول داخل في شمول الخطاب، فإنهم أول من تلقى ذلك من الرسول صلى الله علية وسلم، وهم المباشرون للوحي، وثالثًا: أنهم أولى بالدخول من غيرهم إذ الأوصاف التي وصفوا بها لم يتصف بها على الكمال إلا هم فمطابقة الوصف للاتصال شاهد على أنهم أحقُّ من غيرهم بالمدح. وأيضًا فإنَّ من بعد الصحابة من أهل السنة عدلوا الصحابة على الإطلاق والعموم فأخذوا عنهم رواية ودراية من غير استثناء ولا محاشاة، بخلاف غيرهم فلم يعتبروا منهم إلا من صحت إمامته وثبتت عدالته، وذلك مصدق لكونهم أحقّ بذلك المدح من غيرهم فيصح أن يطلق على الصحابة أنهم خير أمة بإطلاق، وأنهم وسط أي عدول بإطلاق، وإذا كان كذلك فقولهم معتبر، وعملهم مقتدى به، وهكذا سائر الآيات التي جاءت بمدحهم، كقوله تعالى: }لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا**([4]) إلى قوله: }وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ**([5]) الآية، وأشباه ذلك.

      والثاني: ما جاء في الحديث من الأمر باتباعهم، وأن سنتهم في طلب الاتباع كسنة النبيّ صلى الله علية وسلم ، كقوله صلى الله علية وسلم: "فعليكم بِسُـنَّتِي وسنَّة الخلفاءِ الراشدينَ المهديين. تمسَّكُوا بها وعُضُّوا عليها بالنَّواجِذِ"، وقوله صلى الله علية وسلم: "تفترق أمَّتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النَّار إلاَّ واحدة، قالوا: ومَنْ هُمْ يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي"s.

      الثالث: إنَّ جمهور العلماء قدموا الصحابة عند ترجيح الأقاويل، فقد جعل طائفة قول أبي بكر وعمر حجة ودليلاً، وبعضهم عدَّ قول الخلفاء الأربعة دليلاً، وبعضهم يعد قول الصحابة على الإطلاق حجة ودليلاً، ولكل قول من هذه الأقوال متعلق من السنة. إلى أن يقول: وأيضًا فقد وصفهم السلف الصالح ووصف متابعتهم بما لابد من ذكر بعضه. فعن سعيد بن جبير أنه قال: ”ما لم يعرفه البدريون فليس من الدين“ وعن الحسن وقد ذكر أصحاب محمد صلى الله علية وسلم قال: ”إنهم كانوا أبرَّ هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قومًا اختارهم اللهُ لصحبة نبيِّه صلى الله علية وسلم فتشبَّهوا بأخلاقهم وطرائقهم، فإنَّهم وربِّ الكعبةِ على الصراط المستقيم“، وعن إبراهيم قال: ”لم يدخر لكم شيء خبئ عن القوم لفضل عندكم“، وعن حذيفة أنه كان يقول: ”اتقوا اللهَ يا معشرَ القراء وخذوا طريق مَنْ قبلكم فلعمري لئن اتبعتموه لقد سبقتم سبقًا بعيدًا، ولئن تركتموه يمينًا وشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيدًا“، وعن ابن مسعود: ”من كان منكم متأسيًا فليتأسَّ بأصحاب محمد صلى الله علية وسلم ، فإنَّهم كانوا أبرَّ هذه الأمةِ قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، وأقومها هديًا، وأحسنها حالاً قومًا اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، فإنَّهم كانوا على الهدى المستقيم“. ومن ذلك قول عمر بن عبد العزيز قال: ”سنَّ رسولُ اللهِ صلى الله علية وسلم وولاةُ الأمرِ بعده سننًا الأخذُ بها تصديقٌ لكتابِ الله، واستكمالٌ لطاعةِ الله، وقوةٌ على دين الله، مَنْ عَمِلَ بها مهتدٌ، ومَنْ استنصَرَ بها منصورٌ، ومَنْ خالفها اتبعَ غيرَ سبيلِ المؤمنين، وولاَّه الله ما تولَّى وأصْلاهُ جهنَّم وساءَتْ مصيرًا“ وفي رواية بعد قوله ـ وقوةٌ على دين الله ـ ”ليس لأحدٍ تغييرها ولا تبديلها، ولا النظر في رأي خالفها. مَنْ اهتدى بها مهتد“. الحديث! وكان مالك يعجبه كلامه جدًا وعن حذيفة قال: ”اتبعوا آثارنا فإنْ أصبتم فقد سبقتم سبقًا بينًا، وإن أخطأتم فقد ضللتم ضلالاً بعيدًا“، وعن ابن مسعود ونحوه فقال: ”اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا فقد كفيتم“». أهـ.

      وقد قرر الشهيد العلامة سيد قطب مبينا أن الفقه لا يصنع المجتمع المسلم إنما الذي يصنع الفقه هو المجتمع المسلم في ضوء حركته في مواجهة الظروف والمستجدات المختلفة وهي لازم من لوازم صفة الواقعية في الفكر الاسلامي ،فلا تقديم للفقه وتقنينه لواقع غير الواقع الاسلامي الذي قرر ان يتحاكم الى شرع الله يمثل شيئا في الحقيقة ولا يعبر عن المنهج الإسلامي ،كما أن تقديم اصول النظام السياسي للاسلام لا يفيد طالما أن النظام القائم نظام علماني تحرسه مؤسسات القوى التي لا تسمح للمجتمع نفسه أو لغيرها من طوائف العمل الاسلامي، ومن ثم فالحديث عن الحكومة الاسلامية حديث لا بد ان يعبر عن واقع المجتمع المسلم الذي اختار الاسلام حقيقة ليطبقه في حياته من خلال النظام الاسلامي في ضوء الاستسلام لله وحده لا شريك له وهذه هي القاعدة التي يقوم عليها المجتمع المسلم والتي ينطلق منها في مسيرته لبناء المجتمع وبناء الفقه الازم له في ضوء حركته لتحقيق النظام الإسلامي في الأرض ومن ثم يكون للاجتهاد واقعيته التي تعطيه الشرعية الواقعية

      كما أن هذه السنن التي توصل إليها الصحابة هي سنن ملزمة لا يجوز الخروج عليها وإن كانت الفروع فيها تقبل الاجتهاد فتعيين الخليفة أو الحاكم المسلم في البداية عن طريق أهل الحل والعقد لا بترشيح نفسه ثم له أن يعين عماله هذا في شكل الدولة التي كانت في المدينة على عهد سيدنا أبو بكر بالرغم من أنها دولة واجهت انحسارا في سلطة الدولة حيث الردة العارمة التي شملت غالب أرض الإسلام في ذلك الوقت ،ثم حدثت الفتوحات وكان الأمر كما هو ان مدة ولاية الحاكم غير محددة بمدة زمنية انما هي مرتبطة بتحقيقه لأهداف الاسلام ومقاصد الشريعة من خلال مدى التزامه بالحق ورأي أهل الحل والعقد فيه من خلال تحقيقه للشريعة والعدل والتزامه باهداف الاسلام ، فلا يمكن مثلا تحديد مدة لأبي بكرالصديق بمدة أو مدتين ولا عمر ولا عثمان ولا علي رضي الله عنهم جميعا ،فهم يمثلون قمة التمثيل للاسلام علما وواقعا ، وهكذا المجتمع المسلم الذي قام على القاعدة الصلبة التي تكونت عبر مسيرة جهاد الأمة تخرج من بينها رجالا تميزوا خلال الحركة بالإسلام ومسيرته هم أشد الناس أمانة على المنهج الرباني

      يقول الشيخ عن الحكومة الاسلامية في ظل الدولة القطرية

      أن الحكومة الاسلامية تجمع بين امة وارض ونظام تخضع له ودستور واستقلال سياسي واسلامية لانها تخضع لحاكمية الشريعة هذه هي الحكومة الاسلامية ولو نظرنا الى مكونات الحكومة الاسلامية في ضوء الدولة القطرية فنحن أمام أمة لم تقرر بعد تحكيم الشريعه وغالبها لم يعرف بعد معنى لا اله الا الله التي تحسم الأمور كلها وتجعلها في طريق الإسلام ،أما الارض فهي أرض محددة وفق نظام سايكس بيكو مفروض عليها ليس لها الحق ان تطالب بغيره يقوم عليها الولاء والبراء ،ونظام علماني يتحاكم الى شرع غير شرع الله تحميه مؤسسات القوة دستورها علماني غير مستقلة سياسيا بل هي دولة محتلة بكل معاني الكلمة من احتلالين صائلين اجتمعا عليها لسلبها كل مقدراتها مع صنع انواع جديدة منه ومن ثم فقرارتها تابعة للدولة المحتلة أو دول المركز ، تبعية بكل معانيها مع حكم الأرازل والتخلف وتحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله كما وصفها الشيخ في كتاباته جزاه الله خيرا

