إزالة الصورة من الطباعة

عامٌ انقضى .. وحلم .. أتُراه قد مَضى؟!

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

انقضى عامُ 2011، عامُ الأمل والأمل، عامُ الرجاء والإحباط. شَهدت فيه بلاد المسلمين تغيرات من وراء التوقع والخيال. سقطت فيه دولٌ وارتفعت محلها دول أخرى. تهتزت فيه عروشٌ وارتعدت فيه ملوك، ولا تزال ترتعد، أن تلحق بمن سقط، مقتولاً أو محبوساً أو منفياً. ولا تزال بعض شعوبها يدفع ضريبة الدم، وينتظر يوم الوفاء والخلاص.

عامٌ كشف الكثير من أشباه الحقائق، واستبدل بها حقائق أثبت وأدعم. عامٌ أزال الجدر الذي بَنَتها الطاغوتية العسكرية، سياجاً حول عقول المسلمين ونفوسهم، جدار الخوف، وجدار الصمت، وجدار الإستسلام. أدرك الناس أنّ الحياة الكريمة، والعيشة الراضية، لا تتأتى مع الصمت، ولا تتحقق مع الخوف والجبن.

عامٌ أعطى الله سبحانه، لهذه الأمة فرصة تستردّ بها كرامتها وتقيم دينها، وتبنى حضارتها، وتستعيد حياتها. وكان هذا العطاءُ لسبب يعلمه سبحانه، لا بفضل عندنا ولا بجهاد منا. بل ما أحسبه، والله تعالى أعلم، إلا لشدة ما حاق بنا من ظلمٍ تأبي سُننه الكونية، سبحانه، أن تستمر، وإلا لدعاء من بقي من الخالحين بيننا، لا يعلمهم إلا هو، فلا تحسبهم من أصحاب الفضائيات قطعاً.

عام كشف الكثير من الخبئ، وفضح الكثير من الكامن، أمام أعين الناس جميعاً، وإن لم يكن خبيئاً ولا كامناً عند من حقق ودقق، ودَرَس وتمرّس، وفَهِم وفرّس. غيّرت فيه جماعات مظهرها ومخبرها، فاستبدلت البزات بالجلاليب، والكرافتات بالشالات، فكانت كمسخٍ لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. واستبدلت مناهج بمناهج، فتركت السلف يقولون ما يقولون، وأعلنت أنها، بعد عقودٍ من الإجتهاد والتمسك بمنهج السلف، خرجت للناس بفهمٍ جديد، ومنهج فريد، كأنما نسوا ما كانوا يدعون اليه، وكأنما كانت على باطل في كل ما دعوا اليه من قبل، وصاروا يستخدمون حُجج من خَالفوهم بالأمس، أدلة شرعية على ما يقولون به اليوم، خيبة وخذلاناً. بل إنهم وضعوا أيديهم في أيدى أجهزة القمع علناً بعد أن كانت سراً، وافتخروا بهذه العلاقة المحرمة، التي لا ينشأ عنها إلا سفاحاً دعوياً لا يمت للإسلام بنسبٍ.

عامٌ استقرت فيه حقائق عن جماعات "إسلامية" طالما رماها البعض، ممن حقّق ودقّق، ودَرَس وتمرّس، وفَهِم وفرّس، بالمكيافيلية والبراجماتية والأنانية، والديكتاتورية والبعد عن الشريعة والتلوّن فيها، والعمل على الوصول للحكم بأي ثمنٍ ولأي غرضٍ إلا نصر دين الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. ظهرتهت البراجماتية المصلحية كأوضح ما تكون، إلا لمن أمات التقليد ضميره، وأعمى بصيرته. خرجوا يتظاهرون، حين يساعد الخروج هدفهم المريض، وتركوه إن كان فيما يعين المستضعفين وأهالي المقتولين، والمسحولين والمسحولات والمخطوفين والمخطوفات، عارٌ وخِزيٌّ وندامةٌ عليهم وعلى هَدفهم، كدّرهم الله أنّي يؤفكون.

عامٌ ارتفع فيه مقياس الأمل لدى المخلصين من المسلمين، ممن وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم "هم على ما أنا عليه وأصحابي"، وأنهم الفرقة الناجية من عشرات الفرق التي فرقت دينها وابتدعت فيه، ثم انخفض، لمّا طغا مدّ تلك الجماعات التي أبَتْ أن تأخذ ما أعطاها الله بقوةٍ، فبَدّلت وتحيّرت فغيّرت، وصارت داءاً لا دواءاً. فانخفض مقياس الأمل لدى أهل السنة، واستُبدل بألمٍ وحسرة، وشعور بالخيانة من هؤلاء الذين اعتبرهم جمهور الناس أمناء على الدين، فإذا منهم من هو في صف أعداء الشعب من العسكر المارقين، ومنهم من هم في صفّ العلمانية تطبيقاً وممارسة.

عامٌ جاء بالحلم الجميل، ثم ذهب به، وأخلف مكانه ألمٌ وترقبٌ وحسرةٌ.

فعل يا ترى يأتي 25 يناير 2012 بجديد؟ هل لا يزال في المسلمين من أبناء الشعب، ومن ينتمى منهم للسنة المطهرة، بقية أمل، وثمالة محبة لدين الله، فيجعله ناراً على أعداء الله ورسوله، بعد أن جعله عليهم المحرّفون لدين الله برداً وسلاماً؟