إزالة الصورة من الطباعة

رد علميّ مؤصل على استدراكات وردت على خطاب الشيخ الظواهري

وقفت على ما استدركه بعض الأكارم في وسم #منهج_الظواهري على خطاب د.الظواهري الأخير فألفيت فيه شيئا من الغفلة عن مراد د.الظواهري (أو ما يحتمل أن يكون مراد الدكتور الظواهري ) فأحببت أن أبين وجها قد غفل عنه الإخوة ويكون محتملا لمراد الدكتور من خطابه الأخير ..

قالوا : قطع الظواهري غالب وقت التسجيل في الاستشهاد - ظاهرا واستنباطا - بأن لـ القاعدة بيعة على داعش وأن الدواعش تبع للقاعدة ثم بدأ يستشهد ويستعرض أرقام الوثائق لإثبات هذا الأمر وكأنه يستدل لتأصيل قاعدة شرعية محكمة يكون مدار الأحكام عليها ..

قلت : إثبات هذا الأمر يترتب عليه خير وفير .. فلقد عمد رؤوس جماعة البغدادي على التعمية عن هذه الحقيقة و تغليفها بالشبهات والإيهام بخلافها .. وعليه يعرف من خرج على من .. وعسى أن يكون في الإثبات رجوع لبعض المتعلقين بجماعة البغدادي .. ثم كلام الدكتور الظواهري كان محدودا في جواب عن سؤال فليست الكلمة تأصيلا لحال جماعة البغدادي بقدر ما هي إجابات عن سؤالات الدكتور هاني السباعي ..

قالوا : وبعد أن استدل لما أراد وأثبت أن له بيعة على الدواعش وصف أميرها الخارجي #البغدادي بالشيخ المجاهد الفاضل !

قلت : رجعت لتفريغ الكلمة فلم أجد فيها وصف الدكتور الظواهري البغدادي (بالشيخ الفاضل) أو حتى المجاهد ، بل وجدت وصفه (بالشيخ المكرم) .. وقد أسلفت من قبل في تغريدات أن الكلام خرج في مقام النصح فالتزم صاحبه باللين والمداراة رجاء نفعها .. فالظواهري كان ناصحا لا زاجرا معنفا ! ..
ثم ليس في قوله (الشيخ المكرم) للبغدادي أي تصحيح لمنهج أو رجوع عما قاله فيه من قبل .. فالبغدادي فيما يتعارف عليه الناس (شيخ) وهو في قومه وحزبه (مكرم) .. فكأن القول خرج إخبارا وسيق في سياق يوهم الثناء من باب التلطف واللين في القول عن النصيحة لمصلحة ترتجى منه ..
إن كان وصف البغدادي بهذه الأوصاف يغلب على الظن أنه قد يكفه عما هو عليه لكتبنا فيه أشعارا مدحا وثناءً ..
ووصف الظواهر للبغدادي لا ينفي عنه ما هو عليه من انحراف .. ألا ترى لو أثنيت على النووي والسيوطي وهم من أقحاح الأشاعرة أكنت تقرهم أو ترتضي منهم ما هم عليه من موافقة الأشاعرة ؟ .. فلا نلزم أحدا بهذا بمجرد الثناء من صريح قوله وبراءته من المنكرات والانحرافات والأخطاء ..

قالوا : استعطف بمعسول الكلام الخارجي #البغدادي بأن يعود للعراق ويبقى أميرا عليها حيث أنها بحاجة لجهوده الجهادية ..

قلت : هذه دعوة حسنة وهو في حيز الممكن مما يرجى نفعه حال وقوعه .. بل هو أدنى المفاسد وأخفها .. وهذا لا يخرج عن فعل الخضر عليه السلام لما خرق السفينة .. فخرق السفينة ضرر محتمل يرد ذهابها كلها .. فبقاؤها كلها بعيب فيها خير من ذهابها كلها وهي سالمة .. وكذا الحال في الشام : إن عجزت #القاعدة عن دفع بأس هؤلاء عن أهل العراق والشام فلا حرج من دفع بأسهم عن الشام وحصرهم في العراق من باب تقليل الشر في كَمّه.. وما كانت القاعدة لتذرهم يفسدون في العراق بعد علمهم بفساد طريقتهم وحكمهم إنما يريد الدكتور الظواهري أن يثبت إمارته عليهم ابتداء حتى يقدر بعدها على إنفاذ أمره فيهم وإصلاح ما هم عليه من خطأ .. فلن يسمعوا للظواهري وهم يرون ألا سلطان له عليهم ، فإن ردهم إلى حظيرته استطاع إنفاذ أمره فيهم وعسى بعدها أن يرسل لهم من يضبط جهادهم في العراق ويكون عليهم رقيبا فلا يزيغون زيغتهم الأولى فيجتمع في هذا أمور : كف شرهم وإفسادهم وتقويم سبيلهم وإصلاح ما قد أفسد في العراق ، وهذا على القطع خير من تركهم هملا سدى يعيثون في الإرض فسادا بلا حسيب ولا رقيب ..
ولو لم يكن في إرجاع جماعة البغدادي إلى العراق إلا كف شرهم عن الشام لكان من الخير المحمود ..
وليس عندنا من دعا إلى هذا الأمر قد دعا إلى منكر وليس هو بمفسد ، بل مصلح داع للخير ..

قالوا : أن خلاف #القاعدة مع #داعش هو خلاف تنظيمي بحت يُختصر في عدم رجوع #البغدادي لـ #الظواهري وهذا الخلاف يمكن حله برجوع #داعش لـ #العراق وعندها سيجدون الدعم والمدد كما صرح #الظواهري في التسجيل !

قلت : هذا لو قيل من قبل لكان له وجه ، أما وقد أفصحت القاعدة عن منهجها وسياستها في الشام فالخلاف لا يحصر في الخلاف التنظيمي .. بل فتنة الشام أظهرت خلافات وفوارق بين الجماعتين : 1) كالخلاف في منهج التكفير فشتان بين متوسع ومضيق وبين مفرط ومشدد فيه ، 2) والمعاملة للمجاهدين والحكم عليهم فشتان بين من يثبت للجماعات جهادها ومن ينفيه ومن يعدهم من المجاهدين ويخونهم ويرميهم بالعمالة ، 3) التعاون مع المجاهدين ، 4) تحييد الخصوم ، 5) إرجاء الخلافات والتغاضي عنها ، 6) تقديم مصلحة وجهاد الأمة على الأمور التنظيمية ومصالح التنظيمات ، 7) إشراك الأمة في الحكم وعدم التسلط عليها ، وغيرها مما أظهرته الشام ، فبالله العظيم أبعد ذا كله يقال إن الخلاف بين الجماعتين محصور في خلاف تنظيمي بحت ؟ ..

قالوا :أن أفعال #داعش في #العراق تمثل تنظيم #القاعدة وأن دولتها هناك دولة شرعية يجب أن يسمع لها ويطاع !

قلت : صاحب القالة زعم أن هذه الامور ظاهرة بجلاء وهي أكثرها إن لم يكن كلها لوازم لا يلتزم أهلها بها بل ألزم الظواهري بها بعد أن فُهمت من كلامه .. الظواهري استنكر على جماعة البغدادي أكثر ما نحن نستنكره عليهم فليس من العدل أن يقال إن أفعال البغدادي في العراق تمثل القاعدة .. نعم .. وقع التقصير في النكير عليهم من قبل وإعلان هذا النكير ، أما وقد أبانوا عن مذهبهم في كثير من الأمور المتنازع عليها ووصفوا أفعالهم بالبغي في الشام فهي هي في العراق تكون على مذهب الظواهري بغيا .. وليس بقاؤهم في عهدته وتحت إمرته رضا ببغيهم وإفسادهم لكنه رجاء الإصلاح ، وهذا كما أسلفت خير من تركهم هملا سدى يفسدون في الأرض .. فلا يلزم الساعي للإصلاح بفساد أحد كائنا من كان وقد أبان المصلح عن مذهبه وقصده وأصوله العامة واطلاقاته كلها تتنكر لبغي البغاة وإفساد المفسدين ، فليس وراء ذلك من إلزام من ساعى للإصلاح إلا البغي والعدوان عليه بإلزامه ما ينكره ولا يدعوا له ولا يلتزمه ولا يرتضيه ..

قالوا : أن غضب #الظواهري على الخارجي #البغدادي لم يكن بسبب الدماء التي أراقها وإنما بسبب قتاله لـ #النصرة أما غضبته لمقتل أبي خالد السوري فقد كانت للصحبة والعشرة ليس إلا بدليل تراجعه اليوم عن وصف خارجية قاتله إلى المشيخة

قلت : هذا محض سوء ظن .. غفر الله لقائله .. بل أحسب الدكتور الظواهري ممن يغضب لله إن شاء الله ، ولا أحسبه ممن يفرق بين دماء المجاهدين ، وليست غضبته لحرمة جماعته دون غيرها من الجماعات المجاهدة .. وعموم كلام الظواهري يدل على ما قلتُ ، وليس ثمت دليل يدل على خلافه إلا أن يُساء الظن في أقواله أو أن تحمل على غير مراده .. فأين صريح التفريق بين دماء المجاهدين في كلام الظواهري ؟ وأين الصريح الذي يُفهم من كلامه أن غضبته لم تكن إلا لحرمة جماعته أو لخلة ! .. من كان متحريا للقسط في أقواله فلا يبنين كلامه إلا على صريح المنطوق والدلائل الجليات أما الوازم وسيئ الظنون فليست من سبيل المقسطين ..