      وفي الحديث عن حكومة اسلامية في ظل الدولة القطرية حديث ينقصه الواقع الذي يتنزل عليه الحكم وهما ركني الحكم الشرعي لان الاسلام جاء الى واقع يقره أو يعدله أو يرفضه طبقا لما وصل إليه هذا الواقع وهو أساس الإجتهاد ، فنحن أمام نظام وواقع قائم على تأليه غير الله ومن ثم وجب رفضه وهو مقتضى لا اله الا الله أي الايمان بالله والكفر بالطاغوت ،ولا يجوزاقراره ولا الاجتهاد عليه لتحقيق الحكومة الإسلامية ، فهنا يكون الخلط بين نظامين كلا منهما مختلف عن الآخر ومن هنا لا تصح العملية الإجتهادية

      ومن ثم لا ننكر الاجتهاد اذا كان الامروالواقع يتطلبه بدون خروج عن السنن الشرعية والواقع الذي يتنزل عليه ، ولكن الحديث عن نظام سياسي يتلاءم مع هذه المرحلة العلمانية التي تمثل فراغا بالنسبة للاسلام حديث لا واقع له

      ثم النظم الغربية نظم لها اوضاعها تشكلت وفق حركة المجتمع في ضوء مطالبته بالحرية فكانت تلك الاشكال المتعددة للنظام الديمقراطي كذلك المجتمع الاسلامي في ضوء حركته لتحقيق الاسلام انشا تلك الاشكال المتعددة للنظام الاسلامي المحصورة في سنن اختيار الخليفة في ضوء طبيعة النظام السياسي الاسلامي

      ثم يقول الشيخ عن ضوابط حاكم الولاية القطرية

      1 :طالب الولاية لا يولى ، ومن المعلوم أن الكل طالب للولاية وهذه طبيعة النظام الحالي

      2 :ليس له الا ما خصص له وهذا مرتبط بحال توليه

      3 :ليس له ان يعقد أحلافا أو اتفاقات مع غير المسلمين تضر بغيره من المسلمين في أقطار أخرى ومن المعلوم أنهم كلهم يعملون بذلك لأن الدولة القطرية كمشروع يخدم الغرب قائم على العلاقة مع غير المسلمين وتقديم هذه الروابط على غيرها من حيث العلاقة بين المركز والأطراف ، حتى من يقدمه البعض كحازم صلاح فانه دعي الإخوة المجاهدين في اليمن للدخول تحت حكم النظام العلماني وذلك قبل أن يولى سياسة الدولة فكيف إذا كان في المقدمة ، ويريد ادخال النصارى في الوزارات أو اختيار نائب الرئيس منهم ، كما يرى أن من قتل في الدفاع عن النصارى شهيد في ظل واقع يشهد بحرابتهم ضد الإسلام والمسلمين ودخولهم مع الحلف الصليبي والصهيوني العالمي في حرب الاسلام والمسلمين وسجن المسلمات وتعذيبهن لكي يرتددن عن الإسلام ، والخبرة التاريخية لهذه الحركات بالرغم من قولها أنها تريد تحكيم الشريعة إلا أنها حكمت بالعلمانية ووالت في غير الله ووقفت في صف الحلف الصليبي ضد الإسلام وتركيا وحماس والحزب الإسلامي في العراق وجبهة الانقاذ خير شاهد على هذا

      4 :للامة حق توليته وعزله وتحديد صلاحياته ومدد حكمه ،ومن المعلوم ان الأمة ترتبط بمدة الحاكم المنتخب التي حددها النظام العلماني من خلال المجلس النيابي حتى تنتهي ومن الممكن أن يعزل مؤقتا حتى تنتهي محاكمته ولكن على مخالفات تختلف عن مخالفات الحاكم في الاسلام حيث يمكن إنهاء حكمه في أي وقت اذا رأى أهل الحل والعقد ما يستدعي ذلك

      كما أن النظام السياسي الإسلامي لو كان فيه بعض التشابه مع النظام السياسي العلماني في أي دولة من الدول العلمانية فهو تشابه عرضي مع الإختلاف التام والحقيقي بينهما حيث أن لكل منهما وظيفتة التي تتحقق من خلال النظام الذي ينتمي إليه ويعمل من خلاله لا يستطيع تحقيقها من خلال النظام الآخر ولا الجزئيات التابعة له على الرغم من مشابهتهاالعرضي

      وقد بين لنا الشيخ الفاضل أن الجزئيات وهي كالنظام السياسي أو الاقتصادي أو غيره من النظم الأخرى لا تفهم إلا من خلال الكلي الراجعة إليه كالاسلام أو العلمانية ، كما أن جزئيات كل نظام سياسي أو اقتصادي من هذه النظم لا تفهم إلا من خلال رجوعها الى النظام السياسي أو الاقتصادي الذي تعود إليه ، وكذلك دورها لا يتحدد إلا من خلاله، وهذا يبين لنا مدى استقلالية كل نظام عن غيره من النظم، وهذا يخص النظام الاسلامي بصفة أساسية لانه نظام إسلامي رباني يختلف تمام الاختلاف عن غيره من النظم البشرية

      ويقول الشيخ الفاضل عبد المجيد الشاذلي (

      ويوجد في الأصول والفروع ما هو معلوم من الدين بالضرورة عند العامة وعند الخاصة والذي يجب أن يعلمه العامة أو من هو منهم من جهة الخاصة ليعلمه علمًا ضروريًا بعلمهم له علمًا ضروريًا، ولكن الأصول تتميز عن الفروع هنا بفارق مهم جدًا وهو أن العقائد لا يجوز أن يتجدد منها للخلف ما لم يكن واجبًا على السلف بخلاف الفروع فقد تتجدد الحوادث ويقع للمتأخر فيها ما لم يقع للمتقدم، فالأصول لا تدخلها الاجتهاديات، أما الفروع فتدخلها الاجتهاديات، ولذلك نجد إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل الذي يقول: أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم. ينقل عن الصحابة عدة أقوال قد تكون مختلفة أحيانًا اختلافًا بينًا ويقررها أقوالاً في مذهبه وذلك في الفروع ولا نجد له عن الصحابة في الأصول إلا قولاً واحدًا، لأن الصحابة كانت لهم أقوال مختلفة في الفروع وكان قولهم واحدًا في الأصول، ولذلك عابوا على المتكلمين إعراضهم عن المنقول إلى معقولاتهم التي عارضوا بها المنقول عن الصحابة وأولوا لها القرآن.

      فقالـوا:

      ما باله حتى السواك أبانه وقواعد الإسلام لم تتقرر

      ولذلك فكل ما لم يبين من العقائد في عصر النبوة فلا حاجة إلى اعتقاده ولا الخوض فيه لأن الأمة قد أجمعت على أن البيان لا يتأخر عن وقت الحاجة سواء كان إلى معرفته سبيل أم لا، وسواء كان حقًا أم لا وخصوصًا إذا أدى الخوض فيه إلى التفرق المنهي عنه ]وخضتم كالذي خاضوا[ فيكون في إيجابه إيجاب ما لم ينص على إيجابه ويؤدي إلى المنصوص على تحريمه وهو الافتراق، وما تبين من العقائد في عصر النبوة نقله الصحابة ونقله أهل السنة والأثر، ولذلك نجـد قولهم واحدًا فيه لا اختلاف بينهم لا من حيث الجملة ولا التفاصيل وتجد الاختلاف الكثير عند من أعرض عن المنقول إلى المعقول يقول صاحب كتاب ”إيثار الحق على الخلق“ ([6]): «ومما يصلح للاستدلال به في هذا المقام قوله تعالى: }وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا ** فلولا أن كتابها هو موضع الحجة عليها في أمور الدين ومهماته ما اختص بالدعاء إليه ونحوها قوله تعالى: }اللهُ الذي أنزلَ الكتابَ بالحقِّ والميزان{فجعل الكتاب في بيان الدين وحفظه وتمييز الحق من الباطل كالميزان في بيان الحقوق الدنيوية وحفظها، بل جعل الحق مختصًا به بالنص والميزان معطوفًا عليه بالمفهوم أي والميزان بالحق. وقال بعد الأمر بوفاء الكيل والوزن: }لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا** لأنه يحتاج إلى المعاملة بالكيل والوزن وإن وقع التظالم الخفي في مقادير مثاقيل الذر أو أقل منه، ولم يقل ذلك بعد الأمر بلزوم كتابه واتباع رسله، لأنه لا حاجة ولا ضرورة إلى البدعة في الاعتقاد. وأما الفروع العملية فلما وقعت الضرورة إلى الخوض فيها بالظنون لم يكن فيها حرج بالنص والإجماع فتأمل ذلك فإنه مفيد». أهـ.

