الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
تلقينا عدداً من التعليقات على موضوع "أصول تقي الدين النبهانيّ"، الذي نشرنا بالأمس، منها ما أنصف أهله ومنها ما شطّ فيه كاتبوه، ولعل أكثرها جاء من أتباع حزب التحرير. وقد تفاوتت الردود الناقدة بين رَميٍّ بالعمالة والخيانة، وبين اتهام بقصر الفهم، أو بعدم الدقة في البحث، أو بالإغراض للترويج "لحزبنا" في مصر!
ويشهد الله أنه ليس لدينا حزبا في مصر نروج له، ولا نجيز أصلاً إقامة أحزابٍ في ظلّ نظامٍ علمانيّ، يخلّط في مصادر التشريع، خلافاً لحزب التحرير الذي، يجيز ذلك مع إقراره بكفر النظم العلمانية! بل إننا نقوم على "دعوة" سنية صحيحة باسم "التيار السنيّ لإنقاذ مصر"، وهي ليست حزباً ولا تنظيماً ولا جماعة، بل دعوة إلى التوحيد الخالص، ومنشوراتها متوفرة في مكتب مصر، وعلى موقعنا والحمد لله تعالى.
أمّا عن بقية ما جاء من نقد، فبغض النظر عن موضوع العمالة والخيانة، إذ ليس هناك من نعمل له في هذه القضية إلا الله سبحانه، فقد جاءت التعقيبات مخيّبة للآمال في ضحالتها وسَطحيتها مع الأسف. ومن هنا رأينا أن نوجّه أبناءنا المُعَلقين الناقدين من أبناء حزب التحرير، إلى أنّ الأمر ليس أمر كتابة كلماتٍ تعبر عن غضبً لا مبرر له. بل من أصول النقد أن:
- يعرّف الناقد بموضوع نقده، أو بالنقاط التي لا يراها حقاً أو يجد عليها تعقيبا.
- يتناول الناقد ما ذكر الكاتب في كلّ نقطة، مبيناً ما قال أولاً، ثم موضحا نقاط الخطأ فيها، علمياً وبالدليل.
لكن النقد الذي نراه اليوم من أبناء الحركات الإسلامية، لا يتعدى ردّ فعلٍ يدل على عدم علم بالموضوعات المطروحة، أو فهمٍ لصوابها وخطئها، أو لسلبياتها وإيجابيتها. ولهؤلاء ننصح أن يردوا الأمر إلى من له علمٌ عندهم، فيكتب لهم تعقيباً راشداً، سواءً أصاب فيه أو أخطأ، فيكون حواراً لا تراشقاً بالكلمات.
وقد كتبت ما شاء الله لي أن أكتب في الأربعين عاماً السالفة، أثنبتُ فيها على من استحق الثناء، ممن وافق عقيدة أهل السنة والجماعة التي ندين بها، والتي هي منشورة معروفة. كما نقدت فيها عدداً من الحركات الإسلامية كالإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية وغيرهم، بغية التوجيه والتصحيح أولاً، ثم بغية الزجر والتأنيب ثانياً، لكن لم أر في هذه العقود الأربعة ردّاً علمياً مصحوباً بدليلٍ، إلا ما كان من إدعاء الخطأ والحقد والعمالة وأمثال ذلك، مما لا يجب أن يلجأ اليه الناقد إلا بعد أن يَرُدّ رداً علمياً ثم لا يستجاب له، ولا يأتي خصمه له بقولٍ مقبول، وهو ما لم نراه أبداً من هؤلاء. وقد يُعرض الناقد عن النقد ابتداءً، إما لضعفٍ في دليله، وعدم رغبة في المراجعة وقرع الحجة بالحجة، وغالباً ما يبرر لأتباعه أنه إنما أعرض لأنّ ما ورد لا يرقى إلى مستوى يدفعه إلى الرد. وهيهات، فغالباً ما يكون الأمر عجزاً لا إعراضاً.
ودعاؤنا أن اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه.