فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      ما هو أهم من تغيير المحافظين

      لاشك أن مشكلة التكدس السكاني من أكبر المشكلات التي تؤثر في الحياة اليومية للمواطنين، وتنعكس على معاناتهم اليومية في المواصلات و الخدمات مثل المياه و الكهرباء و الطرق وغيرها. فما هي أصول هذه المشكلة وما السبيل إلى حلها؟

       دعنا ندرس الأمر تاريخيا بعض الشيء:

      - في عام 1927 بلغت نسبة سكان القاهرة إلى سكان مصر  7.6% و في 1937 نحو 8.2% وفي 1947 نحو 10.9%  وفي 1960 نحو 12.9% ، ارتفعت في 1966 إلى 14% أي سبع مصر. غير أن هذا إنما يشير إلى محافظة القاهرة لا القاهرة الكبرى.

      - أما هذه فقد بلغت 6 ملايين نسمة من 30 مليونا في 1966 بنسبة 20% أي خمس مصر، مقابل 7 ملايين من 33 مليونا في 1969 بنسبة 21%. ولك أن تتخيل كم تبلغ النسبة في الوقت الحالي!!!

       - واليوم ترتفع الأرقام إلى نسب خرافية تشكل عبئا كبيرا على المواصلات والطرق و الحياة اليومية للمواطنين.

       و حقيقة لا تستطيع أن تلوم أهل المحافظات الأخرى لهجرتهم، فزيارة واحدة لأي محافظة ستجعلك تدرك عدم توفر فرص عمل حقيقية، و إنعدام التكافؤ في المرافق مثل التعليم و الصحة و المؤسسات الحكومية. بل أنه حتى في مدينة مثل الإسكندرية يمكنك أن تقول أن فرص العمل هناك محدودة جدا مقارنة بالقاهرة، فما بالك بغيرها؟؟؟

       و سنقوم بمقارنة حجم العاصمة النسبي بالمدن التالية لها في حجم السكان لندرك الفارق الرهيب بين توزيع السكان في مصر و غيرها من البلدان الأخرى:

      النسبة المئوية للمدن الثلاث الكبرى في مصر هي 100: 5.2%: 3.7% وهي القاهرة و الإسكندرية و بورسعيد.

      أما عن الجزائر فتبلغ النسبة 100: 48.2 : 27.4 لمدن الجزائر ووهران وقسنطينة.

      و في إيطاليا حيث روما 100: ميلانو 75.2 : نابولي 60.7

      ستجد بوضوح أن هذا يرمز إلى عدالة و تكافؤ في توزيع فرص العمل و الخدمات على كافة أنحاء البلاد.

       المشكلة الأكبر و الأشد هي أن النسبة آخذة في ازدياد نتيجة استمرار نفس العوامل، بل وتتضاعف بشكل أسرع كثيرا مما يتصور البعض.

       فما هي الحلول المعتبرة لمواجهة مثل هذه الظاهرة؟

      -          البعض يقترح حلولا مثل عدم فتح القاهرة لسكان الأقاليم، وحقيقة هذا حل فيه إجحاف شديد. فأنت من ناحية تغلق باب العمل أمامهم في بلدانهم ثم تريد أن تسد باب العمل في مكان آخر. إنك بهذا الحل تقتلهم و تخسر مهارات جزء كبير من الشعب.

      -          بعض البلدان أنشأت عاصمة جديدة لتجتذب إليها السكان و تعيد توزيع السكان، وهو حل جدير بالدراسة لكنه فقط ينقل مشكلة المركزية إلى مكان جديد.

      -          هناك حلول تتمثل في إعادة توزيع فرص العمل بين المحافظات، و إنشاء صناديق لدعم الاستثمارات. فأذكر مثلا أنه في إسبانيا كان نوعا من الدعم يقدم لإنشاء الشركات في مناطق إقليمية معينة. لماذا لا توجد خطط واضحة في هذا الجانب؟؟

      -          في ألمانيا مثلا توجد تخصصات للمدن، فمدينة مثل هانوفر مشهورة بالمعارض حتى أنها تلقب بمدينة المعارض، وهايدلبرج مشهورة بالطب و الحراحة،وغيرها. وهذا يتطلب دراسة منطقية لماهية الاستثمار الأمثل في كل محافظة وأوجه التوسع المتاحة، ووضع خطط بناءة. فلو أقمنا دراسة جدية و محاولة لنشر صناعة حرفية في كل محافظة ودعمها لأمكننا إيجاد محافظات متخصصة مثلا في إنتاج السجاجيد و أخرى في الطب و أخرى في كذا، وبهذا نواجه البطالة و نستطيع فتح أبواب تصدير المنتجات للمنطقة تماما كما يحدث في دمياط التي تشتهر بتصدير الأثاث مما انعكس على انخفاض نسبة البطالة فيها.

      -          إذن يمكنك أن تقول أن التنمية الإقليمية هي شيء لابد منه. لابد أن يشعر المواطن حتى ولو ببصيص من الأمل يفتح الأبواب المغلقة أمام عينيه.

       

      و هذا يقودنا إلى النقاط التالية التي نريد إجابة شافية عليها من الحكومة الحالية و منكل من يقدم لنا برنامجا إنتخابيا سواء رئاسيا أو برلمانيا:

      - ما هي الخطة التنموية لكل محافظة من المحافظات المصرية؟ يجب أن تكون هناك رؤية واضحة وخطة متكاملة لكل محافظة يتم تنفيذها بغض النظر عن المحافظ و يتم اختيار الشخص الأكفأ ليقوم بالتنفيذ.

      - ما هي الصلاحيات المتاحة لكل محافظ؟

      - ما هو نوع الدعم الذي سيتم تقديمه للمحافظ من خدمات استشارية تعرفه بالمحافظة و من خطط تنموية و دورات إدارية و غيرها؟

      - ما هي معايير قياس الأداء لهذا المحافظ؟ وماهي الجهة الرقابية على المحافظين و المحليات؟

      - ما هي الميزانية المعتمدة لكل محافظة؟

      - ما هو التوزيع السكاني المخطط له بين القاهرة و المدن الكبرى و الأقاليم؟

       

      تنمية المحليات: سمعت اللواء منير شاش محافظ شمال سيناء الأسبق "وهو من أكثر من أحبه أهل سيناء"، يقول اللواء أنه عندما ذهب لسيناء لم يكن يعرف عنها شيئا إلا طرقها و التعامل معها عسكريا. وهذا يعكس قصورا في الإدارة المصرية وليس في اللواء منير شاش نفسه. لماذا لأن الدولة لم يكن لديها رؤية واضحة لكل محافظة اعتمادا على مواردها و سكانها وفرص التنمية ويعمل المحافظ على تنفيذها ويبدأ المحافظ الجديد من النقطة التي انتهى عندها من قبله. لم تكن هذه الرؤية موجودة في الماضي. أما الآن، فمن المفترض أن الأمر قد اختلف و قد بدأت رحلة البناء التي لا ينبغي لها أن تتوقف بإذن الله.

       

      لذلك نرجو توضيح هذا الجانب من كل المتنافسين سواءا على البرلمانات أو الانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى الحكومة الحالية بطبيعة الحال.

       

       

      ملاحظة: الأرقام مأخوذة من كتاب "شخصية مصر" للدكتور جمال حمدان