      وإذا كان الرجوع إلى عمل الصحابة مطلوب في الفروع العملية وإن دخلتها الاجتهاديات واختلفت فيها أقوالهم وأعمالهم وفتاواهم فإنه مطلوب في العقائد قطعًا، ولذلك قال رسول الله صلى الله علية وسلم عن الفرقة الناجية "ما أنا عليه وأصحابي" وقال عنها أنها الجماعة، فالجماعة هى ما كان عليه وأصحابه صلى الله علية وسلم وهى النجاة، فمن أعرض عن ذلك كان مذمومًا هالكًا وليس مجتهدًا مثابًا ولا متأولاً مغفورًا له خطؤه، وإذا كان التأكيد أكثر في هذا الشأن على الأصول الاعتقادية، بل هى الأصل وغيرها تبع لها، فليس ذلك راجعًا إلى أن هذه عقلية لا يعذر فيها، وهذه شرعية يعذر فيها كما يقول المتكلمون، ولكن لأن هذه لامجال فيها للاجتهادات فلاحاجة ولا ضرورة لاعتقاد البدعة وهذه تتجدد فيها الحوادث فيقع للمتأخر فيها ما لم يقع للمتقدم وهذه قد قضت الضرورة إلى الخوض فيها بالظنون فرفع فيها الحرج بخلاف الأولى التي لا توجد حاجة فيها إلى اعتقاد ما لم يبين في عصر النبوة ولا الخوض فيه. ولذلك قال عبد الله بن مسعود عن العقائد اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم. وليس هذا هو الشأن في الاجتهاديات ولذلك قال مالك: ـ وهو إمام أهل الأثر ـ للرجل الذي جاء يجادله أرأيت إن غلبتني، قال: تتبعني، قال: فإن غلبتك، قال: أتبعك، قال: فإن جاء آخر فغلبنا قال: نتبعه، قال مالك: أرى الدين واحدًا وأراك أكثرت التنقل. وقال: كلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا لجدله ما جاء به جبريل إلى محمد صلى الله علية وسلم ؟)