قالوا : رابعا : أن #الظواهري مقر ضمنا بجرائم #داعش في #العراق بل مؤيدا لها بوصفها دولة قامت بشورى المجاهدين !

قلت : سبحان الله .. كيف يكون الإقرار بمشروعية الدولة في العراق إقرارا بجرائمها ؟ .. كم من جماعة نقر إسلامها وصلاحها واستقامتها وننكر من اجتهادات أشياء وأشياء ، ومنهم العلماء والدعاة والمجاهدون ، فليس من أقر إسلام المسلمين يقرهم على فسقهم إن فسقوا ، لا على بدعتهم إن ابتدعوا ..
القاعدة لما أقرت مشروع دولة العراق كانوا قد أقروه بما نقله لهم أبو حمزة من تصوراته عن واقع العراق فظنوا على ما نقل لهم خيرا في هذا العمل .. لكن الغالب من مجمل أمرهم أنهم قد تراجعوا عن هذا الأمر ، وفي رسائل آبوت آباد إشارة إلى ذلك بل في خطاب الظواهري نفسه إشارة إلى خطأ اجتهادهم لما ذكر المنع من إعلان إمارات لم تستكمل الأركان في الشام ولا فرق بين الشام و العراق ، لكنهم يخشون من مفسدة حل تنظيم الدولة في العراق ، فلو أعلنوا حلها لما رضي القائمون عليها فأجدر بهم أن يبقوا عليها ويسعوا في إصلاحها إن رجي صلاحها خير من هجرهم لها ..

قالوا : خامسا : أنه في حال رجوع #البغدادي لـ #العراق فسيكون أميرا من قبل #القاعدة وستسقط تبعا جنايته في #الشام

قلت : قد تكون هذه من باب التوبة قبل القدرة عليهم .. ثم إن من الإفساد ما هو ساقط عند الفقهاء : كالتلف في نائرة الحرب وهو عندهم فيه خلاف أيضمن أم لا يضمن ما أتلف في نائرة الحرب ، وأسقطوا أيضا القصاص في قتال الفتنة و (البغاة) .. وهذا مرده للفقهاء القضاة يقضون فيه .. أنما أوردته لبيان أنه قد جاء في الشرع مواطن تسقط فيها الجنايات (على لفظ صاحبها) .. ثم إن عليا رضي الله عنه قد أخر القصاص من قتلة عثمان ، وقد يكون الإسقاط للجنايات خشية مفسدة عظيمة متحققة إن طلبت فيكون من باب درء الفتن والعجز ..

قالوا : سادسا : أن دماء الذين سقطوا على أيدي #داعش في #العراق قبل مخالفتهم لـ #الظواهري ستصبح هدرا بإقرار إمرته !

قلت : لو لم يكن في إمرة الظواهري على تنظيم البغدادي إلا كف شرهم وإفسادهم وغلوهم لكفى به خيرا عظيما .. أما ما قد وقع من قبل فقد كان في حال فتنة وما يقع في الفتن يصعب تتبعه طلبا للحق فيه ، والتكليف مناط بالقدرة ، والميسور لا يسقط بالمعسور ، فليكفوا غلوهم وإفسادهم أولا ثم بعدها لكل حادث حديث ..

قالوا : سابعا : أن جهاد #العراق سيصبح حكرا على دولة الدواعش الذي يتبعون تنظيميا لـ #الظواهري الذي سيصبح ملكا غير متوج

قلت : ليس في كلام د.الظواهري ما يدل على ذلك .. بل هو من إلزام صاحبه للظواهري .. ولست أعتب على صاحب هذا الكلام أن يلزم أحدا بالمفهوم لبيان خطأ الاجتهاد أو الرأي طلبا وتوجيها للحق .. وهذا إن شاء الله لا حرج فيه .. لكني أعتب على صاحب هذا الكلام أنه قد قال عن كلامه وصفا له ((أبرز ما ذكره #الظواهري في تسجيله الأخير يتضح جليا عدة أمور خطيرة على الأمة بمجموعها)) فمذ متى كانت اللوازم مما يتضح جليا ؟ ، أكثر اللوازم تكون مبنية على المفهوم لا المنطوق المنصوص ، فكيف تجعل من الواضحات الجليات ؟ ..
ثم إن القاعدة لم تحصر الجهاد والمجاهدين في العراق في التنظيم الدولة من قبل وإن كانت قد حصرت القرب من الحق والوضوح في المنهج في جماعة دولة العراق الإسلامية لكنها لم تحصر الجهاد فيها ، ولم تفعله في الشام ..

وما قالته القاعدة في الشام سيكون إن شاء الله هو منهجها في العراق تصحيحا لما سبق .. وهذا الظن فيهم وهذا ما نرجوه منهم ..

والله المستعان ..

المصدر http://justpaste.it/fbcv