      !وكذلك يقول علم الأمة وشهيدها سيد قطب في تطبيق الشريعة من خلال النظام الجاهلي (إن الذين يفكرون في النظام الإسلامي اليوم وتشكيلاته - أو يكتبون - يدخلون في متاهة! ذلك أنهم يحاولون تطبيق قواعد النظام الإسلامي وأحكامه الفقهية المدونة في فراغ! يحاولون تطبيقها في هذا المجتمع الجاهلي القائم ، بتركيبه العضوي الحاضر! وهذا المجتمع الجاهلي الحاضر يعتبر - بالقياس إلى طبيعة النظام الإسلامي وأحكامه الفقهية - فراغا لا يمكن أن يقوم فيه هذا النظام ولا أن تطبق فيه هذه الأحكام .. إن تركيبه العضوي مناقض تماما للتركيب العضوي للمجتمع المسلم. فالمجتمع المسلم - كما قلنا - يقوم تركيبه العضوي على أساس ترتيب الشخصيات والفئات كما ترتبها الحركة لإقرار هذا النظام في عالم الواقع ، ولمجاهدة الجاهلية لإخراج الناس منها إلى الإسلام. مع تحمل ضغوط الجاهلية وما توجهه من فتنة وإيذاء وحرب على هذه الحركة ، والصبر على الابتلاء وحسن البلاء مننقطة البدء إلى نقطة الفصل في نهاية المطاف. أما المجتمع الجاهلي الحاضر فهو مجتمع راكد ، قائم على قيم لا علاقة لها بالإسلام ، ولا بالقيم الإيمانية ..إنهم جميعا - مع الأسف - يبدأون من نقطة البدء في المتاهة! يبدأون من افتراض أن قواعد النظام الإسلامي وأحكامه سيجاء بها لتطبق على هذه المجتمعات الجاهلية الحاضرة بتركيبها العضوي الحاضر فتنتقل هذه المجتمعات إذن - متى طبقت عليها أحكام الإسلام - إلى الإسلام! وهي تصورات مضحكة لولا أنها محزنة! إن الفقه الإسلامي بكل أحكامه ليس هو الذي أنشأ المجتمع المسلم. إنما المجتمع المسلم بحركته - في مواجهة الجاهلية ابتداء - ثم بحركته في مواجهة حاجة الحياة الحقيقية ثانيا ، هو الذي أنشأ الفقه الإسلامي مستمدا من أصول الشريعة الكلية .. والعكس لا يمكن أن يكون أصلا! إن الفقه الإسلامي لا ينشأ في فراغ ، ولا يعيش في فراغ كذلك .. لا ينشأ في الأدمغة والأوراق إنما ينشأ في واقع الحياة. وليست أية حياة. إنما هي حياة المجتمع المسلم على وجه التحديد .. ومن ثم لا بد أن يوجد المجتمع المسلم أولا بتركيبه العضوي الطبيعي فيكون هو الوسط الذي ينشأ فيه الفقه الإسلامي ويطبق ..
      وعندئذ تختلف الأمور جدا ..
      وساعتها قد يحتاج ذلك المجتمع الخاص - بعد نشأته في مواجهة الجاهلية وتحركه في مواجهة الحياة - إلى البنوك وشركات التأمين وتحديد النسل ... إلخ وقد لا يحتاج! ذلك أننا لا نملك سلفا أن نقدر أصل حاجته ، ولا حجمها ، ولا شكلها ، حتى نشرّع لها سلفا! كما أن ما لدينا من أحكام هذا الدين لا يطابق حاجات المجتمعات الجاهلية ولا يلبيها .. ذلك أن هذا الدين لا يعترف ابتداء بشرعية وجود هذه المجتمعات الجاهلية ولا يرضى ببقائها. ومن ثم فهو لا يعني نفسه بالاعتراف بحاجاتها الناشئة من جاهليتها ولا بتلبيتها كذلك! إن المحنة الحقيقية لهؤلاء الباحثين أنهم يتصورون أن هذا الواقع الجاهلي هو الأصل ، الذي يجب على دين اللّه أن يطابق نفسه عليه! ولكن الأمر غير ذلك تماما .. إن دين اللّه هو الأصل الذي يجب على البشرية
      أن تطابق نفسها عليه وأن تحور من واقعها الجاهلي وتغير حتى تتم هذه المطابقة .. ولكن هذا التحور وهذا التغير لا يتمان عادة إلا عن طريق واحد .. هو التحرك - في وجه الجاهلية - لتحقيق ألوهية اللّه في الأرض وربوبيته وحده للعباد ، وتحرير الناس من العبودية للطاغوت ، بتحكيم شريعة اللّه وحدها في حياتهم ..
      وهذه الحركة لا بد أن تواجه الفتنة والأذى والابتلاء. فيفتن من يفتن ويرتد من يرتد ، ويصدق اللّه من يصدقه فيقضي نحبه ويستشهد ، ويصبر من يصبر ويمضي في حركته حتى يحكم اللّه بينه وبين قومه بالحق ، وحتى يمكن اللّه له في الأرض ، وعندئذ فقط يقوم النظام الإسلامي ، وقد انطبع المتحركون لتحقيقه بطابعه ، وتميزوا بقيمة .. وعندئذ تكون لحياتهم مطالب وحاجات تختلف في طبيعتها وفي طرق تلبيتها عن حاجات المجتمعات الجاهلية ومطالبها وطرق تلبيتها .. وعلى ضوء واقع المجتمع المسلم يومذاك تستنبط الأحكام وينشأ فقه إسلامي حي متحرك - لا في فراغ - ولكن في وسط واقعي محدد المطالب والحاجات والمشكلات ..
      ومن ذا الذي يدرينا اليوم مثلا أن يكون الناس في مجتمع مسلم تجبى فيه الزكاة وتنفق في مصارفها ، ويقوم فيه التراحم والتكافل بين أهل كل محلة ، ثم بين كل أفراد الأمة ، وتقوم حياة الناس فيه على غير السرف والترف والمخيلة والتكاثر .. إلى آخر مقومات الحياة الإسلامية .. من يدرينا أن مجتمعا كهذا سيكون في حاجة إلى شركات تأمين أصلا؟! وعنده كل تلك التأمينات والضمانات مع تلك الملابسات والقيم والتصورات؟! وإذا احتاج إلى نوع من التأمين فمن يدرينا أنه سيكون هو هذا النوع المعروف في المجتمع الجاهلي ، المنبثق من حاجات هذا المجتمع الجاهلي وملابساته وقيمه وتصوراته؟! وكذلك من يدرينا أن المجتمع المسلم المتحرك المجاهد سيكون في حاجة إلى تحديد النسل مثلا؟ .. وهكذا ..
      وإذا كنا لا نملك افتراض أصل حاجات المجتمع حين يكون مسلما ولا حجم هذه الحاجات أو شكلها ، بسبب اختلاف تركيبه العضوي عن تركيب المجتمع الجاهلي ، واختلاف تصوراته ومشاعره وقيمه وموازينه .
      فما هذا الضنى في محاولة تحوير وتطوير وتغيير الأحكام المدونة لكي تطابق حاجات هي في ضمير الغيب ، شأنها شأن وجود المجتمع المسلم ذاته! إن نقطة البدء في المتاهة - كما قلنا - هي افتراض أن هذه المجتمعات القائمة هي المجتمعات الإسلامية وأنه سيجاء بأحكام الفقه الإسلامي من الأوراق لتطبق عليها ، وهي بهذا التركيب العضوي ذاته ، وبالتصورات والمشاعر والقيم والموازين ذاتها.
      كما أن أصل المحنة هو الشعور بأن واقع هذه المجتمعات الجاهلية وتركيبها الحاضر هو الأصل الذي يجب على دين اللّه أن يطابق نفسه عليه. وأن يحور ويطور ويغير في أحكامه ليلاحق حاجات هذه المجتمعات ومشكلاتها .. حاجاتها ومشكلاتها المنبثقة أصلا من مخالفتها للإسلام ومن خروج حياتها جملة من إطاره! ونحسب أنه قد آن للإسلام أن يستعلي في نفوس دعاته ، فلا يجعلوه مجرد خادم للأوضاع الجاهلية ، والمجتمعات الجاهلية ، والحاجات الجاهلية. وأن يقولوا للناس - وللذين يستفتونهم بوجه خاص - تعالوا أنتم أولا إلى الإسلام ، وأعلنوا خضوعكم سلفا لأحكامه .. أو بعبارة أخرى .. تعالوا أنتم أولا فادخلوا في دين اللّه ، وأعلنوا عبوديتكم للّه وحده ، واشهدوا أن لا إله إلا اللّه بمدلولها الذي لا يقوم الإيمان والإسلام إلا به. وهو إفراد اللّه بألوهيته في الأرض كإفراده بالألوهية في السماء وتقرير ربوبيته - أي حاكميته وسلطانه - وحده في حياة الناس بجملتها. وتنحية ربوبية العباد للعباد ، بتنحية حاكمية العباد للعباد ، وتشريع العباد للعباد.
      وحين يستجيب الناس - أو الجماعة منهم - لهذا القول ، فإن المجتمع المسلم يكون قد بدأ أولى خطواته في الوجود. وهذا المجتمع يكون حينئذ هو الوسط الواقعي الحي الذي ينشأ فيه الفقه الإسلامي الحي وينمو ، لمواجهة حاجات ذلك المجتمع المستسلم لشريعة اللّه فعلا ..
      فأما قبل قيام هذا المجتمع فالعمل في حقل الفقه والأحكام التنظيمية هو مجرد خداع للنفس ، باستنبات البذور في الهواء ، ولن ينبت الفقه الإسلامي في الفراغ ، كما أنه لن تنبت البذور في الهواء! إن العمل في الحقل «الفكري» للفقه الإسلامي عمل مريح! لأنه لا خطر فيه! ولكنه ليس عملا للإسلام ولا هو من منهج هذا الدين ولا من طبيعته! وخير للذين ينشدون الراحة والسلامة أن يشتغلوا بالأدب وبالفن أو بالتجارة! أما الاشتغال بالفقه الآن على ذلك النحو بوصفه عملا للإسلام في هذه الفترة فأحسب - واللّه أعلم - أنه مضيعة للعمر وللأجر أيضا! إن دين اللّه يأبي أن يكون مجرد مطية ذلول ، ومجرد خادم مطيع ، لتلبية هذا المجتمع الجاهلي الآبق منه ، المتنكر له ، الشارد عنه .. الذي يسخر منه الحين بعد الحين باستفتائه في مشكلاته وحاجاته وهو غير خاضع لشريعته وسلطانه ..
      إن فقه هذا الدين وأحكامه لا تنشأ في فراغ ، ولا تعمل في فراغ .. وإن المجتمع المسلم الخاضع لسلطان اللّه ابتداء هو الذي صنع هذا الفقه وليس الفقه هو الذي صنع ذلك المجتمع .. ولن تنعكس الآية أبدا.
      إن خطوات النشأة الإسلامية ومراحلها هي دائما واحدة والانتقال من الجاهلية إلى الإسلام لن يكون يوما ما سهلا ولا يسيرا. ولن يبدأ أبدا من صياغة الأحكام الفقهية في الفراغ ، لتكون معدة جاهزة يوم يقوم المجتمع الإسلامي والنظام الإسلامي. ولن يكون وجود هذه الأحكام المفصلة على« الجاهز» والناشئة في الفراغ هي نقطة البدء في التحول من الجاهلية إلى الإسلام. وليس الذي ينقص هذه المجتمعات الجاهلية لكي تتحول إلى الإسلام هو الأحكام الفقهية «الجاهزة»! وليست الصعوبة في ذلك التحول ناشئة عن قصور أحكام الفقه الإسلامي الحاضرة عن ملاحقة حاجات المجتمعات المتطورة .. إلى آخر ما يخادع به بعضهم ، وينخدع به بعضهم الآخر! كلا! إن الذي يحول دون تحول هذه المجتمعات الجاهلية إلى النظام الإسلامي هو وجود الطواغيت التي تأبى أن تكون الحاكمية للّه فتأبى أن تكون الربوبية في حياة البشر والألوهية في الأرض للّه وحده.
      وتخرج بذلك من الإسلام خروجا كاملا. يعد الحكم عليه من المعلوم من الدين بالضرورة .. ثم هو بعد ذلك وجود جماهير من البشر تعبد أولئك الطواغيت من دون اللّه - أي تدين لها وتخضع وتتبع - فتجعلها بذلك أربابا متفرقة معبودة مطاعة. وتخرج هذه الجماهير بهذه العبادة من التوحيد إلى الشرك .. فهذا هو أخص مدلولات الشرك في نظر الإسلام ..
      وبهذا وذلك تقوم الجاهلية نظاما في الأرض وتعتمد على ركائز من ضلال التصور بقدر ما تعتمد على ركائز من القوة المادية :
      وصياغة أحكام الفقه لا تواجه هذه الجاهلية - إذن - بوسائل مكافئة. إنما الذي يواجهها دعوة إلى الدخول في الإسلام مرة أخرى وحركة تواجه الجاهلية بكل ركائزها ثم يكون ما يكون من شأن كل دعوة للإسلام في وجه الجاهلية. ثم يحكم اللّه بين من يسلمون للّه وبين قومهم بالحق . وعندئذ فقط يجيء دور أحكام الفقه ، التي تنشأ نشأة طبيعية في هذا الوسط الواقعي الحي ، وتواجه حاجات الحياة الواقعية المتجددة.

      وفق الله شيخنا الفاضل الى ما يحبه الله ويرضاه ويجزيه الله خير الجزاء على ما قدم للإسلام في مسيرته في ضوء الواقع الحديث

       http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=452537